بعد 3500 عام.. اكتشاف عطر «الخلود» الفرعوني المستخدم في التحنيط
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
على مر السنين تظل أسرار الحياة المصرية القديمة كنوزا يتوق الكثيرون لاكتشافها ومعرفة خبايا تفاصيلها، ومؤخرا استطاع العلماء اكتشاف ما يطلق عليه «رائحة الخلود» في تلك الحياة من خلال أوانٍ كانوبية مأخوذة من مقبرة مصرية قديمة لنبيلة تدعى سينيتناي وهي مرضعة الفرعون أمنحتب الثاني، والتي يعتقد أنها ماتت منذ حوالي 3500 عام.
وأتاح التقدم في تكنولوجيا التحليل الكيميائي إعادة تكوين رائحة سائل التحنيط المستخدم لحفظ بقايا مومياء من وادي الملوك حتى تتمكن من العيش إلى الأبد في الحياة الآخرة، حسب ما جاء في صحيفة «الغارديان» البريطانية.
ويسلط العطر الضوء على براعة المصريين منذ ما يقارب 3500 عام في حماية أعضاء سينيتناي، وهي من السيدات المعروفات باسم «حلية الملك» (لقب مصري قديم مختص بالسيدات ذوات المركز الرفيع) باعتبارها عضوا رئيسيا في «حاشية» الفرعون أمنحتب الثاني، بعد أن أرضعته رضاعة طبيعية أثناء طفولته.
وتحتوي رائحة سائل التحنيط على مزيج معقد من المكونات، بما في ذلك روائح شمع العسل الحلوة التي من شأنها أن تحمي من البكتيريا، بالإضافة إلى رائحة مادة الكومارين التي تشبه رائحة الفانيليا، ورائحة راتنجات من أشجار عائلة الصنوبر، وحمض البنزويك (حمض الصمغ) الذي يمكن العثور عليه في العديد من المصادر النباتية بما في ذلك القرفة والقرنفل.
ومع ذلك، فإنه يحمل أيضا رائحة مميزة أقل عطرية تشبه رائحة الطرق الإسفلتية حديثا، حيث استخدم المصريون القدماء الحُمَر، أو البتومين (bitumen) في التحنيط لعزل الأعضاء عن الرطوبة والحشرات.
عطور التحنيط ورغم ندرة النصوص من مصر القديمة التي تكشف عن المكونات الدقيقة المستخدمة في عطور تحنيط الجسد والأعضاء للحفاظ عليها في الحياة الآخرة، استخدم العلماء التحليلات الحديثة لفحص المواد المعنية.
ولم يكشف العلماء الذين يدرسون بقايا البلسم المستخدم في تحنيط السيدة النبيلة سينيتناي، أن العديد من مكوناته جاءت من خارج مصر فحسب، بل قاموا أيضا بإعادة إنتاج العطر.
وكشف العلماء الذين عملوا بشق الأنفس على مكونات سائل التحنيط وساعدوا في إعادة تكوين رائحته على قسائم اختبار العطور الورقية، أن مصر القديمة ربما كانت تمارس التجارة الدولية قبل نحو 1000 عام عما كان يعتقد سابقا.
تجارة قديمة وكانت هناك أدلة مثيرة، من حبات الفلفل الموجودة في أنف مومياء الفرعون الشهير رمسيس الثاني، على التجارة مع جنوب الهند، حيث إن حبات الفلفل هذه لم تكن متاحة إلا هناك.
والآن، تشير مادة صمغية عطرة تسمى الدمر (أو الراتنج)، والتي يعتقد العلماء أنهم اكتشفوها في سائل التحنيط المستخدم في سينيتناي، إلى أن التجارة الدولية كان من الممكن أن تكون موجودة قبل ذلك بكثير، في وقت وفاتها، أي قبل 250 عاما من وفاة رمسيس الثاني.
ومن المحتمل أن يكون مصدر الدمر من أشجار مجنحية الثمر التي تنمو في جنوب شرق آسيا.
وإذا تم تأكيد وجود الدمر، فهذا يشير إلى أن المصريين القدماء تمكنوا من الوصول إلى جنوب شرق آسيا قبل ألف عام تقريبا مما أشارت إليه الأدلة سابقا.
وقالت باربرا هوبر، التي قادت الدراسة من معهد ماكس بلانك لعلم الأرض الجيولوجية: «تظهر هذه النتائج مدى تقدم عملية التحنيط المصرية القديمة - ولكن إعادة تصنيع رائحة الخلود هي أيضا مثل آلة الزمن، اعتاد الناس على النظر إلى المومياوات وقراءة أوصاف المتاحف، لكن هذا يساعدهم على تجربة رائحة الماضي فعليا».
استنشاق رائحة التحنيط وسيتم عرض الرائحة القديمة في متحف موسجارد في الدنمارك في معرض قادم، ما يسمح للزوار باستنشاق نفحة من عملية التحنيط المصرية القديمة.
وتم إعادة إنشائها من خلال أخذ عينات من جرتين تحتويان على كبد ورئتي سينيتناي، اللتين تم إخراجهما من وادي الملوك الشهير في طيبة (الأقصر الآن)، على يد عالم الآثار هوارد كارتر منذ أكثر من قرن.
