عربي21:
2025-02-07@08:00:34 GMT

المعارك الآمنة للمعارضة المصرية

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

ما يحدث من معارك وتراشق بين قوى ورموز معارضة داخل مصر هي حرب استنزاف لا علاقة للنظام الحاكم بها، وإن كان هو المستفيد الأول منها، والساعي لتوسيعها واستمرارها.

حرب بين الناصريين والليبراليين، ومعارك بين شباب ثورة يناير، لم يقتصر الأمر على التراشق الإعلامي أو السياسي بل وصل إلى ساحات المحاكم، بلاغ من قيادي ناصري ووزير سابق (كمال أبو عيطة) ضد قيادي ليبرالي (هشام قاسم) يقود الأخير إلى الحبس.

. لم تفلح أي وساطات سياسية في إقناع القيادي الناصري بسحب بلاغه الذي فتح الباب لرجال شرطة صغار أن يدخلوا على الخط ببلاغ جديد ضد قاسم زاد الأمور تعقيدا، وجعل سحب بلاغ أبو عيطة عديم الجدوى القانونية حال حدوثه، وإن احتفظ بجدواه السياسية.

بلاغ آخر من إحدى ناشطات ثورة يناير ضد زميلة أخرى لها في المعسكر ذاته، يتحلق حول كل واحدة منهما حلف من النشطاء، وتكتظ مواقع التواصل الاجتماعي بسب وقذف من كل الأنواع.

يحدث كل ذلك بينما تستعد مصر لانتخابات رئاسية خلال 3 شهور، وهي فترة ذهبية للعمل والاشتباك السياسي مع هذا الحدث حتى لمن لا يرون أي جدية في الانتخابات، لكن قادة ونشطاء القوى المدنية اختاروا المعارك السهلة والآمنة فيما بينهم، وتركوا المعركة الأهم، وهي مواجهة النظام الذي يدعون معارضته، ورغبتهم في تغييره ديمقراطيا.

معارك المعارضة الحالية هي رسالة سلبية جديدة للشعب لفقدان ما تبقى من ثقة في تلك المعارضة، وقدرتها على تقديم بديل حقيقي للنظام، أو حتى اتفاقها على مرشح توافقي ومعه مساعدون يمثلون القوى الرئيسية فيها. النظام الحاكم سعيد بهذه المعارك، بل هو يغذيها، ليدلل من خلالها للشعب على أحقيته في الاستمرار في الحكم حتى بدون انتخابات، وليشوه صورة المعارضة في الوعي الشعبي أكثر مما هي مشوهة
استمرار هذه المعارك الوهمية يعني أن النظام سيصبح أكثر اطمئنانا تجاه الانتخابات، وأنه ليس مضطرا لتقديم برنامج انتخابي لمرشحه (السيسي) ولا لتقديم تنازلات سياسية للشعب أو للمعارضة، من قبيل تهدئة الأسعار، وتحسين بعض الخدمات، أو ضمانات لنزاهة وجدية الانتخابات التي طالبت بها الحركة المدنية وجددها المرشح المحتمل أحمد طنطاوي، أو إفراج عن أعداد أكبر من المعتقلين السياسيين، أو فتح المجال السياسي أو الإعلامي.

للمعارك الحالية فائدة واحدة، وهي التمايز الحقيقي بين الأحزاب والتيارات السياسية، بما يدفعها للمنافسة الشريفة، وتقديم أفضل ما لديها من رموز وأفكار لصالح الوطن ولصالح التطور السياسي. ليس معقولا أننا منذ ثورة يناير لا نستطيع التمييز بين الليبرالي واليساري والناصري، فالجميع يرددون خطابا واحدا تقريبا، ويتحركون تحت يافطة عريضة اسمها القوى المدنية، وهو تعبير مخادع في ذاته، لأنه يقصر الوصف على الأحزاب العلمانية دون الإسلامية، رغم أنها جميعا قوى مدنية في مواجهة القوى العسكرية الممثلة في الجيش والأجهزة الأمنية.

إعلان تيار ليبرالي حر يضم 4 أحزاب حتى الآن هو نقطة بداية صحيحة لإعادة تشكل المشهد السياسي، وبروز ألوان حقيقية وبرامج متنوعة اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، ينبغي أن يتبع ذلك بروز مظلة للأحزاب اليسارية وأخرى للأحزاب الناصرية، ورابعة للأحزاب الإسلامية، وعندها يمكن إعادة تشكيل مظلة الحركة المدنية وفق هذا التشكل الجديد، كما يمكن الحوار بينها حول مرشح توافقي أو مجلس رئاسي وفق برنامج إنقاذ انتقالي متفق عليه، لا يلغي التمايزات فيما بينها، ولكنه يؤجلها إلى ما بعد المرحلة الانتقالية.

