لجريدة عمان:
2025-03-16@04:29:51 GMT

نوافذ: البعثات الداخلية والانسحاب!

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

أسوأ ما قد يُجابهه شاب صغير السن، مُقبل على أول سلمة في حياته التعليمية بعد الدبلوم العام، أن يضطر إلى التخلي عن فرصته -التي سترسم معالم مستقبله وستغير حياته- لا لشيء سوى أنّ أسرته لا تستطيع أن تدفع مصاريف إقامته ومواصلاته ومصروف جيبه!

ولا أتكلم هنا عن طلبة متخاذلين، بل عن أولئك الذين حصلوا على مقاعدهم التعليمية بعد تنافسٍ مُضنٍ تحت بند البعثات الداخلية، تلك التي قُدرت هذا العام بنحو (١٠٨٩٠) مقعدا، وهو -كما يتبدى للمراقب عن كثب- رقم كبير جدا مقارنة بالبعثات الخارجية التي لم تتعد (٥٥٠) مقعدا !

ورغم ما تبعثه كلمة «بعثة» من بهجة وفرح، فإنّه، وللأسف الشديد، فرح منقوص، إذ لا توجد أي عدالة بين الفرصتين، فالبعثات الخارجية تتكفل الحكومة بكامل مصاريفها من رسوم دراسية ونقل وإسكان ومصروف جيب، بينما البعثات الداخلية لا تتكفل إلا بتوفير المقعد الدراسي، الأمر الذي سيجعل العديد من أسر ذوي الدخل المحدود -على وجه الخصوص- تفكر ألف مرّة قبل أن تُقدم على خطوة إرسال أبنائها!

ولذا علينا ألا نتفاجأ من سيناريوهات الانسحاب، ليس لأنّ الطلبة سيخفقون في الدراسة، ولكن لأنّ بعض الأهالي لا يستطيعون تحمل فداحة المبالغ الطائلة التي ستقع على عاتقهم!

علينا أن نتذكر أنّ أكثر من ٩ آلاف طالب وطالبة حصلوا هذا العام على معدل ٩٠٪ وأكثر، مما يعني أنّ فرص أغلبهم كانت ضمن البعثات الداخلية!

ولذا ليس علينا أن نتفاجأ بمعرفة أنّ الحاصلين على نسبة ٩٧٪ لم يتمكنوا من الحصول على فرصة الابتعاث الخارجي، كما ليس لنا أن نندهش بوجود من أحرزوا ٩٩٪ ولم يتمكنوا من دخول كلية الطب مثلا، فقد بلغ هذه النسبة الخيالية (٢٨٧) طالبا وطالبة! مما يعني أنّ الكثير من النسب العالية والتي حُصدت عقب أوقات عصيبة كابدها الطالب وذووه، ذهبت لا محالة إلى البعثات الداخلية.

ورغم استحقاقهم لتكريم جهودهم -نظرا لنسبهم المرتفعة التي حازوا عليها- فإنّهم سيكابدون شقاء تكاليف مغادرة منازلهم وليس الجميع على استعداد لذلك!

والسؤال: لماذا لا تتساوى امتيازات البعثات الداخلية والخارجية، لاسيما لأولئك الذين سيغادرون قراهم البعيدة مضطرين لأن يوفروا لأنفسهم عيشا كريما، أولئك الذين يمنعهم الحياء من طرق الأبواب للاستجداء أو طلب المعونات من الفرق الخيرية!

وإن كان من الصعب إحاطة الجميع بامتياز راتب شهري أو حتى توفير السكن والمواصلات ومصروف الجيب، فينبغي بصورة أساسية النظر بعين الرأفة والاستحقاق للأسر من ذوي الدخل المحدود والأسر المُعسرة، تلك التي تُعلقُ آمالها على هذا الابن أو هذه الابنة من أجل تغيير واقع حياتهم المرير. وإلا فإننا سنكرس الجهل والطبقية بصورة مُجحفة، لأنّ المقتدر سوف يبذل ما لديه من مال لقاء تعليم أبنائه بينما سيتنازل الفقير عن هذه الفرصة كمن يلم شباك صيده الفارغة بحسرة! أو سيضطر لأن يراكم ديونا فوق إمكانياته الهشّة! فمهما كانت تكلفة التعليم باهظة على حد تعبير الصحفي والتر كرونكايت، فهي لا شيء إزاء تكلفة شعب جاهل!

