نهضة زراعية من قلب الصحراء الجزائرية
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
تشهد الصحراء الجزائرية، ثورة زراعية حقيقية لم تخيّب الآمال في استصلاح أراضيها، رغم عديد الشكوك التي كانت تحوم حولها، خاصة في ظل صعوبة المناخ، لكن وبتبوّء الولايات الصحراوية للمراتب الأولى في الإنتاج الوطني في عدة شعب، بعد توسيع الرقعة الجغرافية المخصصة للاستثمار في المجال لتصل اليوم إلى 400 عقار فلاحي، وتصبح ترقية الزراعة الصحراوية بذلك رهانا لا مناص من كسبه بغية تحقيق الأمن الغذائي.
يتزايد اهتمام السلطات العمومية بترقية الزراعة الصحراوية، وهي التي تحاول تحقيق الاكتفاء والأمن الغذائي وعدم تسجيل أي انقطاع في عملية إنتاج المحاصيل الزراعية على مدار العام، ما من شأنه ضمان تغطية الأسواق وحاجيات المستهلكين، بعيدا عن تهديدات المناخ وضرَرِه السّلبي النّاجم عن شح الأمطار ونقص مستويات مياه السدود، خاصة وأن ديناميكية الإنتاج الزراعي بالصحراء الجزائرية التي تشكل 80% من مساحة البلاد، قد اتسمت خلال السنوات الأخيرة بالإيجابية والديمومة والقدرة على امتصاص الاضطرابات المناخية، خاصة الجفاف المقلق الذي تعيشه البلاد، وذلك أنّ الصحراء الجزائرية تستمدّ مياهها ذاتيا من المخزون الجوفي الإستراتيجي والرّي المباشر سهّل الاستعمال والاستغلال من الطبقات الأرضية السطحية.
وبما أنّ الفلاحة الصّحراوية بمنأى كلّي عن اضطرابات الجفاف، باعتمادها الأساسي على الرّي الذاتي من المخزون المائي الجوفي وتمتّعها بمزايا طبيعية فريدة ومستدامة مثل سطوع الشمس والدفء الحراري المناسب على مدار الفصول الأربعة، فذلك يُؤهلها لتكون ركيزة ولبنة فعّالة في برامج الإنعاش الاقتصادي وخطط عصرنة القطاع الزراعي.
وفي وقت تعدّ الزراعة ثاني أكبر قطاع في البلاد بعد النفط، ويساهم بنسبة 12.4% من إجمالي الناتج المحلي الخام بقيمة 25 مليار دولار سنويا، حيث تمكن من تحقيق متوسط نمو في العقد الأخير وصل إلى 2.7%، مع تغطية الاحتياجات الغذائية للبلاد بنسبة 73%، سطرت الدولة استراتيجية لتطوير الزراعة الصحراوية، من خلال إقرار قوانين تشريعية وقرارات لفائدة القطاع الأخضر بالمنطقة، قرارات ساهمت في تحويل ما كان مستحيلا في صحرائها إلى حقيقة من خلال الجنان والواحات الغنّاء التي أتت بثمارها.
كما عملت الوصاية على مراجعة كيفيات منح العقار الموجه لإنجاز المشاريع الكبرى والاستثمارات المهيكلة ذات البعد الاستراتيجي لاسيما فيما يتعلق بالحبوب والذرة والشمندر السكري والزراعات الزيتية.
توزيع ما يقارب 400 ألف عقار فلاحي
من جهتها، أكدت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، أنه تم إلى غاية أمس، توزيع ما يقارب 400 ألف عقار فلاحي في الجنوب لفائدة المستثمرين من أجل تعزيز الجهود الخاصة بتحقيق وربح معركة الاكتفاء في المجال الغذائي وتحديدا في مجال الحبوب.
وبدوره، كشف المكلف بالدراسات والتلخيص لدى ديوان وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، مولود تريعة، في تصريح للقناة الإذاعية الأولى، عن تسوية الملفات الخاصة بعقود الامتياز المتراكمة منذ فترة طويلة، ومنها تسليم العقود لفائدة الفلاحين الذين يستغلون أراضي فلاحية دون عقود منذ الاستقلال.
