أنا من عائلة مدمنة للمسكنات. كانت شرائط برشام «ريفو» و» اسكين» ( أشهر المسكنات فى السبعينيات والثمانينيات) لا تنقطع عن بيتنا. كنا نتناوله كبارًا وصغارًا، كما نتناول البنبون والملبس، لم تكن قد ظهرت فى ذلك الوقت كل هذه المسكنات التى تغرق سوق الدواء حاليًا فى مصر بل وفى العالم كله. أعتقد أن غالبية الأرباح التى تجنيها شركات الأدوية تعود لهذه المسكنات التى ما أنزل الله بها من سلطان.
المسلسل ينتمى إلى حد كبير لموجة الأعمال الشبابية إن صح التعبير، وإن كنت شخصيًا أرفض تصنيف الأعمال الفنية وفقا لأعمار الجمهور. تعودت مؤخرًا أن أتابع الأعمال الفنية من خلال ترشيحات بناتى حيث أشاركهن المشاهدة لكن عن طريق النت. يبدو أن زمن الفرجة المجانى انتهى بلا عودة خاصة مع جيل متعجل لكل شيء، ليس عنده أى استعداد لانتظار العمل حتى يعرض تليفزيونيا، مع الملل الذى يصاحب تلك المشاهدة بسبب غزو الإعلانات. أصبح شحن الانترنت المنزلى يحتاج إلى ميزانية مستقلة يتم عمل حسابها تمامًا مثل ميزانية الأكل والشرب والعلاج وربما تفوقهما أولوية. لست من أنصار منع البنات من متابعة كل ما هو جديد لكنى على الأقل أحاول مشاركتهن فى المشاهدة، لعلى من خلال تلك المشاركة أنجح فى توجيه أو توضيح أو شرح أو حتى رفض أى رسائل فى العمل لا أحب لبناتى ولا الشباب كله أن يتعامل معها على أنها قضية مسلم بها باعتبارها كانت ضمن أحداث مسلسل أو فيلم أو حتى أغنية لاقت نجاحًا كبيرا.
شدنى مسلسل ريفو فكرة وسيناريو. ريفو كما ورد بالمسلسل اسم فرقة موسيقية شبابية فى حقبة التسعينيات يحلم أعضاؤها بأن يشقوا لأنفسهم طريقًا خاصًا، وأن يقدموا بقيادة زعيمهم شادى أشرف ( أمير عيد ) موسيقى جديدة مختلفة ومميزة وتغير من عالم الموسيقى المعتاد، والأهم أن يحبها الناس وتبقى معهم ولا تنتهى بانتهاء حقبة زمنية محددة. كانت قضية شادى أشرف مؤسس الفرقة أن يثبت إمكانية أن يستمع الشباب على الشواطئ وفى الكافيهات لأغانٍ تحمل مضمونًا ذا قيمة وليس فقط ألحانًا راقصة وكلمات تافهة يهتزون على أنغامها ويرقصون كالمجانين حتى يهدهم التعب بعد تفريغ شحنتهم فى هذه الأغانى.
كانت قضية ريفو أنهم يبحثون عن التميز فى مناخ صعب نسبيًا فى تلك الفترة. عبرت الأغنية الرئيسية للمسلسل عن كثير من المعانى التى أراد أصحابها أن تصل للجمهور، وتقول بعض كلماتها:
وبعدين..كل ما امشى خطوة أرجع اتنين..
العمر بيجرى سابق السنين
أنا شاب لكن من جوه عجوز عندى جناحات بس محبوس
مجروح بنزف طموح بدمى بكتب كلامى وابوح
بسرح بتخيل بروح بغنى ترد فيا الروح
يمكن دا مش مكانى والزمان دا مش زمانى أو انا موهوم
يمكن خيالى ودانى لدنيا أو لعالم تانى أو انا مجنون
أنا نجم بس مفيش سما..
عندى جناحات بس مفيش هوا.
(للحديث عن مسلسل ريفو بقية الأسبوع المقبل).
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المسكنات سوق الدواء
إقرأ أيضاً:
النديم والندم
كل منا يمكن أن يكون له نديم قادر على إخراجك وإسعادك ورفع ضغوط الحياة عنك، ولكن أخطر أنواع النديم هو ذلك المصاحب للأشخاص أصحاب السلطة والنفوذ الذين فى العادة يستفيدون من قربهم من صاحب السلطان بما يملكون من مهارات، قادرون دائمًا على تسليته ومؤانسته فى كل الأوقات يسهرون معه، ولا يملون مهما نطق صاحب المنصب من كلام مكرر وعبيط، لأنهم بحكم موقعهم يعلمون عن صاحب المنصب أكثر من زوجته وأولاده، فهم الذين يجهزون له مجالس الأنس بكل ما هو مطلوب منها حسب رغبة ولى الأمر، ويعتبرون الترفيه عن سيادته عملا عظيما، وتحول لصاحب السلطان هو النديم الذى يشق اسمه من المداومة والإدمان فلا يستطيع الاستغناء عنه. وفى كثير من الروايات والأفلام التى تُحكى تنتهى حياة النديم أو السلطان بمأساة مفزعة، وللتقريب أعتقد أن النديم فى فيلم «معالى الوزير» والشخصية التى أداها الممثل هشام عبدالحميد «عطية عصفور» الذى قتله الوزير لأنه أصبح على علم بكل شىء عن سرقاته ومغامراته النسائية وخيانته، وكلها أشياء مُشينة وهو يعلم ذلك فلم يجد حلًا إلا قتله. وهناك حكايات أخرى يخون فيها النديم ولى النعم ويسلمه لأعدائه بثمن بخس، كما باع يهوذا السيد المسيح من أجل ثلاثين دينارا من فضة، وفى هذه اللحظة لن يُفيد «الندم».
لم نقصد أحدًا!