وتم تقسيم سائل التحنيط إلى جزيئات فردية باستخدام العمليات العلمية بما في ذلك التحليل اللوني، الذي يقصف المواد بالغازات لفصلها بناء على كيفية تحللها بشكل مختلف إلى أجزاء.
وعمل العلماء بشكل وثيق مع صانعة العطور الفرنسية كارول كالفيز وعالمة المتاحف الحسية صوفيا كوليت إيريش لإعادة تكوين رائحة سائل التحنيط.
ووصف العلماء المكونات الستة المعقدة لسائل التحنيط في مجلة Scientific Reports. وتشير هذه المكونات المعقدة إلى الامتياز الاستثنائي الذي تتمتع به سينيتناي، والذي يظهره أيضا من وجودها في وادي الملوك، وهي مقبرة مخصصة عادة للفراعنة والنبلاء الأقوياء.
وقالت هوبر: «إن رائحة الخلود تمثل أكثر من مجرد رائحة عملية التحنيط. إنها تجسد الأهمية الثقافية والتاريخية والروحية الغنية للممارسات الجنائزية المصرية القديمة».
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا المصریة القدیمة
إقرأ أيضاً:
نفاذ جميع تذاكر معرض قمة الهرم...حضارة مصر القديمة في الصين
استقبل شريف فتحي وزير السياحة والآثار، بمقر الوزارة بالحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة، Lui Duo نائب عمدة بلدية شنغهاي بجمهورية الصين الشعبية، والوفد المرافق لها وذلك خلال زيارتهم الحالية لمصر.
حضر اللقاء مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، و Chu Xiaobo مدير متحف شنغهاي، وعدد من قيادات الوزارة وممثلي بلدية ومتحف شنغهاي.
واستهل الوزير اللقاء بالترحيب بنائب عمدة بلدية شنغهاي والوفد المرافق لها، مؤكداً على عمق العلاقات التاريخية التي تربط بين مصر والصين على المستويين الرسمي والشعبي، حيث أن البلدان يمتلكان أقدم الحضارات في التاريخ ويجمعهما حاضر ومستقبل مشرق يشهده تنوع كبير في أوجه واستراتيجيات التعاون المشتركة في مختلف المجالات والتي من بينها مجال السياحة والآثار.
كما أشار إلى الفعالية التي تم إقامتها في مصر العام الماضي للاحتفال بمرور عشرة سنوات على تدشين الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين جمهورية مصر العربية وجمهورية الصين الشعبية، والاحتفال بعام الشراكة المصرية الصينية.
وخلال الاجتماع، استعرض شريف فتحي حجم الحركة السياحية الوافدة من الصين إلى مصر معرباً عن تطلعه لدفع مزيد من هذه الحركة من هذا السوق الهام من خلال تعزيز آليات التعاون المشترك وفتح آفاق أوسع لها في مجالي السياحة والآثار من خلال عدة محاور منها تبني فكرة إقامة معارض مؤقتة للآثار وزيادة عدد الحملات الدعائية المشتركة.
كما بحث الجانبان إمكانية التعاون في مجال المتاحف والتدريب والحفائر الأثرية والبحث العلمي وتبادل الخبرات، كما أعرب الجانب الصيني عن تطلعه لزيادة عدد البعثات الأثرية العاملة في مصر حيث تم مؤخراً بدء أعمال بعثة أثرية جديدة مشتركة بين المجلس الأعلى للآثار ومتحف شنغهاي بمعبد سخمت بمنطقة ميت رهينة الأثرية، وكذلك بعثة جامعة بكين المشتركة مع المجلس الأعلى للآثار والتي سوف تعمل في موقع تل العزيز بميت رهينة، فضلا عن البعثات الأثرية التي تعمل بالفعل والتي من بينها بعثتي معبد مونتو بالكرنك، وجامعة شنغهاي للعلوم والتكنولوجيا العاملة في سقارة بمشروع التوثيق الرقمي للتوابيت.
فيما أعربت Lui Duo، عن سعادتها بزيارة مصر وحسن الاستقبال التي لمسته خلال زيارتها للمتحف المصري الكبير ومنطقة أهرامات الجيزة، مستعرضة نتائج معرض "قمة الهرم ٠٠حضارة مصر القديمة" والمقام حاليا بمتحف شتغهاي الوطني وما حققه من نجاح وما يشهده من إقبال كبير من الزائرين مما دفع المتحف لمد ساعات العمل بالمعرض إلى الفترة المسائية، مشيرة إلى أن المعرض استقبل منذ افتتاحه في يوليو 2024 وحتى الآن أكثر من مليون و 900 ألف زائر والذين توافدوا ليس فقط من مدينة شنغهاي ولكن من مختلف المدن الصينية المجاورة، الأمر الذي يعكس مدي اهتمام وشغف الشعب الصيني بالحضارة المصرية القديمة، لافتة إلى توقعاتها أن يصل عدد زائري المعرض إلى 2,5 مليون زائر بانتهاء مدة عرضه في أغسطس القادم.
كما أعربت عن آمالها بأن تشهد الفترة القادمة آفاق أرحب للتعاون بين البلدين، كما وجهت الدعوة للسيد الوزير لزيارة الصين خلال الفترة المقبلة.