الشك هو النشاط الإنسانى الوحيد القادر على التحكم فى استعمال السلطة بطريقة إيجابية.. الشك ضرورى للفهم فى مواحهة نخبة ترى القيادة كما لو كانت هى القدرة على معرفة ما يجب فعله الأمر الذى يجعل شكوك المواطن العادى أمرا غير شرعي؛ فعند النظر فى قضية ما فإن البحث يبدأ بالشك أولا ثم استعراض الأمر من كل جوانبه وزواياه المختلفة ثم التشاور والمناقشة قبل اتخاذ القرار.

ذلك أن معظم النشاطات الإنسانية يمكن تقسيمها إلى ٣ مراحل، وفعل الشك هو المرحلة الثانية والوحيدة التى تتطلب استخداما واعيا للذكاء. 
أما الخطوة الأولى فهى إدراك الواقع الذى يجب مواجهته. تتكون هذه المرحلة دائمًا من مزيج مشوش من الوعى بموقف يبدو وكأنه خارج نطاق السيطرة ومن مواقف تقررها إلى حد كبير الأفكار والأحكام المسبقة بالإضافة إلى الحلول البسيطة. أما المرحلة الثالثة وهى اتخاذ القرار فهي نتيجة لحل جاء إفرازا لإجابة صحيحة للمشكلة الأولية وكثيرا ما يكون اتخاذ القرار عمليا نشاطا زائدًا عن اللزوم رغم أنه ليس أكثر من عملية  شبه آلية.
لا شك أن تألق القيادة والخوف من الشك أمران يجعلان صناعة القرار فى منتهى الأهمية. هذه المرحلة للإدارة كثيرا ما تظهر وكأنها الأولى بالرعاية رغم أنه لا قيمة لها إذا لم يسبقها الشك. وفى الحقيقة، يقع الشك ما بين الواقع وما بين تطبيق الفكرة. ولا بد أن يخضع لتقييم التجربة والبديهة والإبداع والأخلاق والذكاء وبالتأكيد المعرفة ويجب أن يؤدى إلى تقديرات متوازنة لما يجب فعله. كلما طالت مرحلة الشك، كلما زادت قدرتنا على فهم الواقع.


أنا لست متأكدا من أن مصممى الذكاء الاصطناعى على وعى بالدور الأساسى لمرحلة الشك إذ ربما كانوا تحت تأثير نظريات الإدارة التى تركز على اتخاذ القرار وربما كانوا أكثر حرصا على تشغيل آلاتهم  بدلا من إيقاع كل شيء تحت سلطان الشك.
كما أن النخب التى تمسك السلطة فى مجتمعاتنا تسعى للقفز بطريقة شبه آلية ومباشرة من الحقيقة إلى الحل، من التجريد الى التطبيق، من الايديولوجيا الى المنهجية. لا تريد ان تترك وقتا للشك لأى شخص، وبالتالى تظهر التشاور كأنه ضعف وتنظر فى الموقف على عجل هذا  لو نظرت فيه أصلا. ونتيجة هذا التصرف من قبل النخب نجد فهم  المواطنين للواقع ينطوى على أفكار مسبقة وعلى عمليات غير واعية أو سرية وعلى أفعال آلية. ويظهر هذا بوضوح عندما نسأل المواطنين عن بعض  الأحداث: نادرا ما يبعد عن الأفكار السابقة.
تقاس صحة الديمقراطيات على قدرتها على قبول الشك كمتعة هادئة بينما الديمقراطيات المريضة مهووسة بالأجوبة والإدارة: وهكذا تفقد سبب وجودها. 
ومع ذلك يبقى أن الشك هو النشاط الوحيد الذى يستعمل خصوصيات الإنسان بطريقة كاملة.
*من كتاب ذي  دبترز كمبنيون، بنكوين بوك، لندن، لجون رالستون سول (١٩٩٥).
معلومات عن الكاتب:
أندريه بوير.. أستاذ جامعى مهتم بقضايا التنمية البشرية والصحة العامة يطرح فى مقاله رؤيته لمسألة الشك كسلوك إنسانى مهم للغاية.

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الشك اتخاذ القرار

إقرأ أيضاً:

حزب المصريين: الإفراج بالعفو عن 4466 نزيل تأكيد لسياسات الجمهورية الجديدة

ثمن المستشار خالد السيد، مساعد رئيس حزب "المصريين"، إعلان وزارة الداخلية الإفراج بالعفو عن 4466 من النزلاء المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة الـ73، تنفيذًا للقرار الجمهوري رقم 18 لسنة 2025.

