عندما يكون الأمل قاتلا!
ألا نحتاج اليوم إلى مشروع حضاري للخروج من حالة الموت التي سقطنا فيها؟
أليس أحرى بالنخب اليوم مصارحة الشعوب بحقيقة واقعها وبما يترصدها من أخطار ومنزلقات لا يمكن الخروج منها؟
أليست أدبيات الأمل الكاذب أشبه بالمسكّن والمخدّر لجسد مريض يحتاج تدخلا جراحيا عاجلا ؟ أليس هذا السلوك نوعا من الأمل القاتل؟
أليس دور المثقف والكاتب والمفكر اليوم هو تنبيه الغافلين إلى المسارات التي يأخذها البعض بهدف منع البلاد من الانزلاق نحو المجهول.
الأمل الكاذب إذن هو جرعة من المسكنات في جسد يتطلّب الحركة وردّ الفعل وهو الأمر الذي ينسحب على كثير من الشعوب العربية ووعيها الجمعي.
إغلاق كل المنافذ وسبل النجاة على المحاصرين يحوّلهم لوحوش كاسرة لأنهم يقفون أمام موت محقق لكن عزيمتهم تفتر حين يعلمون أنّ هناك سبيلا للنجاة.
* * *
اليأس قاتلٌ فلا شك ولا خلاف في ذلك لكن هل يمكن أن يكون الأمل قاتلا أحيانا وكيف ؟ لعلّ أقرب مثال لتوضيح الفكرة يمكن سرده من واقع التاريخ الياباني حيث تروي الأسطورة أن الامبراطور الياباني فشل في كسر صمود أحد القلاع فعزل قائد الجيش وعوّضه بجنرال شاب.
في ظرف قصير تمكّن القائد الجديد من كسر صمود القلعة وكذا فعل بكل الحصون والقلاع بعدها. استدعاه الامبراطور وسأله عن سرّ نجاحه فأجاب أنه كان يعمد حين يحاصر القلاع والحصون إلى ترك منفذ صغير يعبر منه من يريد النجاة بنفسه فيقتل فيهم حماسة المقاومة ويهديهم الأمل القاتل.
فقد كانت جنود القائد تنتظر هاربين في مكان آخر لقتلهم ولا ينجو منهم إلا عدد قليل. فهم الجنرال الجديد أن إغلاق كل المنافذ وسبل النجاة على المحاصرين يحوّلهم إلى وحوش كاسرة لأنهم يقفون أمام موت محقق لكن عزيمتهم تفتر حين يعلمون أنّ هناك سبيلا للنجاة.
الأمل الكاذب إذن هي جرعة من المسكنات في جسد يتطلّب الحركة وردّ الفعل وهو الأمر الذي ينسحب على كثير من الشعوب العربية ووعيها الجمعي.
أليست أدبيات الأمل الكاذب أشبه بالمسكّن والمخدّر لجسد مريض يحتاج تدخلا جراحيا عاجلا ؟ألا نحتاج اليوم إلى مشروع حضاري للخروج من حالة الموت التي سقطنا فيها ؟
أليس هذا السلوك نوعا من الأمل الكاذب القاتل؟ أليس أحرى بالنخب اليوم مصارحة الشعوب بحقيقة واقعها وبما يترصدها من الأخطار والمنزلقات التي لا يمكن الخروج منها ؟ أليس دور المثقف والكاتب والمفكر اليوم هو تنبيه الغافلين إلى المسارات التي يأخذها البعض بهدف منع البلاد من الانزلاق نحو المجهول.
*د. محمد هنيد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة السوربون، باريس
المصدر | الوطنالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: النخب اليأس المسكنات دور المثقف الشعوب العربية
إقرأ أيضاً:
«الاتحاد لحقوق الإنسان»: تعزيز قيم التسامح بين الشعوب
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلة ذياب بن محمد بن زايد: تقديم مبادرات مستدامة لتحسين جودة حياة البشر وصول عدد من القطع البحرية الإيرانية لميناء خالد بالشارقةأشادت جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان بالدور الريادي الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي بين الشعوب، مستندةً إلى إرثها العريق في ترسيخ مبادئ الأخوة الإنسانية كنهجٍ راسخ في سياساتها ومبادراتها.
وقد جاءت هذه المناسبة العالمية، التي تم اعتمادها من قبل الأمم المتحدة في عام 2019، إحياءً لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي يوم 4 فبراير 2019، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والتي شكلت نقطة تحول في تعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان والثقافات المختلفة.
وأكدت الجمعية أن الإمارات كانت ولا تزال نموذجاً عالمياً يحتذى به في بناء مجتمعات متماسكة تقوم على التسامح والتعددية، حيث أطلقت العديد من المبادرات التي تعزز هذه القيم، منها «بيت العائلة الإبراهيمية» في أبوظبي، الذي يجسد التعايش بين الأديان السماوية، و«وزارة التسامح والتعايش»، التي تعمل على نشر قيم السلام والانفتاح الثقافي، و«جائزة زايد للأخوة الإنسانية».
وفي هذا السياق، دعت جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان إلى تعزيز الجهود الدولية لنشر ثقافة السلام والتسامح، مؤكدةً أهمية الاستفادة من النموذج الإماراتي في ترسيخ الحوار بين الأديان والثقافات، بما يسهم في تحقيق عالم أكثر تفاهماً وتضامناً.