3 سبتمبر، 2023
بغداد/المسلة الحدث:
علاء الخطيب
بعد عام ونصف على الحرب الاوكرانية الروسية ، سئل عراب السياسة الامريكية هنري كيسنجر عن الحل فقال : ” يجب ان تبقى اوكرانيا جسراً بين روسيا واوربا ، وان لا تحاول اوربا استفزاز روسيا”
ففي رأي كسينجر. ان ضم اوكرانيا لاوربا خطأ كبير يشعل فتيل نزاع قد يؤدي الى حرق العالم .
هناك مناطق يجب ان تبقى محايدة ومناطق وسطى ، او كما يطلق عليها في المصطلح العسكري ” ارض الحرام ” او المنطقة المحرمة ، وهذا يعني انها محل اشكال وتنازع .
كركوك وصفت في الدستور العراقي بانها منطقة متنازع عليها ، فهي خليط سكاني بين القوميات الثلاث العربية والكردية والتركمانية ، وهي قنبلة موقوتة ومنطقة ملغومة، تنفجر في أي لحظة. فيجب الحذر من التقرب منها.
النزاع الاخير الذي تفجر في كركوك وراح ضحيته شبان اكراد دمائهم غاليةٌ علينا وهم اخوة لنا ، لم يكن من اجل تسليم مقر عسكري للحزب الديمقراطي الكردستاني ، بل هو ذريعة لبداية ازمة كبيرة يريد ان يصنعها البعض ، المشكلة لا تكمن في مقر او بناية، بل هي قضية لها ابعادها وتاريخها .
كما انها ليست مشكلة محلية او عراقية داخلية، بل هي مشكلة اقليمية ، قد تكون بوابة للتدخل التركي والايراني والعربي ، وذلك لعدة اعتبارات.
فتركيا تعتبر ” كركوك” مدينة تركية داخل العراق ، فكل التصريحات التركية تشير الى ذلك.
بالامس القريب ، حينما حصل الاستفتاء في كردستان كانت التصريحات التركية شديدة اللهجة واعتبروا كركوك كأنقرة ومع كل أزمة تتعلق بالمكانة التاريخية لمحافظات شمالي العراق عند الأتراك تعود إلى الواجهة بقوة مقولات «كركوك كأنقرة» و»أمن كركوك كأمن أي محافظة تركية»، وهي عبارات مرتبطة بالمكانة الكبيرة للتركمان عند الشعب التركي تغذيها الروح القومية التي تصاعدت لدى السياسيين والشعب التركي في السنوات الأخيرة.
وهذا الموقف التركي ليس جديداً ، اذ يعتبر الاتراك قضية كركوك قضية قومية ، فقد قال مصطفى كمال أتاتورك في اجتماع مجلس الأمة عام 1920: «حدود أمتنا، من الإسكندرون جنوباً، وفي الجنوب الشرقي تضم الموصل، السليمانية وكركوك».�لكن بريطانيا التي احتلت العراق عقب الحرب الاولى دخلت في نزاع مع تركيا. من اجل الموصل وكركوك، و بصفتها ممثل العراق كونها قوة انتداب ـ فقد دوَّلت القضية ، و وسَّعت نطاق ذلك وصولاً إلى جعلها مشكلة حدود بين تركيا والعراق، وعقب مناوشات سياسية وتهديدات عسكرية تم التوقيع على معاهدة أنقرة في العام 1926.�ونصت الاتفاقية على أن تتبع ولاية الموصل للعراق ويكون خط بروكسل هو الخط الفاصل الذي يتفق عليه العراق وتركيا، كما نصت على أن يعطي العراق 10٪ من عائدات نفط الموصل لتركيا لمدة 25 سنة، حيث شاركت تركيا العراق في نفطه حتى عام 1954 وتوقف الدفع تماما بعد ثورة 1958 ومجيء عبد الكريم قاسم للحكم، كما تقول تركيا إن الاتفاقية ضمنت حق أنقرة في التدخل العسكري في الموصل ومناطق أخرى في شمال العراق من أجل ” حماية التركمان” اكرر « حماية التركمان »!!!
ومع اقتراب موعد نهاية الاتفاقية العراقية التركية نهاية العام 2023 تكون تركيا قد وجدت الذريعة التي تحتاجها في التدخل المبرر قانونا ً .
