تقدمت القوات الأوكرانية مؤخراً نحو مدينة ماريوبول الساحلية الرئيسية، في إطار هجومها المضاد المتواصل ضد المواقع الروسية. وفي الوقت نفسه، شكلت استعادة قرية أوروزاين في دونيتسك نتيجةً جزئية لاستخدام الذخائر العنقودية، وفق الباحث سعدين جارديزي من معهد الرؤية الإستراتيجية في إسلام أباد.

الذخائر العنقودية تحوّل المساحات التي تسقط فيها إلى مناطق غير آمنة للعيش


وقال الباحث في تحليله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية: "أوكرانيا بدأت في استخدام الذخائر العنقودية، التي زودتها بها الولايات المتحدة في ساحة المعركة ضد روسيا في منتصف يوليو (تموز)، بهدف دعم هجومها المضاد ضد المواقع الدفاعية الروسية".

ووصفت الولايات المتحدة استخدامها بأنه "فعال"، وهددت روسيا بالرد بالمثل، حيث صرح الرئيس فلاديمير بوتين بأن لدى روسيا "مخزون كافي" من عدة أنواع من الذخائر العنقودية، التي يمكن استخدامها انتقاماً لاستعمال أوكرانيا للأسلحة ذاتها.

 

Cluster Munitions Will Do More Harm Than Good in the Russia-Ukraine War https://t.co/sLptHX4deT via @TheNatlInterest

— Nino Brodin (@Orgetorix) September 2, 2023


ويُمكن إطلاق الذخائر العنقودية، والمعروفة أيضاً باسم القنابل العنقودية، باستخدام مختلف أنواع الأسلحة. ويُعرف عن الذخائر العنقودية أنها أسلحة تنفتح في الهواء وتطلق كميات هائلة من الذخائر الصغيرة المتفجرة، مما يؤدي إلى تدمير الأهداف، أو إصابتها اضابات خطيرة بشكل عشوائي، من خلال المتفجرات والشظايا على مدى فترات طويلة من الزمن وعبر مساحات شاسعة.


مشاكل الأسلحة العنقودية


وأوضح الكاتب أنه تنتج عن استخدام هذه الأسلحة مشكلتان رئيسيتان، أولهما، عدم القدرةعلى التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، كما يظهر جلياً في تسببها بإلحاق أضرار جسيمة بالمدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال. ثانيهما أنها غير موثوقة نظراً لمعدل فشلها المرتفع. وبالنظر إلى أن انتشارها على مساحة واسعة هو سمة أساسية تحفز الدول على استخدامها، فإن القنابل الصغيرة التي لا تنفجر تظل نشطة وخطرة بطريقة مماثلة للألغام الأرضية.

 

 

The work of cluster munitions on the occupiers to the east of Kleshcheevka.

48°31'44.8"N 38°00'33.2"E pic.twitter.com/JhEIoojXp9

— Getty (@region776) September 3, 2023


ومن ثم فإن الذخائر العنقودية تحوّل المساحات التي تسقط فيها إلى مناطق غير آمنة للعيش، ما يؤثر على حياة المواطنين العاديين. وقد يطلق المزارعون القنابل الصغيرة عن غير قصد أثناء عملهم في حقولهم، كما قد يظنها الأطفال ألعاباً، ما يُجبر الجمهور بشكل عام على العيش في حالة دائمة من الخوف والارتياب.
وزعمت وزارة الدفاع الأمريكية أن الذخائر التي يتم إرسالها إلى أوكرانيا تتميز بمعدل فشل يقل عن 2.35%. ومع ذلك، يقول الباحث إنه من المهم ملاحظة أن التقييمات التي يتم جمعها من التجارب في البيئات الخاضعة للرقابة تختلف بشكل كبير عن تلك المسجلة في ظل ظروف القتال.

 

هجمات على قرى


علاوة على ذلك، وعلى الرغم من تلقي البنتاغون تأكيدات كتابية من كييف بشأن قصر استخدام القنابل العنقودية لإضعاف  المواقع الدفاعية الروسية في المناطق غير الحضرية فقط، فقد وردت تقارير عن استخدامها في هجمات على القرى الروسية في منطقة بيلغورود.
وإلى ذلك، نظراً لوجود هذه الأسلحة في مخزون وحدات المدفعية، فإن خطر استخدامها بشكل غير مصرح به أو عرضي وسط ضبابية الحرب، سيظل قائماً.
ومن وجهة النظر العسكرية، فإن الذخائر العنقودية تعود بالعديد من الفوائد، ويتمثل الأساس المنطقي الرئيسي الذي قدمته الولايات المتحدة وأوكرانيا لتوفير واستخدام هذه الأسلحة صراحةً في فائدتها في كسر شوكة الخنادق الروسية، التي ما تزال تبطئ عملية تقدم الهجوم المضاد الأوكراني.


