فعاليات مهرجان المالح والصيد البحري التراثية تشهد إقبالاً كبيراً من الزوار
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
الشارقة في 3 سبتمبر / وام / يشهد مهرجان المالح والصيد البحري الذي تنظمه غرفة تجارة وصناعة الشارقة وبلدية دبا الحصن والمجلس البلدي لمدينة دبا الحصن لليوم الرابع على التوالي إقبالاً كبيراً من أبناء مدينة دبا الحصن ومختلف إمارات الدولة الذين توافدوا للاستمتاع بالفعاليات التراثية والأهازيج الشعبية والأنشطة الترفيهية التي تزخر بها النسخة العاشرة من الحدث ، إلى جانب الاطلاع على العروض المتنوعة التي يقدمها المشاركين بدءاً من طرق تمليح السمك وتعبئته وإعداده إلى وسائل صناعة السفن وأدوات صيد السمك وطرقه وما يصاحبها من أهازيج وأغانٍ بحرية قديمة والعديد من المهن البحرية التقليدية التي زاولها الآباء والأجداد.
وسجل الحدث ارتفاعاً كبيراً في نسبة مبيعات المشاركين حيث أشار عدد من الصيادين والأسر المنتجة وأصحاب المحال التجارية المتخصصة بصناعة المالح ومشتقاته إلى الأهمية الثقافية والاقتصادية للحدث الذي يشكل منصة سنوية مهمة لتبادل الخبرات والتجارب والترويج لمنتجاتهم وتعزيز مبيعاتهم من المالح ولاسيما في ظل تواصل نجاح الحدث في استقطاب آلاف الزوار ما يتيح الفرصة لترسيخ التراث البحري وتسليط الضوء على حضارة وتراث إمارة الشارقة خاصة ودولة الإمارات عامة.
وأكد عبد العزيز شطاف مساعد المدير العام لقطاع الاتصال والأعمال في غرفة تجارة وصناعة الشارقة أن التراث البحري يجسد مكوناً رئيساً ومتأصلًا بعمق في النسيج الثقافي لمجتمعنا الإماراتي وتحرص غرفة تجارة وصناعة الشارقة وبالتعاون مع كافة الجهات المنظمة للحدث على استعراض مكونات هذا التراث الأصيل لجميع أفراد المجتمع والاحتفاء بالعادات والتقاليد التاريخية والتراثية لمجتمع البحارة وممارسي المهن المرتبطة بحياة البحر في دولة الإمارات ، فضلاً عن تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية ودعم الصناعات الحرفية والغذائية في المنطقة الشرقية لإمارة الشارقة وتشجيع أبناء المنطقة على تحقيق أفضل استفادة من هذا المهرجان وكذلك التمسك بهذا الموروث وبصناعة المالح باعتبارها واحدة من أهم الصناعات التقليدية في المجتمع الإماراتي وأحد روافد الأمن الغذائي للدولة.
وأكد المشارك علي عبدالله الظهوري أحد المتخصصين بصناعة المالح أنه يحرص على المشاركة في المهرجان منذ نسخته الأولى وبوتيرة سنوية لعرض منتجاته ، مشيراً إلى أنه يعمل بهذه المهنة منذ أيام الطفولة وورثها عن عائلته وأجداده ،منوهاً بأهمية المهرجان بالنسبة للعاملين في مجال المالح والصيد البحري في مختلف إمارات الدولة باعتباره الحدث التراثي الذي يحفظ جزءا عريقا من تاريخ الإمارات ، معرباً عن سعادته بالمشاركة ونجاح الحدث المتواصل في استقطاب العديد من الزوار ولا سيما الفئات الشابة الأمر الذي يساهم في تعريف الأجيال الجديدة بمهنة الآباء والأجداد ولا سيما صناعة المالح التي كانت ولا تزال مهنة أساسية لأهل الساحل من الصيادين.
