وهم الدولة الفلسطينية وحق العودة!
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
وهم الدولة الفلسطينية وحق العودة!
المتضررون العرب من المقاومة الفلسطينية هم أشد محاربة لها ممن تستهدفهم هذه المقاومة، هذه حقيقة قد تبدو صادمة للبعض.
الدولة الفلسطينية لن تقوم، بالمدى المنظور، ليس لأن الاحتلال الصهيوني لا يريد هذا فقط، بل لأن هناك اتفاقا غير مكتوب بين جميع الأطراف لعدم قيامها.
سلسلة عمليات فظة لتجريف المقاومة وتجريمها، سواء في الداخل الفلسطيني أو في الشتات، فجرت قوننة تجريم المقاومة بالبلاد العربية، وألحقت ببند "الإرهاب".
كيف يمكن قيامها مع عدم وجود أرض فلسطينية "محررة"، ومع عدم وجود أصلا أي إرادة لتحريرها؟ بل مع وجود إرادة وفعل على الأرض لدعم التهويد وحمايته وتمويله؟
مطلوب من الفلسطيني أن لا يكون "مواطنا" في بلد اللجوء، لئلا يتحول إلى "وطن بديل!" بل يبقى متعلقا بوهم حق العودة ودولة موعودة يعمل الجميع على منع قيامها!
وهم الدولة الفلسطينية تتبعه أوهام أخرى، ليس الاعتراف بها أقل إيلاما وصدمة منها: وهم العودة والتعويض، رغم أن من الصعب الاعتراف بأن حلم العودة وهم، لكنها الحقيقة.
* * *
الدولة الفلسطينية كانت ولم تزل وهما، تمت تربيته في دفيئات عدة، لأهداف معينة، ولم تزل تستعمل على نحو ما استمرارا لاستثمار المصطلح و"تشغيلا" له، الدولة الفلسطينية لن تقوم، على الأقل في المدى المنظور، ليس لأن الاحتلال الصهيوني لا يريد هذا الخيار فقط.
بل لأن هناك اتفاقا غير مكتوب بين جميع الأطراف لعدم قيامها، والدليل ببساط شديدة، حين كان بالإمكان قيامها بعد إعلان قيام الكيان الصهيوني لم تقم، علما بأنه كان بالإمكان قيامها على الأراضي التي بقيت من فلسطين، ممن لم يحتلها اليهود، ولكنها لم تقم.
فإن كان بالإمكان قيامها على أرض فلسطينية لم تحتل، فكيف من الممكن قيامها مع عدم وجود أرض فلسطينية "محررة" فعلا، ومع عدم وجود أصلا أي إرادة لتحريرها؟ بل مع وجود إرادة وفعل على الأرض لدعم التهويد وحمايته وتمويله؟
وهم الدولة الفلسطينية، الذي عاشت عليه الملايين من مشتتي أرضها والمنتشرين في الآفاق، تتبعه أوهام أخرى، ليس الاعتراف بها بأقل إيلاما وصدمة، ومن هذه الأوهام: وهم العودة، والتعويض، أعلم أنه من الصعب الاعتراف بأن حلم العودة، هو وهم، ولكن هذه هي الحقيقة!
وقد قصد أن لا يموت لا وهم الدولة الفلسطينية ولا وهم العودة، لأنه ببساطة تمت عملية ممنهجة لتوظيفهما بشكل فظ، كي يبقى الفلسطيني متعلقا بأمل لا يمكن تحقيقه ولكن يجب أن يظل "حيا" كي يعيش فيه ولا ينتبه لا للواقع الذي يعيشه، ولا للحقوق المفروض أن يحصل عليها حيث هو!
بمعنى آخر، مطلوب من الفلسطيني أن لا يكون "مواطنا" في بلد اللجوء أينما كان، كي لا يتحول إلى "وطن بديل!"
وفي المقابل، يجب أن يبقى متعلقا بوهم حق العودة والدولة الموعودة، التي يعمل الجميع بلا استثناء على منع قيامها، أو تحقيق عودة لمكان تقريبا لم يعد موجودا إلا في مخيال العقل الجمعي الفلسطيني!
