#رجل_الرصاصة!
أ.د #أمل_نصير
استمعت البارحة على قناة رؤيا إلى مقابلة مع رجل قتل طفلا في عرس، وقضى جزءا من الحكم في السجن… كان يتحدث عن تجربته المؤلمة وندمه، والفوضى التي دبت في حياته بعد هذا الفعل، ولكن اللافت في حديثه تركيزه على أن إطلاق #الرصاص في #الأفراح كان من باب التأكيد على الرجولة والقوة واستعراضهما، والحاجة إلى إثباتها أمام الآخرين، وغير ذلك يمكن أن يندرج في باب نقص الرجولة، وكنت أظن أن هذا العادة من باب التعبير عن الفرح حسب!
مفارقة عجيبة في إصرار الإنسان على تحويل #الفرح إلى #حزن، والحياة إلى موت، لأجل اثبات الرجولة أو غير ذلك من الأسباب، والمفارقة الأكثر غرابة تواضع #الإجراءات_القانونية، وتساهل بعض الناس مع هؤلاء!
أتساءل دائما ما هي العلاقة بين إطلاق الأعيرة النارية والفرح، فلا أجد؛ لأنه من غير المنطق أن تكون هناك علاقة بين شعورنا بالسعادة، وإزعاج الآخرين وترويعهم، وقتلهم، بل هي من أسوأ العادات التي ورثناها عن أجدادنا؛ إذ يُعتقد أنهم اعتادوا إطلاق الرصاص لإعلام الآخرين بوجود مناسبة فرح او غيرها لديهم، أما اليوم، فأصبحت لغة الرصاص هي المعبّر عن حالة الفرح ذاتها! مع أنه لدينا وسائل أخرى كثيرة للتعبير عنه أقل قتلا، وصخبا، وإزعاجا للآخرين.
رأيت فيديو قتل فيه شاب طفلا بريئا في مناسبة ما؛ وحاولت فهم سلوك القاتل قبل وأثناء إطلاقه النار، فلاحظت عجبا من عدم اكتراث القاتل بمن حوله، فلو كان يحمل في يده سيجارة لكان عليه أن يكون أكثر حذرا لئلا يصيب أحدا بها، ولكنه كان يحمل سلاحا، ويستخدمه في حشد من الصغار والكبار، وكأنه يحمل باقة من الورد أو صندوقا من الحلوى يريد أن يوزعها عليهم.
تدخلت دائرة الإفتاء قبل زمن، وقالت قولها في هذه العادة بأنها حرام، ولا تجوز شرعا لما فيها من تخويف وأذى للآخرين، وقالوا إذا كان الرسول عليه السلام نهى عن حمل السلاح مكشوفا خشية أن يؤذي الآخرين عن طريق الخطأ، ونهى عن الإشارة بالسلاح إلى المواطن خشية أن تزّل يداه، فكيف بمن يستعمل السلاح، ويتسبب بقتل الآخرين؟!
ما زلنا بحاجة إلى تشديد الإجراءات مع هكذا نوع من القتل، فالناس يتمادون، بل يخترعون وسائل جديدة في الأفراح من مثل مواكب السيارات المخالفة لكل قواعد السير من سرعة وتزاحم… وتدلي الأجساد من نوافذها، وخروج الرؤوس من سقوفها، وإزعاج الآخرين بزواميرها! إذ أن التلوث السمعي لا يقل خطورة عن أنواع التلوث الأخرى، فنحن لسنا بحاجة إلى ما يصم ّأسماعنا، ويرهق تفكيرنا، ويفزّع أطفالنا.
إذا كان الواحد منا لا يفهم، ولا يريد أن يفهم، وإذا كنا لم نستوعب بعد أخطار هذه العادة السلبية، وإذا وصلت اللامسوؤلية ببعض الأهل إلى تسليم أبنائهم السلاح ليقتلوا به أفراحهم وأفراح غيرهم، ويغتالوا الأمان في بيوتنا، فأين دور الحكومة في ذلك كله؟! لماذا لا تتعامل معهم مثلما تتعامل –مثلا- مثل الجرائم الإلكترونية من تغليظ العقوبات والجمع بين الغرامة الكبيرة، والسجن، وتجعل الامر للحق العام فقط بعيدا عن التدخلات الشخصية لأصحاب العلاقة او للأحكام العشائرية التي قد تتعرض لتأثيرات أو ضغوط كثيرة، وأظن حينها لن نجد من يطلق النار حتى في أحلامه الليلية.
