كركوك تترقب قرارات سياسية وأخرى أمنية.. اجتماعان “هامّان” في بغداد خلال ساعات
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
أكد عضو لجنة الامن والدفاع النيابية النائب ياسر اسكندر وتوت، اليوم الأحد ، عقد اجتماع “هام” خلال الـ 48 ساعة القادمة، لبحث تداعيات الاحداث في كركوك.
وقال وتوت في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن “احداث كركوك يوم امس مثيرة للقلق لكن جرى احتوائها بسرعة من خلال سلسلة قرارات عاجلة من قبل حكومة السوداني وعاد الهدوء التدريجي، واليوم بدأت عملية فتح الطرق وعودة الحياة الى وضعها الطبيعي”.
وأضاف، أن “لجنته ستعقد اجتماعا مهما خلال الساعات 48 المقبلة لبحث تطورات وأحداث كركوك وهي بذات الوقت تدعو القطعات الامنية الى احترام المواطن ومنع المساس بأمن الدولة”، مؤكدًا أن “هناك مقررات ستصدر عقب الاجتماع”.
وأشار الى أن “لجنته تتابع عن كثب الاوضاع في كركوك وهي في تماس مباشر مع القيادات الامنية للوقوف على اي تطورات”.
كركوك تدار من بغداد
بالاثناء، أكد القيادي في الإطار التنسيقي جبار عودة، في وقت سابق من اليوم الاحد (3 أيلول 2023)، أن أوضاع محافظة كركوك ستكون على رأس الملفات التي سيناقشها الاطار في اجتماعه المقبل.
وذكر عودة في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ان “الأحداث المتسارعة في كركوك يوم امس اثارت قلق الرأي العام في العراق لكن سرعة تحرك حكومة بغداد واتخاذ سلسلة قرارات عاجلة اسهمت في احتواء الموقف الذي كان متوترًا في بعض المناطق”.
وأضاف، أن “إدارة كركوك من قبل الحكومة الاتحادية خيار استراتيجي لا رجعة عنه وتدعمه اغلب المكونات وتراه وضعًا عادلًا ومنصفًا ويمنع أي أزمات في مدينة تشكل عراقًا مصغرًا، لافتا الى ان” كركوك ستكون على رأس الملفات التي سيجري مناقشتها في اجتماع الاطار المقبل”.
وأشار عودة إلى أن “لجنة تحقيق بدأت فعليا أعمالها في معرفة حيثيات سقوط ضحايا في أحداث كركوك”، مشددا على “ضرورة تجنب البيانات الحادة التي تؤدي الى تأجيج الاحداث التي لاتخدم اي طرف، لان الاستقرار والأمان مصلحة جماعية لكل المكونات دون استثناء”.
ليلة الأحداث المقلقة
ومساء أمس السبت (2 أيلول 2023)، شهدت محافظة كركوك توتراً أمنيا تطور الى إطلاق نار من قبل مجهولين، ما أدى الى وقوع قتلى وجرحى، اثناء احتجاج كردي “مضاد” لاعتصام العرب الرافضين لتسليم المقر المتقدم للعمليات المشتركة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني
وأعلن المتحدث باسم شرطة محافظة كركوك عامر شواني، في وقت سابق من اليوم الاحد (3 أيلول 2023)، رفع حظر التجوال و فتح الطريق بين كركوك وأربيل بعد انسحاب المعتصمين.
وقال شواني في بيان إنه “تم رفع حظر التجوال و فتح الطريق بين كركوك وأربيل بعد انسحاب المعتصمين من امام مقر العمليات المشتركة”.
واضاف أنه “تم ايقاف امر تسليم مقر العمليات لحزب بارزاني الى أشعار اخر”.
وأمس السبت، وجه القائد العام للقوات المسلحة، محمد شياع السوداني، “بفرض حظر التجوال في كركوك والشروع بعمليات أمنية واسعة في المناطق التي شهدت أعمال شغب لغرض تفتيشها بالشكل الدقيق” داعياً أيضاً، “جميع الجهات السياسية والفعاليات الاجتماعية والشعبية، إلى أخذ دورها في درء الفتنة والحفاظ على الأمن والاستقرار والنظام في محافظة كركوك”.
المصدر: وكالة تقدم الاخبارية
كلمات دلالية: محافظة کرکوک فی کرکوک
إقرأ أيضاً:
عودة النازحين السودانيين-مناورة سياسية فوق أنقاض وطن ممزق
شعارات براقة تُخفي حسابات القوة
في خضم الحرب الأهلية السودانية المستعرة، تتصاعد دعوات بعض الأطراف السياسية والحكومات المحلية لعودة النازحين إلى مدنهم المدمرة. إلا أن هذه الدعوات، عند تمحيصها، لا تمثل سوى محاولة لاستخدام الأزمة الإنسانية كورقة ضغط سياسي
وفق منطق "الريال بوليتيك"، حيث تكون الأرواح مجرد تفصيل في معادلة المصالح. ففي ظل تآكل الدولة، تتحول معاناة المدنيين إلى أداة تفاوضية بين الفصائل المسلحة واللاعبين الإقليميين.
