قواعد عامة في حالات الحرب ومآلاتها بخصوص كتاب الرأي
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
جوبا - 30 أغسطس 2023م
في هذه الحرب الجارية الآن انقسم كتاب الرأي إلى قسمين، بصرف النظر أكثُر عددهم هنا او قل هناك، بين مؤيد (سلبا أو إيجابا) لهذا المعسكر أو ذاك. فماذا سيكون موقفنا جميعا (نحن كتاب الرأي) بعد أن تنتهي هذه الحرب؟ إذا انتهت هذه الحرب بتسوية من الناحية العسكرية، فإنها غالبا سوف تستمر في بعدها المدني حربا كلامية ضارية، ذلك ريثما تشتعل عسكريا مرة أخرى، فالحرب أولها كلام.
هناك عدة قواعد تحكم هذه الأوضاع، نرى أنه من الأفضل الإشارة إلى بعضها مما نرى أهميته، ذلك من باب المساهمة في ترفيع وعينا جميعا ككتاب رأي بما قد يحيق بنا، أو ببعضنا، إذا دارت علينا الدوائر.
في استعراضي للقواعد أدناه سوف ابدأ بالشعب وبالجيش من منطلق اندراجهما ضمن المكونات الأساسية للدولة الوطنية الحديثة التي تقف الآن، خلال هذه الحرب، في المحك، بين أن تكون أو لا تكون. وبالطبع، من حق الآخرين أن يعكسوا الآية.
*القاعدة الأولى*
داخل حدود الدولة الوطنية، كل من يهاجم جيشا يخوض حربا، مصيرية أو غير مصيرية، ضد قوة عسكرية ينظر إليها الجيش بوصفها عدوا له، فموقفه هذا يجوّز للجيش، أثناء سير المعركة أو حال انتصاره، أن يفهمه على أنه اصطفاف مدني مع العدو الذي يحاربه هذا الجيش، وبالتالي خيانة للجيش والوطن.
*القاعدة الثانية*
كل من يهاجم جيشا يخوض حرباً عسكرية ضد قوة عسكرية أخرى، ذلك من منطلق قيام هذا الجيش بواجبه في حماية الشعب ومكتسباته، ممثلةً في ممتلكاته وعرضه ومؤسسات الدولة المملوكة للشعب، بما يجعل قطاعات الشعب الواقعة تحت طائلة هذه الحرب تلتف حول هذا الجيش بوصفه جيشها، عندها يجوز للشعب أن ينظر لهذا الشخص على أنه يدعم العدو لمجرد مهاجمته للجيش وهو يخوض الحرب دفاعا عن الشعب، وبالتالي يجوز تصنيفه كعدو للشعب وخائن للوطن.
*القاعدة الثالثة*
على الشخص الذي يهاجم الجيش وهو في الحالتين المشار إليهما في القاعدتين أعلاه أن يتوقع، حال انتصار الشعب وجيشه في هذه المعركة، خضوعه للمحاسبة العسيرة من قبل الشعب، عبر مؤسسات الدولة من قضاء مدني وعسكري، ثم من قبل قطاعات الشعب التي قد تعامله كمجرد خائن لها وللوطن.
*القاعدة الرابعة*
إذا أبدلنا هذا الشخص المشار إليه أعلاه بجهات ذات شخصيات اعتبارية (كأحزاب، نقابات، منظمات مجتمع مدني، إدارات أهلية ... إلخ)، عندها فإن جميع ما ذكرناه عاليه سوف يحيق بها وبمنسوبيها، وربما بأكثر مما سيحيق بالأفراد الذين لا يمثلون غير أنفسهم.
*القاعدة الخامسة والأخيرة*
تقعيدا وتطبيقا للقواعد الأربعة عاليه على واقع الحرب الجارية الآن في السودان، فإن أي شخص (كفرد) أو جهة اعتبارية، يقف/تقف المواقف أعلاه ضد مليشيا الجنجويد، سوف يحيق بها كل ما ذكرناه أعلاه (وربما أكثر) في حال عكس الآية وإحلال المليشيا ومن والاها في خانة الجيش السوداني والشعب السوداني. فهذه القواعد الأربعة محكومة في جوهرها بحَمَلة المواقف السلبية/المضادة تجاه قوة عسكرية تخوض حرباً حال انتصار هذه القوة العسكرية.
*ما يجب الاستفادة منه الآن والحرب لا تزال دائرة*
*أولا* الذين يقفون المواقف السلبية/المضادة تجاه مليشيات الجنجويد، حال انتصار هذه المليشيات في الحرب، عليهم أن يتوقعوا أسوأ معاملة يمكن أن يتصورها الإنسان، أحياءً كانوا من قبيل ما رأيناه، أو أمواتاً كانوا من قبيل ما حاق بحاكم غرب دارفور المغدور، دونما أي تعويل على أي قانون بخلاف حكم الغوغاء والتعطش للانتقام والتشفي والرغبة في التنكيل.