وضمن هذا السياق، أشاد منور صلاط، مستثمر فلاحي من ولاية الجلفة بالتسهيلات الكبيرة التي حصل عليها المستثمرون في قطاع الفلاحة ومنها تسوية عقود الحيازة.
وبدوره، أبرز محمد بن عيسى، صاحب مستثمرة فلاحية في مجال الحمضيات الجهد الذي بذلته السلطات من أجل تذليل الصعوبات أمام المستثمرين في مجالي الاستثمار ونقل المياه عبر الأنابيب من الآبار.
وخلال زيارة ميدانية قادته إلى ولاية تقرت قبل أيام، أكد وزير الفلاحة والتنمية الريفية، عبد الحفيظ محمد هني، على ضرورة الاستثمار في القدرات الفلاحية، سيما بمناطق الجنوب لتحقيق الأمن الغذائي، "وهو ما تتطلبه التحديات الراهنة والمستقبلية التي تستدعي الاستثمار الناجع في القدرات الفلاحية التي تتوفر عليها البلاد لتحقيق الأمن الغذائي وهو الرهان الذي يأتي على رأس مسؤوليات الوزارة"، يوضح الوزير.
وتتوفر ولاية تقرت على إمكانيات هائلة في القطاع الفلاحي مما يؤهلها لأداء دور ريادي في تحقيق مردودية ذات جودة في شتى المحاصيل الزراعية، مما يستوجب بذل المزيد من الجهود لترقية فرص الاستثمار في هذا القطاع وتنويع الإنتاج في شتى الشعب الفلاحية، سيما منها الإستراتيجية، خاصة وأن استراتيجية القطاع، ترتكز على تشجيع وتطوير إنتاج مختلف المحاصيل الإستراتيجية على غرار الحبوب والذرة ومختلف الأعلاف والشمندر السكري ودوار الشمس والتمور.
ومن جهتها، تشهد وادي سوف، التي تعتبر اليوم سلة غذاء الجزائريين، ثورة زراعية حقيقية، بحيث استطاع فلاحوها تبوّء المراكز الأولى وطنيا في إنتاج العديد من المحاصيل الزّراعية المختلفة، على غرار البطاطا، الطماطم، الفول السوداني، والثوم، إضافة على تحقيق إنتاج جد معتبر من التمور ذات النوعية الممتازة، الزيتون، البصل، الخس، البطيخ، الفلفل واليقطين، وغيرها من المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، لتتحول المنطقة وفي ظرف زمني قياسي من منطقة مستهلكة للحبوب والخضر، إلى قطب زراعي مموّن لكل ولايات الوطن ومصدّرة لأفضل وأجود المنتجات إلى الإتحاد الأوروبي، دول الخليج العربي وجنوب شرق آسيا، في ملحمة إبداع صنعتها أيادي مزارعين وفلاّحين تحدّوا قساوة الطبيعة والطقس وصحاري صعبة الترويض، فحوّلوها إلى جنّة خضراء، فيها كل ما لذّ وطاب ممّا تنبته الأرض وتزهره.
المصدر: الخبر
إقرأ أيضاً:
برلمانية: الاستثمار في الشراكات الإقليمية خطوة استراتيجية نحو النمو الاقتصادي
اكدت مرفت الكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن نتائج اللقاءات التي عقدها المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، خلال جولاته الأخيرة تعكس حرص الدولة المصرية على توسيع دائرة شراكاتها الاقتصادية الإقليمية والدولية، بما يتماشى مع خطط التنمية المستدامة التي تتبناها القيادة السياسية.
وأشارت الكسان في تصريحات خاصة لصدي البلد إلى أن زيارة الوزير إلى الإمارات أسفرت عن نتائج ملموسة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، خصوصاً في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة المتجددة، وهو ما يساهم في دعم رؤية مصر 2030 التي تهدف إلى زيادة مساهمة القطاعات غير التقليدية في الاقتصاد الوطني.
وأضافت أن الاتفاق على تشجيع القطاع الخاص في البلدين للدخول في شراكات صناعية يعكس الدور المحوري للقطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.
