لجريدة عمان:
2024-11-25@06:18:15 GMT

الحروب الجيوسياسية تُفاقم مشكلتي الغذاء والطاقة

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

ترجمة: أحمد بن عبدالله الكلباني -

للحرب الروسية الأوكرانية أثر كبير على اثنين من أهم المصادر الرئيسية المتعلقة بإمداد السلع، وهما الغذاء والطاقة، وهو ما أدى إلى الضغط على هذين الموردين المهمين، وأصبح هناك مزيج من العوامل أثرت بشكل كبير على أمن الغذاء العالمي، بداية من كوفيد 19، ثم تغير المناخ، وأخيرا الصراعات الجيوسياسية.

وهذا أمر ملاحظ، فقد رصد صندوق النقد الدولي حجم التضخم في أسعار كافة السلع الأولية، وهناك تفاوت في هذا الارتفاع بين سلعة وأخرى، إلا أن جميع تلك السلع شهدت ارتفاعات بالأسعار بداية من الحرب الروسية الأوكرانية.

وعلى سبيل المثال، فقد كان سعر النفط في يناير من عام 2022 أعلى بنسبة 67 % عن الشهر ذاته من عام 2021، وكذلك الحال للفترة نفسها من المقارنة بالنسبة لأسعار الغاز التي ارتفعت بنسبة تتجاوز 200 %.

أما أسعار معدن الألمنيوم فقد شهدت أعلى مستوياتها منذ 15 عاما، وكذلك أسعار المواد الغذائية تسير نحو الارتفاع، وعلى سبيل المثال بلغت أسعار القمح أعلى مستوى لها على الإطلاق، وخلال 3 أشهر من نوفمبر 2021 إلى يناير 2022 ارتفع متوسط أسعار المواد الغذائية بنسبة 21,8 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه.

للحرب الروسية الأوكرانية تأثير كبير على مصادر الغذاء العالمية، وهذا ما يشكل تحديا كبيرا للدول ذات الدخل ما بين المنخفض والمتوسط، وكذلك الحال بالنسبة للمجتمعات الضعيفة التي تعاني أساسا من مشاكل بالغذاء وخاصة عقب جائحة كورونا.

سابقا كان معدل السلع الزراعية التي تُرسل إلى أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط تبلغ حوالي 6 ملايين طن، وفي يونيو 2022 تقلص هذا الرقم إلى الخُمس!

ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو» التابعة للأمم المتحدة فقد ارتفعت أسعار السلع الغذائية بنسبة 20 %، وهو ما يشكل قلقا كبيرا لكافة دول العالم، كما توقعت «الفاو» أن ترتفع أعداد الذين يعانون من نقص الغذاء من حوالي 7,6 مليون شخص إلى 13,1 مليون شخص، وذلك بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها المضاعف على أسعار الغذاء وعوامل توريده.

كل دولة من دول مجموعة «مبادرة خليج البنغال للتعاون الفني والاقتصادي»، والتي تعرف بمجموعة «بيمستك» تعتمد بشكل كبير على الموارد لإمدادها بالطاقة، وخاصة الهند وميانمار وبوتان.

ويشكل هذا الاعتماد على الموارد الخارجية من الطاقة تحديا كبيرا لديها، ما يجعلها عرضة للتوترات الاقتصادية الخارجية، وهنا تؤكد أحداث الحرب الروسية الأوكرانية أهمية تسليط الضوء على سبل تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة وإنتاجها ذاتيا دون الاعتماد على الواردات.

وأدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى نشوء تضخم في الكثير من الدول النامية، ورغم أن التأثير على البعض ليس كبيرا ولن يؤدي إلى تدهورها اقتصاديا، إلا أنها ما زالت تشكل مشكلة في القدرة على تحمل التكاليف على مستوى العالم.

لذلك، لا بد من الوقوف بحزم واتخاذ مجموعة من التدابير لمعالجة آثار التضخم في كلٍ من الغذاء والطاقة الذي يعاني منه العالم، وبطبيعة الحال، يجب أولا أن تكون المساعدات الإنسانية للدول الأكثر ضعفا هي محور التركيز بشكل أساسي، ويجب أن تكون الأولوية للدول الأكثر ضعفا وثم الأقل.

ومثال على ذلك لا بد أن تكون المساعدات الدولية التي تساهم في تحقيق الاكتفاء الزراعي موجهة إلى دول أفريقيا وبعض دول جنوب آسيا.

فقد أظهرت الدراسات أن بمقدور تلك الدول إطعام العالم بأسره إذا ما استغلت أراضيها زراعيا، ولكنها إلى الآن تعتمد على المساعدات الخارجية من الواردات.

