السودانيون يتدافعون لاستخراج الجواز "الأغلى عالميا"
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
وسط الآلاف من المصطفين، انتظرت آمنة لأكثر من 6 ساعات في طابور طويل مع أطفالها الخمسة في أحد مراكز استخراج الجوازات في مدينة بورتسودان في شرق البلاد على أمل التمكن من الحصول على جواز السفر الجديد الذي أشار مراقبون إلى أنه أصبح الأغلى عالميا بعد مضاعفة سعره 5 مرات الأسبوع الماضي.
وتقول آمنة لموقع سكاي نيوز عربية إنها مضطرة لتحمل عبء الطوابير والتكلفة "الخيالية"، لتتمكن من الفرار بأسرتها إلى خارج السودان بعد أن حاصرتها مصاعب الحياة الباهظة التكلفة في بورتسودان التي لجأت إليها فارة من القتال في الخرطوم، تاركة كافة مقتنياتها وجوازات سفر أسرتها التي استخرجتها قبل شهر واحد فقط من اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل.
وتضيف "انتظرت طويلا لتنتهي الحرب، لكن لا يبدو أن هنالك أمل للعودة إلى بيتي في الخرطوم (...) نعيش الكفاف هنا في بورتسودان التي ارتفعت فيها أسعار الإيجارات، وتكاليف الحياة إلى الحد الذي خرج عن سيطرة الجميع".
وتشير إلى ان الياس من توقف الحرب دفعها للتفكير في السفر إلى خارج البلاد لعلها تحظى بظروف حياة أفضل وهو ما جعلها تبيع حليها الذهبية لتغطية تكاليف استخراج الجوازات التي وصفتها بـ "الانتقامية".
ورغم التكلفة العالية؛ اصطف آلاف السودانيين من الأطفال والنساء وكبار السن منذ ساعات صباح الأحد الباكرة في طوابير طويلة للغاية في عدد من المراكز في ثلاث من مدن البلاد لبدء إجراءات استخراج الجواز بعد توقف دام نحو 5 أشهر.
واعلنت وزارة الداخلية السودانية الأسبوع الماضي استئناف عمليات استخراج الجواز السوداني؛ لكن الرسوم الجديدة التي فرضت عليه والبالغة 150 ألف جنيه "نحو 250 دولار"، أثارت غضبا كببرا في أوساط آلاف العالقين من المرضى والطلاب والمغتربين.
وفاجات الرسوم الجديدة الشارع السوداني، إذ ارتفعت بأكثر من 500 في المئة مقارنة بما كانت عليه قبل توقف خدمة استخراج الجواز بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث كانت التكلفة الكلية لا تتعدى 30 ألف جنيه.
وترتفع التكلفة الجديدة بأكثر من 400 في المئة عن المتوسط العالمي لرسوم استخراج الجواز والذي يتراوح بين 15 و70 دولار في معظم بلدان العالم.
وبررت وزارة الداخلية السودانية الارتفاع الكبير في سعر استخراج الجواز بارتفاع تكلفة الورق والطباعة؛ لكن مراقبين أشاروا إلى أن أعلى تكلفة لطباعة أجود انواع الجوازات الإلكترونية لا تتعدى 40 دولارا للكتيب الواحد؛ واعتبروا التكلفة مبالغ فيها ولا تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السودانيون في ظل الحرب الحالية.
وقالت الكاتبة الصحفية شمائل النور في تغريدة على صفحتها في فيسبوك: "الدولة عاجزة عن توفير الحد الأدنى لحماية وأمن مواطنها، وفوق ذلك تصعب عليه طريق الخروج بفرض رسوم فلكية على استخراج الجواز... وطالما عجزت عن حماية المواطن يفترض أن تصدر الجوازات مجاناً وتفسح له الطريق للخروج".
ويواجه السودان أوضاعا اقتصادية صعبة للغاية بسبب التداعيات الكبيرة التي نجمت عن الحرب الحالية والتي أوقفت أكثر من 80 في المئة من عمليات الإنتاج، وعطلت جزءا كبيرا من الأنشطة المصرفية، وأوقفت دخول معظم السكان الذين يعتمدون على الأعمال اليومية والمقدر عددهم بنحو 60 في المئة من مجمل سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة يعيش 40 في المئة منهم تحت خط الفقر.
ويواجه آلاف الطلاب والمرضى صعوبة بالغة في مغادرة البلاد بسبب انتهاء صلاحية جوازات سفرهم الأمر الذي حال دون التحاقهم بالجامعات التي تم قبولهم فيها في الخارج، أو الحصول على فرص العلاج في دول أخرى في ظل توقف أكثر من 70 في المئة من الخدمات الصحية بسبب الحرب.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات السودان بورتسودان استخراج الجواز السوداني الجواز السوداني استخراج الجواز حرب السودان الحرب السودانية السودان بورتسودان استخراج الجواز السوداني أخبار السودان استخراج الجواز فی المئة من
إقرأ أيضاً:
مطالب دولية بحماية المدنيين مع تزايد انتهاكات "حرب السودان"
طالبت الولايات المتحدة والأمم المتحدة طرفا الحرب السودانية بحماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني، وسط تزايد متسارع في الانتهاكات التي يتعرض لها السكان في مناطق القتال.
