لجريدة عمان:
2025-05-01@08:01:35 GMT

«جهاز الرقابة» مقياس التحقق وتفعيل المحاسبة

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

ارتبط مفهوما الرقابة والمراقبة بكل مستوياتهما الخاصة والعامة بامتعاض وضيق سواء من المرسل المراقِب أو المُستقبِل المُراقَب المستهدف بالرقابة والمحاسبة، كيف لا وأصل كلمة رقابة أتى من تطويق الرقبة وإحكام وثاقها؟! لكن المفهوم الدلالي تجاوز المصطلح الأولي للمفردة في تطورها التاريخي وارتباطها المؤسسي ماليا وإداريا ليشمل متابعة ومحاسبة السياسات والإجراءات والوسائل التي يتم من خلالها التحقق من سلامة العمليات ذات الأثر المالي على الميزانية العامة، والقوائم المالية والحسابات الختامية، كما تشمل التأكد من كفاءة وفاعلية أنظمة الرقابة الداخلية، ومدى التزام المؤسسات -المشمولة بالرقابة- بالأنظمة واللوائح والأدلة والتعليمات والقرارات ذات الصلة وصولا لنتائج أفضل ومنجزات أكبر توافقا مع إنفاق مالي دون هدر واستنزاف، ومحاربة أي شبهة للفساد وسوء استغلال المال العام، لا يمكن للامتعاض والضيق حينها من الوقوف حاجزا دون بلوغ جدوى الرقابة وفاعليتها وقدرتها على التقييم والتقويم معا بما تملك من معايير، وما توظف من وسائل وآليات وصولا لأهداف وطنية كبرى لا يمكن بلوغها دون رقابة ولا يمكن تفعيلها دون محاسبة.

وإن كان للرؤى الاقتصادية الوطنية والخطط الاستراتيجية الحكومية من مؤشر يدل على فعاليتها وجدواها، أو مواتها وعدم صلاحيتها فذاك هو دور عمليات الرقابة الدورية في مراحل تنفيذ مرئياتها النظرية، وجس قدرتها على البقاء أو الفناء، واستبدالها بالأصلح والأجدى نفعا في حال ثبوت عدم جدواها أو عدم صلاحيتها لمتغيرات وتحديات الواقع والمستقبل معا.

نتلمّس في سياقنا هذا أهمية جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة جهة حيوية فاعلةً تأكيدا على ما سبق تأسيسه من أهمية الرقابة الإدارية والمالية، وتعزيزا لخطاب حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه «إننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين، وآليات وبرامج العمـل وإعلاء قيمه ومبادئه وتبني أحدث أساليبه وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها» ولمَّا كان الفساد مُقوِّضا لأهداف التنمية الحضارية، مُهددا للأمن الاقتصادي والمجتمعي معا كان التركيز على مكافحته وتطويقه هدفا رئيسا من أهداف جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة عبر تدابير مختلفة تعزيزا للنزاهة ومكافحة للفساد بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية بذات الهدف كالادعاء العام، والمركز الوطني للمعلومات المالية، وغيرها من دوائر الرقابة الداخلية، إضافة إلى استقراء وتشرّب التجارب الدولية في مجال مكافحة الفساد، كل تلك الشراكات التفاعلية أفضت إلى مشروع الخطة الوطنية لتعزيز النزاهة (2022-2030).

ومع تركيز المنظمات العالمية الساعية لمكافحة الفساد على ضرورة استقلالية أجهزة الرقابة المالية والإدارية عالميا إلا أن معيار الاستقلالية وحده لا يمكن له تحقيق أهداف الرقابة في مكافحة الفساد وآثاره المدمرة على استقرار الأمم وتنمية الدول، ولعلّ من الضرورة بمكان التعرض لمعيار الشفافية في مستويات عديدة، بداية بالرصد الدقيق للميزانيات والخطط الموضوعة، ثم متابعة التنفيذ والمساءلة والمحاسبة، كل تلك المستويات من الشفافية تعكس الرغبة الصادقة لدى الأجهزة القائمة على الرقابة في تشارك المسؤولية تماما كمشاركة النتيجة، إضافة إلى ما تقدمه تجليات الشفافية من وعي قانوني ووعي اجتماعي وثقافة مالية إدارية عامة.

لا ينبغي لأهداف جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة أن تكون عملا منفصلا ينهض به الجهاز وحده دون دعم مؤسساتي حكومي أو وعي مجتمعي شعبي، بل ينبغي تآزر جهود الجميع أفرادا ومؤسسات سعيا لبلوغ أهداف مشروع الخطة الوطنية لتعزيز النزاهة، ولن يتأتى ذلك دون تفعيل واقعي لكل وسائل التحول الرقمي التي حرص الجهاز على تطوير آلياتها ووسائلها، كما لن يتأتى دون توافق إعلامي توعوي معزز لثقافة النزاهة، محارب لفكرة الفساد وممارساته المُقوِّضَة كلَّ مقدّرات التنمية، المستنزِفة مواردَ الوطن و طاقات مواطنيه ومقيميه على حد سواء، لا بد من اعتبار هذه المهمة مسؤولية أخلاقية عامة ينهض بها الجميع وفق إطار قانوني عام بإشراف جهاز حيوي يبتغي مصلحة الوطن عبر حياد تام دون نفعيات فردية أو محسوبيات استثنائية خاصة.