آثار طويلة المدى


وأشار الكاتب إلى أن هناك حاجة ماسة إلى توقف كل من روسيا وأوكرانيا عن استخدام الذخائر العنقودية في الصراع، نظراً للآثار طويلة المدى لهذه الأسلحة، والتي تفوق الأهداف العسكرية قصيرة المدى لكلا الطرفين .
وقال الكاتب إنه ينبغي لجميع الدول الكبرى التي لم توقع على اتفاقية حظرالذخائر العنقودية أن تفعل ذلك، بدءاً بالقوى الكبرى، وذلك حتى يتسنى وضع حد للمعاناة التي استمرت لعقود من الزمن، والتي تطال المواطنين العاديين بسبب الذخائر العنقودية. وقد يبدو هذا الهدف بعيد المنال، نظراً للأجواء الحالية التي تتسم بالاستقطاب وانعدام الثقة، ولكنه يظل هدفاً يستحق السعي لتحقيقه، وفق الباحث.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الذخائر العنقودیة

إقرأ أيضاً:

الحرب والفيضانات والأوبئة.. ثالوث ينهش جسد السودان (تقرير)

منسق الطوارئ في دارفور بمنظمة أطباء بلا حدود، تونا تركمان: أكبر أزمة إنسانية في العالم والتي يشهدها السودان تحولت إلى كارثة كبرى ونحن في حالة طوارئ ونحاول منع حدوث وفيات جماعية

وكالة الأناضول

** منسق الطوارئ في دارفور بمنظمة أطباء بلا حدود، تونا تركمان:
- أكبر أزمة إنسانية في العالم والتي يشهدها السودان تحولت إلى كارثة كبرى
- نحن في حالة طوارئ ونحاول منع حدوث وفيات جماعية
- يجب بذل جهود عاجلة لإرسال كميات ضخمة من المساعدات
-آلاف الأطفال يواجهون خطر الموت جوعا
- أزمة نقص الغذاء الحادة وصلت إلى مستويات كارثية
-الكثير من السودانيين يكتفون بوجبة واحدة أو أقل يوميا
يواجه السودان تحديات هائلة جراء الحرب الأهلية والفيضانات وانتشار الأوبئة، وسط حاجته الملحة لمساعدات إنسانية وإغاثية ضخمة وعاجلة.

تونا تركمان، منسق الطوارئ في دارفور بمنظمة أطباء بلا حدود، سلط الضوء، في حديث للأناضول، على الأوضاع الانسانية المتدهورة في السودان.

وقال تركمان إن الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتصاعدة في المنطقة أدت إلى تفاقم "الأزمة الإنسانية وتدهور الوضع الصحي في البلاد".

وأوضح تركمان الذي يعمل في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور السودانية، إن الأوضاع الإنسانية في هذه المنطقة "متردية"، محذرا من تزايد الهجمات الجوية عليها.

إلى جانب ذلك، فإن الفيضانات غير المسبوقة منذ ثمانينيات القرن الماضي والتي تشهدها دارفور تسببت بـ"عرقلة الجهود الإنسانية بشكل كبير"، وفق قوله.

واستكمل قائلا: "فرقنا تواجه صعوبات كبيرة في العمل ضمن المناطق التي تشهد اشتباكات نشطة".

وذكر أن دارفور واحدة من "أكثر المناطق تضررا بسبب نقص المساعدات الإنسانية، خاصة وأنها لم تحظَ بوصول القدر الكافي من مواد الإغاثة الأممية".

وعن أزمة النزوح في البلاد، أشار تركمان إلى تقارير الأمم المتحدة التي تحدثت عن نزوح نحو 11 مليون شخص بينهم مليونان فروا إلى دول مجاورة، فيما نزح البقية لمناطق مختلفة داخل السودان.

ولفت إلى أن مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، "محاصرة من قبل قوات الدعم السريع فيما تشهد معارك عنيفة".

ومنذ 10 مايو/ أيار الماضي، تشهد مدينة الفاشر اشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع"، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لكل ولايات دارفور (غرب).

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

**أزمة متشابكة

وقال المسؤول في أطباء بلا حدود إن أكبر أزمة إنسانية في العالم والتي يشهدها السودان تحولت إلى "كارثة كبرى".

وأضاف إن الأزمة في السودان "متشابكة"، لافتا إلى أن العمليات الإغاثية الطارئة تواجه "تحديات ضخمة" في ظل "نظام صحي منهار بالكامل".

وعن تلك التحديات، قال تركمان إنهم يواجهون "مشاكل كبيرة جدا في توفير الإمدادات الطبية بسبب عدم قدرة موظفين دوليين وأمميين على الوصول للمناطق المنكوبة".

واستكمل قائلا: "ما زلنا ننتظر وصول شاحنات برنامج الأغذية العالمي إلى جنوب دارفور، لكنها لم تصل بعد".

