ديفيد سفوركادا يكتب: فرنسا.. والأمن الداخلى
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
اليوم، وعلى مشهد من الجميع، أصبحت العديد من المدن الفرنسية مناطق تتمتع بجميع الحقوق حيث تسيطر عليها عصابات من المنحرفين الأكثر أو الأقل أهمية وخليط من «رجال العصابات» الحقيقيين وأطفال فقراء بلا معالم. ونجد أيضا حاملى لواء الإسلام السياسى والسلفيين والإخوان على اتصال وثيق مع حثالة الاتجار بجميع أنواعه.
فى أغسطس ٢٠٢٣، تشهد منظقة نيم وفاة الطفل الصغير فايد، وهو طفل يبلغ من العمر عشر سنوات سقط أثناء تبادل إطلاق النار بين تجار المخدرات. وبعد خمسة أيام من هذه المأساة فى منطقة بيسيفين التى ينتمى إليها هذا الطفل قام حوالى أربعين شخصًا بمسيرة بيضاء تكريمًا له. إن مقتل هذا الطفل واللامبالاة التى أحاطت به فى حيه بل وفى كل الأحياء أيضًا أصبحت قطرة دم جعلت مزهرية الغضب تفيض.. على رئيس الجمهورية ووزير الداخلية أن يكفا عن تخديرنا بعباراتهما الصغيرة ويتعين علينا أن نتخلص من الخوف من «ماذا سيقول الناس» أو عبارة «مهما كان الثمن» الشهيرة العزيزة على إيمانويل ماكرون.
ومهما كانت التكلفة فلا بد من استرداد الأراضى المفقودة من الجمهورية. ذلك الاسترداد الذى يجب أن تكون مرحلته الأولى هى استعادة النظام من خلال القضاء على جميع مثيرى الشغب والمتواطئين معهم. وللقيام بذلك يجب ألا نخاف من تأمل تاريخنا واستلهام نجاحاته. ففى حالة حرب إما القتال بقوة وإلا فمن الأفضل أن تستسلم على الفور. ينبغى أن تكون «معركة الجزائر» نموذجًا لنا سواء فى الطريقة التى تمت بها أو فى نتيجتها.. [مع نهاية عام ١٩٥٦ كانت الحرب الأهلية فى الجزائر والتى استمرت مدة عامين قد أثرت على البلاد وتدهور الوضع الأمنى تماما فى الجزائر العاصمة إذ تزايدت الهجمات مما أسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى. فى مواجهة هذا التدهور وجدت الحكومة نفسها مرهقة والشرطة عاجزة عن استخدام أدواتها المعتادة مما استلزم استدعاء الجيش وفرقة المظلات العاشرة على وجه الدقة فى محاولة لاستعادة الأمن والعمل على استعادة الثقة فى أنحاء البلاد. وفى أقل من عام تم استعادة الوضع وأصبح النظام أكثر فاعلية. أثار هذا الإجراء بالأمس واليوم جدلًا خاصةً فيما يتعلق ببعض الأساليب المستخدمة والمستهجنة عبر استخدام التعذيب لكنه فى المجمل لا يؤدى إلا إلى صدمة أنصار مبدأ عدم التدخل].
