لا شك أن المال يلعب دورا مهما جدا في حياتنا، فهو لم يعد مجرد وسيلة للتبادل، لكنه بات مقياسا للقيمة، ورمزا للنجاح، ولديه طريقة فريدة لعكس قيمنا وأولوياتنا، ذلك أنه عندما نستخدمه لدعم القضايا التي نؤمن بها، فإننا بذلك نمنحه هدفا ومعنى، وهذا بالضبط ما يقصد بروح المال، في كتاب جميل للناشطة الاجتماعية بمجال العمل الخيري لين تويست الذي أعود لقراءته هذه الأيام استعدادا لجلسة نقاشية مع إحدى المبادرات المجتمعية في مجال تمكين الناشئين، ذلك أن المال أكبر بكثير من العملات الورقية والمعدنية التي نبادل بها السلع والخدمات التي نستخدمها، ومفتاح ذلك هو النية، بمعنى أن نضع نية نبيلة لعملية الكسب والإنفاق تتجاوز تراكم المقتنيات والممتلكات، من خلال توجيه مواردنا المالية بوعي نحو أهداف سامية تمنحنا ذلك الشعور العميق بالإنجاز، فالمال يصبح أداة قوية للخير عندما نستخدمه لمساعدة الآخرين، مهما كان حجم العطاء فتأثيره عميق على الأفراد والمجتمعات، من خلال معالجة القضايا المجتمعية ودعم القضايا النبيلة.
يمكن للمال في هذه الحالة أن يعيش أكثر من مالكه، ويصبح وسيلة لإيجاد إرث وتأثير دائم، ولنا في وقف سيدنا عثمان بن عفان أسوة، يمكن أن يضمن التخطيط المدروس والمساعي الخيرية استمرار فائدة المال للمجتمع بعد فترة طويلة من رحيلنا، كما ترتبط روح المال بالوسيلة التي اكتسب من خلالها، فرب العزة يقول في محكم الآيات (وَیل لِّلمُطَفِّفِینَ، الذِینَ إِذَا اكتَالُوا عَلَى النَّاسِ یَستَوفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُم أَو وَّزَنُوهُم یُخسِرُونَ)، فالمال الذي يكسب على حساب الآخرين، والذي يخالف الممارسات المالية المسؤولة والمستدامة مع الأهداف المجتمعية الأوسع، ويضر بالبيئة أو العدالة الاجتماعية هو مال بلا روح.
وبالتالي فإن روح المال تتجاوز دوره كمجرد عملة، فهو يكمن في النوايا والقيم التي نلبسه إياها بحيث يصبح قوة للخير، ويشكل حياتنا بطرق تتجاوز الثروات المادية، وتثري أرواحنا، ويترك أثرا طيبا وإيجابيا على العالم، في نهاية المطاف، تدعونا روح المال إلى إعادة تعريف علاقتنا بالثروة واستخدامها كأداة لجعل الحياة أكثر جدوى.
حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
حصيلة المجازر الصهيونية في غزة تتجاوز 48 ألف شهيد وسط استمرار الجرائم بحق المدنيين
يمانيون../
ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة جراء العدوان الصهيوني المستمر منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 48,397 شهيداً، إضافةً إلى 111,824 إصابة، في ظل أوضاع إنسانية كارثية نتيجة الحصار والاستهداف الممنهج للمدنيين.
وأكدت وزارة الصحة في غزة، في بيان لها اليوم الإثنين، أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الـ48 ساعة الماضية تسعة شهداء، بينهم أربعة انتُشلوا من تحت الأنقاض، وخمسة سقطوا جراء القصف الجديد، بالإضافة إلى 21 إصابة.
وأوضحت الوزارة أن هناك العديد من الضحايا الذين لا تزال جثامينهم تحت الأنقاض أو في الطرقات، حيث تعيق الاعتداءات الصهيونية وصول فرق الإسعاف والدفاع المدني إليهم، ما يزيد من تفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشها القطاع المحاصر.