هل يمكن تشكيل "لجان حراسة" ضد عصابات الإجرام بالداخل؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
الداخل المحتل - خــاص صفا
تعالت دعوات تشكيل لجان حراسة لحماية شعبنا في الداخل الفلسطيني المحتل من عصابات الإجرام؛ ولاسيما عقب جريمة قتل أبرز قادة الإصلاح والعمل الدعوي الشيخ عبد اللطيف سامي في كفر قرع أمس السبت.
وجاءت الدعوات في الوقت الذي تتضاعف فيه الجرائم يوميًا من حيث العدد، وتتصاعد خطورتها من حيث الأشخاص الذين يتم استهدافهم.
كما تأتي في وقت بدأت تتكشف فيه خيوط الجريمة المنظمة، ويظهر بشكل واضح وقوف أجهزة "إسرائيل" الأمنية خلفها، من أجل الفتك بفلسطينيي الداخل.
وبلغ عدد ضحايا جرائم القتل في الداخل منذ مطلع العام الجاري حتى اليوم 158، بينهم تسع نساء، وهي حصيلة قياسية مقارنة بالسنوات السابقة.
ومن بين الدعوات لتشكيل لجان حراسة، ما دعت إليه الحركة الإسلامية والقائمة العربية الموحدة، لـ"تشكيل لجان حراسة في بلدات الداخل، لمواجهة عصابات الإجرام".
وقالت القائمة في بيان لها، إن: "استهداف عصابات الإجرام للقيادات الدينية أمثال الشيخ سامي ومن قبله الشيخ عبد الرحمن قشوع، والقيادات السياسية ومرشحي البلديات والسلطات المحلية العربية، وللنساء والأطفال، دون تفرقة، هو دليل على أن عصابات الإجرام رفعت رأسها وتسلّطت على رقاب أبناء المجتمع الفلسطيني".
ودعت "كل السلطات العربية واللجان الشعبية والأحزاب الفاعلة لتبني نموذج لجان الحراسة الشعبية".
كما طالبت قوائم بـ"البحث عن طرق ووسائل حماية للفلسطينيين، بمنأى عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وتصعيد النضال ضد الحكومة الإسرائيلية".
لكن قادة ومختصون يرون أن تبني تشكيل لجان حراسة ضد عصابات الإجرام، على غرار اللجان التي تتصدى للمستوطنين، أمر فيه خطورة، عدا عن صعوبة تطبيقه.
خصخصة الأمن
ويقول القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي بالداخل سامي أبو شحادة: "إن الدعوة إلى تشكيل لجان حراسة أمر خطير".
ويشير أبو شحادة، في حديثه لوكالة "صفا"، إلى "أن هذا يعني استسلامنا كفلسطينيين للأمر الواقع، بمعنى أننا استسلمنا للمؤسسة الإسرائيلية، وأعطيناها الضوء الأخضر والموافقة، على ما تمارسه بالتنصل عن مسئوليتها ودورها الأساسي في لجم الجريمة".
ويرى أن "مجرد تشكيل اللجان، يعني أن الأجهزة الأمنية القائمة بالاحتلال، لن تقوم بدورها تجاه المواطن الفلسطيني صاحب الأرض والمسكن في الداخل، بينما ستقوم على توفير الأمن والأمان لليهودي".
كما يعني تشكيل لجان حراسة- من وجهة نظر شحادة- "خصخصة مجال الأمن، وهو منحنى خطير جدًا، ولا يمكن تقبله".
والأولى في المرحلة الراهنة، هو "البحث عن بدائل عملية تقرب الفلسطينيين من حل الجرائم المستفحلة، لا بدائل تقربهم من وضع أكثر خطرًا"، وفق القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي.
ويرى أن بعض المناطق لا يمكنها تشكيل أو رعاية أو تمويل لجان الحراسة لعدة أسباب، أبرزها طبيعة المدينة أو البلدة.
ويتابع "الجريمة مستفحلة، وتستهدف الفلسطينيين عامة في الداخل، ولكن لا يمكننا نحن كفلسطينيين دفع الضرائب وغيرها لحكومة الاحتلال، والدفع في نفس الوقت للجان الحراسة، ورفع الغطاء والمسؤولية عن أجهزة تلك الحكومة".