ويجب إعلان حالة الطوارئ ومنح السلطات صلاحيات لاتخاذ كل الإجراءات الاستثنائية لاستعادة النظام وحماية الأشخاص والممتلكات والحفاظ على الأراضى. نشر القوات لتأمين المناطق المحددة مما يسمح بالعمل فى فرق (شرطة الجمارك والقضاء) مما يسمح بإجراء عمليات التفتيش والاحتجاز لدى الشرطة والمصادرة والاعتقال والطرد من البلاد. إنها مسألة العمل ضد كل أولئك الذين يشاركون، قريبين أو بعيدين، فى كل أنواع الاتجار غير المشروع و/أو نشر الإسلام السياسى. ويجب أن يعاقب المتورطون بأشد العقوبات بالإضافة إلى مصادرة جميع الممتلكات التى لا يصعب تتبع مصدرها. أما عن الأجانب فيتم طردهم بعد مصادرة جميع ممتلكاتهم الموجودة على الأراضى. كما يجب أن يتحمل الأطفال والمراهقون تدريجيًا مسئوليات تتناسب مع أعمارهم. وتعليمهم الطريقة الصحيحة للوصول بهم إلى النضج الحقيقى. ولذلك فهم مسئولون عن أفعالهم. ومن ثم، وكما هو منصوص عليه على وجه الخصوص فى المادة ١٢٤٢ من القانون المدنى فى الفقرة ٤ منها: «يتحمل الأب والأم، بقدر ما يمارسان السلطة الأبوية، مسئولية مشتركة وفردية عن الضرر الذى يلحقه أطفالهما القصر الذين يعيشون معهم». ولهذا السبب قد يخضع الوالدان أيضًا لإجراء طرد نهائى فى حالة ارتكاب القاصر الأجنبى جريمة على أراضى الجمهورية.
أخيرًا، وكما هو الحال فى إنجلترا فيما يتعلق بإجراءات الطرد يجب على فرنسا أن تعمل على أن يشمل قرار الطرد أفراد الأسرة الذين يعتمدون ماليًا على الجانى الأجنبى.
يتردد فى أذنى أصوات «النفوس الطيبة» أو «الأرواح الضعيفة» تصرخ ضد هذه الإجراءات، لكنهم أنفسهم الذين يجبروننا على اتخاذ مثل هذه الإجراءات بعد أن أصبحوا غير قادرين على مواجهة تفكيك التراب الوطنى.. سيأتى وقت يتعين عليك فيه اتخاذ إجراء.. وسيأتى وقت يجب ألا ترتعش أيدى صانع القرار «مهما كان الثمن» الذى يسبق إعادة إعمار هذه الأمة الذى تحدث إلينا عنه رينان.
معلومات عن الكاتب:
ديفيد سافوركادا.. ضابط سابق فى البحرية الفرنسية، ومدرب فى عدة جهات أمنية خاصة، وعضو فى العديد من الجمعيات الوطنية. يشغل حاليًا منصب الأمين العام لمركز الدراسات والأبحاث حول البونابرتية ورئيس حركة «النداء من أجل الشعب».. يتناول قضية خروج مناطق عديدة فى فرنسا من تحت سيطرة الدولة وتنامى دور رجال العصابات وتغلغل الإخوان فى تلك المدن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المدن الفرنسية
إقرأ أيضاً:
قراصنة العصر الحديث.. الهاكر الذى اخترق ناسا وهو بعمر 15 عامًا
في عالم تحكمه التكنولوجيا، هناك من يتخفّى في الظلام، يترصد الثغرات، ويحول الشفرة الرقمية إلى سلاح فتاك.
هؤلاء هم قراصنة العصر الحديث، الذين لا يحتاجون إلى أقنعة أو أسلحة، بل مجرد سطور برمجية قادرة على إسقاط أنظمة، وسرقة مليارات، وكشف أسرار حكومية خطيرة.
في هذه السلسلة، نكشف أخطر عمليات الاختراق الحقيقية، كيف نفّذها القراصنة؟ وما العواقب التي غيرت مسار شركات وحكومات؟ ستكتشف أن الأمن الرقمي ليس محكمًا كما تظن، وأن الخطر قد يكون أقرب مما تتخيل… مجرد نقرة واحدة تفصل بينك وبينه!
الحلقة الثانية -طفل عبقري أم مجرم إلكتروني؟ في عام 1999، جلس جوناثان جيمس، وهو مراهق يبلغ من العمر 15 عامًا فقط، أمام جهاز الكمبيوتر في غرفته الصغيرة بولاية فلوريدا.