وكي يبقى مشروع الدولة والعودة محض أحلام وأوهام، مطلوب أن لا تعيش أو تموت، تمت سلسلة عمليات فظة لتجريف المقاومة وتجريمها، سواء في الداخل الفلسطيني أو في الشتات، فجرت قوننة التجريم في جل البلاد العربية، وألحقت ببند "الإرهاب".
وأحد أشهر ضحايا هذه "القوننة" المخيفة الصحفي الأردني عبد الرحمن فرحانة، المعتقل في سجون آل سعود هو وعدد من المواطنين الأردنيين والفلسطينيين، بتهمة دعم المقاومة، وهو عمل كان في وقت ما مشروعا عبر صناديق تجمع المال بشكل علني لإرساله إلى فلسطين.
وشيئا فشيئا تحول هذا العمل إلى فعل "جرمي" يعاقب عليه القانون، وشأن عبد الرحمن فرحانة كثيرون، اعتقلوا أو لوحقوا بسبب مقاومة "التطبيع" أو الانتماء إلى "كيانات" تحمل أهدافا غير متسقة مع نهج حصار المقاومة.
أما إذا كانت هذه الكيانات مؤيدة لوهم الدولة والعودة، فمرحبا بها، بل من المحبذ المطلوب أن ترفع عقيرتها مؤيدة لهذا الوهم ومحافظة على إبقائه حيا في الخطاب الإعلامي!
المتضررون العرب من المقاومة الفلسطينية هم أشد محاربة لها ممن تستهدفهم هذه المقاومة، هذه حقيقة قد تبدو صادمة للبعض، ولكن على الأرض العربية والفلسطينية أيضا، هناك حقائق صادمة تجرم من يحمل السلاح ضد الاحتلال، فلسطينيا وعربيا.
فسلطة رام الله اليوم تسخر من تسميها قوى "الأمن الوطني" لمحاربة المقاومين، ومنعهم من حمل السلاح في وجه المحتل، بذريعة حماية المشروع الوطني الفلسطيني(!) وذريعة أشد إضحاكا تقول: لا سلاح إلا سلاح السلطة الوطنية، وهو سلاح يختفي حين يشتد وطيس اعتداء الاحتلال على أبناء الشعب الفلسطيني، ولا يشهر إلا في وجه المقاومين أو المحتجين.
عبد القادر دحدح الذي قتله "الأمن الوطني" الفلسطيني منذ أيام في مخيم طولكرم ليس إلا مثالا مكثفا لما نقول، أما في البلاد العربية، فالمحاكم العسكرية والخاصة جاهزة لإسناد تهم "الإرهاب" لكل من يحاول أن يحول وهم الدولة الفلسطينية أو وهم العودة إلى واقع!
على الفلسطيني خصوصا والعربي عموما أن يصحو من تلك الأوهام، فلا ينتظر "غودو" العربي الرسمي الذي لن يأتي، والأهم أن يكف عن حلم الدولة والعودة، إن كان ينتظر تحقيقهما ممن صنع وهمهما، أما من سيتهمنا بمحاولة بث اليأس بين الناس، و"التسليم" بالهزيمة، فنقول له أن بداية طريق الاستيقاظ من الوهم أن تعرف أنه وهم صنعوه كي تعيش فيه ولا تلتفت إلى واقعك وسنين عمرك التي يأكلها الانتظار.
فلا أنت عشت "هنا" ولا "هناك" مطلوب منك يا أيها الواهم أن تنتبه إلى الكف عن العيش في النفق الذي قيل لك أن في نهايته نور، فلا نور إلا ذاك الذي تضيئه المقاومة وسواه مخدر وجعجعة إعلام!
*حلمي الأسمر كاتب صحفي من الأردن
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين الإرهاب الاحتلال الصهيوني الأمن الوطني سلاح السلطة مع عدم وجود
إقرأ أيضاً:
كيف ولماذا استفزّ ترامب “الدولة العميقة” في مصر؟
سرايا - أيّدت حركة حماس باسم المقاومة الفلسطينية علنًا لا بل تقصّدت إصدار بيان تأييد علني لتوصيات ومقررات قمّة القاهرة العربية الاخيرة لعدة أسباب ومن بينها ملاحظة أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهجير أهل غزة الى مصر والأردن استفزّت الدولة العميقة في مصر بطريقة غير مسبوقة حتى أن مسؤولين في حركة حماس لاحظوا مؤخرا بأن الجانب المصري أنشأ مطبخا سياسيا متحركا يعمل بنشاط شديد ولأول مرة تجاه ما يجري في قطاع غزة.