انفجار المعارك في الوقت الحالي بين تلك القوى المدنية هو اختيار للتوقيت الخطأ، وحري بكل العقلاء التحرك لوقف تلك المعارك ولو مؤقتا حتى ينتهي الموسم الانتخابي، ويمكن تحقيق مكاسب وطنية ديمقراطية من خلاله على رأسها إطلاق سجناء الرأي.

واجب الوقت الآن ليس إثارة قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني رغم أهميتها (بالمناسبة هذه هي القضية التي فجرت الأزمة بين الناصريين والليبراليين)، ولكن واجب الوقت هو مواجهة الاستبداد المحلي الجاثم على الأنفاس والصدور، والمانع من الحركة والتعبير، بما في ذلك التعبير عن رفض التطبيع.

معارك المعارضة الحالية هي رسالة سلبية جديدة للشعب لفقدان ما تبقى من ثقة في تلك المعارضة، وقدرتها على تقديم بديل حقيقي للنظام، أو حتى اتفاقها على مرشح توافقي ومعه مساعدون يمثلون القوى الرئيسية فيها.

النظام الحاكم سعيد بهذه المعارك، بل هو يغذيها، ليدلل من خلالها للشعب على أحقيته في الاستمرار في الحكم حتى بدون انتخابات، وليشوه صورة المعارضة في الوعي الشعبي أكثر مما هي مشوهة، وليعود إلى لعبته السهلة وهي استقطاب تلك المعارضة تحت جناح ائتلافه الحاكم الذي هندسته الأجهزة الأمنية.

المشهد السياسي في مصر بائس بشكل عام، فالنظام يعاني أزمات لا قبل له بمواجهتها، وديون لا قبل له بسدادها، وابتزاز من الأشقاء قبل الأعداء لا قبل له بصده، ولكنه محظوظ بمعارضته التي تفرغ ما تبقى من طاقتها في معاركها البينية وليس في مواجهته، والتي لا يزال الكثير منها يجد نفسه أقرب له (للنظام) من قربها لبعضها
انقسامات القوى المدنية ومعاركها لا تعني أن القوى الإسلامية في حالة أفضل، فهي أيضا تعاني من الانقسامات ذاتها سواء على صعيد تحالفها، أو داخل التنظيم الواحد، والمقصود هنا التنظيم الأكبر (جماعة الإخوان المسلمين) التي تمكنت من مواجهة القوة العسكرية، وأوصلت أول رئيس مدني، ولكنها الآن تعاني انقساما تنظيميا هو الأشد منذ تأسيسها، وهو انقسام جاء أيضا في الوقت الخطأ الذي كان ينبغي على الجماعة فيه أن تلملم شمل حلفائها، وأن تسعى لتكوين مظلة وطنية أوسع، تتمكن من إحداث تغيير في المشهد السياسي، بما يستعيد المسار الديمقراطي، ويسهم في حلحلة ملف المعتقلين.

المشهد السياسي في مصر بائس بشكل عام، فالنظام يعاني أزمات لا قبل له بمواجهتها، وديون لا قبل له بسدادها، وابتزاز من الأشقاء قبل الأعداء لا قبل له بصده، ولكنه محظوظ بمعارضته التي تفرغ ما تبقى من طاقتها في معاركها البينية وليس في مواجهته، والتي لا يزال الكثير منها يجد نفسه أقرب له (للنظام) من قربها لبعضها، ويتمنى أن ينعم عليه النظام ببعض الفتات فينحاز إليه وليذهب الغلابة الذين يتحدثون باسمهم إلى الجحيم!!

twitter.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الانتخابات السيسي مصر السيسي انتخابات صراعات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المشهد السیاسی القوى المدنیة ما تبقى من

إقرأ أيضاً:

خلاف المعارضة.. ليس على حضور حزب الله!

لم يعد الخلاف حول تشكيل الحكومة الجديدة بين رئيس الحكومة المكلف نواف سلام من جهة وبين الثنائي الشيعي من جهة اخرى، اذ تجاوز البلد هذه المرحلة، حتى ان الخلاف لم يعد بين المعارضة من جهة وسلام على طريق التأليف بل باتت الازمة تطال قوى المعارضة بشكل مباشر حيث تواجه هذه القوى خطر الانقسام الفعلي في ظل عدم وجود اي افق للحل والتسوية لاخراج الحكومة الى النور.