لم يكن أحد يعلم أن هذا الطفل، الذي بالكاد أنهى دراسته الإعدادية، سيصبح خلال أشهر قليلة أول قاصر في تاريخ الولايات المتحدة يُدان بجرائم إلكترونية فدرالية.
كل ما احتاجه كان كمبيوتر بسيط، اتصال إنترنت، وكود برمجي قام بكتابته بنفسه.
لكن هدفه لم يكن مجرد اختراق أي موقع عادي بل كان يخطط لاختراق وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" ووزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"!
لم يكن جيمس مجرمًا بالمعنى التقليدي، بل كان مهووسًا باكتشاف الثغرات الأمنية.
كان يقضي ساعات طويلة في تحليل أنظمة الحماية، يبحث عن الأخطاء، ويجرب طرقًا لاختراقها.
وفي إحدى الليالي، توصل إلى طريقة للتسلل إلى شبكة وكالة ناسا السرية، باستخدام حصان طروادة (Trojan Horse)، تمكن من زرع برمجية خبيثة داخل أحد خوادم الوكالة، مما منحه وصولًا غير مصرح به إلى ملفات فائقة السرية. خلال أسابيع، أصبح بإمكانه رؤية كل ما يحدث داخل أنظمة ناسا، بل واستطاع سرقة شفرة برمجية سرية بقيمة 1.7 مليون دولار، كانت تُستخدم في تشغيل محطة الفضاء الدولية!
في البداية، لم تلاحظ ناسا أي شيء غير طبيعي، لكن بعد عدة أسابيع، بدأت بعض الأنظمة في التعطل بشكل غير مبرر.
وعندما تحقق خبراء الأمن السيبراني، كانت المفاجأة الصادمة:
-كان هناك اختراق عميق لأنظمة الوكالة، لكن المهاجم لم يترك وراءه أي أثر تقريبًا!
-تم اختراق 13 جهاز كمبيوتر في مركز ناسا، وتم تنزيل أكثر من 3,300 ملف حساس.
-تم سرقة شيفرة تشغيل محطة الفضاء الدولية، مما أثار مخاوف من إمكانية تعطيلها عن بُعد.
بسبب خطورة الهجوم، اضطرت ناسا إلى إغلاق أنظمتها بالكامل لمدة 21 يومًا لإعادة تأمين الشبكة، وبلغت الخسائر الناجمة عن هذا الإغلاق 41,000 دولار.
عندما علمت السلطات الأمريكية بأن هناك من تمكن من التسلل إلى أهم أنظمة الفضاء الأمريكية، تم استدعاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، الذي بدأ عملية تعقب رقمية لمعرفة هوية المهاجم.
في النهاية، بعد أشهر من التحقيقات، تمكن الخبراء من تتبع الاتصال الرقمي إلى منزل صغير في فلوريدا.
وعندما داهم رجال FBI المكان، لم يجدوا أمامهم سوى فتى مراهق يجلس أمام جهاز الكمبيوتر في غرفته!
تم القبض على جوناثان جيمس، الذي اعترف فورًا بأنه كان وراء الاختراق.
نظرًا لصغر سنه، لم يُحكم عليه بالسجن، لكنه وُضع تحت الإقامة الجبرية وتم منعه من استخدام الإنترنت تمامًا.
لكن القصة لم تنتهِ هنا بعد سنوات، وفي عام 2007، وقع اختراق إلكتروني استهدف عددًا من الشركات الكبرى، بما في ذلك "T.J. Maxx"، حيث سُرقت بيانات 45 مليون بطاقة ائتمانية. اشتبهت السلطات بأن جيمس ربما كان على صلة بهذه الجريمة، رغم عدم وجود أدلة قاطعة.
وفي عام 2008، وُجد جوناثان جيمس ميتًا داخل منزله، بعد أن أطلق النار على نفسه ترك وراءه رسالة قال فيها:
"لا علاقة لي بهذه الجرائم، لكنني أعلم أن النظام لن يكون عادلًا معي. لذا، أختار أن أنهي حياتي بنفسي."
مشاركة