البوابة نيوز:
2024-09-18@16:19:37 GMT

جاك سوبيلسا يكتب: مالفيناس أم جزر فوكلاند؟

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

عشت كدبلوماسى فى الأرجنتين.. ويبدو أن هذا الأرخبيل لمعظم مواطنينا ظل مدفونًا فى ممرات التاريخ السرية؛ لكن هذا ليس هو الحال من وجهة نظر لندن وبوينس آيرس.
وحتى اليوم، وفى الثقافة السياسية للأرجنتين، فإن مبدأ «القومية الإقليمية» أكثر تجذرًا من أى وقت مضى. وتواصل دولة الأرجنتين تأكيد رغبتها فى بسط سيادتها على كامل جرفها القارى، بما فى ذلك الشواطئ الشمالية للقارة القطبية الجنوبية.

وتحمل الوزارة لقب «وزير الدولة لجزر مالفيناس وجزر ساندويتش وجورجيا الجنوبية». وتذكر الكتب المدرسية أن جزر فوكلاند «عضو ممزق من جسد الوطن». وفى ١٤ يناير ٢٠٢٢، أعلن وزير الخارجية بيانًا أكد فيه من جديد أن جزر فوكلاند «محتلة بشكل غير قانوني». وفى فبراير سافر الرئيس الأرجنتينى بنفسه إلى روسيا ثم إلى الصين للتعبير عن رغبة بوينس آيرس فى الانضمام إلى مجموعة البريكس والحصول على دعم موسكو وبكين فى الدعوى القضائية. كما تم قبول الأرجنتين رسميًا كعضو فى مجموعة البريكس.
ولكن ماذا عن الحجج التى ساقها الطرفان المعنيان فى هذا الصدد؟
بالنسبة للحجج الجغرافية، فإن كفة الميزان تميل دون أدنى شك لصالح الجانب الأرجنتينى: تنتمى جزر فوكلاند الى نفس البيئة  الجيولوجية مثل باتاغونيا التى تقع على بعد حوالى ٤٧٠ كيلومترًا كما أن البيانات الجغرافية الحيوية سواء من حيث الحيوانات أو النباتات عبر هذا الجرف القارى متطابقة! لكن هذه الاعتبارات قد تبدو ثانوية من الناحية الواقعية. 
.٠. فتؤكد لندن على «الاحتلال المستمر» لهذه الجزر منذ عام ١٨٣٣ وهو أمر صحيح تمامًا ولكن مع «فارق بسيط» وهو أن هذا الاحتلال بدأ بانقلاب، وطرد الحامية الأرجنتينية الموجودة فى بويرتو أرجنتينو وأعيد تسميتها على الفور «بورت ستانلي».
وبالنسبة للمستوطنة فقد كانت بريطانية بالكامل منذ ذلك التاريخ! ولم تتوقف لندن عن إرسال مزارعى الأغنام من أصل اسكتلندى إلى «جزر فوكلاند» التابعة لها إلى جانب وحدات عسكرية قوية. جميع البريطانيين بطبيعة الحال يهمهم بقاءها تابعة لهم: فقد جاءت نتائج استفتاء تقرير المصير الذى نظمته لندن فى مارس ٢٠١٣ لتؤكد رغبة الشعب الانجليزى ولم تكن مفاجاة إذ أعلن أن ٩٨.٨٪ من هؤلاء الرعايا البريطانيين يؤيدون «الإبقاء على جزر فوكلاند تابعة للمملكة المتحدة».


