أصداف : ما بعد «الحرب الهجينة»
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
نقصد بـ»الحرب الهجينة» جانب السِّلاح المستخدم في هذا النَّوع من الحروب، فقَدْ تصدَّى خبراء ومفكِّرون واستراتيجيون لهذا المصطلح القديم ـ الجديد وتناولوه من عدَّة زوايا. لكنَّ اللافت أنَّ ثمَّة تطوُّرات واضحة في أنواع الأسلحة المستخدمة في الحروب والهجمات التي انتشرت على الأقل خلال عَقْد من الزمن. أمَّا أبرز التجارب التي يُمكِن مناقشتها في البحث في هذا الموضوع فهي «المواجهة الروسيَّة ـ الأوكرانيَّة» إذ إنَّها تختلف عن الهجمات التي تُنفِّذها الولايات المُتَّحدة ضدَّ أهداف تعدُّها مُعادية لها ويتركز نشاطها في الشرق الأوسط، لكنَّ الحرب التي ما زالت مشتعلة في منطقة القرم منذ فبراير ـ شباط 2022 تسجِّل سابقة في المزج بَيْنَ نوعَيْنِ من الأسلحة وعلى أوسع نطاق، فيتمُّ الإعلان بصورة شِبْه يومي في كييف وموسكو عن التصدِّي للطائرات المُسيَّرة التي يستخدمها الطرفان، ورغم استخدام الطرفيْنِ التقنيَّات المتطوِّرة في معالجة تلك الهجمات، إلَّا أنَّ البعض مِنْها يصل الأهداف المرسومة ويصيبها ويحدث الضرر وبدرجات متفاوتة، كما أنَّ الهجمات السيبرانيَّة لَمْ تتوقف هي الأخرى، وأنَّ غالبيَّة هذه الهجمات تُحقِّق كامل أهدافها أو جزءًا مِنْها.
إلى أين تتَّجه الحروب في العالَم؟
بعد أكثر من قرن من استخدام الأسلحة التقليديَّة التي شهدت منذ بداية القرن العشرين وفي مختلف أنواع الأسلحة تطوُّرًا كبيرًا، فقَدْ ظهرت الطائرات المقاتلة وطوَّرت الدوَل والشركات كثيرًا في أدوات القتل لهذا السِّلاح الفتَّاك، وحصل تطوير هائل للمدافع المختلفة، ومِثل ذلك حصل للدبابات وناقلات الجنود والفرقاطات والبوارج وحتَّى الزوارق الحربيَّة الصغيرة والمتوسِّطة، وجميع هذه الأسلحة عبارة عن قطعة جامدة لا فائدة مِنْها بِدُونِ العنصر البَشَري، لهذا فإنَّ الجزء الأكبر من التطوير لتلك الأسلحة يركز على جانب الحماية لمستخدمي هذه الأسلحة. رغم ذلك فقَدْ سقط عددٌ كبير من الطيارين في جميع الحروب والمعارك وحدَثَ الأمْرُ في طواقم الدبابات والدروع وفي أسلحة البحريَّة بمختلف أنواعها.
في الوقت الحالي تجري حرب هجينة من حيث استخدام الأسلحة (روسيا وأوكرانيا) فهناك الأسلحة التقليديَّة ومعها الحرب الإلكترونيَّة بجميع بوَّاباتها وأدواتها، ومنذ اندلاع الحرب وحتَّى الآن تعمل مؤسَّسات وعقول برمجيَّة والذَّكاء الاصطناعي على تطوير النَّوع الثاني من الأسلحة (الإلكترونيَّة) وعِندما تضع هذه الحرب أوزارها إن عاجلًا أم آجلًا، فإنَّ الدوَل والكثير من الحكومات ستخرج بخلاصات عميقة عن النتائج التي حققتها الحرب الإلكترونيَّة في هذه الحرب، ولأنَّ الجميع يتجهون لتقليل الخسائر البَشَريَّة بَيْنَ الجيوش، فإنَّ التوسُّع سيكُونُ في الأسلحة الجديدة، وهذا يعني أنَّ الخطط الخاصَّة بتدريب الطيَّارِين وضبَّاط المدفعيَّة والعديد من الصنوف سيخضع للدراسة والمراجعات، وينعكس ذلك على صناعات الأسلحة الأخرى؟
وستزحف الأدوات الحربيَّة الإلكترونيَّة بقوَّة لتقليص المخازن التقليديَّة من الأسلحة وقَدْ يحصل ذلك بفترة زمنيَّة قياسيَّة.
