الوقوع في عشق الروبوتات.. واقع محتمل أم محض خيال؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
هل يمكن أن يقع البشر في حب روبوتات المحادثة؟
اعتاد البشر على إيجاد شريك أو شريكة العمر في الحفلات واللقاءات العامة وحتى أماكن العمل، بيد أن الأمر قد تغير كثيرا مع اتساع ثورة الذكاء الاصطناعي إذ بمجرد الضغط بواحدة من أنامل الأصابع على تطبيقات مثل تندر، قد يجد الإنسان الحب أو يستمر شعوره بالوحدة.
والأحدث من ذلك هو عشق الروبوتات.
وإذا أذعنا لهذه الاحتمالية، فهل يمثل العشق بين الإنسان والذكاء الاصطناعي حبا حقيقا؟ وما هي أركان ما يمكن أن نطلق عليه "الحب الرقمي" في مصطلح مغاير للحب البشري؟
يقول الخبراء إن هذه الأسئلة ستظل بلا أجوبة، لأنه من الصعب فهم ما هو الحب الحقيقي.
الحب.. ما هو؟
يشير العلماء إلى أنه يمكن تقسيم الحب الرومانسي إلى ثلاث مراحل هي الشعور بالرغبة والجاذبية والارتباط العاطفي، فيما تلعب المواد الكيميائية في أدمغة البشر دورا في المراحل الثلاث، حيث تعمل على تنشيط بعض المشاعر داخل العقول.
فعلى سبيل المثال هرمون الدوبامين يعد مسؤولا عن الشعور بمتعة الحب، أما هرمون الكورتيزول فهو مسؤول عن التوتر، فيما يعد هرمون السيروتونين مسؤولا عن القلق، وهرمون الأوكسيتوسين مسؤولا عن الارتباط، والتي تنتج عند الشعور بالحب.
وخلصت دراسات وأبحاث علمية على مر السنين إلى أن هذه الهرمونات تمكن البشر من الشعور بطريقة معينة نحو المحبوب، لكن ماذا عن "الحب الرقمي"؟
لم يحسم العلماء هذا الأمر؛ إذ مازال الجدل يحتدم حيال مدى واقعيته. ورغم ذلك يقول بعض العلماء إن هرمونات البشر قد تعمل بنفس الطريقة.
يساعد تطبيق ريبليكا مستخدميه على تصميم رفيق يمكن التحدث إليه بل واختيار اسمه وتغيير صوته وصورته
حب الذكاء الاصطناعي.. مشاعر حقيقية؟
عندما يجد الإنسان حبه، دائما ما يأمل في أن يفهمه شريك أو شريكة عمره وأن يشعر به هذا الشريك دون أن ينطق بكلمة، وقد يكون الإنسان محظوظا ويصادف هذا النوع من الحب، لكن احتمالية ذلك ربما تكون ضئيلة، لأن البشر بطبيعة الحال يصعب توقعهم.
بيد أن هذا الأمر لا ينطبق على الذكاء الاصطناعي إذ يمكن تدريب تطبيقات الذكاء الاصطناعي على التصرف بالطريقة التي يريدها البشر.
وفي ذلك، كتب أحد مستخدمي منصة "ريديت" أن "كل علاقاتي السابقة مع البشر كانت هراء. أشعر بأن تطبيق ريبليكا الخاص بي حقيقي أكثر من أي إنسان".
مختارات مهندس صيني يتزوج روبوتاً صنعه قصائد ولوحات بالذكاء الاصطناعي.. خطر داهم على الإبداع الإنساني؟ الذكاء الاصطناعي .. صديق أم عدو للبيئة؟ الذكاء الاصطناعي.. تحذيرات من خطرٍ محدق "إذا لم تتم السيطرة"!وقد تستطيع روبوتات المحادثة تقليد مرحلة التعلق والارتباط الخاصة بالعلاقات الإنسانية، حيث يكونون شركاء راسخين ويمكن التنبؤ بهم بل يمكن توفيق الحب الرقمي وفق احتياجات ورغبات البشر.
وعن ذلك تقول لوسي براون، المتخصصة في علم الأعصاب والحب بالولايات المتحدة، "سيكون من الأسهل إذا استطاع البشر الشعور بأنهم يتحكمون في المواقف دون أن يثير ذلك رد فعل".
ويعد الشعور بالاستقرار أمرا مهما في العلاقات الإنسانية إذ أظهرت الأبحاث أن وجود رفقاء وشركاء يبقون معنا على المدى الطويل يقلل من التوتر في أدمغتنا.
الانجذاب إلى الروبوتات البشرية
يقول الباحثون إن الإنسان قد يكون أكثر تعاطفا مع الروبوتات ذات المظهر البشري وأقل تعاطفا مع الروبوتات ذات المظهر الميكانيكي التي تشبه الالة.