ورصدت هيئات حقوقية عدد من الانتهاكات المرتكبة من طرفي الحرب، شملت عمليات تعذيب أسرى وحملة اعتقالات وتصفيات وملاحقات طالت مئات المدنيين والسياسيين.
واتهم المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سيف ماجانجو طرفي القتال باستهداف المدنيين العزل بالقصف الجوي والأرضي الذي تتعرض له الأسواق والأحياء السكنية بشكل شبه يومي.
وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييللو: "يجب على قوات الدعم السريع والقوات المسلحة والمجموعات المقاتلة معهما احترام التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي واتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين".
وأبدى حقوقيون، مخاوف كبيرة من تدهور أوضاع العالقين في مناطق الحرب، وتزايد الانتهاكات في ظل اتساع رقعة القتال المستمر منذ منتصف أبريل 2023 وشموله أكثر من 70 في المئة من مناطق البلاد والارتفاع الملحوظ في أعداد الضحايا المدنيين.
وتزايدت خلال الأيام الأربع الماضية الغارات الجوية التي ينفذها طيران الجيش، وعمليات القصف المستمرة من قبل قوات الدعم السريع.
ووفقا لتقديرات مرصد حقوق الإنسان ومنظمات حقوقية أخرى فقد سقط منذ الأربعاء أكثر من 55 شخصا بسبب القصف الجوي على مناطق في دارفور بغرب البلاد والعاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في الوسط، كما قتل وأصيب العشرات في عمليات قصف استهدفت عدد من الأسواق والأحياء السكنية في أم درمان شمال غرب الخرطوم وفي مدينة الفاشر بشمال دارفور.
وتقول الأمم المتحدة إن القصف الجوي والأرضي المتكرر من قبل طرفي الصراع أدى إلى خسائر كبيرة في أرواح المدنيين، وأثر سلباً على الأمن الغذائي وسبل العيش في بلد يواجه أزمة إنسانية وغذائية حادة، وطالبت بإجراء تحقيقات شاملة ومستقلة، ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته عن انتهاكات القانون الدولي.
وحذرت رحاب مبارك عضو مجموعة محامو الطوارئ من خطورة تلك الانتهاكات التي تضع طرفي القتال أمام طائلة القانون والمسائلة.
الإفلات من العقاب
في حين تعهدت قوات الجيش والدعم السريع مرارا بالتحقيق في الانتهاكات المرتكبة، إلا أن استمرار تلك الانتهاكات عزز الشعور بعدم جدية الطرفين في وقفها.
وعقب جريمة قطع الرؤوس التي ارتكبت في مدينة الأبيض عاصمة كردفان في غرب البلاد، العام الماضي، وعد الجيش في بيان صادر عن ناطقه الرسمي بإجراء تحقيقا في الواقعة، لكن رغم مرور نحو عام كامل لم يصدر الجيش حتى الآن أي بيان يؤكد إجراء التحقيق.
وفي الجانب الآخر، تعهدت قوات الدعم السريع بحماية المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، لكن العشرات قتلوا في مناطق سيطرة الدعم السريع في ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ويرى حقوقيون أن استمرار الانتهاكات والأعمال الوحشية هو انعكاس طبيعي لغياب المسائلة.
وفي هذا السياق، يقول المحامي والخبير القانوني معز حضرة لموقع سكاي نيوز عربية إن الإفلات من العقاب أدى إلى تكرار الانتهاكات التي تجرمها اتفاقيات جنيف الأربع ومواثيق القانوني الدولي الإنساني واتفاقيات الصليب الأحمر.
ويضيف "الأفعال التي نشاهدها خلال الحرب الحالية تؤكد تجاهل أطراف الحرب للمواثيق والقوانين الدولية والمحلية".
ملاحقات وتصفيات
تزايدت خلال الفترة الأخيرة عمليات ملاحقة المدنيين على أساس عرقي وسياسي، واعتقل طلاب ونساء حكم على بعضهم بالإعدام تحت قانون الوجوه الغريبة، ويوم الجمعة قتل قيادي في
حزب الأمة بأحد معتقلات الجيش بمنطقة النيل الأزرق جنوب شرق البلاد.
ويوم السبت، أثار مقطع فيديو يظهر جنودا يهددون شابان بالحرق بعد أن غطوهم بإطارات سيارات قديمة، مخاوف كبيرة من تزايد الاستهداف الممنهج بتهمة الانتماء.
وفي الأشهر الماضية نشر ناشطون مقاطع فيديو بشعة تضمنت عمليات ذبح وقطع رؤوس وبقر بطون قام بها جنود الجيش، وأخرى تظهر عمليات قتل طالت مدنيين على يد قوات الدعم السريع.
ويرى الصحفي والمحلل السياسي ايهاب مادبو أن مثل هذه الوقائع تؤكد الانحدار الكبير الذي وصلت اليه الحرب السودانية، وهي مرحلة لم تصل اليها أيا من الحروب التي حدثت في دول المنطقة خلال العقود الماضية، بحسب وصفه.
ويوضح في حديث لموقع سكاي نيوز عربية "الانتهاكات المتكررة التي وقعت منذ اندلاع الحرب وحتى الآن هي انعكاس لخطاب الكراهية والتحريض الذي تم بشكل منظم من غرف داعمة للحرب وتابعة لتنظيم الإخوان بهدف قطع الطريق أمام أي حل سلمي (...) هذا السلوك ورط البلاد في حرب يصعب السيطرة عليها".