لا ينسى أحد فيلم (نهر الحب) وأبطاله عمالقة الإبداع رستم وفاتن وعمر، وأحداثه العاطفية التي نجحت في تحقيق تعاطف المتفرج مع نوال -الخائنة حسب المعايير الأخلاقية- وجعله ينظر إليها كزوجة مسكينة مظلومة، تعيش في كنف زوج يتسم بالقسوة والشدة ولا يملك أدنى قدر من العاطفة، استغل خطأ أخيها وسيلةً لابتزازه والزواج منها، وتعانى من حياة باردة بلا حب.
لم يجرِّم صناع الفيلم الأخ ممدوح المختلس بل جعلوا منه خاطئًا مضطرًّا، ولم يجد أي غضاضة أو يشعر بانتقاص رجولته حينما قبل تضحية أخته بنفسها من أجله وأسرته، وزواجها تحت ضغط الابتزاز من طاهر باشا القاسي المستغل كبير السن، وكذلك لم يعترض فيما بعد على علاقتها خارج إطار الزواج وإنما رحَّب بوجود حبيبها وبارك حبهما!! ولم ينتقده المُشاهِد في كل ذلك!! فالفيلم -المأخوذ عن رواية أنا كارنينا، تولوستوي- يقدم الزوجة كبطلة مضحية بنفسها، مغلوبة على أمرها، ومحرومة من الحب، يتعاطف معها كل المحيطين بها ماعدا الزوج الأناني والأخريات الغيورات، ووفقًا لذلك رُسمت كل مواقف أبطال العمل بما يتناسب مع هذا الهدف، وتقديم المبرر الدرامي لذلك متمثلًا في إهمال الزوج للجانب العاطفي، وقسوته في معاملتها، وتهديده بعقاب أخيها، واللجوء للمؤامرات، ومراقبتها للحصول على دليل يؤكد خيانتها، فلم يقدمِ الفيلم زوجًا مخدوعًا تخونه زوجته، بل قدَّم وحشًا كاسرًا قاسيًا مستبدًّا لا يستحق تعاطف المشاهدين!!
أما البطل الرومانسي، الكابتن خالد، فارس أحلام كل العذارى بالفيلم، فلا لوم عليه لوقوعه في حب امرأة متزوجة، ومطاردتها، والسفر معها إلى الخارج -حتى وإن أظهرتِ المَشاهِد والحوارات عذرية علاقتهما- لتعويض حرمان البطلة من المشاعر، والتمتع بحبهما غير المشروع بعيدًا عن عيون الرقباء، وحينما جاءتِ النهاية باستشهاده، لم تكن عقابًا على مسلكه وإنما حتمية درامية للخروج من مأزق رفض الزوج للطلاق.
لاحظ عزيزي القارئ أني أتحدث عن فيلم من روائع السينما المصرية (والأمثلة عديدة) وليس عن أفلام هابطة مبتذلة، مما يؤكد أن سحر الفن ينتصر أحيانًا على المعايير الأخلاقية، فيتعاطف المُشاهِد مع خائن أو مجرم أو عاهرة.. إلخ، في دلالة واضحة على تأثير الفن في تأجيج المشاعر، واستثارة العاطفة، ومداعبة أهواء القلب بعيدًا عن أحكام العقل والمنطق والتفكير السليم، والتعاليم الدينية، والمعايير الأخلاقية، والتقاليد الاجتماعية، فالمتلقي يتجاوب عاطفيًا، ويتفاعل وجدانيًا، مع أبطال العمل الفني دون أي تفكير عقلاني.
متى ينتبه السادة المعنيون بالقوى الناعمة إلى تأثيرها اللامحدود في الجماهير ومنظومة القيم السائدة، وأهمية توجيهها لتدعيم وترسيخ أفكار ومعايير إيجابية بدلًا من ضياع تأثيرها هراء؟! ألا يمكن استغلال هذه السبل التأثيرية من أجل مجتمع أفضل؟!
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي و المستقبل.. ابتكارات ثورية في تحليل المشاعر ورعاية المسنين والطب
الذكاء الاصطناعي.. كشف مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار عن أحدث المستجدات في عالم الذكاء الاصطناعي، مسلطًا الضوء على أبرز الأبحاث والتجارب التي تعكس تطور هذه التقنية وتأثيرها المتزايد على مختلف القطاعات. فمن تحليل المشاعر لدى الحيوانات باستخدام التعلم الآلي، إلى إحداث ثورة في رعاية كبار السن عبر الروبوتات الذكية، وصولًا إلى تعزيز دقة القرارات الطبية بفضل خوارزميات متطورة، تتواصل الابتكارات التي تعيد تشكيل المستقبل.
فيما يلي نظرة على أبرز هذه التطورات، ودورها في تحسين جودة الحياة وتطوير المجالات الحيوية.
الذكاء الاصطناعي يكشف اللغة العاطفية للحيواناتنجح فريق من الباحثين في تدريب نموذج للتعلم الآلي لتمييز المشاعر الإيجابية والسلبية في سبعة أنواع مختلفة من الحيوانات ذات الحوافر، بما في ذلك الأبقار والخنازير والخنازير البرية من خلال تحليل الأنماط الصوتية لتعبيراتها الصوتية.
ووفقا لموقع «science daily»، حقق النموذج دقة مذهلة بلغت 89.49%، مما يمثل أول دراسة متعددة الأنواع تكتشف التكافؤ العاطفي باستخدام الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي يقوم برعاية المسنينوتمكن باحثون من تطوير خوارزميات ذكاء اصطناعي قادرة على إحداث ثورة في مجال رعاية كبار السن، حيث تم استخدام روبوت بحجم الإنسان مدعوم بروبوتات ذكاء اصطناعي مبرمجة للقيام بمهام رعاية كبار السن مثل تغيير الحفاض والوقاية من تقرحات الفراش، وفقا لموقع «cnn عربية».
وأظهرت دراسة أن روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تتفوق على الأطباء في اتخاذ قرارات سريرية دقيقة. ومع ذلك، عندما يتم تزويد الأطباء بهذه الروبوتات، فإن أداءهم يصبح مساويا لأداء الروبوتات بمفردها.
ونقلا عن موقع «Stanford Medicine»، تثير الدراسة أسئلة حول كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في الممارسة الطبية، وما هي المهام التي يمكن أن يقوم بها كل من الإنسان والآلة بشكل أفضل؟
اقرأ أيضاًتأثير الذكاء الاصطناعي على عقول البشر.. أحداث الحلقة الـ 11 من مسلسل أثينا
وزير الطيران يبحث سبل تطوير أنظمة الحجز الإلكتروني وتطبيق الذكاء الاصطناعي مع «سيتا العالمية»
فتح باب التقديم لمشروع إنشاء مركز سلامة وأمان الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي