عين ليبيا:
2024-10-08@09:47:43 GMT

قراءة في مفهوم التدافع بوجهيه الخشن والناعم

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

تظهر صور التدافع أو الصراع في أعلى درجاته، عندما يلجئ إلى تفعيل أذرعه العسكرية، بعدما تكون وفي الغالب وسائله الناعمة سياسية اقتصادية إعلامية ثقافية إلخ، قد استنفدت ما بجعبتها من وسائل وأدوات، فيفسح الطريق عندها لأدواته الخشنة، للتقدم والاندفاع إلى ميادين وساحات عملياته، ويحمّلها ويسند لها الأولوية في إدارة شئونه وغاياته، عندها سيكون للمدفع والدبابة والراجمة والطيارة وغيرها الكلمة الفصل في وضع النقاط على مفردة النهاية لجولاته، ولكن عندما تتراجع درجات حدة تفاعلاته القصوى، بتخلّيه عن الدبابة والمدفع والطيارة، لا يعني هذا ولا يعبر عن توقف نشاطه، بل عن انتقال نشاطه المحموم إلى ميادين أخرى من ميادين الحياة، إلى ساحات السياسة والاقتصاد والثقافة والعلم وغيرها، فالتدافع حاضر ودائما وبقوة في مسيرة الحياة، إذ أنه الدافع والمحرّك لعجلة سيرورتها، فلا حياة بدون تدافع وصراع والعكس صحيح.

ولكن وفي حاضرنا المعاصر، نلاحظ بأن التدافع والصراع، وبعد عبوره هذا المشوار الطويل في مسيرة التي تُعد بمئات القرون من الدهر، وما حمل وانعكس مشواره الطويل هذا، بنتائج كانت في الكثير منها إيجابية على أوجه الحياة العديدة، زراعية، اقتصادية، تقنية، تجارية، طبية، خدمية، علمية، إلخ، فصارت الحياة بهذا أكثر نضج مما كانت عليه، بل صارت وكأنها تستوّطن قرية صغيرة، من حيث أن ما قد يحدث في طرفها البعيد، ستطال ارتداداته المباشرة بقية أطراف القرية، مما دفع بالحياة للتحرك والانزياح نحو التأسيس لا إلى الاستغناء عن وجه الصراع الخشن، بل إلى التقليل من حيّز مساحته على خريطتها، من خلال الزيادة من مساحة التدافع الناعم، الاقتصادي، الصناعي، التقني، الثقافي، إلخ، على حساب ما يقابله من المساحة الملتهبة للصراع الخشن.

ومن الشواهد على ذلك في وقتنا الحاضر، ما ظهر بوضوح في الحرب الأوكرانية، إذ وبعدما عجز الوجه الناعم للتدافع عن استدراج الصراع وجرّه إلى قاعات مؤتمر (منيسك)، لتتولى أذرعه السياسية تصّريف وإدارة شئونه بعيدا عن ساحاته الحربية، من خلال تكّملة ما بدأه مشوار مؤتمر منيسك الأوكراني الروسي وبمشاركة مجلس الأمن والدفاع الأوروبي، فمن على حالة العجز والوهن التي صاحبت الوقوف طويلا أمام قاعات مؤتمر (منيسك) المُغلقة، تمكن الوجه الآخر للصراع من استجماع قواه، وأفتك المبادرة واندفع بها في الاتجاه الذي أطلق الشرارة التي أشعلت الحرب الأوكرانية.

غير أنه وبعد أشهر من دورة الحرب الطاحنة، ظهر لأوزارها ارتدادات مُكّلفة على جميع وجوه الحياة، فنشطّت هذه، وحفّزت التحرك نحو بلورة تكتلات حياتية في طور الإنشاء، وبعثت إرهاصات أخرى نحو التبلور والتشكل، وجميعها تنزع نحو صياغة توازنات حياتية جديدة، تتمكن بها الحياة وبواسطتها، من استدراج الصراع بعيد بما يكفي عن بدائية التدافع الخشن وسفهه، من خلال العمل والاجتهاد على سحّبه نحو ميادين الصناعة والتجارة والمال والطب والعلم، إلخ، بهدف جرّه نحو درجة أدنى تبتعد به عن درجاته القصوى.