من هنا نستنج ان كركوك مشكلة حساسة لا يمكن حلها بالقوة ولا بالشعارات الحماسية ، فالمدينة الغنية بالنفط لا يمكن ان تكون جزأً من هذا الطرف أو ذاك ، والجميع يتذكر ما حدث في العام 2017 أثر ازمة رفع العلم الكردستاني واعتراض ايران في حينها واعتبر المتحدث باسم خارجيتها ، ان مثل هذا الفعل يزيد التوتر ويشعل فتيل ازمة ، وهذه اشارات واضحة سواء من تركيا أو ايران ان المشكلة ليست عراقية بحته ، بل هي اقليمية قد تتطور الى ما لا يحمد عقباه .
فالحل الامثل لكركوك ان تبقى مدينة التآخي والوئام وهي مدينة عراقية متعددة القوميات والثقافات كانت وستبقى ، فهي كردية تركمانية عربية وارض حرام بين جميع الاطراف .
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
هل يعيد العراق خطأ السعودية في استنزاف المياه الجوفية بالصحراء؟
26 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: تهبط آبار الصحراء كل يومٍ عميقًا أكثر، بينما ترتفع سنابل القمح إلى السماء في صحراء النجف، وكأنها تُجاهد من أجل البقاء.
ويغيب عن الأفق القريب أي توازن بين ما يُستخرج من جوف الأرض وما يُمنح لها.
وتتسارع خطوات الدولة والفلاحين على حدّ سواء نحو التوسع في استخدام المياه الجوفية، دون أن تسبقها خطوات علمية تُحصي المتاح والممكن.
وتُربك هذه العجلة خبراء المناخ والمياه، الذين يُحذّرون من تكرار التجربة السعودية التي انتهت بنضوب أكثر من 80% من خزانها الجوفي بعد عقود قليلة من الزراعة المكثفة في التسعينيات.
وتُغري النجاحات المرحلية، كما حدث في موسم 2023-2024 حين تفوقت أرباح الصحراء على الأراضي الطينية بثمانية أضعاف، صناع القرار بتجاهل المحاذير البيئية. وتتحوّل التصريحات الرسمية إلى طمأنة إعلامية عن “الاكتفاء الذاتي” و”مردود اقتصادي كبير”، دون توضيح لتكلفة ذلك على المدى البعيد.
ويغيب التخطيط الدقيق رغم أن العراق لا يملك تقديرات حديثة لمخزونه الجوفي منذ سبعينات القرن الماضي. وتتعطل أجهزة الدولة عن إنتاج بيانات واقعية، بينما تستمر الآبار بالحفر العشوائي. ويزداد الحفر عمقًا، ليصل إلى 300 متر كما يوضح الخبير سامح المقدادي، فيما تتناقص فرص الاستدامة.
وتغري تقنيات الري الحديثة التي توفر المياه بنسبة تصل إلى 50% المزارعين، لكنها لا تكفي وحدها لحماية المخزون الجوفي. وتُركّز السياسات الزراعية على توسيع المساحات وإنتاج كميات أكبر، فيما تغيب الاستراتيجية الكبرى التي تُحدد ما هو مسموح وما هو محظور في زمن التغيّر المناخي.
وتتوسع المؤسسات الدينية مثل العتبة الحسينية في مشاريع الزراعة، وتعلن خططها لزيادة الرقعة الزراعية إلى 15 ألف دونم، في مشهد لا يبدو منسجمًا مع حديث المسؤولين عن ترشيد الحفر والمراقبة الصارمة فيما يزداد خطر استنزاف الخزانين الجوفيين “أم الرضمة” و”الدمام”، الممتدين من جنوب العراق حتى حدود السعودية والكويت، كما تغفل الإدارة الحالية أن هذا المورد المُشترك قد يتحول إلى بؤرة توتر إقليمي إذا نضب دون تنسيق مسبق، كما حدث في ملفات المياه السطحية مع دول الجوار.
وتُكرر أخطاء الماضي بثقة زائفة، وتُستنسخ تجارب الآخرين دون استخلاص دروسهم، فيما يتحوّل القمح من محصول “استراتيجي” إلى عبء استراتيجي، إذا أُنتج خارج المعايير البيئية والزمنية السليمة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts