أب يصر على عمله لبناته وفتاة تجريه 3 مرات: فحص الزواج وأهميته يوضحه دكتور متخصص
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
أثير – جميلة العبرية
يشكل الفحص قبل الزواج وسيلة فاعلة في الحد من تنامي معدلات الإصابة بأمراض الدم الوراثية في المجتمع، وهو وسيلة للوقاية بكلفة أقل مقارنة بالفوائد الكثيرة التي تتحقق من حماية المجتمع من هذه الأمراض التي تسبب المعاناة الإنسانية الصعبة للفرد والأسرة والمجتمع ويكلف علاجها مبالغ طائلة من الممكن توجيهها إلى منافع صحية أخرى لتحقيق الرقي بالصحة العامة بالفرد والمجتمع.
حول الوعي المعرفي بهذا الفحص ونتائجه المترتبة، “أثير” حاورت الدكتور مسلم بن سعيد محمد العريمي استشاري الطب الوراثي في المستشفى السلطاني الذي قال بأن الفحص الطبي قبل الزواج هو أبسط وأسهل وأقل تكلفة من تلك الأمراض الوراثية لا يوجد لها علاج أو يصعب علاجها وذات تكلفة عالية سواء بتناول الدواء طوال الحياة أو التغذية الخاصة أو نقل الدم بصفة منتظمة أو زرع الأعضاء.
وأضاف: يأتي دور عملية التأهيل والتدريب كتنمية القدرات العلمية والمهارات العملية للكادر الطبي والارتقاء بالوعي المعرفي لهم بما هو حديث ومتجدد في مجال الطب الوراثي، ويكون ذلك عن طريق البرامج التدريبية والندوات والنشرات الشهرية والأسبوعية التي يتم تنفيذها خلال إطار زمني ممنهج من الخطط التعليمية والتدريبية والمعدة للتطبيق في جميع أفرع الصحة الوراثية، كذلك تقوم سلطنة عُمان بابتعاث عدد من الكادر العامل في الصحة الوراثية للخارج للحصول على الدرجات العلمية العليا لتوظف هذه القدرات من أجل الارتقاء بالخدمات المخبرية المقدمة بالمركز لمستويات أفضل وأحدث.
الدكتور مسلم العريمييخبرنا الدكتور بأنه غالبًا ما تمر عليهم أحداثًا كثيرة خلال تطبيق الفحص الطبي قبل الزواج، منها ما هو مشجع ومساهم في نجاح هذا التدخل الوقائي، ومنها ما يدعو إلى المزيد من الجهد والاجتهاد والبذل لتحقيق الوعي اللازم بأهمية هذا الفحص للفرد والأسرة والمجتمع.
ويحكي الدكتور عددًا من القصص فيقول: كنا بصدد إعطاء نتائج فحوصات قبل الزواج للمقبلين على الزواج من أسرة واحدة، وكانت النتائج لا تشجع على إتمام الزواج لوجود خطر إنجاب أطفال مصابين بالأنيميا المنجلية في كل حمل، وقمنا بشرح ذلك للمتلقين خلال جلسة إرشاد وراثي متكامل ومتبعين جميع معايير الإرشاد الوراثي اللازمة لمثل هذه التدخلات؛ إلا أنهم أصروا على المضي قدمًا في الزواج والنتيجة كانت ولادة طفلين مصابين بالأنيميا المنجلية مع كل ما يتبع ذلك من معاناة دائمة وآلام جسدية ونفسية مستمرة.
ويكمل: في إحدى المرات تقدم خطيبان إلى عيادة الفحص قبل الزواج، برفقتهم أب الفتاة الذي تبين بأنه هو من أصر على إجراء الفحص الطبي قبل الزواج لابنته وخطيبها ومتابعة قيامهما بذلك، وقد تكرر هذا السيناريو عدة مرات من نفس الأب، وهذا يعكس الوعي الراقي لبعض الآباء وإيمانهم بأن الفحص قبل الزواج هو اللبنة الأولى والأهم لأسرة سليمة معافاة منتجة ومساهمة في بناء المجتمع والوطن.
وأردف الدكتور: في واقع آخر، إحدى المتقدمات للفحص حاملة لمرض الأنيميا المنجلية، وخطيبها تبيّن أيضًا أنه يحمل الطفرة التي تحملها، وبعد الإرشاد الوراثي اللازم قررا عدم إتمام الزواج. وبعد شهور عدة تقدمت نفس الفتاة للعيادة مع خطيبها الثاني، وتبيّن أيضًا أنه يحمل الطفرة نفسها، وقررت دون تردد عدم إتمام الزواج، وبعد ما يقارب السنتين تقدمت الفتاة للمرة الثالثة مع خطيب ثالث وهنا تبيّن أنه لا يحمل أي طفرات مرضية وراثية وتم زواجهما وهما الآن في خير وبركة، وحين سألناها عن السبب الذي دفعها لاتخاذ مثل هذه القرارات الصعبة أجابت بأن أحد إخوتها من المصابين بالأنيميا المنجلية، وقد شهدت مدى المعاناة التي واجهها، وكذلك معاناة جميع أفراد أسرتها.
وعن عقبات هذا المجال أشار الدكتور إلى أن الموارد المالية وقلة عدد الكوادر المتخصصة في التخصصات الوراثية التشخيصية الدقيقة تشكل العقبة الرئيسة لتنامي وازدياد خدمات الطب الوراثي، ليس في سلطنة عمان فحسب، بل في جميع دول العالم، حيث أن تخصصات الطب الوراثية الإكلينيكية والمخبرية تعتبر من التخصصات الحديثة والنادرة، وتحتاج إلى موارد مالية هائلة لتنفيذها، ولتحقيق النجاح والمثابرة على الإنجاز، فإننا نسعى لتقديم أفضل ما يمكن من خدمات تشخيصية وعلاجية وتأهيلية ووقائية للإخوة المواطنين حسب خطط ممنهجة وبرامج معتمدة تهدف إلى رفع مستويات خدمات الصحة الوراثية إلى المستويات الأعلى بإذن الله.
واختتم الدكتور مسلم العريمي حديثه لـ “أثير” بقوله: يعد الوصول إلى الاكتفاء والاعتماد التام على التقنيات المخبرية التشخيصية منها والعلاجية وعدم الحاجة لإرسال الفحوصات للخارج كما كان يحدث في السابق من أهم الطموحات المستقبلية والتي نسعى لتحقيقها قريبا بإذن الله، إضافة إلى ما هو مخطط لهذا المجال من تعزيز واستحداث خدمات قائمة على ترجمة عملية وتقنية ذي جودة ومعايير عالية واعتماد دولي بتوسع في مختبراتها وعياداتها التخصصية للأمراض العضوية ذات المسببات الوراثية مثل أمراض القلب ذات المسببات الوراثية وبقية الأمراض السرطانية ذات المسببات الوراثية.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: قبل الزواج
إقرأ أيضاً:
المستشفى السلطاني يحتفل بتخريج دفعة من برنامج الإرشاد الوراثي .. غدًا
يحتفل المستشفى السلطاني، ممثلا بالمركز الوطني للصحة الوراثية، غدًا بتخريج الدفعة الثالثة من البرنامج التعليمي المتكامل للإرشاد الوراثي 2023 / 2024، تحت رعاية سعادة الدكتورة فاطمة بنت محمد العجمية، الرئيسة التنفيذية للمجلس العماني للاختصاصات الطبية. وأوضح الدكتور مسلم بن سعيد العريمي، استشاري الطب الوراثي بالمركز الوطني للصحة الوراثية والمشرف العام على البرنامج، أن هذا البرنامج يأتي في إطار الجهود الوطنية لتطوير خدمات الإرشاد الوراثي في سلطنة عمان، بهدف تعزيز الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض الوراثية وتقديم الاستشارات الوراثية للمجتمع. وذكر أن النسخة الثالثة من البرنامج شملت 11 متدربًا ومتدربة من مختلف محافظات سلطنة عمان ودول مجلس التعاون الخليجي، وتهدف إلى إعداد كوادر متخصصة في مجال الإرشاد الوراثي قادرة على تقديم الدعم للأسر والمجتمعات في جميع المحافظات، ضمن استراتيجية وطنية شاملة لتوسيع خدمات الصحة الوراثية وتحقيق التكامل بين العلاج والوقاية.
وأضاف: إن البرنامج استمر لمدة 16 شهرًا وتضمن 9 وحدات دراسية تخصصية صُممت لتلبية المعايير الأكاديمية والتطبيقية في مجال الإرشاد الوراثي، وركزت على الجوانب النظرية والعملية التي تشمل أساسيات الوراثة لفهم المكونات الجينية والأمراض الوراثية الشائعة والتواصل والاستشارة لتطوير مهارات تقديم الإرشاد الفعّال، إلى جانب التشخيص والعلاج لفهم آليات التشخيص المتقدم والتدخلات العلاجية، كما شمل البرنامج تعزيز الوعي بأهمية الأبحاث الوراثية. وأشار إلى أن البرنامج اعتمد على مفهوم «التدريب خلال الأداء الوظيفي»، الذي يتيح للمتدربين تطبيق ما تعلموه بشكل عملي من خلال التدريب الميداني وحلقات العمل والمحاضرات الأكاديمية، مما يمنحهم خبرات ميدانية تمكنهم من التعامل مع القضايا الوراثية المعقدة وتقديم استشارات مهنية ذات جودة عالية.
وأكد العريمي أن الإرشاد الوراثي يعد جزءًا حيويًا من الجهود الوطنية للوقاية من الأمراض الوراثية، حيث يسعى إلى تحقيق أهداف رئيسية تشمل الوقاية من الأمراض الوراثية عبر التوعية والإرشاد، وتعزيز الخدمات الصحية بتوفير مرشدين وراثيين مؤهلين، ودعم الأبحاث الوراثية بإعداد كوادر متخصصة تسهم في تطوير هذا المجال علميًا، مشيرًا إلى أن خريجي البرنامج يُنتظر منهم أداء دور ريادي في تقديم خدمات الإرشاد الوراثي في جميع أنحاء السلطنة، والعمل كشركاء في الجهود الوطنية لتحسين جودة الخدمات الصحية والوقاية من الأمراض الوراثية بما يحقق الأهداف الصحية الوطنية.