من جانبها أكدت الجدة مريم محمد عبيد الخشري التي تعمل منذ سنوات طويلة في صناعة "مفارش النخل" أن المهرجان أتاح لها فرصة عرض وبيع العديد من منتجاتها الحرفية المميزة ومن ضمنها "المجبة والسرود والمهفة والسف والخرافة والمكشة" ، وغيرها من المنتجات التي تعتمد على أشجار النخيل في تصنيعها ، معربة عن رضاها عن المهرجان ومستوى الخدمات والدعم والتسهيلات المقدمة للعارضين وللأسر المنتجة مشيرة إلى حرصها على المشاركة بشكل مستمر في دورات المهرجان.
وإلى جانب مشاركة شركات من القطاع الخاص والمحال التجارية المتخصصة في صناعة وبيع المالح ومشتقاته وعدد من الصيادين والأُسر المنتجة حظي الحدث بحضور متميز لعدد من الوزارات والجهات والمؤسسات الحكومية التي حرصت خلال مشاركتها على تقديم مجموعة من الفعاليات والبرامج والأنشطة التوعوية التي تهدف إلى تسليط الضوء على التراث الإماراتي واطلاع الجيل الجديد على التراث البحري والاحتفاء بتاريخ دولة الإمارات العريق إلى جانب استعراض برامجها وجهودها على صعيد ترسيخ ممارسات الصيد البحري المستدامة والحفاظ على الموارد البحرية.
عماد العلي/ بتول كشواني
المصدر: وكالة أنباء الإمارات
إقرأ أيضاً:
قصة الوادي الصغير 31
الكاتب / حمد الناصري
بعد أيام قليلة، اجتمع الاسكندر آرون قائد الشرقيين في البحر الكبير بـ محسن الشيخ وجاء بـ "فلوع".. بضمانات شرقية وقال في كلمته المُقتضبة، مُصوّباً اهتماماته إلى طموح الشرقيين:
ـ نحن نعمل بسريّة تامّة لتفكيك التدابير الغربية في أرض الأعراب، إنّها تهديدات غربية لاتفاقٍ قديم، ولدينا استراتيجية طويلة الأمد مع الأعراب المهتمّين بمشروع الشرق الكبير في البحر والرمال.. وتوسّعنا غايته خدمة الأعراب وحماية مصالحنا في البحر العميق، إذ نُقدّم خدماتنا للأعراب ليكوّنوا أنفسهم وليخدموا أهليهم وليُطوروا مشاريعهم بأنفسهم على أو وفق قيم عالية، وسنتبادل معهم ذلك الاهتمام. ما نهتم به في علاقتنا بالأعراب هو تحرير خزائنهم في جوف رمالهم وبحرهم كي لا ينتفع بها الغربيون، فالأعراب لا يظفرون منها شيء وهم الأحقّ بها من غيرهم.
نحن نقول: لكلّ أرض خيرات وكنوز، ولا نقبل أن يستفيد منها الغربيون ويُحرم منها الأعراب. ذلك ما يُزعج بال مُحسن الشيخ وقيادته في تحالفه الجديد، وصوّب نظره إليه قائلا: فإنْ أنتَ وجماعتك الذين يُناصرون عودة زعامة سيح المالح المتحد من دون تحالف يجمعكم مع جيرانكم ، فأنتم في شقّة ومهلكة ، فكيف تأمن نفسك وجارك غاضب عليك؟، ونحن نرفض بشدّة قيام تحالف جديد من دون أنْ تتساوى الأطراف المتجاورة في ماهية الشراكة المجتمعية ، وخِطّتنا مُتقنة ودقيقة ومدروسة، وهذا دأب الشرقيون في كل عمل استراتيجي بعيد عن الهمجية الغربية وحماقاتهم، وسوف يقضّ أسلوبنا مضجعهم، ويوقظ تفكيرهم ويُعيد التفكير الجديد في شراكتنا معهم وفي كلمتنا العالية.. لا يمكن تبنّي منظور أحادي في عالم تطغى عليه القيم الغربية، فالرؤية بعين واحدة لا تمنح إدراكًا شاملاً.