*ثانيا* الذين يقفون المواقف السلبية/المضادة تجاه الشعب والجيش، حال انتصار الشعب والجيش في الحرب، عليهم أن يتوقعوا حسابا عسيرا، لكنه من الضرورة أن يكون محكوما بقوانين الدولة وتنفذه أجهزة الدولة ويراقبه ضمير الشعب، كما تراقبه القوانين الدولية، منعا لأي تفلتات ذات طابع جنجويدي. وأخطر عقاب يمكن أن يحيق بالمواطن داخل مؤسسة الدولة الوطنية هو انحجاب الأهلية دونه ودون ممارسة حق المواطنة في نقد أداء مؤسسات الدولة، وحتى نقد المجتمع نفسه، والتعبير عن رأيه. وأسوأ منه وأوخم عاقبةً أن يبوء المواطن بجريمة الخيانة الوطنية. وكل هذا نحن مقبلون عليه، كلٌّ بحسب موقفه، في الاحتمالين المشار إليهما أعلاه: انتصار مليشيات الجنجويد وشذاذ الآفاق المجرمة مقابل انتصار الشعب والجيش والدولة.
وعليه، يتوجب علينا، نحن المدنيين من كتاب الرأي الذين خضنا غمار هذه الحرب بأقلامنا وبألسنتنا، أن ندرك التبعات المنطقية لمواقفنا هذه في حالتي النصر أو الهزيمة.
In this war, citizenship rights should not be taken for granted as they will be decided by where you stand.
*MJH*
جوبا - 30 أغسطس 2023م
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
لواء احتياط إسرائيلي: لهذه الأسباب لن يتمكن الجيش من هزيمة حماس في غزة
شدد اللواء احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، إسحاق بريك، على أن جيش الاحتلال "غير قادر" على هزيمة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أو إقامة حكومة عسكرية في قطاع غزة، معتبرا أن استمرار القتال يضر بمستقبل الجيش ويهدد "إسرائيل" بأزمات اقتصادية واجتماعية خطيرة.
وأكد بريك، في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، أن رئيس أركان جيش الاحتلال وقع في فخ عندما وعد بهزيمة حماس عند توليه منصبه، وأضاف أن "الجيش في وضعه الحالي غير قادر على النجاح في هزيمة حماس وإقامة حكومة عسكرية"، مشيرا إلى أن هذا العجز ظهر بوضوح خلال العام والنصف الماضيين من القتال.
ولفت إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعاني من نقص حاد في القوى العاملة النظامية والاحتياطية، موضحا أن تقليص عدد الفرق البرية خلال العقدين الماضيين جعل من الصعب على الجيش البقاء في المناطق التي يحتلها أو إدارة معركة استنزاف طويلة.
وقال اللواء احتياط في جيش الاحتلال إن "حجم الجيش البري اليوم حوالي ثلث حجمه قبل عشرين سنة"، لافتا في الوقت ذاته إلى أن عدم قدرة الجيش على التعامل مع شبكة الأنفاق التابعة لحماس يعد من أبرز أسباب الفشل.
وأوضح أن "أقل من 10 بالمئة من الأنفاق تم تدميرها خلال عام ونصف من الحرب"، لافتا إلى أن الدمار الظاهري في غزة "يعطي إحساسا خاطئا بالنصر، فيما تستمر حماس في العمل بقوة تحت الأرض عبر حرب عصابات".
وأضاف بريك أن استمرار حكومة الاحتلال الإسرائيلية في تجاهل هذه الحقائق، خصوصا بعد انتقاد وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش لرئيس الأركان خلال اجتماع مجلس الوزراء، يؤكد أن المستوى السياسي يجهز "ملف فشل" لتحميل المسؤولية كاملة لرئيس الأركان إيال زامير.
وانتقد بريك قرار رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بمواصلة الحرب وعدم الالتزام باتفاق المرحلة الثانية للإفراج عن المختطفين، محذرا من أن "استمرار العمليات العسكرية في غزة دون هدف واضح سيؤدي إلى سقوط المزيد من القتلى والجرحى دون تحقيق أي تقدم".
وقال إن أي محاولة لتجنيد مئات الآلاف من جنود الاحتياط مرة أخرى ستؤدي إلى "تصويت بالأقدام"، حيث سيرفض عشرات بالمئة منهم الانضمام، مشيرا إلى أن "الوضع اليوم أسوأ بكثير مما كان عليه خلال عهد رئيس الأركان السابق هيرتسي هاليفي".
وأوضح بريك أن تداعيات استمرار الحرب ستكون كارثية على إسرائيل، مشيراً إلى أنها “ستفقد دعم العالم نهائياً، وسيصل الاقتصاد الإسرائيلي إلى حافة الانهيار، وستفرض المقاطعة الاقتصادية”، كما ستستمر حالة الانهيار الاجتماعي الداخلي.
وشدد اللواء الإسرائيلي في ختام مقاله، على أن استمرار الحرب يخدم فقط بقاء حكومة نتنياهو، محملا الحكومة الحالية المسؤولية عن كل "جندي قتيل أو جريح، وكل شخص مخطوف يموت في الأنفاق"، مؤكدا أن من اتخذ قرار مواصلة الحرب "سيتحمل العار إلى نهاية أيامه".