أما عن حجج الجانب الأرجنتينى
الاكتشاف: (على الرغم من أن لندن تتحدى الحقائق) منذ عام ١٥٢٠، سجل طاقم ماجلان اكتشاف الجزر، وهو ما أكده الملاحان الإسبانيان إستيبان جوميز ودييجو دى ريبيرا.
وأعلن الإمبراطور تشارلز الخامس رسميا السيطرة  وبعد قرن من الزمان كان أول إبحار إلى هذه الجزر عام ١٦٩٠ قام به الكابتن الإنجليزى جون سترونج، الذى أطلق على الأرخبيل اسم «جزر فوكلاند» تكريمًا لأدميراله وصديقه اللورد فوكلاند.
ورغم أنه قد تم التصديق عليه خلال صلح أوتريخت من قبل الإنجليز والاعتراف بالمنطقة مرة أخرى على أنها عضو فى الإمبراطورية الإسبانية إلا أن طاقم بوجانفيل الفرنسى فى عام ١٧٦٤ هو الذى استولى على الأرخبيل وأطلقت عليه فرنسا اسم سانت مالو.
ولتجنب ردة فعل إسبانيا اعترفت فرنسا بحق إسبانيا فى احتلال الجزر. وبموجب معاهدة سان لورينزو، قبلت لندن بدورها الوصاية الإسبانية. وعلى ذلك فإن السيادة الإسبانية سوف تمتد دون انقطاع من عام ١٧٧٥ إلى عام ١٨١٦.
وقد حصلت الأرجنتين على استقلالها فى نفس هذا العام وقد اصبحت جزر فوكلاند تحت حماية ثم تحت حكم الأرجنتين واصبحت جزءا لا يتجزأ من الأراضى الموروثة من المدينة القديمة حتى الثالث من يناير عام ١٨٣٣، وعندما قام الكابتن انسلو قائد السفينة الحربية البريطانية كليو وهبط على الأرخبيل وطرد السلطات الأرجنتينية!
تقييم مقارن؟
إذا حاولنا مقارنة حجج الطرفين بشكل موضوعى:
- تعتمد لندن على الاحتلال الفعلى للجزر منذ ما يقرب من قرنين من الزمن وعلى استيطانها. وقد تم تعزيز هذا الموقف بشكل واضح على مدى أربعة عقود ومع اكتشاف رواسب هيدروكربونية بحرية (كما لو كان ذلك بالصدفة!) والاستغلال المتزايد للثروة السمكية فى المنطقة، باتجاه الطريق الاستراتيجى لكيب هورن. بينما تثير بوينس آيرس مجموعة أكثر تنوعًا من الحجج:
- قربها الجغرافى
- التواصل الجيولوجى
- المجال الجغرافى الحيوى
- اكتشاف الأرخبيل
- ميراث الإمبراطورية الإسبانية
- الاحتلال الفعلى حتى عام ١٨٣٣
يبدو أن كفة الميزان تميل إلى الجانب الأرجنتينى، الذى يريد أكثر من أى وقت مضى بدء المفاوضات خاصةً أن الأمم المتحدة تستمع بشكل متزايد إلى بوينس آيرس.. بينما تصم انجلترا آذانها فى وقتنا الحاضر!

معلومات عن الكاتب: 
جاك سوبيلسا هو أحد أشهر علماء الجيوسياسة الفرنسيين.. وهو الرئيس السابق لجامعة السوربون ودبلوماسى سابق وكان الرئيس الأول والوحيد لقسم الجغرافيا السياسية فى فرنسا بجامعة السوربون.. ونشر فى نهاية عام 2021، مع ألكسندر ديل فال عملًا إبداعيًا رائعًا عنوانه «العولمة الخطرة».. يتناول أزمة تبعية جزر فوكلاند.. من خلال الرصد العلمى الدقيق لوقائع تاريخية وأحداث محددة.

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأرجنتين

إقرأ أيضاً:

علي يوسف السعد يكتب: «200 يوم حول العالم»