ويدعو "من يطرح مثل هذه الأفكار، لدراستها جيدًا ودراسة أبعادها وعواقبها، وإمكانية تطبيقها من عدمه".
ويشير إلى أن لجنة المتابعة العليا واللجان القطرية ستنعقد اليوم الأحد، لـ"اتخاذ ما يلزم لمواجهة الجريمة وتصاعدها، ولاسيما عقب جريمة اغتيال الشيخ عبد اللطيف".
معيقات التشكيل
أما النائب السابق بالكنيست مسعود غنايم، وهو من أبرز الشخصيات التي عملت بالسلطات المحلية العربية، فيرى أن مطلب إقامة لجان حراسة، ليس بالجديد، وهو ضمن محاولات الاعتماد على القوى الذاتية لفلسطينيي الداخل، في مواجهة الجريمة المستفحلة.
لكن غنايم يقول لوكالة "صفا"، إن: "هذا الأمر ليس بالسهل، وهو مع الأسف غير قانوني من وجهة نظر سلطات الاحتلال، وقد تقدمتُ أنا للكنيست سابقًا بهذا الطلب، ورفضوه، بزعم أنها ستأخذ مكان ودور الأجهزة الأمنية الإسرائيلية".
ويتفق غنايم مع أبو شحادة في أن إقامة اللجان قد ينجح في بلدة ويفشل في أخرى، مضيفًا "مثلًا في كفر قاسم يوجد لجان حراسة، وهي تقوم بدورها، لطبيعة المدينة وأهلها، بالرغم من أنها لم تلجم الجريمة بنسبة 100%".
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال لن تسمح بإقامة لجان الحراسة وستعتبرها "سلطة أخرى تريد أن تقوم بدورها"، رغم أن أجهزة أمن الاحتلال لا تقوم بهذا الدور.
ويؤكد أن الفلسطينيين في الداخل "أمام واقع صعب ومعقد، ويجب أن يتطوعوا جميعًا وينظموا أنفسهم على كل الأصعدة الاجتماعية والوطنية والسياسية، لمواجهة الجريمة، وإلا فستبقى مستفحلة".
وتحولت جرائم القتل في الداخل المحتل إلى حدث شبه يومي خلال الأشهر الماضية، في ظل تواطؤ واضح من المؤسسة الإسرائيلية، وتعدي ذلك إلى جلب عصابات الإجرام وزرعها في المجتمع الفلسطيني للقضاء على نسيجه الاجتماعي.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: عصابات الجريمة الجريمة في الداخل الداخل المحتل عصابات الإجرام فی الداخل
إقرأ أيضاً:
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقليمي بالساحل
تواصل وحدات الجيش الجزائري عملياتها العسكرية ضد الجماعات المسلحة المتشددة في مناطق مختلفة من البلاد، إضافة إلى توقيف متعاونين مع جماعات مسلحة، وفق ما تفيد به بيانات وزارة الدفاع من حين لآخر.
ورغم إجراءات المصالحة التي أقرتها الحكومة خلال العقدين الماضيين، تحديدا في عامي 1999 و2005 وسمحت بعودة آلاف المسلحين للحياة المدنية، فإن مكافحة الإرهاب ظلت محورا أساسيا ضمن استراتيجية الأمن الداخلي وعلى الحدود الجنوبية المتاخمة لمنطقة الساحل والصحراء الكبرى التي أصبحت تشكل تحديا أمنيا للجزائر.
وتواصل وحدات الجيش عملياتها الأمنية في مختلف المناطق خصوصا الجنوبية منها، وفي هذا الصدد سلم مسلحان نفسيهما للسلطات العسكرية في برج باجي مختار أقصى الجنوب الجزائري المحاذي لدولة مالي، و"بحوزتهما مسدسين رشاشين من نوع كلاشينكوف وكمية مـن الذخيرة وأغراض أخرى"، وفق حصيلة من 13 إلى 19 نوفمبر الجاري نشرتها وزارة الدفاع الجزائرية.
كما أوقفت وحدات الجيش "ستة عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني"، حسب المصدر نفسه الذي ذكر في وقت سابق أنه تم توقيف 31 متعاونا مع جماعات متشددة خلال الفترة ما بين 25 سبتمبر ومنتصف أكتوبر الماضي.
