لجريدة عمان:
2025-03-17@09:53:51 GMT

نوافذ: البعثات الداخلية والانسحاب!

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

أسوأ ما قد يُجابهه شاب صغير السن، مُقبل على أول سلمة في حياته التعليمية بعد الدبلوم العام، أن يضطر إلى التخلي عن فرصته -التي سترسم معالم مستقبله وستغير حياته- لا لشيء سوى أنّ أسرته لا تستطيع أن تدفع مصاريف إقامته ومواصلاته ومصروف جيبه!

ولا أتكلم هنا عن طلبة متخاذلين، بل عن أولئك الذين حصلوا على مقاعدهم التعليمية بعد تنافسٍ مُضنٍ تحت بند البعثات الداخلية، تلك التي قُدرت هذا العام بنحو (١٠٨٩٠) مقعدا، وهو -كما يتبدى للمراقب عن كثب- رقم كبير جدا مقارنة بالبعثات الخارجية التي لم تتعد (٥٥٠) مقعدا !

ورغم ما تبعثه كلمة «بعثة» من بهجة وفرح، فإنّه، وللأسف الشديد، فرح منقوص، إذ لا توجد أي عدالة بين الفرصتين، فالبعثات الخارجية تتكفل الحكومة بكامل مصاريفها من رسوم دراسية ونقل وإسكان ومصروف جيب، بينما البعثات الداخلية لا تتكفل إلا بتوفير المقعد الدراسي، الأمر الذي سيجعل العديد من أسر ذوي الدخل المحدود -على وجه الخصوص- تفكر ألف مرّة قبل أن تُقدم على خطوة إرسال أبنائها!

ولذا علينا ألا نتفاجأ من سيناريوهات الانسحاب، ليس لأنّ الطلبة سيخفقون في الدراسة، ولكن لأنّ بعض الأهالي لا يستطيعون تحمل فداحة المبالغ الطائلة التي ستقع على عاتقهم!

علينا أن نتذكر أنّ أكثر من ٩ آلاف طالب وطالبة حصلوا هذا العام على معدل ٩٠٪ وأكثر، مما يعني أنّ فرص أغلبهم كانت ضمن البعثات الداخلية!

ولذا ليس علينا أن نتفاجأ بمعرفة أنّ الحاصلين على نسبة ٩٧٪ لم يتمكنوا من الحصول على فرصة الابتعاث الخارجي، كما ليس لنا أن نندهش بوجود من أحرزوا ٩٩٪ ولم يتمكنوا من دخول كلية الطب مثلا، فقد بلغ هذه النسبة الخيالية (٢٨٧) طالبا وطالبة! مما يعني أنّ الكثير من النسب العالية والتي حُصدت عقب أوقات عصيبة كابدها الطالب وذووه، ذهبت لا محالة إلى البعثات الداخلية.

ورغم استحقاقهم لتكريم جهودهم -نظرا لنسبهم المرتفعة التي حازوا عليها- فإنّهم سيكابدون شقاء تكاليف مغادرة منازلهم وليس الجميع على استعداد لذلك!

والسؤال: لماذا لا تتساوى امتيازات البعثات الداخلية والخارجية، لاسيما لأولئك الذين سيغادرون قراهم البعيدة مضطرين لأن يوفروا لأنفسهم عيشا كريما، أولئك الذين يمنعهم الحياء من طرق الأبواب للاستجداء أو طلب المعونات من الفرق الخيرية!

وإن كان من الصعب إحاطة الجميع بامتياز راتب شهري أو حتى توفير السكن والمواصلات ومصروف الجيب، فينبغي بصورة أساسية النظر بعين الرأفة والاستحقاق للأسر من ذوي الدخل المحدود والأسر المُعسرة، تلك التي تُعلقُ آمالها على هذا الابن أو هذه الابنة من أجل تغيير واقع حياتهم المرير. وإلا فإننا سنكرس الجهل والطبقية بصورة مُجحفة، لأنّ المقتدر سوف يبذل ما لديه من مال لقاء تعليم أبنائه بينما سيتنازل الفقير عن هذه الفرصة كمن يلم شباك صيده الفارغة بحسرة! أو سيضطر لأن يراكم ديونا فوق إمكانياته الهشّة! فمهما كانت تكلفة التعليم باهظة على حد تعبير الصحفي والتر كرونكايت، فهي لا شيء إزاء تكلفة شعب جاهل!