إن عادة إطلاق العيارات النارية هي أسوأ وسيلة للتعبير عن الفرح، وخطر لا مبرر له، وسلوك غير حضاري، ولا بد من إيجاد إجراءات صارمة في التشريع والتطبيق الفعال للتخلص منها. مقالات ذات صلة المسؤولية الغافية 2023/09/03
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الرصاص الأفراح الفرح حزن الإجراءات القانونية
إقرأ أيضاً:
احترافية/إلمام بالتفاصيل الدقيقة/صمود لساعات طوال/ لقجع نجم فوق العادة في ماراطون مناقشة مشروع قانون المالية
زنقة 20 | الرباط
منذ انطلاق الدراسة والتصويت على مشروع قانون المالية 2025 من طرف مجلس النواب في 20 أكتوبر الماضي ؛ داخل لجنة المالية و في الجلسات العامة ، ظهر إسم بارز نال إشادة مختلف المتتبعين ، وهو فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية.
لقجع واكب جميع مراحل المناقشة و الرد على تدخلات الفرق النيابية بالتفاصيل الدقيقة و الأرقام ، وهو ما أبهر مختلف النواب أغلبية و معارضة باحترافية الرجل و إلمامه بجميع التفاصيل و الأمور الدقيقة التي يتضمنها مشروع قانون المالية الذي يعتبر أهم مشروع قانون في حياة كل حكومة.
و بحسب نواب برلمانيين تحدثوا لموقع Rue20 ، فإن لقجع المعروف بحب عمله يظل إلى ساعات متأخرة من الليل داخل البرلمان ولفترات متسلسلة للوقوف على كل صغيرة و كبيرة ، والرد والتفاعل و الإجابة على تساؤلات واستفسارات و هجومات النواب البرلمانيين خاصة المنتمين لفرق المعارضة و أيضا تصحيح المغالطات و الأخطاء التي يمكن أن يسقط فيها نواب غير ملمين بمشاريع قوانين المالية.
و نال لقجع احترام الجميع بحسب تصريحات استقاها موقع Rue20 من داخل قبة البرلمان ، حيث أشادوا بحسن تجاوبه مع النواب و الرد الشافي و الكافي سواء من الناحية السياسية، أو التقنية المعززة بالأرقام.
وتمتد المناقشات وفق مصادر Rue20 إلى ساعات طوال قد تصل الى 20 ساعة متواصلة ، و في الوقت الذي يستريح نواب برلمانيون لأن هناك من يعوضهم في نفس الفريق ، فإن حضور لقجع إلزامي و ضروري لأنه القادر على تمثيل الحكومة و الرد و التجاوب مع نواب الأمة.
هذا الأمر ظهر في المصادقة على الجزء الأول من مشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2025، حيث استمرت جلسة الثلاثاء الماضي لـ23 ساعة مسترسلة، توجت بالمصادقة عليه بالاغلبية.
وقضى فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ليلة بيضاء داخل القاعة 11، وهو يناقش ويرد و يجيب على أسئلة نواب من الأغلبية والمعارضة، تقدموا بنحو 540 تعديلا.
واستعان الوزير بفناجين قهوة سوداء ومياه معدنية، ليغالب النوم و التعب، ليرد ويشرح أسباب رفض الحكومة الكثير من التعديلات، التي جاءت بها فرق الأغلبية والمعارضة.
وغادر العديد من أعضاء لجنة المالية القاعة، إلى الفنادق ، من أجل الخلود إلى النوم، في الوقت الذي صمد آخرون إلى حدود التاسعة من صباح أول أمس الأربعاء.