ختاما؛ نتحرّى جميعا أدوارنا المستقبلية في ممارساتنا سلوكا فرديا أو عملا وظيفيا مكافحة للفساد بكافة أشكاله، حرصا على حقوق الإنسان على هذه الأرض الطيبة، نتحرّى أمنا مجتمعيا مأمولا ونحن نرقب تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة إجراءً تعودنّاه نتاجَ عملٍ سنويٍّ للجهاز، و مشاركةً تعكس شفافيةً نُحبها، آملين تعزيز وتوسيع صلاحيات جهاز الرقابة المالية والإدارية مستقبلا لتجاوز الدور العلاجي إلى أدوار وقائية رقابية تسعى لتفادي المخالفة ومكافحة الفساد قبل رصد مراحله النهائية، وتهدف إلى تحجيمه وتطويقه حتى قبل وقوعه، نأمل ذلك في فضاء محددات وأطر تنظيمية قانونية عامة تصلنا بأحلامنا مجتمعا واعيا ومؤسسات تكاملية فاعلة.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لا یمکن

إقرأ أيضاً:

السكوري : الحكومة ملتزمة بتنزيل إلتزامات الإتفاق الإجتماعي مع النقابات وتفعيل مخرجاته

زنقة 20. الرباط

أكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، اليوم الأربعاء، أنه تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات لفائدة مختلف الفئات، وفق ميزانيات وإجراءات دقيقة، تطلب تنفيذها مجهودا متواصلا طيلة سنتين ونصف تقريبا.

وفي كلمة بمناسبة عيد الشغل، أبرز السيد السكوري أن الحكومة ماضية في تنزيل الالتزامات الواردة في الاتفاق الاجتماعي، موضحا أنه خلال الاجتماعات رفيعة المستوى التي عقدت في إطار تفعيل مخرجات الاتفاق، تمت مناقشة عدد من الملفات نظرا لما تطرحه من تحديات موضوعية.

وبخصوص الزيادة في الأجور، أوضح أن الحكومة تجدد التزامها بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور بقيمة 500 درهم لفائدة العاملين بالقطاع العام، بعدما تم صرف الشطر الأول خلال السنة الماضية.

وأضاف أنه تم الالتزام بمواصلة الرفع التدريجي للأجور بنسبة 5 في المائة في يناير 2026 بالنسبة للحد الأدنى للأجور، و5 في المائة في أبريل 2026 بالنسبة للحد الأدنى للأجور بالقطاع الفلاحي، ليصل مجموع الزيادة إلى 10 في المائة بالنسبة للنشاطات الفلاحية وغير الفلاحية.

وبشأن ملف الموظفين بالجماعات الترابية، أشار إلى أنهم استفادوا من الزيادة العامة في الأجور، مبرزا أنه يجري حاليا الاشتغال على نظام أساسي خاص بهذه الفئة، يشمل مجالات الترقية والتكوين وضمان الحقوق المهنية.

وفي ما يخض وضعية عدد من الهيئات المشتركة بين الوزارات، أكد أن الحكومة تعمل على فتح النقاش حول تجويد الأنظمة الأساسية الخاصة بهذه الهيئات (هيئة المهندسين وهيئة المتصرفين و هيئة التقنيين).

كما سجل بأن هيئة مفتشي الشغل تحظى بأهمية خاصة من لدن الحكومة، مضيفا أن مهاما إضافية أنيطت بها، بموجب القانون التنظيمي المتعلق بممارسة حق الإضراب، لضمان التوازن وحماية حقوق الشغيلة.

وفي ما يخص الحوارات القطاعية، أشار الوزير إلى أن الحكومة تؤكد التزامها بضمان انتظامها وتنسيقها، من خلال تعليمات صادرة عن رئاسة الحكومة، مع آليات لمتابعة مدى تنفيذ الالتزامات القطاعية.

من جهة أخرى، أبرز أن الحكومة تجدد التزامها بالأوراش التشريعية التي تم الاتفاق بشأنها في أبريل 2022 وأعيد التأكيد عليها في أبريل 2024، خاصا بالذكر قانون النقابات ومدونة الشغل.

وقال إن الحكومة تهدف، من خلال هذه الأوراش، إلى معالجة مواطن الحيف في بعض القطاعات، من قبيل الأمن الخاص والنظافة، وذلك في إطار مقاربة تشاركية وتدريجية تضمن التنزيل السليم لمقتضيات وروح الدستور.

وفي ما يهم إصلاح أنظمة التقاعد، أبرز الوزير أنه يعد أحد أولويات الحوار الاجتماعي، مؤكدا أنه خلال دورة الحوار الاجتماعي الأخيرة تم الاتفاق على منهجية عمل قوامها إعادة تفعيل اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد.

النقاباتفاتح ماي

مقالات مشابهة

  • السكوري : الحكومة ملتزمة بتنزيل إلتزامات الإتفاق الإجتماعي مع النقابات وتفعيل مخرجاته
  • الرقابة المالية: 2.8 مليار جنيه لعملاء التمويل العقاري خلال فبراير
  • ترأس سلام اجتماعًا عُرض فيه تشخيص للحوكمة المالية ومكامن الفساد
  • في سياق الرقابة وتعزيز الكفاءة.. ديوان المحاسبة يراجع حسابات شركة الاتصالات والتقنية
  • الرقابة المالية: مبادرات البنوك المجتمعية تصنع فارقًا حقيقيًا في حياة الشباب والمرأة
  • "جهاز الرقابة" يشارك بركن توعوي في معرض مسقط الدولي للكتاب
  • محافظ المركزي يبحث مع هيئة الرقابة الوضع الاقتصادي العام للدولة
  • بقيمة 5.8 مليار جنيه.. الرقابة المالية توافق على إصدارين لصكوك متوافقة مع الشريعة الإسلامية
  • الرقابة المالية توافق على إصدارين لصكوك شرعية بـ 5.8 مليار جنيه
  • أشاد بجهودها في حماية المال العام.. أمير منطقة القصيم يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد