عائشة بنت أحمد بن سويدان البلوشية
ارتبطت قصة علاء الدين والمصباح السحري بطفولتنا، وكبرنا وسمعنا ورأينا الصندوق السحري/ التلفاز، وارتبط العجب معنا بكل ما يأتينا من داخل شيء، سواء كان قُمقُمًا أو فانوسًا أو علبة، لذا ظل التفكير والأفكار الجديدة والعجيبة هي التي تخرج من داخل صندوق العقل، وفي الحقبة العصرية الأخيرة ظهر مصطلح "التفكير خارج الصندوق"، وهو إطلاق العنان للفكر والخيال، والتفكير بشكل مختلف عن المألوف، والتخلي عن القيود أو عن أكبر قدر ممكن من القيود، بعيدا عن التصورات المسبقة والحلول البديهية.
كنت في جلسة عائلية مع بعض شباب الأسرة وصحبهم، فقال أحدهم ضاحكًا إن أحد الشباب اقترح على الحكومة فتح حساب في قناة (يوتيوب)، ويشترك فيه كل أفراد الشعب والمُقيمون، وكلما رفعت الحكومة مقطعًا يقوم الجميع بالضغط على زر "لايك" (أو إعجاب)، ثم تقوم الحكومة بتوزيع ما يدخل من ريع في حسابها علينا.. فضحك الحضور لهذه الفكرة وأنا معهم، لكنني ضحكت لجمال الفكرة والتفكير النابع من خارج الصندوق رغم عدم منطقيتها. فتذكرت تساؤل أحد أبنائي في طفولته يومًا عن مدى إمكانية وسهولة جعل خزانات المياه تحت الأرض بدلًا من رفعها إلى أسطح المنازل، فبدلًا من صرف التكاليف لتغطية الأنابيب أو تغطية الخزان لتجنب ارتفاع درجة حرارة المياه في القيظ، فمن المعروف أن رفع الخزان كان لاستغلال عامل الجاذبية الأرضية لإيصال المياه إلى الصنابير في المبنى، لكن اليوم يمكن وضع الخزان تحت الأرض ويتم مواءمة عملية الضخ إلى الأعلى، ومثلما استطاعت الشركة العمانية المصنعة لخزانات المياه أن تستنبط شكلها من القلاع العمانية لتضفي عليها لمسة جمالية، وأن تجعلها من مادة غير قابلة للصدأ، تستطيع اليوم أن تخرج بخزان مياه مقاوم لعوامل التآكل في التربة، وبذلك يبقى سطح المنزل متاحاً لأي إضافات تجميلية أخرى.
توجت المُبتكرة العُمانية سُمية بنت سعيد السيابية بالمركز الأول في برنامج "نجوم العلوم" في 2022م عن ابتكارها العلمي في المجال البيئي "التحليل الحيوي للميكروبلاستيك بطريقة جديدة من البايولوجي النانوتكنولوجي"، وذلك لأنها لم تفكر كبقية الذين وجدوا أنَّ الحل هو التقليل من استخدام البلاستيك في العالم؛ بل خرجت خارج الصندوق وبحثت عن كيفية التخلص من البلاستيك الموجود حاليًا في المياه وبكثرة، وبالتالي تساهم في التخلص من التلوث البلاستيكي من جهة، وخلو الأسماك وكل ما نستهلكه من مخلوقات بحرية من جزيئات البلاستيك الموجودة في لحمها، فجاء ابتكارها مدهشا، ومن خارج الصندوق.
البحث والتطوير (R&D) من أهم وأبرز الإدارات والأقسام في جميع الشركات الكبيرة والعملاقة حول العالم، ومثلما يطوف مدربو الكرة للأندية المشهورة لحضور بطولات محلية في دول العالم باحثين عن لاعبي كرة قدم متميزين بمهاراتهم الكروية، كذلك يفعل صائدو العقول (Head Hunters) في إدارات البحث والتطوير في تلك الشركات.
أخيرًا وليس آخرًا.. لدينا الكثير من العقول العمانية من جميع الأعمار تدهشنا بما يمكنهم أن يقدموه من أفكار تساهم في رفع كفاءة خدمة، أو تقليص جهد مادي أو بدني، أو ابتكارات جديدة تماما تسجل براءات اختراع، تشارك وتحقق مراكز دولية وإقليمية ومحلية، ولكنها في انتظار صائدي العقول من الـ(R&D) أينما وجدت على أرض بلادنا الغالية لتتبنى أفكارها بعروض مقدرة.
-----------------------------------------
توقيع:
"أخالف العمر أراجع سالف أعوامِ // وأنوَّخ ركاب فكري عند داعيها
تدفى على جال ضوَّه بارد عظامي // والماء يسوق بمعاليقي ويرويها
إلى صفالك زمانك علِّ ياظامي // اشرب قبل لا يحوس الطَّين صافيها
الوقت لو زان لك ياصاح مادامِ // ياسرع ماتعترض دربك بلاويها".
صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نفايات البلاستيك تهدد الحياة على الأرض .. تحذيرات جديدة
حذرت وزيرة التنمية بالنرويج من أن العالم لن يكون قادرا على التعامل مع الحجم الهائل من النفايات البلاستيكية بعد عقد من الزمان ما لم تتفق البلدان على الحد من الإنتاج، وذلك قبل محادثات حاسمة للحد من التلوث البلاستيكي العالمي.
في حديثها قبل الجولة النهائية الحاسمة من محادثات الأمم المتحدة بشأن أول معاهدة عالمية لإنهاء النفايات البلاستيكية، في بوسان بكوريا الجنوبية هذا الأسبوع، أقرت وزيرة التنمية الدولية النرويجية آن بيث تفينريم بالانقسام الذي نشأ بين الدول المنتجة للبلاستيك وغيرها.
وهي تمثل أكثر من 60 دولة "طموحة للغاية"، بقيادة رواندا والنرويج، التي تريد معالجة تلوث البلاستيك على مدار دورة حياته الكاملة. والأمر الحاسم هو أن هذا يعني فرض قيود شديدة على الإنتاج.
ورغم أن التوصل إلى معاهدة مثالية ربما لا يكون ممكنا بسبب قوة المعارضة، وخاصة من جانب الدول المنتجة للنفط، إلا أنها أعربت عن أملها في التوصل إلى اتفاق يمكن تعزيزه بمرور الوقت.
وقالت تفينريم "لن نتمكن من التوصل إلى معاهدة مثالية. ولكننا بحاجة إلى المضي قدما. وأعتقد أننا سنحقق ذلك. وأنا أختار أن أكون متفائلة". وأضافت: "مع دول التحالف ذات الطموحات العالية، سنواصل إثبات وجود مجموعة كبيرة من الدول التي تتمسك بطموحاتها. إن العالم يحتاج بشدة إلى بعض الزعامة الآن، وبعض الأخبار الجيدة".
في هذا العام، وجد باحثون مختلفون جزيئات بلاستيكية دقيقة في كل عينة من المشيمة التي اختبروها ؛ وفي الشرايين البشرية، حيث ترتبط المواد البلاستيكية بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية؛ وفي الخصيتين والسائل المنوي لدى البشر، مما يضيف إلى الأدلة على انتشار المواد البلاستيكية والقلق بشأن المخاطر الصحية.
ومن المعروف على نطاق واسع أن أزمة البلاستيك تشكل تهديدًا لصحة الإنسان والتنوع البيولوجي والمناخ.