لجريدة عمان:
2025-02-22@15:42:10 GMT

نوافذ: البعثات الداخلية والانسحاب!

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

أسوأ ما قد يُجابهه شاب صغير السن، مُقبل على أول سلمة في حياته التعليمية بعد الدبلوم العام، أن يضطر إلى التخلي عن فرصته -التي سترسم معالم مستقبله وستغير حياته- لا لشيء سوى أنّ أسرته لا تستطيع أن تدفع مصاريف إقامته ومواصلاته ومصروف جيبه!

ولا أتكلم هنا عن طلبة متخاذلين، بل عن أولئك الذين حصلوا على مقاعدهم التعليمية بعد تنافسٍ مُضنٍ تحت بند البعثات الداخلية، تلك التي قُدرت هذا العام بنحو (١٠٨٩٠) مقعدا، وهو -كما يتبدى للمراقب عن كثب- رقم كبير جدا مقارنة بالبعثات الخارجية التي لم تتعد (٥٥٠) مقعدا !

ورغم ما تبعثه كلمة «بعثة» من بهجة وفرح، فإنّه، وللأسف الشديد، فرح منقوص، إذ لا توجد أي عدالة بين الفرصتين، فالبعثات الخارجية تتكفل الحكومة بكامل مصاريفها من رسوم دراسية ونقل وإسكان ومصروف جيب، بينما البعثات الداخلية لا تتكفل إلا بتوفير المقعد الدراسي، الأمر الذي سيجعل العديد من أسر ذوي الدخل المحدود -على وجه الخصوص- تفكر ألف مرّة قبل أن تُقدم على خطوة إرسال أبنائها!

ولذا علينا ألا نتفاجأ من سيناريوهات الانسحاب، ليس لأنّ الطلبة سيخفقون في الدراسة، ولكن لأنّ بعض الأهالي لا يستطيعون تحمل فداحة المبالغ الطائلة التي ستقع على عاتقهم!

علينا أن نتذكر أنّ أكثر من ٩ آلاف طالب وطالبة حصلوا هذا العام على معدل ٩٠٪ وأكثر، مما يعني أنّ فرص أغلبهم كانت ضمن البعثات الداخلية!

ولذا ليس علينا أن نتفاجأ بمعرفة أنّ الحاصلين على نسبة ٩٧٪ لم يتمكنوا من الحصول على فرصة الابتعاث الخارجي، كما ليس لنا أن نندهش بوجود من أحرزوا ٩٩٪ ولم يتمكنوا من دخول كلية الطب مثلا، فقد بلغ هذه النسبة الخيالية (٢٨٧) طالبا وطالبة! مما يعني أنّ الكثير من النسب العالية والتي حُصدت عقب أوقات عصيبة كابدها الطالب وذووه، ذهبت لا محالة إلى البعثات الداخلية.

ورغم استحقاقهم لتكريم جهودهم -نظرا لنسبهم المرتفعة التي حازوا عليها- فإنّهم سيكابدون شقاء تكاليف مغادرة منازلهم وليس الجميع على استعداد لذلك!

والسؤال: لماذا لا تتساوى امتيازات البعثات الداخلية والخارجية، لاسيما لأولئك الذين سيغادرون قراهم البعيدة مضطرين لأن يوفروا لأنفسهم عيشا كريما، أولئك الذين يمنعهم الحياء من طرق الأبواب للاستجداء أو طلب المعونات من الفرق الخيرية!

وإن كان من الصعب إحاطة الجميع بامتياز راتب شهري أو حتى توفير السكن والمواصلات ومصروف الجيب، فينبغي بصورة أساسية النظر بعين الرأفة والاستحقاق للأسر من ذوي الدخل المحدود والأسر المُعسرة، تلك التي تُعلقُ آمالها على هذا الابن أو هذه الابنة من أجل تغيير واقع حياتهم المرير. وإلا فإننا سنكرس الجهل والطبقية بصورة مُجحفة، لأنّ المقتدر سوف يبذل ما لديه من مال لقاء تعليم أبنائه بينما سيتنازل الفقير عن هذه الفرصة كمن يلم شباك صيده الفارغة بحسرة! أو سيضطر لأن يراكم ديونا فوق إمكانياته الهشّة! فمهما كانت تكلفة التعليم باهظة على حد تعبير الصحفي والتر كرونكايت، فهي لا شيء إزاء تكلفة شعب جاهل!

