"معانا كشاكيل الواحد بعشرين والخمسة بمية، علشان الولاد ولا استغلال المكتبات.. معانا عرض الكريم اللى بيمنع سقوط الشعر اللي بيتباع بـ 120 الاثنين بخمسين ولا استغلال المحلات.. معانا البندانا التلاتة بعشرة، معانا البدى جميع الألوان.. معانا الخمسين إبرة بعشرة جنيه ومعانا دبابيس الطرحة ومعانا.. ." تلك صيحات الباعة الجائلين فى عربات المترو وخاصة تلك المخصصة للسيدات.
الباعة سيدات وفتيات وشباب وأطفال صغار كلهم يركبون العربات المخصصة للسيدات وقد يجتمع خمسة منهم فى وقت واحد فى نفس العربة، وما على الراكب إلا الاستماع جبرا لتلك الصيحات التى تنطلق فى آن واحد، وعليك أن تتحمل إذا كنت جالسا كل ما يلقيه البائع عليك من بضاعته من قطع الحلويات وعلب الإبر والكراسات وخلافه، أما إذا كنت واقفا فعليك أن تتحمل كذلك ذهابهم وإيابهم السريع عبر ممرات العربة دون اكتراث بكون العربة مزدحمة بالسيدات، وإذا نبهت أحدهم إلى ضرورة البقاء فى المساحة الواسعة فقط يرد عليك بكل بجاحة: "وأنا جيت جنبك ياأبله".
لايستطيع أحد الركاب أن ينهر هؤلاء الذين يبدو أنهم مجموعة منظمة، فبمجرد تعرض أحدهم لمشكلة يسارعون جميعا لمعاونته، والأغرب من ذلك أن بعضا من الركاب يتبارون للدفاع عنهم بحجة أنهم "غلابة وبياكلوا عيش ".
خلال الاسبوعين الماضيين استخدمت المترو للانتقال فى مسافات بسيطة لاتتعدي أربع محطات، وهالني ما رأيت فقد تحولت عربات السيدات الى سوق مفتوح تباع فيه بضائع رخيصة بكميات كبيرة، وهو الأمر الذى أدى الى تركيزهم على عربات السيدات، وليس باقي عربات المترو التى لا يتواجدون فيها الا قليلا.. وفى أكثر من مرة رأيت أمن المترو يستوقفون الباعة وينتظرونهم على الابواب ويحصّلون منهم الغرامة ولكنهم يعاودون الانتشار مرة أخرى.
مترو الأنفاق وسيلة نقل حضارية يستخدمها ما يزيد على ثلاثة ملايين ونصف المليون راكب يوميا فى نطاق القاهرة الكبري، وهى وسيلة سريعة ونظيفة ومرتبة أسهمت فى الحد من الازدحام فى الشوارع وقت الذروة بشكل خاص، كما أنها أيضا وسيلة تحد من التلوث البيئي وعادم السيارات باعتبارها تعتمد على الطاقة الكهربائية فى تشغيلها.
يعود البدء فى تنفيذ المرحلة الأولى من الخط الأول لمترو الانفاق الى عام 1982، وانتهت في 1 أكتوبر 1987 والمرحلة الثانية في 12 أبريل 1989 ليمتد بين محطتي حلوان والمرج بطول 42.7 كم، ويمتد الخط الثانى للمترو من محطة شبرا الخيمة فى محافظة القليوبية إلى محطة المنيب فى الجيزة، ويبلغ طوله 19 كيلو مترا، ثم الخط الثالث والمعروف بمترو العباسية، وحاليا يتم العمل فى الخط الرابع الذى يمتد بطول شارع الهرم إلى محطة الأشجار.
المترو واجهة مشرفة للعاصمة، نتمنى أن تحافظ على رونقها ونظامها، ولذلك نتمنى أن يكون هناك حل أكثر ردعا لهذا التواجد الكثيف للباعة الجائلين بعربات المترو ولانكتفي بغرامة الخمسين جنيها، التى يدفعونها ثم يعاودون نشاطهم.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
لوحات البندوري.. شاعرية موسيقى الألوان
محمد نجيم (الرباط)
أخبار ذات صلة حكيم زياش على أبواب النصر أفريقيا تترقب قرعة «أمم 2025» في المغربتغوص الأعمال الحروفية التي قدمها مؤخراً الفنان التشكيلي والناقد الفني الدكتور محمد البندوري برحاب قصر الباهية في مدينة مراكش، في جماليات وروحانية الخط المغربي الصحراوي الذي يعد أحد مكونات الثقافة المغربية، ويشكل جزءاً فاعلاً في نقل مفردات الهوية المغربية وتوصيلها إلى العالم باعتباره حلقة تواصلية هامة، ويقدم أنموذجاً حياً عن التطور الفني والحضاري المغربي.
معرض «الخط المغربي من المخطوط إلى اللوحة الفنية»، أبهر الكثير من الزوار المغاربة والأجانب بلوحات حروفية، أبدعها البندوري بكثير من الشاعرية والانسيابية اللونية لاستحضار نفائس الخط المغربي في شقه الصحراوي بنظرة تفاؤلية عبر مقاربة إبداعية متجانسة ومتناسقة هدفها الحفاظ على الهوية الوطنية والتشبث بالقيم المغربية الرصينة بحس حروفي وفني ساحر.
ويشتغل البندوري، في محترفه لصياغة أعماله الحروفية، بأحبار وأقلام عريقة مغربية وقديمة، فالخط الصحراوي المغربي هو خط مغربي لصيق بالثقافة المغربية وعراقة تاريخ المغرب، وتؤكد ذلك مختلف العمليات التداخلية بين جمالية الخط المغربي والنصوص، والتي شكلت أبرز المهمات السياسية في النسيج الوحدوي المغربي على مر التاريخ، فالوثائق والشواهد والمراسلات الموسومة بالخط المغربي الصحراوي التي كُتبت بأنامل المبدعين الصحراويين المغاربة منها مجموعة من المراسلات التي تمت بين الملوك المغاربة وبين أعيان الصحراء، منها على سبيل الذكر لا الحصر، مجموعة الرسائل التي تمت بين شيوخ وأعيان الصحراء والملوك العلويين، وغيرها من الرسائل والوثائق والنصوص الأدبية والدينية والقصائد الشعرية المختلفة كأشعار الشيخ ماء العينين وغيرها.
وفي حديثه أمام زوار المعرض، قال البندوري: إن الخط المغربي الصحراوي يعتبر أحد مكونات الثقافة والفنون المغربية، وله جماليات طبعت الحضارة المغربية عبر التاريخ، ويُعتبر البندوري، حسب النقاد، من أوائل من وظّفوا الحرف المغربي بأبعاده الخمسة خارج الإطار الكلاسيكي، منفتحاً على عوالم التجريب، حيث يعمل على المزج بين اللون والحرف، كما يوظف شاعرية وألوان الخط المغربي الهندسية في أعماله الفنية الحروفية، وأشكال الحروف باستداراتها وتناغمها في مقاربة بين السطور وتناسق أشكالها الحرفية داخل فضاء اللوحة بتقنيات فريدة ليؤسس لثقافة فنية جديدة، مستمدة من تراث عربي أصيل.