الفساد سرطان متفشٍ في أوكرانيا| مستنقع تورط فيه رجال بالجيش والسلطة وقت الحرب.. وآخرهم أكبر رجال أعمال بكييف
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
جاء الإعلان عن إلقاء القبض على أحد أقوى رجال الأعمال في أوكرانيا، أمس السبت، في تحقيق بشأن الاحتيال، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية في البلاد؛ ليكون الحلقة الجديدة في سلسلة الفساد المتفشي داخل هيكل الدولة، والذي وُصِفَ بأنه سرطان متفشٍّ داخل أجهزة الدولة بكافة مفاصلها، سواء الجيش والحكومة، أو الدائرة القريبة من السلطة من رجال أعمال، وهنا بدأت أوكرانيا في حربها الموازية الداخلية.
ومن الممكن أن نقول، إن 2023 كانت فاصلة في معركة كييف مع الفساد، وكانت البداية في يناير الماضي، حين كشف الرئيس الأوكراني زيلينكسي عن عدة قضايا فساد كبرى داخل البلاد، تستغل الحرب كتجار الحروب الأقذار الذين تحدثت عنهم آلاف القصص عبر التاريخ، فهم الفئة الباحثة عن مصالحهم وأطماعهم الشخصية على حساب الوطن، وآلام وجراح الشعوب.
الحبس لحين المحاكمة أو كفالة 15 مليون دولار
وبحسب تقرير نشرته صحيفة cnn الامريكية، فقد أمرت محكمة في كييف، بحبس إيهور كولومويسكي، الداعم الرئيسي لحملة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الرئاسية لعام 2019، لمدة 60 يومًا قبل المحاكمة بينما تحقق السلطات في اتهامات الاحتيال الموجهة إليه، حسبما ذكرت صحيفة أوكرينفورم الأوكرانية، وقد جعلت أعمال كولومويسكي الإعلامية والمصرفية منه أحد أغنى الرجال في أوكرانيا، ولكن وزارة الخارجية الأميركية اتهمته في وقت سابق باستغلال نفوذه السياسي وسلطته لتحقيق منفعة شخصية.
وقد فرضت وزارة الخارجية عقوبات على كولومويسكي في مارس 2021 لتورطه المزعوم في “أعمال فساد قوضت سيادة القانون وثقة الجمهور الأوكراني في المؤسسات الديمقراطية والعمليات العامة لحكومتهم، وقالت أوكرينفورم إن محكمة منطقة شيفشينكيفسكي أمرت باحتجاز كولومويسكي حتى 31 أكتوبر، وأتاحت له خيار دفع كفالة تزيد قيمتها عن 500 مليون هريفنيا أوكرانية (14 مليون دولار)، فإذا دفع رجل الأعمال الكفالة، فيجب عليه استيفاء عدد من الشروط - عدم مغادرة المنطقة التي سيقيم فيها، والحضور للاستجواب، وإخطار السلطات المختصة بأي تغيير في مكان إقامته، إن وجد، كما أنه ممنوع من التواصل مع الشهود وغيرهم من المشتبه بهم في هذه الدعوى الجنائية... ويجب عليه أيضًا تسليم جوازات سفره.
تهم فساد بـ130 مليون دولار
ويجري التحقيق مع كولومويسكي من قبل جهاز الأمن الأوكراني (SBU) وكذلك مكتب الأمن الاقتصادي الأوكراني بموجب المادتين 190 و209 - بتهمة الاحتيال وغسل الممتلكات التي تم الحصول عليها بطريقة إجرامية، ويشرف مكتب المدعي العام الأوكراني على التحقيق السابق للمحاكمة والذي سيركز على دور كولومويسكي المزعوم في غسل أكثر من نصف مليار هريفنيا أوكرانية (130.5 مليون دولار) عن طريق تحويل الأموال إلى الخارج بين عامي 2013 و2020، بزعم استخدام البنوك الخاضعة لسيطرته.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور، اقتياد كولومويسكي بعيدا عن المحكمة الجزئية في كييف، ويبدوا أن الفساد في أوكرانيا أصبح متفحلا بشكل رهيب، فوفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2021، تعد أوكرانيا ثاني أكثر الدول فسادا في أوروبا بعد روسيا وتحتل المرتبة 122 عالميا بين 180 دولة.
مكافحة الفساد وسط الحرب
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن القضية المرفوعة ضد كولومويسكي هي الأحدث في حملة مكافحة الفساد في أوكرانيا وسط الغزو الروسي، والتي استهدفت العديد من الشخصيات البارزة واكتشفت ساعات فاخرة وسيارات وآلاف الدولارات نقدًا، وقال فاسيل ماليوك، رئيس جهاز الأمن الأوكراني، في بيان صدر في فبراير: "يجب على كل مجرم لديه الجرأة على إيذاء أوكرانيا، وخاصة في أوقات الحرب، أن يفهم بوضوح أننا سوف نقيد يديه"، وفي وقت سابق من هذا العام، أقال زيلينسكي عددًا كبيرًا من كبار المسؤولين الأوكرانيين بسبب فضيحة فساد مرتبطة بشراء الإمدادات في زمن الحرب، وكان هذا أكبر تغيير لحكومته منذ بدء الغزو الروسي.