السؤال الآخر يتعلق مجددا بتقليص البعثات الخارجية وزيادة البعثات الداخلية، كدعم حكومي للطلبة من جهة ولمؤسسات التعليم الخاصة بالسلطنة من جهة أخرى: فهل تُحقق هذه الجهات المطمح التعليمي الذي تصبو إليه خطط المستقبل المنتظرة ؟ ومن سيرمم نقص التخصصات غير المتوفرة في البلد أمام محدودية الابتعاث للخارج؟

وألم يكن من الأفضل طوال هذه السنين أن تُبصر النور جامعة حكومية أخرى، أمام تدفق الأجيال السنوي والتغيرات التي تعصف بأنماط التعليم واختصاصاته على مستوى العالم؟

لقد بتنا نتحدث عن (٥١) ألف طالب وطالبة تخرجوا العام المنصرم وهو رقم مرشح للازدياد من عام لآخر! فهل سندور طويلا في فلك حلول مُرقعة من هذا النوع ؟

من المرجح -كما قرأنا في تجارب بلدان أخرى- أنّه وعندما يصبح التعليم في مقدمة أولويات أيّ بلد يصبو إلى التغيير، وعندما تُستثمر الموارد فيه بسخاء، من المرجح حقا أن تحدث معجزة ما، وهذا ما ننتظره بأمل هائل.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البعثات الداخلیة

إقرأ أيضاً:

اختيار أكاديمية عُمانية عضوا بـ"مجلس التعليم الدولي للتعليم"

مسقط- الرؤية

حازت الأستاذة الدكتورة يُسرى بنت جُمعة بن سعيد السَّنَانِيَّة أستاذ المناهج والتدريس بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس، عضوية هيئة المجلس الأعلى لمجلس التعليم الدولي للتعليم (ICET) ممثِّلة الدول العربية، وذلك خلال مؤتمر الجمعية العام الخامس والستون الذي أقيم في البرتغال.

وتعتبر هيئة المجلس الأعلى لمجلس التعليم الدولي للتعليم منظمة دولية غير حكومية مقرها الولايات المتحدة الأمريكية، تتمتع بوضع استشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، تأسَّست عام 1953م بهدف تعزيز جودة التعليم حول العالم وتحسين ممارسات إعداد المعلمين.

وتعكس هذه العضوية الدور الريادي للأستاذة الدكتورة يسرى في مجال التعليم، ويتيح لها الإسهام بشكل فعّال في تطوير التعليم على الصَّعيدين الإقليمي والدولي. حيث تسهم الاستاذة الدكتورة يُسرى بخبراتها في هذه العضوية لتحقيق رؤية عُمان 2040 التي تركز على تحسين جودة التعليم وتعزيز مهارات الشباب ليكونوا مؤهلين للمنافسة في سوق العمل العالمي. إذ تسعى هذه الرؤية إلى تعزيز مفهوم التعليم المتميِّز القائم على الابتكار والتطوُّر، وهو ما يتوافق تمامًا مع أهداف الهيئة الرامية إلى تحسين جودة تدريب المعلمين وتوسيع الفرص التعليمية.

وقالت الأستاذة الدكتورة يُسرى "إن هذا المنصب فرصة تعمل على إرساء أسس قوية لتعزيز مكانة جامعة السلطان قابوس في محافل التعليم العالمية وتسلِّط الضوء على الدور المهم الذي تلعبه سلطنة عُمان في المبادرات التعليمية العالمية. وتعزيز التعاون بين الدول العربية في مجالات التربية والتعليم والمجتمع العالمي".

يشار إلى أن الأستاذة الدكتورة يسرى السنانية ترأست الفريق الفرعي في المشروع التابع لرؤية وحدة عمان 2040م المرحلة الثالثة من مشروع تجويد ورفع كفاءة برامج إعداد المعلمين بجامعة السلطان قابوس وجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بالرستاق والجامعات الخاصة بسلطنة عمان 2022م – 2023م مع وزارة التعليم العالي والبحث والابتكار. وهي عضو اللجنة الدولية للجنة الاستشارية لأبحاث الدكتوراه مرشح من جامعة تورنتو الكندية منذ العام 2023م – 2026م. وأستاذ زائر في جامعة فيينا في الجمهورية النمساوية 2015م - 2019م. وعضو مؤسس لاتحاد الأكاديميات العربيات بجامعة الدول العربية 2024م. وعضو الجمعية العالمية للتربية الرياضية في التعليم العالي بلجيكا منذ العام 2012م. وعضو الجمعية العالمية لرياضة المرأة والفتيات منذ العام 2009م.

 

مقالات مشابهة

  • التعليم تعلن انتهاء العام الدراسي 2023-2024 في غزة
  • ضبط عاطلين أثناء سرقة نوافذ مدرسة في البدرشين
  • التعليم العالي: صندوق رعاية المبتكرين يدعم المشروعات التي تحقق التنمية المستدامة
  • رؤساء البعثات القنصلية والدبلوماسية المعتمدون بمنطقة مكة المكرمة يزورون مدينة ينبع الصناعية
  • وزير الداخلية يُشرف على مراسم تنصيب والي غليزان الجديد
  • وزير الداخلية يُشرف على والي غليزان الجديد
  • النائب العام: التعليم والتدريب والتطور من أهم أهداف استراتيجيتنا المستنيرة
  • جهود مضاعفة لاستئناف التعليم في غزة.. وهذا موعد الثانوية العامة
  • مريض نفسى.. الداخلية تكشف تفاصيل إنهاء شخص لحياته
  • اختيار أكاديمية عُمانية عضوا بـ"مجلس التعليم الدولي للتعليم"