واحدا من أعلام التلاوة الذين أنجبتهم مصر قبل أكثر من ألف عام، وباتت قراءته من أكثر القراءات شيوعًا فى العالم بعد رواية حفص وانتشرت في شمال أفريقيا وغربها، جاء من إحدى حارات «قفط» جنوب محافظة قنا بصعيد مصر، وعاش فيها بسيطا يبيع رءوس الماشية، وحين تعلم قراءات القرآن شد رحاله إلى مدينة الفسطاط بالقاهرة، حيث عاش بها وعلم تلاميذه في مسجد عمرو بن العاص، وسخره الله لخدمة القرآن الكريم.

من الصعيد إلى الفسطاط

«أبو سعيد عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان»، هو الاسم الحقيقي للإمام ورش، صاحب رواية «ورش عن نافع» القرآنية، ولد في صعيد مصر عام 110 هجريًا، وارتحل إلى شيخه الإمام نافع بن عبد الرحمن أبي نعيم تلميذ الإمام مالك في المدينة المنورة حيث مسجد رسول الله، لينهل من علمه في قراءة القرآن، وعاد إلى مصر، و انتهت إليه رئاسة الإقراء بالديار المصرية في تلك الحقبة الزمنية، ولُقب بـ«ورش» وأيضا أبا سعيد، وقيل في بعض الروايات أبا عمرو، وقيل أبا القاسم.

اختلف شيوخنا في معنى تلقيبه بـ«ورش»، وبحسب كتاب «الوصفة الكاملة من كلام رب العالمين برواية ورش عن نافع»، قال بعضهم هو مأخوذ من قول العرب، ورش الرجل الطعام يرش ورشًا إذا تناول منه شيئًا يسيرًا، فلعله تناول منه شيئًا يسيرًا من طعام، فلقب بذلك.

وقيل أن أستاذه الإمام نافع هو من لقبه بورشان لجمال صوته، حيث شبهه بصوت طائر «الورشان» المعروف وهو نوع من الحمام البري، فكان يقول له دوما، بحسب ما جاء في الكتاب «هات يا ورشان! واقرأ يا ورشان»، ثم خُفف الإسم فقيل: ورش.

أشقر أبيض.. وصف الإمام ورش

«أشقر أزرق أبيض اللون قصيرًا»، هكذا جئ في وصف «ورش القفطي» أو الإمام ورش، بحسب كتاب «شرح الشاطبية»، وكان حسن الصوت جيد القراءة، وباتت قراءة ورش من أكثر القراءات شيوعًا فى العالم بعد رواية حفص، حيث تميزت تلك القراءة بتخفيف همزة القطع وإمالة الألف إلى الياء في أواخر بعض الكلمات.

الفرق بين روايتي ورش وحفص

اختلاف واضح بين روايتي ورش وحفص يكمن في طريقة نطق كلمات القرآن الكريم أو في التجويد أو زيادة الأحرف أو نقصها، أما الفرق بين رواتي ورش وقالون يكمن في الأصول، فإنما يشتركان في حرف نافع، أي في اختياره في الفرش، ويختلفان في تفاصيل بعض الأصول.

انتشار رواية ورش في بلاد المغرب

في بلاد المغرب العربي «تونس، والجزائر، والمغرب وموريتانيا، والسنغال»، وبعض نواحي مصر، وليبيا، وتشاد، والنيجر، ونيجيريا، انتشرت رواية ورش، وهي التلاوة أو الرواية التي كان لَها الانتشار الأكبر في القرون الأولى في مصر، ومنها انتشرت إلى تلك البلدان، وهى ثاني أكثر القراءات شيوعا في العالم الإسلامي بعد رواية حفص عن عاصم.

تربعت قراءة ورش على عرش القراءات في مصر وزاد انتشارها حتى دخول العثمانيين عام 1517 م، حيث عمموا قراءة حفص عن عاصم لكونها الأيسر على الألسن، كما أصبح المذهب الحنفي هو مذهب الدولة السائد.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الإمام ورش القرآن الكريم تلاوات القرآن

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شعبان يكتب: قراءة في عقل ترامب

عرف الرأي العام الأمريكي دونالد ترامب قبل قرابة 35 عاما بالضبط، بعد كتابه الشهير "فن الصفقة"، باعتباره ملك العقارات في نيويورك القادر على إنهاء صفقات ضخمة في وقت قياسي، حتى بدون دراسات وأبحاث مكلفة تستهلك وقتا كبيرا. 