الانهيار الهيكلي للدولة: مدن تحت أنقاض الحرب
مدنٌ مثل الخرطوم ونيالا والفاشر تحولت إلى أطلال بلا حياة. هذا الدمار الشامل لم يكن عشوائيًا، بل كان ثمرة استراتيجية ممنهجة تهدف إلى سحق مقومات الحياة المدنية:
تدمير البنية التحتية: المرافق الحيوية كالمياه والكهرباء تُستهدف عمدًا، لتجويع السكان وإجبارهم على النزوح أو الخضوع.
تسييس المؤسسات الخدمية: المدارس والمستشفيات تحولت إلى مقار عسكرية، في رسالة مفادها أن السلطة باتت بأيدي السلاح لا القانون.
انهيار الأمن: لم يعد الأمن غائبًا فقط، بل أصبح أداة تحكم. تنتشر الميليشيات بحرية، وتدار حياة المدنيين عبر الرعب المسلح، بينما تستغل بعض الأطراف مظاهر "استعادة الأمن" لتكريس سيطرتها.
تقارير الأمم المتحدة الأخيرة، التي حذرت بشكل واضح من أن الخرطوم لم تعد آمنة للعودة، تكشف زيف الخطاب الرسمي وتدين عمليًا غياب مؤسسات الدولة.
لعبة العودة: من المستفيد؟
خلف دعوات "العودة الآمنة" تتوارى حسابات سياسية بحتة:
تحسين الصورة أمام المجتمع الدولي: إظهار انخفاض أعداد النازحين يوحي بتحسن الأوضاع، مما يسهل استقطاب المساعدات الخارجية، التي غالبًا ما تُوظف لإدامة الصراع لا إنهائه.
ترسيم السيطرة الديموغرافية: إعادة توطين النازحين بشكل انتقائي يسمح للفصائل بفرض واقع ديموغرافي يخدم مصالحها، خصوصًا في مناطق الموارد كالذهب والأراضي الزراعية.
التخفيف عن دول الجوار: الضغوط المتزايدة على مصر وتشاد وجنوب السودان تجعلها تتغاضى عن أدوار بعض الفصائل المسلحة، وتقبل بها كأمر واقع في سبيل تقليل عبء اللاجئين.
اللاجئون- رهائن صراع إقليمي
دول الجوار تتعامل مع أزمة اللاجئين بمنطق المصالح:
مصر: تتبنى سياسات تضييق على اللاجئين لدفعهم للعودة رغم المخاطر، حفاظًا على استقرارها الداخلي وعلاقاتها مع القوى النافذة في السودان.
تشاد: توظف وجود اللاجئين كورقة تفاوضية لطلب الدعم الأوروبي، مقابل "ضبط الحدود" ومنع تدفقات الهجرة نحو أوروبا.
هذه السياسات توضح أن حق العودة ليس قضية إنسانية فحسب، بل ملف يُدار عبر حسابات معقدة ترتبط بالأمن الإقليمي والمكاسب الاقتصادية.
العودة الآمنة- شرط مستحيل في واقع الفوضى
وفق معايير السياسة الواقعية، تبدو شروط العودة، كما تطرحها المنظمات الدولية (وقف القتال، نزع السلاح، وجود قوات أممية محايدة)، أقرب إلى الأمنيات منها إلى الإمكانات:
نزع السلاح مستحيل- الفصائل تعتبر السلاح مصدرًا أساسيًا لقوتها السياسية والاقتصادية، ولا توجد قوة قادرة حاليًا على إرغامها على التخلي عنه.
إعادة الإعمار غائبة- في ظل انعدام سلطة مركزية معترف بها دوليًا، لا تجد الدول المانحة مبررًا لضخ أموال قد تقع في أيدي أمراء الحرب.
غياب الضمانات الدولية- المجتمع الدولي عاجز عن فرض حلول مستدامة في ظل انقسام مواقفه وتعدد أجنداته تجاه السودان.
الدم كعملة لشراء السلام
في ضوء هذه المعطيات، يصبح الحديث عن عودة النازحين اليوم أقرب إلى الخديعة السياسية. أطراف النزاع، ومعها بعض القوى الإقليمية والدولية، تدير الأزمة بهدف الحد من الخسائر وليس إنهاء المأساة.
السودانيون الذين نزحوا تحت وابل الرصاص والقذائف ليسوا فقط ضحايا الحرب، بل أسرى في لعبة مصالح تتجاوز حدودهم الوطنية.
الدرس الأشد قسوة أن السلام في السودان لن يتحقق عبر عودة متسرعة إلى مدن مدمرة، بل عبر إعادة بناء دولة عادلة حقيقية — وهو حلم ما يزال بعيد المنال، طالما ظل الدم أرخص من كلفة السلاح.
zuhair.osman@aol.com