وأشار إلى أن "المخاطر الأمنية والعوائق البيروقراطية أعاقت وصول مساعدات من الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى"، كانت منظمته تتوقع وصولها للسودان.

**الأوبئة والمجاعة

وعن انتشار الأوبئة، قال تركمان إن منظمته تكافح انتشار مرض "الملاريا" في جنوب دارفور.

وفيما يتعلق بالجهود المبذولة في إطار ذلك، قال إن مكافحة هذا المرض يتم عبر "إنشاء نقاط صحية متنقلة".

وأكد أن "الكوليرا" تفشى في 9 ولايات بالسودان، لافتا إلى "اتخاذ تدابير للسيطرة على الأوبئة"، دون ذكرها.

وحول تأثير الأزمة على الأطفال، قال تركمان إن "معدلات سوء التغذية بين الأطفال في جنوب دارفور تجاوزت حدود الطوارئ".

وتابع: "أزمة نقص الغذاء الحادة وصلت إلى مستويات كارثية (...) ونقص الغذاء يؤثر بشكل كبير على الأطفال".

وحذر من أن آلاف الأطفال يواجهون خطر الموت جوعا، لافتا إلى أن الكثير من السودانيين يكتفون بوجبة واحدة أو أقل يوميا.

وأشار إلى أن "حجم الأزمة الحقيقي غير ظاهر بوضوح لأن الوضع لم يتم تقديره بشكل كامل"، متابعا "نحن في حالة طوارئ، ونحاول منع حدوث وفيات جماعية".

وطالب المنظمات الإنسانية الدولية والأمم المتحدة والمتبرعين الدوليين بـ"بذل جهود عاجلة لإرسال كميات ضخمة من المساعدات للسودان".

وفي 7 سبتمبر/ أيلول الجاري، قال برنامج الأغذية العالمي في منشور على "إكس"، إن استمرار حرب السودان يُعرض نصف السكان للجوع الشديد، في أول مجاعة مؤكدة بالعالم منذ 2017.

ويبلغ عدد سكان السودان نحو 49.5 مليون نسمة، وفق أحدث التقديرات غير الرسمية.

**المستشفى التركي

قال تركمان إن المستشفى التركي بمدينة نيالا، والذي أنشأته الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا" بالتعاون مع الحكومة السودانية، ما زال يقدم خدماته.

وتابع إن الفريق الطبي الذي تلقى تدريبات من وزارة الصحة التركية (دون تحديد الفترة)، تمكن من "توفير الخدمات الطبية وتشغيل المستشفى طوال فترة الحرب".

ولفت إلى أن المستشفى كان يعمل في السابق بكوادر طبية قادمة من تركيا لكن اندلاع الحرب أعاق إرسال فرق طبية جديدة.

وأردف: "رغم كل التحديات، ما زال المستشفى يوفر خدمات الرعاية الصحية للمرضى والجرحى".

وفي ختام حديثه، أشار تركمان إلى التنسيق المستمر بين منظمته ووزارة الصحة التركية وسفارة أنقرة في الخرطوم لـ"تقديم الدعم والمساعدة" في المجال الإنساني بالسودان، قائلا إن هذا التعاون "مصدر فخر كبير لتركيا".

وعام 2014، افتتح المستشفى رسميا على يد البروفيسور أمر الله إشلر، نائب رئيس الوزراء التركي حينها، تحت إشراف "تيكا" بتكلفة بلغت 35 مليون دولار.

وتبلغ مساحة المستشفى التركي بنيالا 11 ألف متر مربع، كما يضم 150 سريرا، منها 46 سريرا للعناية المشددة، وثلاث غرف للعمليات، وقسمان للتوليد، وقسم للتصوير الشعاعي ومخبرا.  

مقالات مشابهة

  • قتلى الحرب الأوكرانية.. جمهوريات روسيا الإسلامية تدفع ثمنا باهظا
  • بالأرقام.. تقرير للأمم المتحدة يكشف "كارثة غزة"
  • تقرير اقتصادي: ليبيا في صدارة الدول المستوردة للمواد الزراعية من منطقة “كراسنودار” الزراعية الروسية
  • في يوم التوحيد.. ماذا قال بوتين عن الحرب الأوكرانية؟
  • “العقوري” يطلع على مسودة تقرير حقوق الإنسان التي أعدها الفريق المُشكل من ديوان مجلس النواب
  • تصريحات خطيرة بخصوص عقيدة الأسلحة النووية الروسية
  • الكرملين: يعلن قرب اعتماد العقيدة النووية الروسية المحدثة
  • الكرملين:تعديلات على العقيدة النووية الروسية
  • الحرب والفيضانات والأوبئة.. ثالوث ينهش جسد السودان (تقرير)
  • بالتفاصيل.. تعرف على تكنولوجيا القنابل الأميركية التي استخدمها “جيش” الاحتلال الإسرائيلي