فهو يتحرك نحو الصفقة وفق ما نقله الصحفي الأمريكي الأشهر بوب وودورد عنه بدافع الغريزة، وكما قال له نصا في كتابه الجديد "حرب" الذي صدرت له نسخة مترجمة في القاهرة:"أنا أذهب مع اللكمات مثل أي ملاكم في حلبة القتال" مضيفا:"إذا علم الناس أنك شخصا ضعيفا.. سيلاحقونك"!

ونقل عنه بوب وودورد فلسفة حياته عندما التقاه للمرة الأولى بقوله: "عليك أن تعرف جمهورك.. بالنسبة لبعض الناس كن قاتلا، وبالنسبة لبعض الناس كن كالحلوى.. وبالنسبة لآخرين كن كليهما".. واختصر وودورد قائلا:" قاتل أو لطيف أو كليهما .. هذا هو دونالد ترامب".

وانطلاقا من كتابه فن الصفقة، الذي أصدره في بدايات حياته، وانتهاء لصفقة الفوز بالرئاسة الأمريكية للمرة الثانية، فإن ترامب يتحرك بغرائزه وجمع معه في كلتا ولايتيه رجال يعرفهم جيدا عليهم في ميدان العقارات وهو ميدان عمله طوال حياته، وليس مهما أن يكونوا قد اشتغلوا بالسياسة من قبل، ومنهم مبعوثه للشرق الأوسط ويتسكوف، وهو أحد أبرز رجالات إدارته الجديدة والذي أنهى صفقة غزة.

وخلال الأيام الأولى الماضية منذ بدء فترته الرئاسية، هز ترامب العالم انطلاقا من طريقة تفكيره في كل القضايا السياسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها انطلاقا من فن الصفقة، فهو يقيس كل قضاياه بمنطق المكسب والخسارة، هل تكسب الولايات المتحدة من وجودها في منظمة الصحة العالمية؟ .. لا؟ إذن ننسحب منها، هل تكسب الولايات المتحدة من اتفاقية تغير المناخ؟ .. لا اذن ننسحب منها، وحتى حلف الناتو.. فالولايات المتحدة تدفع أضعاف ما يدفعه الآخرون لذلك هدد سابقا بالانسحاب من الناتو وترك أوروبا عارية أمام بوتين والجميع ينتظرون.

ترامب الذي أصدر عددا من الأوامر التنفيذية المهولة خلال الأيام القليلة التي قضاها في البيت الأبيض، اصطدم بالجميع تقريبا، لكنه يعلم يقينا ما يفعله انطلاقا كما قلنا من غريزته نحو الأشياء.

وطوال الفترة الماضية، فإن تصريحاته لا تمت للسياسة والدبلوماسية بصلة، ولكن صفقة يبحث من وراءها عن المكسب، وهو يرفع شعار عودة الولايات المتحدة الأمريكية عظمي مرة أخرى، ويتخذ قرارات صادمة.. فمن سيزورهم عليهم أن يستثمروا في الولايات المتحدة بمئات المليارات من الدولارات، ومن لا يستجيب سيعاقب على الفور بعقوبات اقتصادية يعلن يقينا أنها مؤلمة انطلاقا من قوة الولايات المتحدة الأمريكية، القوة الأعظم في العالم،  والتي تسيطر وحدها على ربع اقتصاد العالم، ويهدد بفرض رسوم جمركية عنيفة سيظهر الكثير منها بداية فبراير المقبل.

وعندنا في منطقة الشرق الأوسط، جاءت تصريحات ترامب حول رغبته في نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن، لتثير اعتراضات حادة داخل الأوساط المصرية والأردنية والعربية، ليس فقط لأنها قرارات تطهير عنصري لنحو 2 مليون فلسطيني داخل القطاع، ولا أحد يعلم كيف يمكنه أن ينفذ ذلك، دون أن يصطدم بدول ذات سيادة في مقدمتها مصر، التي أعلنت مرارا وتكرارا أنها ضد تهجير الفلسطينيين طوال 15 شهرا من الحرب على غزة، رغم إلحاج نتنياهو وتصرفات حكومته المتطرفة والدفع لتهجيرهم خارج القطاع بعد جعله غير قابلا للحياة. 