وقال "السيد"، في بيان اليوم السبت، إن هذه القرارات تحمل في طياتها أبعادًا إنسانية مهمة ومراعاة للظروف الإنسانية للمحكوم عليهم، الأمر الذي يُعزز التماسك الاجتماعي ويقوي الروابط الأسرية، موضحًا أن هذا القرار يؤكد أن الرئيس السيسي يضع الإنسان المصري في قلب اهتماماته وأولوياته رغم التحديات الكبيرة التي يمر بها الوطن والشرق الأوسط، ويعكس إعلاء قيم التسامح، مع الإسهام في تحقيق الاستقرار الاجتماعي، وفرصة للمفرج عنهم للعودة إلى حياتهم الطبيعية والمساهمة الفاعلة والبناءة في المجتمع والمشاركة في عملية البناء والتنمية بعد إعادة تأهيلهم.

وأضاف مساعد رئيس حزب "المصريين"، أن الإفراج عن المحبوسين يُعبر بكل تأكيد عن سياسات الجمهورية الجديدة، وسياسة لم الشمل للمجتمع المصري وإعلاء قيم التسامح، موضحًا أن لجنة العفو الرئاسي تحظى بدعم كامل ومتواصل من الرئيس السيسي، الأمر الذي يعكس حرص القيادة السياسية على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في ظل هذه الجمهورية.

وأوضح أن الإفراج عن عدد من المحكوم عليهم يُعزز الاستقرار المجتمعي من خلال إتاحة الفرصة للمفرج عنهم للعودة والمساهمة الإيجابية في المجتمع، مما يدعم مسار التنمية والإصلاح، مشيرًا إلى أن القرار يعكس التزام الدولة بمبادئ التسامح والمصالحة الوطنية، والحرص على تقديم الفرص للمحكوم عليهم لإعادة الاندماج في المجتمع، مما يُعزز مناخ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وأشار إلى أن تزامن القرار مع مناسبة وطنية وهي عيد الشرطة المصرية يحمل دلالة رمزية تؤكد على أهمية المناسبات الوطنية التي تكون سببًا في تعزيز روح التآخي والتلاحم بين جميع فئات المجتمع، مشددًا على أن القرار يعكس التوجه الإيجابي للدولة نحو بناء الثقة مع المواطنين، والعمل على تهيئة بيئة مجتمعية أكثر تلاحمًا واستقرارًا.

وأكد أن دمج المفرج عنهم في المجتمع يُعزز السلم الاجتماعي وضمان استفادتهم من فرصة جديدة للحياة، وذلك من خلال التأهيل النفسي، وتوفير برامج للتدريب والتأهيل المهني في مجالات متنوعة بناءً على احتياجات سوق العمل، وتمكينهم من الحصول على شهادات مهنية تُساهم في تعزيز فرص توظيفهم، علاوة على مساعدتهم في تحقيق الاندماج الاقتصادي ودعم المشروعات الصغيرة أو توفير تمويلات ميسرة لبدء أعمالهم الخاصة، الأمر الذي يقلل معدلات العودة للسجن، ويُعزز الشعور بالعدالة الاجتماعية، وبناء مجتمع أكثر استقرارًا.

مقالات مشابهة

  • الإنسان الوحيد الذي يعيش بعضو مزروع من حيوان
  • شريف جبر يكتب
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: العنف المجتمعي .. مقترحات العلاج
  • حزب المصريين: الإفراج بالعفو عن 4466 نزيل تأكيد لسياسات الجمهورية الجديدة
  • أميركا.. عودة تيك تيك بعد الحظر تزرع الشك لدى المستخدمين
  • جلال برجس: غجر «معزوفة اليوم السابع» يمثلون المهمشين في الأرض والمدينة السباعية ترمز لصراعات الإنسان الداخلية  (حوار)
  • شاهد| توافد زوار معرض الكتاب علي جناح معلومات الوزراء
  • شاهد| توافد زوار معرض الكتاب إلى جناح معلومات الوزراء
  • عائلات الأسرى الصهاينة تطالب نتنياهو بالتوقف عن المماطلة وتنفيذ الاتفاق بصورة كاملة
  • د. يسرى عبد الله يكتب:  «الكتاب».. الحقيقة والاحتفاء