هذا الكتاب الذي سأتحدث عنه اليوم، قرأته أكثر من مرة، ولا أبالغ بأنني أستمتع في كل مرة أقرأه، فهو كتاب سهل ممتع ممتنع، واختصاره أمر صعب، ففيه من الرحلات التي تجعلك تحس بالغيرة من كاتبه، وبالنسبة لي هو من أجمل كتب السفر.
في كتابه «200 يوم حول العالم»، يأخذنا الكاتب الصحفي الراحل أنيس منصور في رحلة غنية ومثيرة تبدأ من الأراضي الأوروبية العريقة مروراً بآسيا الغامضة، يبدأ منصور مغامرته من لندن، حيث الضباب الكثيف والمعمار الفيكتوري يعانقان السماء، ثم ينتقل إلى باريس، المدينة التي تعبق بالفن والجمال والثقافة.
يسافر بعدها إلى الشرق، حيث يزور الهند، تلك البلاد التي تتنفس التاريخ، وفي الهند، يتعمق أنيس في فهم الديانات والتقاليد العميقة، ويصف بإعجاب شديد تعقيدات المجتمع الهندي وغناه الثقافي، يُسرد مشاهداته في مدينة بومباي بأسلوبه الرشيق، وكأنه يرسم لوحة فنية تخطف الأبصار.
تأخذنا الرحلة أيضاً إلى اليابان، حيث البساطة والتعقيد يجتمعان، معبراً منصور عن إعجابه بالنظام والتنظيم، ويقارن بين الحياة الصاخبة في الهند والهدوء المميز لليابان، يتناول أسلوب الحياة، والمأكولات التي تحتوي على ألوان ونكهات فريدة، وكذلك الفنون الجميلة التي تعبر عن روح اليابان.
تستمر رحلة أنيس منصور في «200 يوم حول العالم»، وهذه المرة يأخذنا إلى قلب أفريقيا وأميركا الشمالية، في أديس أبابا، يلتقط منصور الأنفاس بوصفه للمناظر الطبيعية الخلابة والثقافة الإثيوبية العريقة، يُعجب بالحفاوة والكرم الذي يُعامل به، وينقل لنا صورة حية عن الحياة في هذه المدينة الفريدة.
من أفريقيا، يطير بنا إلى البرازيل، حيث السامبا والكرنفالات التي لا تنتهي، يصف بحماس الأجواء المبهجة في ريو دي جانيرو، مُبرزاً تناقضاتها الاجتماعية بحساسية وعمق، ينقل لنا تجربته في مشاهدة كرنفال ريو مع تفاصيل الأزياء الملونة.
الآن نحن مع أنيس في نيويورك، المدينة التي لا تنام، ليسلط أنيس الضوء على الحياة العصرية والتقدم التكنولوجي، وأيضاً على العزلة والوحدة التي يمكن أن تشعر بها في مدينة بهذا الحجم، ليقدم لنا وجهة نظر فريدة عن «الحلم الأميركي» وتأثيره على الفرد.
«200 يوم حول العالم»، ليس مجرد سرد للرحلات أو تقرير عن الأماكن الجميلة فحسب، بل هو دعوة مفتوحة لفهم أعمق للإنسانية والتقارب بين الشعوب، من خلال أسلوب منصور الأدبي الخفيف والممتع، الذي يجعل القارئ مسافراً معه، ومتنقلاً بين السطور كما لو كان يتنقل بين المدن والقارات.
الكتاب في جوهره عبارة عن الحياة كما هي في مختلف أرجاء الكوكب، مليء بالعبر والقصص الملهمة، إنه دعوة لنا جميعاً لنرى العالم بعيون مفتوحة، لنتعلم من الآخرين ونقدم لهم ما لدينا من جمال وثقافة وفن. 
في النهاية، يقدم لنا أنيس منصور متعةً لا تُنسى من خلال كتابة تعانق الروح والعقل، مؤكداً أن السفر بالقلم يمكن أن يكون بنفس قوة السفر بالأقدام، وبأسلوبه الفريد، يجعل منصور من السفر فنّاً وشغفاً، وليس مجرد تنقل بين الأماكن.

أخبار ذات صلة علي يوسف السعد يكتب: «تخليص الإبريز».. رائعة الطهطاوي علي يوسف السعد يكتب: يوم في قصر دراكولا

مقالات مشابهة

  • ‎نجم الأرجنتين يخضع لتقييم نفسي في تحقيق بتهمة اغتصاب
  • مسيّرات لخدمة المختبرات الطبية
  • حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة غداً في الإمارات
  • علي يوسف السعد يكتب: «200 يوم حول العالم»
  • فوائد عصير الجزر الصحية وكيفية الاستفادة منه في نظامك الغذائي
  • الإمارات..فرص لأمطار خفيفة مع تشكل الضباب الثلاثاء
  • الأرجنتين.. ميزانية جديدة تهدف إلى خفض العجز إلى صفر
  • برلماني لوزير الموارد المائية: أجهزة الوزارة تعمل بسياسة الجزر المنعزلة
  • محمد كركوتي يكتب: سوق لندن و«مانشستر سيتي»
  • القرصان الصبي يشل حركة المواصلات في لندن