المطبخ السياسي الأمني الذي يُدير باسم المصريين عناصر وقواعد الاشتباك تأسّس بشكل ناشط مؤخرا وفقا لما لاحظته قيادات في حركة حماس بعد تأكيد الرئيس الأمريكي أكثر من مرة أنه ينوي تهجير أهل غزة الى مصر.
وهو الموضوع الذي يُعتبر بمثابة خط أحمر للأمن القومي المصري، ولاحظ الجميع أن الدبلوماسية المصرية نشطت بشكل ملحوظ الى جانب الاردنية خلال كل تحضيرات قمّة القاهرة الأخيرة.
لكن السبب الرئيسي الذي دفع حركة حماس لإصدار بيان تعبر فيه عن تثمينها للمقررات وجود مساحة إيجابية تتّفق مع ما ناقشته الحركة سابقا مع المؤسسات المصرية والعنصر الأهم في إعلان حماس التأييد لبيان الخدمة العربية هو غياب أي عبارة تُطالب بتسليم سلاح المقاومة.
وقرّر المستوى السياسي لحماس التعامل بهدوء مع بيان القمة قبل صدوره ووضع معايير لإصدار موقف من هذا البيان واشارت تلك المعايير إلى أن تضمن أي عبارات في البيان الختامي لها علاقة بورقة سلاح المقاومة من حيث سحبها أو عدمه هو المعيار الأساسي.
ولذلك تؤكد مصادر حركة حماس على أن عدم وجود نص في البيان الختامي لقمة القاهرة يدعو لسحب سلاح المقاومة قد يكون العنصر الأكثر تأثيرا الذي دفع الحركة لإظهار تأييدها علنًا لبيان القمة ومكافأته بالرغم من وجود بعض الملاحظات.
ومن بينها غموض فكرة الاستعانة بقوات تأمين كما سماها البيان أو أمن دولية الطابع في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ومثل هذا الموضوع لم يسبق أن ناقشته المقاومة الفلسطينية مع المصريين.
الانطباع أن العبارة التي تتحدّث عن قوات من خارج المنطقة لرعاية بعض مناطق التماس ونزع الاشتباك مع الإسرائيليين حتى بتصنيف حركة حماس لا تزال عبارة غامضة.
وتحتاج للكثير من التوضيح والشرح لكن حماس لا يوجد لها موقف محدد من مسألة وجود قوات دولية أو قوات مراقبة دولية وإن كانت النصوص تتحدث حسب بعض التفسيرات في بيان القمة عن قوات تأمين وليس قوات مراقبة.
وهو الأمر الذي قد يدفع باتجاه مشكلات كبيرة لكن بعد الاستفسار شرح دبلوماسيون مصريون أن القصد في الخطة المصرية هو وجود قوات دولية تُراقب ما يُتّفق عليه مثل آلية مراقبة القوات الدولية على الحدود بين لبنان وشمال فلسطين المحتلة.
في مجالات أخرى وزن بيان القمة الختام السياسي بالنسبة لمقايسات ومعادلات حركة حماس كان يستوجب الإشادة خصوصا وأنه لم يتضمّن دعوات إلى سحب سلاح المقاومة كما تضمن خطة فيها قدر من التفصيل بُنيت على أساس إعادة بناء قطاع غزة بدون تهجير السكان خلافا لأن الآلية الانتقالية التي اقترحتها الرؤية المصرية لا خلاف عليها فيما يتعلق بأعاده تكليف لجنة الإسناد وهو مطلب كانت قد اقترحته أساسا حركة حماس بإدارة الأمور خلال ستّة أشهر ثم يتم تشكيل إطار بالتوافق مع السلطة لاحقا في إطار إدارة غزة وهو أيضا عنصر لا تعترض عليه حركة المقاومة الفلسطينية.
رأي اليوم
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #فلسطين#مصر#ترامب#المنطقة#لبنان#القاهرة#اليوم#الدولة#أمن#القمة#غزة#الجميع#الرئيس#القوات#موسكو
طباعة المشاهدات: 976
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 08-03-2025 10:31 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...