السؤال الآخر يتعلق مجددا بتقليص البعثات الخارجية وزيادة البعثات الداخلية، كدعم حكومي للطلبة من جهة ولمؤسسات التعليم الخاصة بالسلطنة من جهة أخرى: فهل تُحقق هذه الجهات المطمح التعليمي الذي تصبو إليه خطط المستقبل المنتظرة ؟ ومن سيرمم نقص التخصصات غير المتوفرة في البلد أمام محدودية الابتعاث للخارج؟

وألم يكن من الأفضل طوال هذه السنين أن تُبصر النور جامعة حكومية أخرى، أمام تدفق الأجيال السنوي والتغيرات التي تعصف بأنماط التعليم واختصاصاته على مستوى العالم؟

لقد بتنا نتحدث عن (٥١) ألف طالب وطالبة تخرجوا العام المنصرم وهو رقم مرشح للازدياد من عام لآخر! فهل سندور طويلا في فلك حلول مُرقعة من هذا النوع ؟

من المرجح -كما قرأنا في تجارب بلدان أخرى- أنّه وعندما يصبح التعليم في مقدمة أولويات أيّ بلد يصبو إلى التغيير، وعندما تُستثمر الموارد فيه بسخاء، من المرجح حقا أن تحدث معجزة ما، وهذا ما ننتظره بأمل هائل.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البعثات الداخلیة

إقرأ أيضاً:

الشيباني: مصائرنا مشتركة والبلدان يجب أن يقفا ضد التهديدات وضد التدخلات الخارجية التي يتعرضان لها كما أننا مستعدون للتعاون مع العراق في محاربة داعش فأمن سوريا من أمن العراق

2025-03-14SAMERسابق وزير الخارجية أسعد الشيباني: نحن في بغداد في لحظة نجدد فيها وحدة الصف بين سوريا والعراق والتأكيد على الروابط العميقة بين البلدين الشقيقين انظر ايضاًوزير الخارجية أسعد الشيباني: نحن في بغداد في لحظة نجدد فيها وحدة الصف بين سوريا والعراق والتأكيد على الروابط العميقة بين البلدين الشقيقين

آخر الأخبار 2025-03-14وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية أسعد الشيباني: الشعب السوري عانى مثلنا من سياسات حزب البعث وكان في نضال مستمر للتخلص من النظام الشمولي ونظام الفرد الواحد 2025-03-14حملة (عائدون) تُسيّر أولى قوافلها من مدينة إعزاز في الشمال السوري لإعادة الأهالي إلى مناطقهم 2025-03-14عودة ضخ المياه من محطة الشير بريف اللاذقية 2025-03-14مصدر أمني بحماة لـ سانا: لا صحة لما يتم تداوله عن كمين استهدف إحدى دورياتنا في منطقة رأس الشعرة غرب حماة، والصور المتداولة تعود لآليات استُهدفت قبل أسبوع 2025-03-14الهلال الأحمر السوري يؤكد استمراره بجهود الإغاثة وتقييم الاحتياجات في ‏اللاذقية وطرطوس وحماة 2025-03-14وزير النفط والثروة المعدنية يرحب بمبادرة دولة قطر الإنسانية لدعم قطاع الطاقة في سوريا 2025-03-13إخماد حريق في كراج البرامكة بدمشق دون تسجيل إصابات ‏ 2025-03-13نقابة المحامين: عدم قبول طلبات الممارسة للمحامين يشمل فقط ممن تقدموا ‏بها في عام 2024 ‏ 2025-03-13التربية والتعليم تحدد شروط وإجراءات التكليف بوظيفة “مدير ومعاون مدير” ‏في المدارس 2025-03-13وزارة الأوقاف تطلق مهرجان “رمضان النصر” في حلب

صور من سورية منوعات العرقسوس والتمر الهندي… عصائر رمضانية شعبية في حماة  2025-03-11 تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • ما هي «التيارات النفاثة» التي تسبب ارتفاع درجات الحرارة في الشتاء؟ خبير مناخ يجيب «فيديو»
  • الشيباني: مصائرنا مشتركة والبلدان يجب أن يقفا ضد التهديدات وضد التدخلات الخارجية التي يتعرضان لها كما أننا مستعدون للتعاون مع العراق في محاربة داعش فأمن سوريا من أمن العراق
  • الاسمر: لدمج الرواتب التي تعطى كمساعدات في القطاع العام ضمن أساس الراتب
  • وزير التعليم يرأس اجتماع مجلس أمناء مؤسسة تكافل الخيرية
  • حاكم رأس الخيمة يستقبل سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية على مأدبة إفطار
  • أبرز الفئات التي شملها قرار الداخلية السورية إلغاء بلاغات منع السفر
  • الخارجية الروسية: موسكو وسعت قائمة عقوباتها ردا على حزمة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي
  • بري استقبل وزير الخارجية والشؤون الداخلية لدى فرسان مالطا
  • «الداخلية» و«الخارجية» تتيحان التصديق الرقمي على شهادة بحث الحالة الجنائية
  • الشعب الجمهوري: تماسك جبهتنا الداخلية صمام أمان ضد المخططات الخارجية