وصوّب نظره إلى فلوع، ونحن نعلم يا "فلوع" أنّ تلك الأقوام البحرية التي تُجاوركم لا يكرهون الأعراب ولا يحقدون على الرمال الذهبية ولا يحسدون أعراب بحر المرجان على خيراتهم الكبيرة، وهم يُرجئون كلّ تقدّم وتطوّر في ساحل المرجان ورماله، وحتى المُسمّى الجديد " تحالف بحر المرجان" لهم فيه نظر، فهم يتقاسمون معكم شطراً من الرمال والبحر، ويقولون: إنّ تغيير " تحالف بحر المرجان" يخدم القوة الحادية عشرة، ويجب أن يكون التحالف باسم الأعراب، وهنا مربط الفرس.
لكنّ الغربيين أشاعوا الخبر الظالم، وهم يكرهون الأعراب ولا يريدون غير الكنوز البحرية؛ التسلّط والقوة على الممرّات البحرية وصيد الحيتان ومرور السفن الغربية عبر البحر الكبير وبحر الظلمات وإلى رأس الرجاء أو رأس اليابسة والتي اكتشفها أعرابي من الوادي الصغير أو من قرية الراس والساحل الطويل. وأما التي في الرمال فحدِّث ولا حرج.. فذلك يحدث جهراً وعلى مرأى من أعين الأعراب، لكنّهم مُتفرّقون ومُمزّقون ومُختلفون بسبب الغُرباء ذوي الوجوه المكتنزة الذين يهمّهم تفرّق الأعراب واختلافهم للأسباب التي أوضحناها لكم والتي لا تعلمون سرّها ونجواها.
كفانا العمل بصمت والخدمة في السرّ، على الرّغم من أنّ الصمت لغة الأقوياء، لكنّنا لا نقبل بما يقومون به في أرض الأعراب وبحرهم الكبير. أنّهم يُثيرون الفتنة والفوضى بين أقوامهم ويُفرّقونهم، ونحن نقوم بجمعهم، ليقوموا بأنفسهم بكل عمل فيه خير لهم. وضعنا استراتيجيات تخدم مجتمع الأعراب، ولم نقم بتغيير أسماء عشائرهم ولا مُسمّيات عوائلهم.. نحن في الشرق مُلتزمون بمبادي الأعراب وقيمهم العريقة، ونقف ضِدّ هوج الغربيين وهوسهم في تعتيم مبادي القيم والأعراف والأخلاق المُتعارف عليها عند الأعراب.. ونناهض الالتفاتات العوجاء، فكلّ من اعوجّ مساره لا ثوابت له ولا رسوخ.
وحرنَ بقوة وأوقف عينيه في عين فلوع ثم التفت إلى محسن الشيخ قائلا: انظر ماذا فعل الغربيون بالتاجر "فالع"؛ قتلوه أمام عينيك بحجّة أنّه قد تآمر عليك. إنّ هذه الوصمة لاحقتك كعارٍ لا يُمحى.. كيف يقتل رجل أخاهُ طمعاً في المال والزعامة وبتوجيه مُباشر منه؟، وقد اتهموا بعد ذلك السيد ثابت بأنه يُريد إثارة الفتنة في سيح المالح، بينما ثابت هو من المُؤيّدين لزعامتك، فهو يعتبر قيادتك لسيح المالح المُتحد كالأساس المتين، فأنت من أبناء سيح المالح ومن التجّار الكبار الذي يستحقّون الزعامة، ومن المعروفين بتجارة التمر والعسل واللبن المجفّف والأسماك المالحة.. ومن هذه الأعمال عُرف ساحلكم بسيح المالح... أنتم لكم إرث اقتصادي وتطمحون إلى زيادة الموروث قوامًا بتجارة المُبادلة وبأسس جديدة، وبهكذا نسير إلى التطوير، فلا شيء يبقى لا يتغيّر.
تمتم فلوع وهو طامح لعودته زعيماً لسيح المالح، وقال
ـ اعلم يا اسكندر آمون أنا لا أثق بك، فأنت من قدّم أخي إلى منصّة الموت، وكنتُ في حالة ضعف ساعتها، تخلّصت من أخي بخيانة من رجالكم ذوي العيون الزرقاء والأنوف الفطحاء الذين لا أخلاق لهم ولا مُعتقد، فأفكاركم حاقدة على أمة الأعراب وعلى عقيدتنا الراسخة. لن أسكت عن هذه الحادثة مطلقاً.