قد يكون في تبلور (تكتل بريكس) وأهدافه ما يؤكد هذا التوجه، وأيضا استطيع القول، بأن الإرهاصات التي جاءت على يد السعودية برفقة إيران وبتنشيط من الصين، لا تبتعد عن هذا التوجه بل تثريه وتنتهي إليه، فهي تسعى وتتحرك نحو بلورة مشروع يعمل على خلق آلية تواصل تتمكن من تأسيس وترسيخ علاقات ذات بُعد إيجابي، بناء ومُنتج بين دول الخليج ومحيطها الإقليمي، مما يفتح السُبل نحو الابتعاد بالصراع عن سفه خشونته إلى درجات أدنى، قد تكون أكثر فائدة في مردوداتها على جملة منحى الحياة.

وفي المقابل، نجد الوجه الآخر للصراع، وهو يدفع ويندفع نحو التربع به عند درجاته القصوى، كما نشاهده في أحداث ما تعيشه وقائع الحرب الأوكرانية، غير أنه وبرغم استنفاره وبأعلى درجاته القصوى، على اتساع رقعة كبيرة من جغرافية الحياة، نجده ودائما يلجئ للتغطية على انتكاساته المتكررة، مستخدما جهازه الإعلامي على نحو يمكّنه، من توّجيه الأنظار بعيد عن عجزه وفشله، في إعلاء حضوره وفعاليته داخل مشهد الحياة على ما سواه.

فهل هذا الخذلان لمن كان ولا يزال، يعمل وعلى نحو مسعور، كما تعكسه ونشاهده في وقائع الحرب الأوكرانية، وهو يدفع نحو ساحات الصراع الخشن حيث للدبابة والراجمة والطيارة وغيرها الكلمة الفصل فيه ما يكفي من الإشارات والدلالات التي تقول بأن الحياة صارت تنحاز إلى ميادين صراع ليس من أدواتها الدبابة والطيارة وأخواتهما، لأن ما يتصدر أولوياتها الحفاظ على وجودها من الفناء الذي يهددها ومن أعراضه، التغير المناخي، الجوائح المحملة بالموت الجماعي، العطش، وحتى الذكاء الاصطناعي إن لم يتم تهذيبه.

فهل الغرب الأطلسي* في صيغته الإنجليزية، والذي نشاهده يعمل ويجتهد على الدفع بالصراع، نحو درجاته القصوى على ساحة الأحداث بالحرب الأوكرانية إلى الحد الذي صارت أيادي السلاح النووي تتحسس زرار الإطلاق، هل يعي خطورة حماسه هذا، وانعكاسه على ساحة الحياة التي تقلّصت بفعل إنجازات التدافع والصراع حتى صارت بحجم قرية صغيرة بصحارى فزان، من حيث ما قد يحدث على طرفها البعيد، ستنعكس ارتداداته دون إبطاء على باقي أنحاء القرية.

*الغرب الجيوسياسي ليس غرب واحد، بل غربين اثنين، غرب أوروبي وآخر أطلسي بامتدادات إنجلوسكسونية، وهذا الأخير برأسين اثنين أمريكي وآخر إنجليزي.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الحرب الأوکرانیة

إقرأ أيضاً:

"مفهوم التخطيط الحضرى" في احتفالية الدقهلية بيوم الإسكان العربي

نظمت مديرية الإسكان والمرافق فى محافظة الدقهلية، احتفالية بمناسبة يوم الإسكان العربى وذلك تحت رعاية المهندس شريف الشربينى وزير  الإسكان والمرافق واللواء طارق مرزوق محافظ والمهندس   طارق عبد العاطى وكيل الوزارة .

