عجلة التوظيف.. هل تسير ببطء؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
سالم بن نجيم البادي
حكايات مُؤلمة يسردها الذين يبحثون عن عمل تدمي القلب وتدمع العين والحياة صعبة ومُتطلباتها ترهق أرباب الأموال وأصحاب الوظائف فكيف بشباب وشابات في مُقتبل العمر يعانون المشقة والحرج وهم يسلكون دروب الحياة الوعرة بدون زاد، وقد تجد بعض النَّاس الذين لم يعانوا عذابات البحث عن عمل ولم يجربوا مذلة أن يطلبوا النقود من أهلهم أو أصدقائهم ولو على سبيل الدين.
هولاء ينصحون وينظِّرون؛ بل ويلقون باللوم على هذا الباحث عن عمل ويزعمون أن الأعمال متاحة والوظائف موجودة والتجارة عبر وسائل التكنولوجيا مُمكنة، لكن الواقع يشير إلى أن طرق البحث عن مصدر الرزق قد لا تكون مفروشة بالورد والريحان دائمًا. لقد عايشت قصصًا كثيرة يسردها هؤلاء ووجدتهم يعانون من القلق والهم والغم والخوف من المستقبل؛ بل واليأس. غير أن أكثر ما يُقلقهم التوظيف بالأقدمية، وهم يخشون أن يتقدم بهم العمر ويفوتهم قطار التوظيف، بذريعة أن أعمارهم صارت كبيرة!
لقد سئموا من اللهاث وراء إعلانات الوظائف التي يتقدمون لها ويذهبون للاختبارات والمقابلات، لكن الكثير منهم لا يحالفهم الحظ في الظفر بالوظيفة المعلن عنها، وفي كثير من الحالات يخرجون من هذه المقابلات بفرح غامر حين يعتقدون أنهم اجتازوا المقابلات والاختبارات بنجاح، لكنهم يعودون إلى خيباتهم المتكررة حين تصلهم بعد فترة انتظار وترقب تلك الرسالة الصادمة لم يحالفك الحظ.
قد يقطع الباحث عن عمل مسافات طويلة من أقصى جنوب عمان أو من أقصى شمالها ومن محافظات بعيدة، ويذهب إلى مسقط باحثا عن عمل، وهو الذي وزع شهاداته وأوراقه الثبوتية وسيرته الذاتية في كل الوزارات والشركات والمولات الكبرى والمحلات التجارية ويعود خائب الرجاء ومحطم النفس.
من هؤلاء الذين يبحثون عن عمل من أرهقته الديون، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، وقد زاد من معاناة الباحثين عن عمل أنهم خارج نطاق التغطية في قانون الحماية الاجتماعية، وهم ينتظرون الفرج القريب مع أن عجلة التوظيف تسير ببطء كما يقولون وإن أعدادهم في تزايد مستمر.
في كل الأحوال عليهم ألّا يفقدوا الأمل في الله، ثم في جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- حتى تسير عجلة التوظيف بسرعة أكبر، كما يأملون.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دكتوراه في الجهل
عبدالوهاب البلوشي
عادةً ما تكون شهادة الدكتوراه رمزًا للبحث العلمي العميق، والاجتهاد الأكاديمي، والمساهمة الفاعلة في خدمة المجتمع والإنسانية؛ فهي تُمنح لمن يُقدم إضافة حقيقية إلى مجاله، ويبحث في قضايا تؤثر إيجابيًا على حياة الناس، وتسهم في تقدم العلوم والفكر والثقافة.
لكن في المقابل، هناك من يحصلون على شهادة الدكتوراه لا لشيء سوى للتفاخر بلقب "دكتور"، دون أن يكون لبحثهم أي قيمة علمية أو نفع مجتمعي.
هؤلاء الذين يسعون خلف الشهادة فقط، دون اهتمام بمضمونها أو تأثيرها، لا يُمكن اعتبارهم علماء أو باحثين حقيقيين، بل هم أقرب إلى تجار العلم، الذين يُفرغون الشهادات الأكاديمية من محتواها وقيمتها. فهم لا يضيفون جديدًا إلى معارف البشرية، ولا يسعون إلى حل المشكلات أو تطوير مجالات البحث، بل يكتفون بإجراءات شكلية، وتحقيق متطلبات شكلية، للحصول على شهادة يتزينون بها دون أن يستحقوها.
الضرر الذي يُسببه هؤلاء لا يقتصر عليهم فقط؛ بل يمتد إلى المجتمع بأكمله؛ فحين تنتشر ثقافة "الشهادة من أجل اللقب"، يُصبح العِلم مجرد وسيلة للوصول إلى مكانة اجتماعية أو منصب وظيفي، بدلًا من أن يكون وسيلة للرقي والنهضة. كما إنهم يسيئون لحملة الدكتوراه الحقيقيين، الذين أفنوا سنوات من حياتهم في البحث والتدقيق، وسعوا بصدق لإثراء مجالاتهم العلمية والمعرفية.
في بعض الأحيان، نجد أن هؤلاء الحاصلين على "دكتوراه بلا فكر" يتصدرون المشهد الأكاديمي، ويُقدمون على أنهم "خبراء" في مجالات لا يملكون فيها أي معرفة حقيقية، مما يُسهم في تضليل العامة، وتشويه مفهوم البحث العلمي. والأسوأ من ذلك، أن بعض المؤسسات الأكاديمية قد تسهّل حصول مثل هؤلاء على شهادات أكاديمية ضعيفة أو حتى وهمية، مما يزيد من تفشي ظاهرة “دكتوراه بلا علم”.
ولحماية مكانة شهادة الدكتوراه ومنع تحولها إلى مجرد ورقة بلا قيمة، لا بُد للجهات المعنية من التشديد على معايير البحث العلمي، والتأكد من أن من يحصل على الدكتوراه قد قدَّم بالفعل مساهمة ذات قيمة في مجاله. ولا بُد من مكافحة الشهادات الوهمية أو الضعيفة التي تمنح في مؤسسات غير معترف بها أو دون أي مجهود أكاديمي حقيقي. وأخيرًا لا بُد من فضح الدخلاء على العلم، وعدم السماح لهم بتصدر المشهد الأكاديمي أو التأثير في القرارات العلمية والمجتمعية.
إنَّ الحصول على الدكتوراه يجب أن يكون تتويجًا لمسيرة علمية حقيقية، وليس مجرد ورقة تُشترى أو لقب يُضاف إلى الأسماء؛ فالعلم ليس بالمظاهر، وإنما بالمحتوى والإسهام الحقيقي في المحافل التعليمية أو البحثية أو المجتمعية.