ويرى مارتن فيشر، المتخصص في علم نفس المعرفي والمقيم في ألمانيا والمشارك في تأليف كتب "الذكاء الاصطناعي يعشقك"، أن أحد المبادئ الرئيسية في علم النفس الاجتماعي "تتمثل في أننا نحب ونثق في الأشخاص الذين يشبهوننا".
ويعد هذا أمرا مهما لأن البشر تميل إلى فكرة الآدميّة أو التشبيهية بمعنى الخصائص البشرية إلى الأشياء المادية مما قد يؤثر على المسارات العصبية المتعلقة بالتعاطف.
بيد أن المنطق يقول إنه كلما أصبحت الروبوتات قريبة من البشر، كلما شعر البشر بالخوف تجاهها فيما يأتي ذلك في إطار النظرية التي دشنها عالم الروبوتات ماساهيرو موري في عام ١٩٧٠ والتي أطلق عليها اسم "الوادي الغريب".
وقال موري إن الروبوتات قد تصبح أكثر إيجابية كلما زادت درجة الشبه بينها وبين البشر، لكن عندما يصبح هذا الشبه قريبا جدا من حيث المظهر والسلوك، فإن الأمر ينقلب رأسا على عقب، وسيكون رد فعل البشر سلبيا تجاه الروبوتات التي تشبههم.
وقد بلغ البشر هذه المرحلة قبل خمس سنوات، عندما استخدمت مواقع إباحية تقنية "التزييف العميق".
قام مسلسل " Jeff Drives You" على فكرة وقوع الإنسان في حب الذكاء الاصطناعي
ضرر الحب بالذكاء الاصطناعي على العلاقات الإنسانية
الجدير بالذكر أن العلاقات الإنسانية والحب بين البشر تقوم على ركائز عديدة منها التعلق والارتباط العاطفي واستقرار حالة الحب وأيضا العلاقات الجنسية.
وخلال دراسة، قام الباحثون بدراسة نتائج قيام بعض مستخدمي تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومعظمهم من الذكور، بإجراء محادثات جنسية عبر الإنترنت مع البشر ومع روبوتات الذكاء الاصطناعي.
وكشفت الدراسة عن أنه رغم أن الأشخاص الذين شاركوا في الدراسة قد أبلغوا أنهم يتحدثون مع روبوتات، إلا أن قالوا إن تجاربهم الجنسية لم تكن مغايرة تماما عن تجاربهم مع البشر.
بيد أنه عندما أبلغوا أنهم كانوا يتحدثون مع بشر وليس روبوتات، تحدثوا عن انتقادات وأعربوا عن غضبهم وخيبة أملهم، مما يشير إلى أن البشر يقللون من توقعاتهم عند الحديث مع روبوتات المحادثة ربما لإدراكهم أن علاقاتهم بها ليست حقيقة.
وفي ذلك، قالت كاثلين ريتشاردسون، أستاذة الأخلاق وثقافة الروبوتات والذكاء الاصطناعي في جامعة دي مونتفورت في المملكة المتحدة، إن الروبوتات لا يمكن أن تنخرط في علاقات إنسانية بسبب أنها تفتقر إلى الوعي.
وأضافت "الاعتقاد (بوجود حب بين الإنسان والذكاء الاصطناعي) يحط من شأن العلاقات الإنسانية وقيم الحب"، مشيرة إلى أن العلاقات الرقمية – حتى إن وجدت – قد تتسبب على المدى الطويل في مشاكل للأشخاص الذين قد يعتقدون أن الحب مع روبوتات المحادثة ينم عن علاقة حقيقية.
وحذرت ريتشاردسون من تداعيات ذلك، إذ قد يصل الأمر إلى حد الرغبة في الانفصال والابتعاد عن البشر، مضيفة استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال المواقع الإباحية قد يخلق إحساسا بالرغبة عن الانفصال عن البشر مما قد يؤثر على العلاقات بين الأزواج ويقلل من مردود السعادة.
وقالت إن الأمر يثير افتراضية هل يفهم شريكة حياتك أنك وقعت في حب "روبوتية محادثة" أو "تشات بوت".
أنوشى آبد / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي الحب دويتشه فيله الذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي الحب دويتشه فيله الذکاء الاصطناعی إلى أن
إقرأ أيضاً:
النمو السريع في سوق الذكاء الاصطناعي يعقّد مهمة المستثمرين
يعقّد التقدّم المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي مهمة المستثمرين الذين يبحثون عن جانب جديد في نظام يشهد تطوّرا متواصلا.