ومن بين المعتقلين في تحقيقات الفساد القائم بأعمال رئيس هيئة الضرائب في كييف، الذي زُعم أنه كان جزءاً من مخطط للتغاضي عن 45 مليار هريفنيا أوكرانية (1.2 مليار دولار) من الضرائب غير المدفوعة، ووزير الداخلية السابق أرسين أفاكوف، الذي كان مرتبطاً بجريمة فساد، وكذلك التحقيق في حادث تحطم طائرة هليكوبتر يوم 18 يناير والذي أسفر عن مقتل 14 شخصًا، ونفى أفاكوف ارتكاب أي مخالفات بالتحقيقات.
فساد جميع المسؤولين عن مكاتب التجنيد العسكري
وفي محاولة لاستئصال الفساد داخل الجيش، أقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في منتصف أغسطس، جميع المسؤولين المسؤولين عن مراكز التجنيد العسكرية الإقليمية وسط فضيحة فساد واسعة النطاق، وكانت فضيحة مرتبطة بشراء إمدادات في زمن الحرب قد أدت بالفعل إلى قيام زيلينسكي بإقالة عدد كبير من كبار المسؤولين الأوكرانيين في بداية العام، ودفعت نائب وزير الدفاع الأوكراني فياتشيسلاف شابوفالوف إلى الاستقالة بعد ظهور مزاعم بالفساد في وسائل الإعلام.
وأعلن زيلينسكي عن تلك الإقالات عقب اجتماع لمجلس الأمن القومي والدفاع، وذلك لمناقشة إحدى القضايا الرئيسية، فهي نتائج التفتيش على مكاتب التسجيل والتجنيد العسكري، وفي المجمل، هناك 112 دعوى جنائية ضد مسؤولين في مكاتب التسجيل والتجنيد العسكري، ومن بين القضايا، أشار زيلينسكي إلى الإثراء غير المشروع، وإضفاء الشرعية على الأموال التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، والمنافع غير القانونية، والنقل غير القانوني للأشخاص المسؤولين عن الخدمة العسكرية عبر الحدود.
خيانة عظمى وطعنة غدر لمن في الجبهة
وتحدث الرئيس الأوكراني عن فظاعة تلك الجرائم، وقال إن القرار كان إقالة جميع المفوضين العسكريين الإقليميين، حيث يجب أن يدير هذا النظام أشخاص يعرفون بالضبط ما هي الحرب ولماذا يعتبر السخرية والرشوة في وقت الحرب خيانة عظمى، وأضاف زيلينسكي أن الجنود الذين ذهبوا إلى الجبهة أو الذين لا يستطيعون التواجد في الخنادق لأنهم فقدوا صحتهم، وفقدوا أطرافهم، لكنهم حافظوا على كرامتهم وليس لديهم أي سخرية… يمكن أن يُعهد إليهم بنظام التجنيد هذا.
وتابع: "كل "مفوض عسكري يجري التحقيق معه جنائياً سيحاسب، فالمسؤولون الذين خلطوا بين أحزمة أكتافهم والربح سيتم تقديمهم إلى العدالة بالتأكيد"، ويأتي ذلك في أعقاب تغيير حكومي كبير في يناير عندما أقال زيلينسكي العديد من المسؤولين وأعلن أنه يمنعهم من السفر إلى الخارج لأي شيء آخر غير المهام الرسمية.
وقال المكتب الوطني لمكافحة الفساد إنه يحقق في "تقارير إعلامية رفيعة المستوى" في مزاعم بأن وزارة الدفاع الأوكرانية تشتري مؤناً عسكرية، بما في ذلك الغذاء للقوات، بأسعار مبالغ فيها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الرئیس الأوکرانی فی أوکرانیا ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي: نريد أن تنتهي الحرب بشكل عادل..والكرملين يعتبر اتفاق سلام أمر معقد
عواصم" وكالات": قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، اليوم الأربعاء، إن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا هو "أمر معقد للغاية ولا يمكن إنجازه بسرعة"، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة جاهدة لدفع جهود السلام وتعرب عن إحباطها إزاء بطء التقدم.
وأضاف بيسكوف أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يؤيد الدعوات إلى وقف إطلاق النار قبل بدء مفاوضات السلام، "ولكن قبل ذلك، من الضروري الإجابة على بعض الأسئلة ومعالجة بعض النقاط الدقيقة".
وأضاف بيسكوف أن بوتين مستعد أيضا لإجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا دون شروط مسبقة للتوصل إلى اتفاق سلام.
وقال بيسكوف "ندرك أن واشنطن تريد تحقيق تقدم سريع، لكننا نأمل أن يكون هناك تفهم بأن تسوية الأزمة الأوكرانية أمر هي معقد للغاية ولا يمكن إنجازه بسرعة".
وأضاف بيسكوف أن "هناك تفاصيل كثيرة ومجموعة من النقاط الدقيقة التي يجب حلها قبل التوصل إلى تسوية".
