حفلت كل وسائل الإعلام بما أُطلق عليه الانقلاب العسكري ضد الرئيس على بونجو، رئيس الجابون، الذي حكم البلاد هو وأبوه لمدة سبع وخمسين سنة، وتناقلت وكالات الأنباء الاحتجاجات الأوروبية والفرنسية والإفريقية على ما سُمِّي بانقلاب الجيش ضد الرئيس المنتخب، وسارع الاتحاد الإفريقي بتجميد عضوية الجابون، كما هددتِ الدول الإفريقية بالتدخل العسكري لإعادة بونجو للحكم.
وفي مقارنة سريعة بين ما حدث في
الجابون وما حدث الشهر الماضي في النيجر، يمكن الإشارة إلى وجود حسم وإصرار فرنسي أوروبي إفريقي على مواجهة المنقلبين في النيجر، والتهديد المستمر بالتدخل العسكري لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى السلطة، في الوقت الذي تتماهى فيه التصريحات الفرنسية والأوروبية مع حرص مزعوم على الديمقراطية، وعلى مطالب الشعب في الجابون ضد تصرفات الرئيس المعزول علي بونجو التي وُصفت بأنها مخلة، حيث وجهت إليه اتهامات صريحة بالتلاعب في نتائج الانتخابات الرئاسية التي أُعلنت صباح السبت الماضي بفوزه بنسبة 64%، وهو ما احتجت عليه المعارضة واعتبرته تزويرًا علنيًا، كما أقرَّ به الاتحاد الأوروبي الذي أشار إلى أن هناك تلاعبًا في الانتخابات والنتائج. وأمام فتور
فرنسا في مواجهة انقلاب الجابون وحماسها وإصرارها على المواجهة العسكرية ضد انقلاب النيجر بل ورفضها سحب سفيرها من العاصمة ميامي على الرغم من طرده من السلطات الجديدة، كل ذلك يفسره حقيقة ما يتداوله أقطاب المعارضة في الجابون الذين أكدوا أن هذا الانقلاب قد تم برعاية الاستخبارات الفرنسية كخطوة استباقية قبل الانقلاب الحقيقي الذي كان يخطط له قادة وطنيون داخل القوات المسلحة الجابونية. وقد استشعرت فرنسا خطورة موقفها في مستعمراتها السابقة عندما بدأتِ الانقلابات العسكرية تتوالى ضدها من غينيا وتشاد وبوركينا فاسو ومالي والنيجر، وكان القاسم المشترك في كل تلك الانقلابات هو خروج شعوب تلك الدول تحمل الأعلام الروسية وتدوس بأقدامها الأعلام الفرنسية تعبيرًا عن رفض استمرار الاستعمار الفرنسي الذي يصر على نهب ثرواتها وتجويعها وإفقارها، ومساندة أسر بعينها للسيطرة على الحكم في تلك البلدان. وقد اكتفت فرنسا منذ بداية استقلال تلك الدول في العام 1960 بتقديم المزايا لأسر معينة دون بقية الشعوب الإفريقية التي ترزح تحت نير خط الفقر على الرغم من تمتعها بثروات نفطية ومعدنية هائلة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن دولة النيجر تمد المفاعلات النووية الفرنسية بـ70% من طاقتها عبر اليورانيوم المنهوب من النيجر في الوقت الذي لا توجد في البلاد محطة كهرباء واحدة، وتستورد جميع طاقتها الكهربائية من نيجيريا المجاورة، التي قامت بقطعها مؤخرًا وأحالتِ البلاد إلى ظلام دامس. وكشفت مصادر في المعارضة الجابونية أن قائد الانقلاب العسكري الجديد برايس أوليجي نجويما هو أحد أقرباء الرئيس المخلوع على بونجو، وأن عملية الانقلاب تمت وفقًا لاتفاق ثلاثي بين فرنسا وقائد الحرس الجمهوري والرئيس على بونجو، وهو ما اتضح جليًا في عدم خروج أبناء الشعب الجابوني ضد فرنسا أو رفع أعلام روسيا أو المطالبة بطرد السفير الفرنسي، أو الحديث عن ثروات الجابون المنهوبة فرنسيًّا.. على عكس ما حدث في كل انقلابات إفريقيا خلال العامين الماضيين.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
بن دغر: التكتل الوطني للأحزاب خطوة هامة بأفق أوسع يهيئ لمناقشات سياسية لاستعادة الدولة ويؤسس لعهد جديد
قال رئيس مجلس الشورى رئيس المجلس الأعلى للتكتل الوطني السياسي للمكونات والأحزاب السياسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، إن التكتل الوطني للأحزاب خطوة هامة بأفق أوسع يهيئ لمناقشات سياسية لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة ويؤسس لعهد جديد.
وأضاف بن دغر -في كلمته أمام حفل إشهار التكتل الوطني الجديد في عدن - انه يتم اليوم تدشين تجربة تحالفية جامعة، أردناها شاملة، وستكون إن شاء الله كذلك، ليست في السياق العام منقطعة الصلة عما قبلها.
وقال "نحن اليوم نطور تجربتنا التحالفية التي نشأت في خضم المعركة مع الحوثيين، وقد آلينا على أنفسنا الخوض في الصعب من واقعنا وننتقل ببرامجنا من مكون إلى آخر بأفق أوسع ورغبة حقيقية في التعاون والعمل المشترك، بعيدًا عن روح التعصب أو القفز على واقع تهددنا فيه المخاطر والمنزلقات".
وأضاف "تحالفنا اليوم أوسع قاعدة وأكثر انفتاحًا وقد انضمت إليه سبع مكونات سياسية كلها تتمتع بحضور سياسي واجتماعي كبير. مثلت الفارق في مسار التحالفات المناهضة للانقلاب".
وأشار الدكتور بن دغر، الى إن قيام هذا التحالف السياسي الوطني العريض يعد خطوة هامة تهيئ لمناقشات سياسية وتهدف إلى تعزيز الاستراتيجيات القائمة على الاجماع الوطني والوصول إلى حوار يمني ـ يمني يفضي إلى حل شامل وعادل، ينهي الانقلاب ويستعيد الدولة، ويؤسس لعهد جديد.
وأعرب عن تطلعه الى ان يلحق الجميع بهذا الإطار الوطني الواسع المنفتح على كل مكون سياسي يرى في مواجهة الانقلاب الحوثي ورفض الإمامة في صيغتها الحديثة المخاتلة والمخادعة واجبًا وطنيًا.
ودعا بن دغر في كلمته من ترددوا في الانضمام لهذا التكتل الوطني أن يتبوؤا مقاعدهم فيه، فهي مقاعد ومواقع شاغرة لا يملؤها غيرهم.
وخلص بن دغر في كلمته إلى القول "علينا جميعًا قادة ومكونات مواصلة الحوار معهم. فهناك قواسم مشتركة نراها صالحة للحوار بيننا وبينهم، فنحن جميعًا نتمسك بالنظام الجمهوري بما يحمله من أفق وطني واسع عميق القيمة والمعنى".