هربا من اتهامات الخيانة.. "تحرير الشام الإرهابية" تشن هجوما عنيفا ضد النظام السوري
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
تصاعدت حالة من الهجوم الشديد على قيادات هيئة تحرير الشام الإرهابية (جبهة النصرة سابقا) بعدما جمدت الهيئة صلاحيات أبو مارية القحطاني الذراع اليمني لزعيم الهيئة أبو محمد الجولاني، وفرضت عليه إقامة جبرية، بالتزامن مع إلقاء القبض على عدة عناصر شاركت القحطاني في تشكيل خلية داخل هيئة التحرير لنقل أخبارها واسرارها لصالح قوات جهات مختلفة منها قوات التحالف الدولي وروسيا وقوات النظام أيضا، بحسب الاتهامات الموجهة لخلية العمالة.
قبل يومين، قاد فصيل يسمى "كتيبة معاوية بن أبي سفيان" تابع لهيئة التحرير هجوما هو الأعنف من نوعه منذ سنوات، ضد قوات النظام السوري، وذلك أيضا على وقع اتهامات من مليشيات محلية تقطن منطقة نفوذ الهيئة، وتتهم الأخيرة بأنها توقفت عن الجهاد ضد الأعداء.
وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أن العملية الأخيرة لهيئة التحرير والتي أسفرت عن مقتل 16 جنديا سوريا، كانت عملية للرد على الاتهامات الموجهة للهيئة الإرهابية، ولتفنيد الرأي القائل بأنها تخلت عن الجهاد ضد قوات النظام السوري، وأيضا للتغطية على الخلية التي تم الكشف عنها مؤخرا واعترفت بها الهيئة، في محاولة لوقف تداول القضية على مواقع التواصل الاجتماعي وسائل الإعلام المحلية التي تزيد من اشتعال المسألة، بينما تطالب مليشيات أخرى تابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي بضرورة محاكمة هذه الخلية التي تسببت في مقتل العديد من قياداتها وعناصرها، مثل تنظيم "حُراس الدين" التابع للقاعدة.
وأصدر تنظيم الحراس بيانا، في وقت سابق، بعنوان "نحن أولياء الدم" طالب خلاله هيئة تحرير الشام بإنشاء لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق مع الموقوفين لدى الهيئة بخصوص مقتل قيادات من صفوفها.
وجاء في البيان: "بعد التطورات الأخيرة في الساحة الشامية التي أدت إلى اكتشاف جهات عميلة للتحالف الصهيوصليبي وغيرهم من أعداء الإسلام في بلاد الشام، فإننا نطالب بتحقيق مستقل يشرف عليه خيرة مجاهدي الشام، وقضاء مستقل يقوم به خيرة القضاة من أهل الشام بحق هؤلاء الجواسيس والعملاء القابعين في سجون الفئة التي تدعي سيطرتها على المناطق المحررة".
وسط هذه الأجواء، شن فصيل معاوية بن أبي سفيان التابع لهيئة تحرير الشام الإرهابية، في منطقة نفوذ النظام السوري في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي الشرقي، حيث قتل 16 جنديا و15آخرين، وتعتبر هذه الحصيلة البشرية الأكبر منذ بدء هيئة تحرير الشام عملياتها في شهر نوفمبر من العام الماضي، بحسب بيانات صادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويعتقد رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري، أن روسيا قد تتجه لتنفيذ غارات ضد الهيئة لأن الهجوم الدمي إذا تكرر ضد النظام فإنه سيفقد الكثير من مناطق السيطرة في محيط منطقة "بوتين وأردوغان" التي من المفترض أنها تشهد هدوء كامل منذ يناير عام 2020.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: هيئة تحرير الشام الإرهابية جبهة النصرة التحالف الدولي هیئة تحریر الشام النظام السوری
إقرأ أيضاً:
مستقبل ينذر بالخطر.. سوريا معرضة للتحول إلى دولة فاشلة دون احترام حقوق المرأة.. رفع هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب يجب أن يكون مشروطًا بإصلاحات أساسية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصبحت سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد، دولة ممزقة تكافح الفراغات في السلطة والفصائل المتنافسة. ومن بين هذه الفصائل، ظهرت هيئة تحرير الشام كقوة مهيمنة. وفي حين سعت هيئة تحرير الشام إلى إعادة صياغة نفسها من جذورها المتطرفة باعتبارها فرعًا من تنظيم القاعدة، فإن نهجها تجاه حقوق المرأة يثير مخاوف جدية بشأن التزامها بالإصلاح الحقيقي.
إن معاملة النساء في ظل هيئة تحرير الشام تقدم لمحة عن طموحات الجماعة الأوسع للحكم في سوريا. حتى قبل الإطاحة بالأسد، فرضت هيئة تحرير الشام قيودًا صارمة على لباس المرأة وتنقلها وأدوارها العامة في إدلب، مما أظهر رؤية قاسية تقوض الجهود الرامية إلى بناء مجتمع تعددي، الأمر الذى يتعين معه أن يعطي المجتمع الدولي الأولوية لحماية حقوق المرأة باعتبارها حجر الزاوية للاستقرار والأمن في سوريا.