السؤال الآخر يتعلق مجددا بتقليص البعثات الخارجية وزيادة البعثات الداخلية، كدعم حكومي للطلبة من جهة ولمؤسسات التعليم الخاصة بالسلطنة من جهة أخرى: فهل تُحقق هذه الجهات المطمح التعليمي الذي تصبو إليه خطط المستقبل المنتظرة ؟ ومن سيرمم نقص التخصصات غير المتوفرة في البلد أمام محدودية الابتعاث للخارج؟

وألم يكن من الأفضل طوال هذه السنين أن تُبصر النور جامعة حكومية أخرى، أمام تدفق الأجيال السنوي والتغيرات التي تعصف بأنماط التعليم واختصاصاته على مستوى العالم؟

لقد بتنا نتحدث عن (٥١) ألف طالب وطالبة تخرجوا العام المنصرم وهو رقم مرشح للازدياد من عام لآخر! فهل سندور طويلا في فلك حلول مُرقعة من هذا النوع ؟

من المرجح -كما قرأنا في تجارب بلدان أخرى- أنّه وعندما يصبح التعليم في مقدمة أولويات أيّ بلد يصبو إلى التغيير، وعندما تُستثمر الموارد فيه بسخاء، من المرجح حقا أن تحدث معجزة ما، وهذا ما ننتظره بأمل هائل.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البعثات الداخلیة

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الأوكراني: نسعى لإنهاء الحرب العام الحالي وبوتين يسعى لإطالة أمدها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، اليوم الأحد، إن بلاده ترغب في إنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية هذا العام، لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد استمرارها. 

وأكد سيبيها -في تصريحات إعلامية نقلتها وكالة أنباء يوكرينفورم الأوكرانية- أن أوكرانيا تريد إنهاء الحرب هذا العام ولن تقف عائقا أمام هذه العملية، مع ذلك أشار إلى أن الرئيس الروسي بوتين يريد الحرب، وأن العالم ينتظر ردا من موسكو على الاقتراح الأمريكي بوقف فوري ومؤقت للأعمال العدائية لمدة 30 يوما.

وأوضح الوزير الأوكراني أن المجموعة الوطنية الأوكرانية ستبدأ بإعداد خريطة طريق لمراقبة خط المواجهة الطويل، الذي يزيد طوله عن 1300 كيلومتر.

وأشار إلى أن أوكرانيا ستجري مشاورات مع الولايات المتحدة ودول أخرى، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن البلاد قد تحتاج إلى موظفين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار.
 

مقالات مشابهة

  • الداخلية الفرنسية: الإخوان الإرهابيون يقتحمون الدولة من بوابة التعليم
  • وزير الخارجية الأمريكي: سنتخذ إجراءات ضد الدول التي فرضت علينا رسوما جمركية
  • وزارة الخارجية تستضيف رؤساء البعثات الدبلوماسية والهيئات والمكاتب الإقليمية والمنظمات الدولية المعتمدة لدى المملكة بمناسبة شهر رمضان
  • وزير الخارجية الأوكراني: نسعى لإنهاء الحرب العام الحالي وبوتين يسعى لإطالة أمدها
  • إشادة بوزير التعليم لإعادته دور المدرسة وتحقيق الانضباط خلال العام الدراسى
  • ما هي «التيارات النفاثة» التي تسبب ارتفاع درجات الحرارة في الشتاء؟ خبير مناخ يجيب «فيديو»
  • جامعة أسيوط تعلن استحداث برنامج التعليم الصناعي والتكنولوجيا التطبيقية وبدء الدراسة به العام المقبل
  • الشيباني: مصائرنا مشتركة والبلدان يجب أن يقفا ضد التهديدات وضد التدخلات الخارجية التي يتعرضان لها كما أننا مستعدون للتعاون مع العراق في محاربة داعش فأمن سوريا من أمن العراق
  • استطلاع رأي يظهر أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب والانسحاب من قطاع غزة
  • الاسمر: لدمج الرواتب التي تعطى كمساعدات في القطاع العام ضمن أساس الراتب