وتمكنت قوات الجيش الجزائري من "تحييد 30 إرهابيا، وتوقيف 223 عنصر دعم، وكشف وتدمير 10 مخابئ كانت تستعمل من طرف الجماعات الإرهابية"، حسبما أفادت به حصيلة عملياتية أوردتها وزارة الدفاع وتخص النصف الأول من سنة 2024.
وخلال نفس الفترة تم "كشف وتدمير 10 مخابئ كانت تستعمل من طرف الجماعات الإرهابية، مع استرجاع 26 قطعة سلاح ناري و23 قنبلة تقليدية الصنع، بالإضافة إلى كميات من الذخيرة".
وتثار في الجزائر وخارجها مخاوف من تعاظم المخاطر الإرهابية في منطقة الساحل عقب مغادرة القوات الأميركية للنيجر وخروج القوات الفرنسية من مالي، فضلا عن تواجد عناصر مجموعة "فاغنر الروسية" التي تعمل على دعم الحكومات العسكرية في بعض دول المنطقة، كما هو الشأن في مالي.
وكان تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لسنة 2024 ذكر أن حوادث الاختطاف في منطقة الساحل، ارتفعت من 78 في عام 2017 إلى أكثر من 1000 في عام 2023، كما شهدت المنطقة سقوط نصف الوفيات الناتجة عن أعمال إرهابية في العالم، و26 بالمائة من الهجمات.
تهديدات كامنة
وتعليقا على التهديدات التي قد تشكلها هذه الجماعات، يرى خبير الشؤون الأمنية، حسام حمزة، أنها تحولت إلى "كيانات كامنة يمكن أن تشكل تهديدا في أي وقت"، وأن الجيش الجزائري "استطاع الحد بشكل كبير من قدراتها، لدرجة أنها فقدت إمكانيات القيام بأي عمل يمكن أن يهدد الأمن والاستقرار"، إلا أن هذا، وفق المتحدث، "لا ينفي إمكانية توظيفها بشكل أو بآخر من طرف قوى أو تنظيمات معادية".
ويشير الخبير حسام حمزة في حديثه لـ"الحرة" إلى أن تعامل الجيش الجزائري مع بقايا الجماعات المتشددة يفسر توجسه من المخاطر المحتملة والمستقبلية لها على الأمن في الداخل والحدود".
وفي رده على سؤال حول خطر الجماعات الناشطة في الساحل، يؤكد المتحدث أن "المخاوف الجزائرية تكمن في كونها ذات طبيعة عابرة للحدود وقابلة لأن تؤدي دورا وظيفيا يهدد أمن المنطقة برمتها، وهذا ما يجعل التعامل معها حساس جدا".
تنظيمات إرهابية
وأحصى حلف الناتو في تقرير له، بالتعاون مع المركز الإفريقي للبحوث حول الإرهاب، عدة تنظيمات إرهابية متشددة تنشط في منطقة الساحل والصحراء وعلى رأسها "نصرة الإسلام والمسلمين، وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، وجماعة بوكو حرام في تشاد، وولاية غرب أفريقيا"، بعضها بايع تنظم القاعدة الإرهابي، والبعض الآخر موالي لتنظيم داعش الإرهابي.
ويرى الخبير الأمني، عمر بن قانة، أن التهديدات في منطقة الساحل والصحراء الكبرى "تظل قائمة وتهدد مصالح واستقرار المنطقة برمتها"، لكن "من الصعب عليها التموقع خارج نطاقها التقليدي أو مناطق النزاعات لأنها تفتقد في الظروف الحالية لقوة الاختراق".
ويؤكد بن قانة لـ"الحرة" أنه على الصعيد الداخلي، فإن "تجربة الجزائر الطويلة في مكافحة الإرهاب، جعلتها تستوعب وتستشرف قدرات هذه المجموعات، التي تلاحقها وتقضي على عناصرها يوما بعد يوم".
كما أشار المتحدث إلى أن هذه المجموعات "فقدت القدرة على تعزيز قدراتها العددية"، كما أنه لم يعد بإمكانها "تأمين حاجياتها اليومية نظرا لليقظة الأمنية"، لكن ذلك "لا ينفي بقاءها كتهديد لا يمكن تجاهله".
المصدر: الحرة