وليد الزبيدي
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الحروب وتراجع التضخم أبرز مميزات العام 2024
على الرغم من تراجع التضخم في معظم اقتصادات الدول حول العالم، للعالم الذي يكاد ينقضي 2024، إلا أن الناخبين لم يعبأوا بذلك.
وتسبب الارتفاع الهائل في أسعار السلع والمنتجات، خلال السنوات الماضية، في غضب هائل، ارتد على الأحزاب الحاكمة والتي عوقبت في صناديق الاقتراع.
وفي الولايات المتحدة، ساعد ارتفاع التكاليف دونالد ترامب على الفوز بولاية ثانية كرئيس بعد أربع سنوات من هزيمته أمام جو بايدن وخروجه من البيت الأبيض ليردد بعدها أن الانتخابات جرى التلاعب بها.
وفشل أنصاره في محاولتهم لقلب هزيمة ترامب باقتحام مبنى الكونغرس الأمريكي في السادس من كانون الثاني/يناير 2021. وهذا العام، رفعوا أصواتهم في صناديق الاقتراع، مما أدى إلى ظهور قيادة أمريكية جديدة من المرجح أن تختبر المؤسسات الديمقراطية في الداخل والعلاقات في الخارج.
كما أدت المشاعر المعادية للسلطات، والتي نشأت بسبب التضخم، إلى تنصيب حكومات جديدة في بريطانيا وبوتسوانا والبرتغال وبنما.
كما أوصل الناخبون في كوريا الجنوبية المعارضة إلى البرلمان الذي شكلت فيه أغلبية، وهو ما كبح جماح الرئيس يون سوك يول. وفي أوائل كانون الأول/ديسمبر ، فرض الرئيس الأحكام العرفية، وهي الخطوة التي سرعان ما أبطلها البرلمان. كما هزت الانتخابات فرنسا وألمانيا واليابان والهند.
والمكان الوحيد الذي لم يحدث فيه تغيير، كان روسيا، حيث أعيد انتخاب فلاديمير بوتين رئيسا بحصوله على 88 بالمئة من الأصوات، وهو رقم قياسي في روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي.
وواصلت موسكو حربها وحققت مكاسب ملحوظة على الأرض. فيما وعد الرئيس الأمريكي المنتخب بإنهاء الحرب في يوم واحد.
ويخشى كثيرون في أوكرانيا وأماكن أخرى في أوروبا أن يعني ذلك الانحياز إلى بوتين والإبقاء على الوضع الراهن.
كما واصل الاحتلال عدوانه على قطاع غزة وامتدت الحرب إلى لبنان، وفي سوريا، أطاحت مجموعة من جماعات المعارضة المسلحة المنسقة على نحو جيد ببشار الأسد، وهي تسعى الآن إلى إدارة البلاد.
وفي عالم الأعمال، كافحت الشركات في مختلف أنحاء العالم بشأن كيفية التكيف مع الذكاء الاصطناعي. ويمكن تلخيص هيمنة شركات التكنولوجيا بالنسبة للمستثمرين في هذه الحقيقة البسيطة: سبع شركات تكنولوجيا، أو ما يسمى بالشركات السبع المدهشة، تمثل الآن أكثر من ثلث القيمة السوقية لمؤشر ستاندرد اند بورز 500.
إضافة إلى ذلك، فإن إيلون ماسك، الذي يملك إحدى هذه الشركات، وهي شركة تسلا، هو مستشار وداعم مالي للرئيس المنتخب ترامب.