انقسمت قوى المعارضة في الساعات الاخيرة الى فريقين الاول يؤيد نواف سلام ويشجعه على الاداء الحالي فيما الفريق الثاني بات يضغط على سلام كي يقدم اعتذاره عن التشكيل، واذا كان الفريق الاول يضم بعض نواب التغيير مثل مارك ضو ووضاح صادق وغيرهم اضافة الى حزب "الكتائب اللبنانية" فإن الفريق الثاني يضم "القوات اللبنانية" والنواب السنة المتحالفين مع معراب اضافة الى النائب التغييري ميشال الدويهي الذي اعلن وقفا واضحا معارضا لسلام.

وبعيدا عن موقف الدويهي الذي قد يكون نابعاً من رغبة حقيقية بالإبقاء على علاقة جيدة بالقوات لاسباب انتخابية، فإن موقف معراب يتجه ليكون حاداً في مواجهة سلام، وقد رفعت القوات سقف مطالبها بما لا يمكن تحقيقه في السياسة اذ ربطت دخولها الى الحكومة بخروج الثنائي منها او اقله عدم حصولهم على وزارة المالية.

الخلاف بين المعارضة قائم بشكل اساسي على معيار النصر والهزيمة اصلا، ففي الوقت الذي يرى فيه مَن يؤيد سلام ان الرجل انتصر على الثنائي بشكل حاسم ، يعتبر خصوم الرجل انه "انبطح" بالكامل امام "حزب الله" وهذا ما يحول الخلاف الى مزايدات لا تنتهي وتؤثر لاحقا على مسارات التأليف في ظل عدم وجود اي امكانية لهذا الفريق او ذاك للتراجع عن مواقفهم.

وتعتقد مصادر مطلعة انه في حال استمر نواف سلام بإصراره على التشكيل ولم يعتذر فهذا سيزيد الشرخ بين قوى المعارضة وسيجعل من امكانية الوصول الى حل دائم بين اطراف هذه القوى مستحيلا، فلا سلام قادر على مواكبة الخطاب السياسي لهذه الاطراف ولا هي قادرة على التراجع.

وترى المصادر ان المشكلة الفعلية لدى خصوم سلام من المعارضين هي الواقع التمثيلي داخل الحكومة وليس لحضور الثنائي اي مشكلة، اذ ان الحرد القواتي تحديدا مرتبط بحصتها الوزارية وليس بسبب اعطاء المالية للثنائي، لذلك يصبح الحديث عن حل الازمة التمثيلية في مجلس الوزراء لقوى المعارضة ضرورة لدى الرئيس المكلف.

من هنا يبدو ان سلام غير مهتم في حل المشكلة مع "التيار الوطني الحر " لانه يفضل اخراجه من الحكومة ليكون قادرا على التصرف بحصته وتوزيعها على افرقاء المعارضة، كما ان التعامل مع القوى السنية بليونة امر غير ممكن لدى سلام لانه يرغب بتمثيل شرائح تغييرية واسعة..
المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • القوى المدنية السودانية – أي رؤية للتعامل مع الإدارة الأمريكية؟
  • التيار إلى المعارضة
  • تمكين الشباب والهجرة الآمنة.. تعاون مصري دولي لتعزيز الفرص والتنمية
  • الكشف والعلاج لـ 904 من أهالي قرية بريشة بالفيوم
  • من معقل للمعارضة إلى وجهة سياحية.. كيف أصبحت إدلب مقصدًا للسوريين بعد سقوط الأسد؟
  • عدن.. تنسيقية القوى المدنية الحقوقية تدين اقتحام مليشيا الانتقالي فعالية لها بساحة الشهداء بالمنصورة
  • خلاف المعارضة.. ليس على حضور حزب الله!
  • القادري لـ سانا: هدفنا الوصول للاستقرار التربوي وتحقيق العدالة بين المتقدمين، كما نبذل جهوداً كبيرة لمعالجة الأوضاع الإدارية الفوضوية للنظام البائد والتي انعكست على جودة العمل
  • تظل المدرعات أم المعارك والصمود
  • المستشار محمود فوزي يكشف عن 3 مقترحات للنظام الانتخابي