ومن ناحية أخرى، أسفر هجوم ليلي شنته طائرات روسية مسيرة على خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، عن إصابة 45 مدنيا على الأقل، بحسب ما ذكره مسؤولون.
وذكرت الأمم المتحدة أن عدد الضحايا المدنيين الأوكرانيين في الحرب التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات قد ارتفع في الأسابيع الأخيرة وسط محاولات واشنطن للتوسط في اتفاق سلام.
الى ذلك،حض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على عدم تقديم أيّ أرض "كهدية" إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين بهدف إنهاء الحرب، علما أنّ ثمة توجّها لدى واشنطن للاعتراف بسيادة موسكو على مناطق أوكرانية تسيطر عليها.
وقال زيلينسكي خلال قمة إقليمية امس "نريد جميعا أن تنتهي هذه الحرب في شكل عادل، من دون هدايا لبوتين، وخصوصا أراضي".
وتسيطر روسيا جزئيا أربع مناطق في جنوب وشرق أوكرانيا أعلنت ضمها في 2022، وهي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون.
كذلك، ضمت في 2014 شبه جزيرة القرم بعد تدخل لقواتها الخاصة وإجراء استفتاء نددت به كييف والدول الغربية.
وشدّد زيلينسكي مرارا في الأيام الأخيرة على أن كييف ترفض احتمالا مماثلا.
لكنّ ترامب اعتبر الأحد أن موقف الرئيس الأوكراني في هذا الصدد قد يتبدل.
ومساء اليوم، دعا زيلينسكي مجددا روسيا إلى قبول وقف إطلاق نار "غير مشروط وشامل" لمدة 30 يوما.
وكان بوتين أعلن الإثنين هدنة لثلاثة أيام من 8 إلى 10 مايو في إطار الحرب مع أوكرانيا، تزامنا مع احتفالات موسكو بيوم النصر في الحرب العالمية الثانية.
ولفت زيلينسكي إلى أنّ الروس "قلقون من أن يصبح عرضهم العسكري مهددا، وهم محقّون في قلقهم. لكن عليهم أن يقلقوا من استمرار الحرب".
وأكد زيلينسكي أنّ كييف "تستعد للتباحث مع الولايات المتحدة في تدابير عقابية جديدة".
من جانبه، اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ نظيره الروسي فلاديمير بوتين يريد السلام في أوكرانيا، وذلك بعد أيام قليلة من تشكيكه بنوايا نظيره الروسي.
وردّا على سؤال وجّهه إليه مراسل شبكة "إيه بي سي" بشأن ما إذا كان يعتقد أنّ بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا، قال ترامب "أعتقد ذلك".
وأضاف الرئيس الجمهوري الذي احتفل امس بمرور 100 يوم على عودته إلى البيت الأبيض "أعتقد أنّ حلمه كان الاستيلاء على البلد بأكمله" لكن "بسببي، هو لن يفعل ذلك".
وعندما سُئل عمّا إذا كان يثق بسيّد الكرملين، أجاب ترامب "أنا لا أثق بالعديد من الناس".
وكان الرئيس الأمريكي أعرب في وقت سابق من الاسبوع الجاري عن شكوكه بشأن استعداد بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا بعد أن شنّ الجيش الروسي قصفا مكثّفا على أوكرانيا تسبّب بسقوط ضحايا مدنيين.
وكتب ترامب في منشور على منصته تروث سوشل "لم يكن هناك أدنى سبب لبوتين لإطلاق صواريخ على مناطق مدنية ومدن وقرى في الأيام الأخيرة. هذا يجعلني أعتقد أنه ربما لا يريد وقف الحرب ويماطل... عندها يجب التعامل معه بشكل مختلف"، وذلك بعد أن اعلنت روسيا أنها استعادت منطقة كورسك بالكامل.
ومنذ عودته إلى السلطة في يناير، بدأ ترامب تقاربا دراماتيكيا مع بوتين، لكنّه فشل حتى الآن في الحصول على تنازلات كبيرة من موسكو لوقف الحرب في أوكرانيا.
من جهته، حذّر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو "مجددا "من أن الولايات المتحدة ستنهي وساطتها ما لم تقدم روسيا وأوكرانيا "اقتراحات ملموسة" لوضع حد للنزاع، بحسب المتحدثة باسم وزارته.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تامي بروس للصحافيين "نحن الآن في مرحلة تتطلب من الطرفين تقديم اقتراحات ملموسة لإنهاء هذا النزاع. إذا لم يُحرز تقدم، فسنتراجع عن دورنا كوسطاء في هذه العملية".
واوضحت أنه يعود في نهاية المطاف الى الرئيس دونالد ترامب أن يقرر المضي في المساعي الدبلوماسية.
واقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقفا لاطلاق النار يستمر ثلاثة أيام في مايو لمناسبة الاحتفالات بانتهاء الحرب العالمية الثانية، مع رفضه اقتراحا اوكرانيا أيدته واشنطن بوقف للنار لثلاثين يوما.
واكدت بروس أن الولايات المتحدة "لا تريد هدنة لثلاثة ايام تتيح الاحتفال بأمر آخر، (بل) وقفا تاما ومستداما لإطلاق النار ونهاية للنزاع".