التفت "إسكندر آمون" قائد الشرقيين في البحر الكبير بغضب وصل حدّ الحماقة، وقال لأحد معاونيه المتخصّص في علم الملامح العصبية والحدس النفسي والهمهمة.. وهمس سراً:
ـ ماذا يقول هذا الوغد.. ملامح وجهه وتحرّك حواجبه، ورفّة عينيه ونظرته الحادة تُنبئ عن يقين أنه مجرم منتقم ويجب التخلّص منه بأسلوب حذر ودقيق.
قال كبير المُعاونين المتخصّص في علم الملامح والحدس النفسي:
ـ لقد نصحتك بأنّ "فلوع " لا يجب أن يكون بيننا بعد هروبه والسؤال.. كيف نجا وقد مررنا حكاية موته وصدّقها الناس، لذا أرى التخلّص منه هو الأهم، فهو يملك أسرارا ً لا يعلمها غيره إلا كبار القادة، ألا ترى كيف يَحادّك ويُشير إلى أشياء مهمة.. وإني أرى ما تراهُ الآن فالتخلص منه ضرورة قصوى، تصل إلى مستوى الخطر، لا نسعى لقتله ولكن لدينا أكثر من خطّة مُحكمة وقد مَشينا على طريقتها منذ سنين، وعلى علمكم وبإذنكم، وقد يقوم بالمهمة الأعراب أنفسهم وسينسبون الجُرم للغربيين لتكون أيديهم مُلطّخة بدم فلوع، وكما تعلم لدينا مُخبرون يأتون بمعلومات دقيقة لا تُخطئها عين ولا يروغ عنها عقل فالمُخبرون الشرقيون لهم مُمارسات فاعلة دقيقة لا تخفى عليكم تفوق المُخبرين الغربيين البُلهاء، ولدينا أعراب آخرون من ضمن مُخبرينا الساعين بينهم، لكنهم عيون نائمة أو صامتة لا يُحدثون شيئاً ولا يقولون إلا ما نأمرهم به، وآخرون لم نُسمّهم لأسباب تعلمها وحدك. ما نطلبه منك المُصادقة على الأمر في الحال، تاركا العمل والفِعل علينا.. ولك ما يُرضيك بالتمام.
ـ كل عمل في حدّ ذاته نشاط ومُتعة. ولكل نشاط قِيْمة وثمن. وكل مُهمة فيها عرض وإنجاز.. ولكل اتفاق أجْر مُقابل والسفينة لا تجري على اليابسة.
ـ إذن تتّفق معنا الآن، أنّ التخلّص منه أمر لازم وبذكاء.. ولا حاجة لنا به. فليذهب إلى الجحيم طالما ليس لديه ما يُقدّمه لمنافع الشرقيين ولسانه أصبح حادّاً لاذعاً، فلنقطع لسانه أوّلاً، ليرى ما يصنعه الشرقيون به.
ـ لا أرى الآن مُناسباً.. دعه يقوم بدور إيجابي لمنافع لنا، ولنأخذ حِذرنا، ونرسل أعيننا لمعرفة التفاصيل الكاملة وبدقّة عالية. وكما بدأنا معه، نعودها إليه بطريقتنا، وكما فعلنا بأخيه أمام عينيه، ولم يبقَ في ذاكرته إلّا ذلك الألم.
سُحب كثيفة، غليظة، سوداء وبيضاء، برق يفصل قطع غليظة عن قطع غليظة أخرى فترتدّ على أدبارها وتلتحم مع التي تليها ورعد ينحدر بصوت قوي يُوقف القلب القاسي فتصيبه بخوف.
حيرة تزداد ودهشة واستغراب، وانقباض تضيق به النفس يُفجّر ما بداخلهم وكآبة مدفونة في صُدور رجال الوادي الصغير.
32