وكذلك يجب الاستثمار في مجال الزراعة الذكية، وضخ مزيد من الأموال في سبيل تحقيق الفائدة، وخاصة في منطقة الجنوب العالمي، وهي المنطقة الأكثر تأثرا بالتغير المناخي، ولن يتأتى هذا النجاح إلا من خلال اتباع نهج تكاملي لتعزيز الأمن المائي والأمن الغذائي، ووجود ترابط مشترك بين المياه والغذاء والطاقة.

وفي السياق نفسه، فقد كانت الأسواق الدولية تتعرض لتقلبات كبيرة في سوق النفط العالمي، والدول النامية بطبيعة الحال تتلقى فقط الأسعار الجديدة للنفط، ولم تكن صانعة ومؤثرة على تلك الأسعار، وهنا كان من الواجب على الدول الغنية والتي تتحكم بأسعار النفط أن تضمن عدم تأثر تلك الدول النامية بعواقب تلك التقلبات.

واليوم، يمكن معالجة أسعار تقلبات النفط باتباع طريقتين، الطريقة الأولى باتباع ما يعرف بـ «الذكاء السوقي» الذي يقوم على وضع آليات قياس لمؤشر السوق، وذلك يؤدي إلى ضبط المطلوب من الموارد بناء على تكاليف استيراد الوقود وعلى حركة الأسعار وتذبذبها.

أما الطريقة الثانية من خلال توجيه سلة الطاقة العالمية إلى التنويع في إنتاجها للطاقة، وقد أظهرت دول الشرق الأوسط وأفريقيا المنتجة للنفط قدرتها فعلا على إنتاج الطاقة من الوقود غير الأحفوري، وقد توجهت تلك الدول إلى الوقود غير الأحفوري لإنتاج الكهرباء بسبب تقلبات أسعار النفط، وهذه خطوة نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتفادي أسعاره المتقلبة، إضافة إلى أنها طاقة خضراء.

وأخيرا، بيَّنت الأحداث الجيوسياسية القائمة حاليا مدى هشاشة أنظمة توريد الغذاء والطاقة، الأمر الذي يدعو إلى أهمية الاعتماد على آليات أفضل من قبل الحكومات، تقوم على الاعتماد الذاتي في تحقيق الأمن الغذائي وأمن الطاقة، وتعتمد على تنويع مصادر الغذاء والطاقة، وفي الوقت ذاته آليات أفضل في سبيل إدارة المخاطر.

سمية بوميك باحث في مركز الدبلوماسية الاقتصادية الجديدة بمؤسسة البحوث المراقبة بالهند.

عن آسيا تايمز.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الروسیة الأوکرانیة الغذاء والطاقة الاعتماد على کبیر على

إقرأ أيضاً:

بحضور وزير نفط الدبيبة.. أردوغان: سنواصل التعاون الدولي في مجال الطاقة

انطلقت فعاليات منتدى إسطنبول الأول للطاقة  بكلمة من رئيس جمهورية تركيا، رجب طيب أردوغان.

في كلمته، أكد الرئيس أردوغان على أهمية التعاون الدولي في قطاع الطاقة بما يشمل النفط والغاز وضرورة تعزيز الجهود المشتركة لتحقيق الاستدامة الأمنية والاقتصادية. يُعد المنتدى منصة حيوية لتبادل الرؤى والخبرات بين الدول.

شارك وزير النفط والغاز المكلف بحكومة الدبيبة، خليفة رجب عبد الصادق في حوارية رفيعة المستوى عن الشراكات واستراتيجيات العمل المشترك.

مقالات مشابهة

  • الذهب يرتفع بدعم من التوترات الجيوسياسية وضعف الدولار
  • «مركز الملاذ الآمن»: ارتفاع أسعار الفضة مع وصول التوترات الجيوسياسية إلى مستويات حرجة
  • ارتفاع أسعار الذهب نتيجة التوترات الجيوسياسية وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية
  • آي صاغة: الذهب يحقق 6% مكاسب أسبوعية مدفوعًا بالتوترات الجيوسياسية وتحولات الفائدة الأمريكية
  • الذهب يحقق 6% مكاسب أسبوعية مدفوعًا بالتوترات الجيوسياسية وتحولات الفائدة الأمريكية
  • الذهب يحقق 6 % مكاسب أسبوعية مدفوعًا بالتوترات الجيوسياسية
  • النفط يصعد لأعلى مستوى في أسبوعين بفعل التوترات الجيوسياسية
  • بحضور وزير نفط الدبيبة.. أردوغان: سنواصل التعاون الدولي في مجال الطاقة
  • اجتماع أوبك: التأكيد على أهمية استقرار أسواق النفط والطاقة
  • إجتماع أوبك: التأكيد على أهمية استقرار أسواق النفط والطاقة