إن ما يقوله ترامب خط أحمر ومرفوض جملة وتفصيلا من القيادة السياسية المصرية ومن الشعب المصري، وقنبلة حارقة تكاد تقلتع شعبا من أرضه.

المثير أن، تهجير الفلسطينيين وتداول هذه السيناريوهات الجهنمية بخصوصهم، لم يقف عند تصوراته بنقلهم لمصر والأردن، لقد قال ترامب أنه يفكر في نقل 100 ألف منهم إلى دولة ألبانيا في أوروبا، وجزء منهم إلى أندونيسيا!

أفكار ترامب التصادمية، ظهرت منذ لحظة دخوله البيت الأبيض، لم تترك أحد سواء ما يتعلق بحرب أوكرانيا عندما توجه إلى بوتين بالأمر أن ينهي الحرب، وإلا فإنه سيجد نفسه مضطرا لفرض عقوبات اقتصادية قاسية تضر اقتصاده المنهك، وفي الوقت نفسه لم يلتفت لأوكرانيا بأي مساعدات أو يعد بشىء منها على عكس إدارة بايدن تماما.

ترامب، اصطدم بدول الجوار المكسيك وكولومبيا بخصوص إعادة المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة، إلى دولهم الأصلية وتغيير اسم خليج المكسيك ليصبح خليج أمريكا، واصطدم بكندا جارته في أمريكا الشمالية.

الخلاصة.. ترامب الذي يتحرك بسرعة كبيرة ويصدر عشرات من القرارات التنفيذية في مجالات عدة، يبدوا واعيا تماما بما يفعله، حتى لو داس بقدميه على ثوابت دولية وإقليمية، وأمام هذه الإدارة، لابد تماما من اليقظة والتحرك معها ونحوها بخطوات تنفيذية، فالرجل مؤمن تماما بفن الصفقات حتى في مجال السياسية والعلاقات الدولية، ومن سيتعامل مع ادارته وعناصرها بهذا المنطق سيفوز كثيرا، صفقة أمام صفقة.. هو مؤمن تماما بذلك.

وكلمة أخيرة.. بخصوص الوضع في غزة، فإن ما يطرحة ترامب خطير للغاية على الأمن القومي المصري أولا وعلى القضية الفلسطينية، ولا يمكن لاحد أن يقبله، وعلى الفلسطينيين أن يوحدوا صفوفهم حتى يساعدوا من يريد مساعدتهم، فالفرقة الفلسطينية الموجودة حتى اللحظة، والخلاف العلني بين ما جرى في 7 أكتوبر وتبعاته الكارثية على الشعب الفلسطيني وعلى المنطقة برمتها كبيرا للغاية.

كما أن تحركات ترامب وإدارته منذ اللحظة الأولى، لا توحي بأنه سيتحرك في إطار حل الدولتين وما طرح سابقا وعلى مدى عقود.

عقل ترامب يحمل الكثير، والمؤكد أنه مختلف ومخيف للكثير من دول العالم، وصدق رئيس الوزراء الفرنسي فرانسو بايرو، الذي قال:"إن أوروبا قد تسحق اذا لم تفعل شىء أمام ترامب والسياسة المعلنة لإدارته".

مقالات مشابهة

  • قراءة في رواية ” ينال” للأديب العراقي أمجد توفيق
  • إنقاذ معتمر في زمن قياسي بالمدينة
  • تأملات قرآنية
  • بتروجت: أحمد رضا سيتألق مع الأهلي
  • قراءة في مخاطبات ترمب تجاه الشرق الأوسط والسودان
  • “ميدان الفروسية” بالمدينة المنورة يُقيم الحفل العاشر لسباقات الموسم الحالي
  • آيات قرآنية عن شكر الله عز وجل
  • صدر عن دار الرياحين.. أصول رواية حفص عن قراءة عاصم من طريق الشاطبية
  • النمروش يستعرض خطة تأمين العجيلات مع مديرية الأمن والأجهزة الأمنية بالمدينة
  • إبراهيم شعبان يكتب: قراءة في عقل ترامب