 

جاء ذلك بحضور المهندس  الاستشارى محمود العاجز وكيل  أول وزارة الاسكان الأسبق  والمهندس اٍبراهيم حسانين نقيب  المهندسين والمهندس   على عبد الله   رئيس  جمعية    الاسكان والتعمير   والنائبين رضا  الشافعى وثروت  فتح الباب  عضوا  مجلس الشيوخ وبعض  القيادات التنفيذية والشعبية.

انتصارات أكتوبر

فيما بدأت الاحتفالية بكلمة المهندس طارق عبد العاطى وكيل الوزارة حيث قدم التهنئة للشعب المصرى وقيادته الحكيمة بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة وتحدث عن رؤية مصر 2030 وعن التنمية العمرانية المستدامة وأيضا مفهوم ودور التخطيط الحضرى واُهميته وعناصره ومهامه وأثره على المواطن من خلال تحسين جودة الحياة بإنشاء مدن مستدامة أكثر وصولا لبيئة تنعش الاقتصاد الوطنى وتغطى كافة النواحى الاجتماعية والاقتصادية وتعزز دور المشاركة المجتمعية فى التخطيط الحضرى  بطريقة شفافة.

القطاع العمراني

وأشاد بدور وزارة الاسكان فى دعم القطاع العمرانى عبر استخدام مقتنيات متقدمة فى البناء بالاضافة إلى تعديل التشريعات لتسهيل استخراج رخص البناء بتبسيط اٍجراءاتها .

 

التنمية المستدامة

فيما قدمت المهندسة سماح المحمدى مديرة التخطيط العمرانى عرض  "بوربوينت" عن جهود الدولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وكذلك المشروعات التنموية التى يتم تنفيذها على أرض الواقع فى كافة المحافظات من خلال الاسكان الاجتماعى والمبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" وتبنى الوزارة اٍستراتيجية شاملة لتعزيز البنية التحتية وتحقيق نمو حضرى عبر تخطيط  حضرى متوازن وآلياته وأبرزت أهمية دور المشاركة المجتمعية فى التخطيط الحضرى عبر إنشاء مدن مستدامة  مرنة قادرة على مواجهة التغيرات المناخية .

مديرية الاسكان شهدت الاحتفالالمهندسة سماح المحمدي خلال إلقاء كلمتها

مساحات مختلفة

يذكر بأن الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري مي عبد الحميد  أعلنت مؤخرا عن إتاحة 45 محلا ووحدة تجارية بمساحات مختلفة للبيع في محافظة الدقهلية، وذلك ضمن مشروعات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" للمواطنين منخفضي ومتوسطي الدخل بالمحافظة.

عدة أنشطة

وأوضحت مي عبد الحميد أن صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري أتاح هذه المحال التجارية للبيع بغرض استخدامها في مزاولة العديد من الأنشطة التجارية والمهنية غير المقلقة للراحة، مثل المطاعم والحضانات والمخابز وغيرها، وذلك بهدف المساعدة في سرعة تنمية تلك المناطق وزيادة نسب الإشغال بها بما يحقق الأهداف الخاصة بالمشروع.

مقالات مشابهة

  • «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».. مبادرات شعبية لدعم أهالي غزة رغم الحرب
  • "مفهوم التخطيط الحضرى" في احتفالية الدقهلية بيوم الإسكان العربي
  • القس منذر إسحق: نريد الحياة للجميع ولا سلام دون عدل
  • في ذكرى 7 أكتوبر.. ماذا حققت حماس وإسرائيل من الحرب؟| قراءة للخسائر التكتيكية والاستراتيجية
  • إسرائيل تكشف عدد عمليات الإطلاق التي حاولت استهدافها على مدار عام من الحرب
  • موجة الموت التي أسقطت الملالي في الشرق الأوسط
  • الحرب الأخطر التي على وشك الاندلاع
  • شيء عَفِن في عالمنا.. على الغرب إعادة قراءة شكسبير
  • تنمية مهارات الفنيين في الأمن السيبراني بالبريمي
  • تعرف على أساليب الحرب النفسية التي مارسها الاحتلال ضد سكان غزة (شاهد)