محرك للتطرفيسلط ساجان م. جوهيل، مدير الأمن الدولي في مؤسسة آسيا والمحيط الهادئ، الضوء على صلة بالغة الأهمية ولكنها غالبًا ما يتم تجاهلها، وهى كراهية النساء كأعراض ومحرك للتطرف العنيف. في سوريا، لا يشكل قمع حقوق المرأة انتهاكًا لحقوق الإنسان فحسب، بل إنه قوة مزعزعة للاستقرار تعمل على إدامة العنف وعدم الاستقرار المجتمعي. تستخدم مجموعات مثل هيئة تحرير الشام الأيديولوجيات الأبوية لتعزيز السلطة، واستغلال المعايير التقليدية لتبرير استبعاد النساء من أدوار الحكم وصنع القرار.
تاريخيًا، اعتمدت الأنظمة المتطرفة والاستبدادية على كراهية النساء لتعزيز السيطرة. على سبيل المثال، شهدت عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في عام ٢٠٢١ إعادة فرض القيود على تعليم النساء وتوظيفهن بسرعة. وبالمثل، استخدم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" العنف القائم على النوع الاجتماعي كسلاح، واستعباد النساء ووصم الناجيات. في إيران ما بعد الثورة، وعد نظام آية الله الخميني في البداية بالحرية، لكنه سرعان ما قمع حقوق المرأة للقضاء على المعارضة وتشديد قبضته على السلطة.
سياسات قمعيةتعكس سياسات هيئة تحرير الشام في إدلب كراهية راسخة للنساء. فرضت المجموعة قواعد صارمة للزي، وتطلب من النساء ارتداء ملابس محافظة مثل النقاب. ويقابل عدم الامتثال بالغرامات، والتشهير العلني، أو الاحتجاز من قبل شرطة الأخلاق. كما يتم تقييد حركة النساء بشدة، مما يستلزم وجود ولي أمر ذكر للسفر أو الوصول إلى الأماكن العامة. في حين تدعي هيئة تحرير الشام دعم تعليم المرأة، فإن تطبيقها يقتصر على الموضوعات الدينية والمنزلية، مما يحد من التطور المهني ويحصر النساء في الأدوار التقليدية. وبالمثل، فإن فرص العمل مقيدة، حيث يُسمح للنساء فقط بالعمل في قطاعات محددة بدقة مثل التدريس أو الرعاية الصحية في بيئات منفصلة. تُمجِّد دعاية هيئة تحرير الشام النساء كمقدمات للرعاية والأمهات، وهو أمر ضروري لتربية المقاتلين في المستقبل. إن النساء اللواتي يتحدين هذا السرد يواجهن المضايقات والاعتقال والترهيب. وكثيرًا ما يتم عرقلة العاملين في المجال الإنساني، وخاصة أولئك الذين يقدمون الرعاية الصحية للأمهات، مما يؤدي إلى تفاقم ظروف النساء والأطفال في مناطق الصراع.
المجتمع الدوليبذل زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، جهودًا لتصوير المجموعة على أنها معتدلة وبراجماتية، وإبعادها عن ماضيها في تنظيم القاعدة. ومع ذلك، لا تزال حوكمة المجموعة متجذرة في مبادئ متشددة، مما يلقي بظلال من الشك على مزاعمها الإصلاحية. إن تاريخ الجولاني مع تنظيم القاعدة والتركيز الاستراتيجي لهيئة تحرير الشام على دمج نفسها في الثورة السورية يؤكدان على الحاجة إلى التدقيق.
تعيد العديد من الدول الغربية النظر الآن في تصنيف هيئة تحرير الشام كجماعة إرهابية، مع تفكير البعض في رفع العقوبات. ويحذر جوهل من أن مثل هذه التحركات يجب أن تكون مشروطة بإصلاحات ذات مغزى، وخاصة في حماية حقوق المرأة. إن معالجة كراهية النساء ليست مجرد ضرورة أخلاقية بل ضرورة استراتيجية في جهود مكافحة الإرهاب. إن تجاهل القمع القائم على النوع الاجتماعي يؤدي إلى إدامة دورات العنف وعدم الاستقرار.
تجنب الانحدارإن الفراغ في السلطة، كما رأينا في أفغانستان وليبيا والآن سوريا، يمهد الطريق غالبًا للأيديولوجيات المتطرفة والسيطرة الأبوية. يتعين على المجتمع الدولي أن يعطي الأولوية لحقوق المرأة في تعامله مع سوريا. وينبغي أن تكون المساعدات الخارجية والدعم لمجموعات مثل هيئة تحرير الشام مشروطة بضمانات التعليم والوصول إلى الرعاية الصحية والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
يمكن للجهات الفاعلة الإقليمية أن تلعب دورًا محوريًا في دعم إصلاحات قطاع الأمن ومكافحة قضايا مثل الاتجار بالمخدرات. ويجب أن تشمل الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في سوريا أيضًا تفكيك الأنظمة المعادية للنساء التي تغذي التطرف. في غياب الحماية المؤسسية القوية لحقوق المرأة، تخاطر سوريا باتباع مسار الدول الفاشلة مثل أفغانستان وليبيا. ويتعين على المجتمع الدولي أن يطالب أي حكومة سورية جديدة بالتخلي عن الإرهاب، وتفكيك مخزونات الأسلحة الكيميائية، وحماية حقوق الأقليات والنساء. إن كراهية النساء ليست من صنع الثقافة القويمة؛ بل هي محرك أساسي للتطرف. وتمكين المرأة أمر ضروري لكسر دورات العنف وضمان مستقبل مستقر وآمن لسوريا.