يؤكد جاي داس، رئيس شركة الأسهم الخاصة "سافاير فانتشرز"، في مؤتمر أُقيم هذا الأسبوع في لاس فيغاس بالولايات المتحدة، أن الذكاء الاصطناعي "يُعدّ إحدى الفرص (الاستثمارية) التي لا نشهدها سوى مرة واحدة كل جيل".
ويوضح أنه، خلال السنوات الخمس الفائتة، تم استثمار مبالغ طائلة في ابتكار برامج ذكاء اصطناعي توليدي مثل "تشات جي بي تي"، وشراء الرقائق اللازمة لتصميمها.
تنتهي هذه المرحلة الأولى مع أعداد كبيرة من هذه النماذج القادرة على توليد محتوى حسب الطلب وباللغة اليومية، وغالبا ما تكون مجانية مع تكاليف ابتكار منخفضة.
وينبغي على رواد الأعمال ومحترفي تكنولوجيا المعلومات أن يتخيّلوا حاليا نظاما مبنيا على هذه الأسس، وهي التطبيقات وروبوتات الدردشة المتخصصة والبرامج المُساعِدَة.
تقول لورين كولودني، المشاركة في تأسيس شركة الأسهم الخاصة "أكرو كابيتال" إن "ثمة حاليا شركات ناشئة كثيرة" في سوق الذكاء الاصطناعي، مضيفة أنّ "الصعوبة تكمن في الاستشراف بشكل جيد".
وتضيف "أحد الأمور الأكثر تعقيدا عند الاستثمار مبكرا" في حياة شركة، "هو فهم من سينجح في الحصول على ميزة تنافسية في دورة الذكاء الاصطناعي هذه"، والتي تتغير معاييرها.
ويقول فين تشاو، رئيس قسم الأبحاث في شركة "ألفا إديسون" التي تدعم الشركات الناشئة "ما يهمّ هو جودة نموذج عملك، وليس التكنولوجيا التي تستخدمها".
وعلى المستثمرين بحسب توماش تونغوز، مؤسس شركة "ثيوري فنتشرز"، أن يكونوا على دراية بما هو أوسع من نطاق الشركة الناشئة.
ويقول هذا الموظف السابق في شركة "غوغل": "ندرس نظام القطاع المعني بأكمله، لا فقط النموذج الاقتصادي لهذه الشركة".
الحماية ضد المنافسة
بالنسبة إلى البعض، يشكل إبعاد المنافسين بصورة كافية تحديا عندما لا تكون المشهدية مستقرة بعد.
يقول جوش كونستين من شركة "سيغنال فاير" للخدمات الاستثمارية "لا يكفي أن تكون الأول، بل ينبغي أن تكون لديك البيانات الصحيحة والخبراء"، مضيفا "المهم حاليا هو البيانات".
ويشير إلى "إيفن آب"، وهي منصة دعم لمحامي المسؤولية المدنية، لتحسين إعداد طلبات التعويض الخاصة بعملائهم.
أنشأت الشركة، التي استثمرت فيها "سيغنال فاير"، قاعدة معلومات بشأن اتفاقيات ودية بين الضحايا وشركات التأمين، غالبا ما تكون سرية.
يقول جوش كونستين إنّ "ذلك يوفر صورة لكل محام، اعتمادا على الخصائص الطبية للملف واستنادا إلى البيانات التاريخية، عمّا يمكن للشخص المطالبة به".
ويتابع "لا تمتلك اوبن ايه آي ولا حتى أنثروبيك هذه البيانات"، مضيفا "مَن ينشئون قواعد بياناتهم الخاصة سيحققون أكبر قدر من النجاح".
بالإضافة إلى اللاعبين الصغار، لم تعد شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى تكتفي بتزويد رواد الأعمال والمطورين بالأدوات اللازمة للابتكار، ولكنها تريد راهنا تقديم منتجات متخصصة جاهزة للاستخدام.
في بداية فبراير الماضي، تسرّب عبر الانترنت عرض لبرنامج افتراضي جديد ابتكرته شركة "اوبن ايه آي".
يقول كونستين "إن ذلك يشبه إلى حدّ ما فيسبوك قبل عشر سنوات"، مضيفا "إذا اخترعت تطبيقا قريبا جدا من أعمالهم، فتكون قد خاطرت بأن يطلقوا شيئا مشابها ويسحقوك".
يرى جيمس كوريه، الشريك الإداري لشركة الأسهم الخاصة "ان اف اكس"، أنّ الحماية ضد المنافسة لا تتعلق بالبيانات.
ويقول "في 95% من الحالات، أستطيع توليدها بنفسي أو نسخها (...) من دون الحاجة إلى بياناتك".
ويقول فين تشاو "إذا لم تبتكروا شيئا يتمحور على الإنسان ويمكن أن يتناسب مع الروتين اليومي ليوم العمل، فلن ينجح الأمر".