تعزيز الثقة بين المستثمرين الأجانب والحكومة المصريةوأشادت النائبة بمخرجات اللقاءات التي عقدها الوزير مع ممثلي دوائر الأعمال والشركات الإماراتية، حيث سلط الضوء على المقومات الاستثمارية التي تتمتع بها مصر، خاصة بعد الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة التي شملت تحسين بيئة الأعمال، وتطوير البنية التحتية، وإطلاق حزمة من الحوافز الاستثمارية.
وأكدت أن مثل هذه اللقاءات تعد بمثابة نافذة لتعزيز الثقة بين المستثمرين الأجانب والحكومة المصرية.
وأثنت الكسان على التوجه الحكومي لتنظيم منتدى للأعمال والشراكة الاقتصادية بين مصر والمغرب في أبريل المقبل، مشيرة إلى أن هذا المنتدى سيمثل منصة هامة لتعزيز العلاقات التجارية مع المغرب، وتطوير شبكات الأعمال بين القطاع الخاص في البلدين.
واختتمت الكسان تصريحها بالتأكيد على أهمية مواصلة هذه الجهود لتعظيم العوائد الاقتصادية، وتعزيز فرص الاستثمار، بما يساهم في تحقيق الاستقرار المالي وزيادة الإيرادات العامة للدولة.
والتقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، التقي مع المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، لمتابعة أهم ملفات العمل.
و استعرض الوزير نتائج عددٍ من الجولات الخارجية التي قام بها الأسبوع الماضي، ضمن جهود الوزارة لدفع وتعزيز التجارة الخارجية؛ والترويج للفرص الاستثمارية في مصر، حيث تناول زيارته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ترأس خلالها الوفد المصري في اجتماعات الدورة الرابعة للجنة الاقتصادية المصرية الإماراتية المشتركة، مشيراً إلى أن الاجتماعات أسفرت عن اتفاق الجانبين على دعم وتعزيز علاقات التعاون الاقتصادي في مجالات تشمل: التجارة والاستثمار، والصناعة والابتكار والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والزراعة والأمن الغذائي وسلامة الغذاء، والنقل والخدمات اللوجستية والبنية التحتية، والطيران والنقل البري والبحري واللوجستيات، إلى جانب التوافق على تبادل الخبرات في مجال إقامة وإدارة المُجمعات الصناعية، وكذا تشجيع القطاع الخاص بالبلدين للدخول في شراكات صناعية في عددٍ من القطاعات الصناعية ذات الاهتمام المشترك. وأضاف وزير الاستثمار والتجارة الخارجية أن زيارته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة شهدت أيضاً عقد عدة لقاءات مهمة، حيث جمعه لقاء بممثلي دوائر الأعمال والشركات الإماراتية لاستعراض السياسات الاقتصادية للدولة وفرص ومقومات الاستثمار بالسوق المصرية، في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، وكذا لقاء بممثلي 50 شركة من جنسيات مختلفة وشهد استعراض أهم ملامح الاستثمار في مصر وخطة الدولة لتحسين بيئة الاستثمار، وتعزيز دور القطاع الخاص، بالإضافة إلى لقاء جمعه بمسؤولي شركة اتصالات العالمية، وشهد استعراض استثمارات الشركة الحالية وتوسعاتها المستقبلية بالسوق المصرية.
وتطرق المهندس حسن الخطيب خلال الاجتماع، إلى نتائج زيارته إلى المملكة المغربية، والتي التقى خلالها نظيره وزير الصناعة والتجارة المغربي، لبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة، وتعظيم حركة التجارة البينية بين البلدين الشقيقين، لافتاً إلى أن الوزيرين اتفقا خلال اللقاء على تنظيم منتدى للأعمال والشراكة الاقتصادية B2B بقطاعات محددة، بالقاهرة في أبريل من العام الجاري، لتشجيع إقامة شراكات تجارية وشبكات أعمال بين أوساط القطاع الخاص في كلا البلدين، إلى جانب تفعيل مجلس الأعمال والتحضير لانعقاد اللجنة المشتركة التجارية.