سودانايل:
2024-12-19@06:11:28 GMT

ثورة وعي؟ إلى رشا عوض

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

كتبت الأستاذة رشا عوض في موضوعها "الجذريون والحرب" هذه الجملة: "يجب أن لا نخدع أنفسنا من الآن فصاعداً بعبارات "ثورة وعي"، لأن الوعي الثوري متخلف كثيراً عن الفعل الثوري، للأسف "نصف ثورة تساوي ثورة مضادة كاملة"! وهذه الحرب ليست سوى الحلقة الأخيرة في مسلسل الثورة المضادة في حالة انتصار أي طرف من طرفيها".

وفي هذه الكتابة ردّ على هذه الجملة، وتحليل لقضايا أخرى تهم هذه الجملة ذاتها.
(1)
في ليلةٍ من ليالي يناير 2023م، أي قبل اندلاع الحرب بأشهرٍ قليلة، وأثناء المقاومة الباسلة للجان مقاومة السودان، في جميع ربوعه، ضدّ انقلاب أكتوبر التعيس، وتحديداً حول محيط منطقة شروني وحديقة القرشي، شارع كاتارينا؛ اقتحم "شباب" من حي الخرطوم 3، ومن ضمنهم أعضاء في لجنة مقاومة الحي، فعاليّة فنيّة نظّمتها مؤسسة "مساحة جالوص غاليري"، وكانوا مُسلَّحين بأسلحة بيضاء! "مما أدى لعمليات نهب وتخريب واسعة" حسب الخبر المنشور –وللمفارقة- في صحيفة التغيير الإلكترونية التي ترأسها الأستاذة رشا عوض(1). وقد قرأت البيان الرصين والقوي الذي أصدرته مجموعة غاليري جالوص (يجده القارئ في الهوامش أدناه)، ولكنني، كذلك، قرأت نصّ شكوى أهل الحي (الخرطوم 3) لقسم الشرطة، إذ ذكر النص -فيما ذكرَ من بديهيّات الفعاليّات الثقافيّة لافتتاح الغاليريهات- إنهم يقيومون احتفالات غير لائقة، وأن الحي تسكنه "أسر" بل قيل في البيان أن "لدينا أخوات"! لقد تمّ اعتقال عضو شهير جدّاً بلجان المقاومة الثوريّة حينها لقيادته الاعتداء! (هنا ديل لا فلول لا كيزان، ديل اسمهم أولاد الحِلَّة)، بل لقد توسَّط فنانٌ تشكيليٌّ معروف، يسكن ذات الحي، لإطلاق سراحه. أتذكّر أنني أرسلت بيان أهل الحيّ للدكتور حسن موسى، والذي كان متواجداً في ذات الحي حينها، وكذلك كنتُ أسكن. قال في ردّه: "يا زول ديل أخوان البنات". جملة معبّرة عن الوعي المتخلّف الذي تتحدّث عنه الأستاذة رشا عوض. قبلها، وفي يوليو من العام 2022م، صفع أحد أعضاء لجان مقاومة الديم فتاة -أثناء اعتصام مستشفى الجودة الشهير بالخرطوم- لأنها كانت تدخّن!
علينا أن لا نحمّل "شباب لجان المقاومة" فوق طاقتهم، بل أن نتوقّع منهم أن يتحوّلوا، فجأةً، لمناصرين للفن والمرأة وغيرها من الأفكار التقدّمية التي تحتاج جُهداً تثويريّاً فكريّاً تغاضت عنه جميع الأحزاب السياسيّة، وأكثرُ تلك الأحزاب تخييباً للأمل في نهايات حياته الهادفة للتغيير الفكري والاجتماعي، كان الحزب الشيوعي السوداني، ذا الباع الطويل في هذا الأمر.
في الناحية الأخرى من هذه الفئة المَفروزة من الشباب، شباب لجان المقاومة، كان هنالك شباب قوّات الشرطة والاحتياط المركزي وقوات الدعم السريع. كانوا يلتقون في ميدان المعركة –الشارع- في جهةٍ يقف المسلّحون، وفي الجهة الأخرى يقف السلميُّون، ثم، في نهاية اليوم، يودّعون بعضهم البعض على أمل اللقاء في الموكب المقبل.
ما الذي نستطيع أن نتعلَّمه من هذه الصراعات الضئيلة؟ سؤال وجيه: أن الشباب، مهما اعتقدّت أنك من السهل اقتيادهم إلى الحرب، أو الحب، أو المقاومة؛ فإنك لا تملك المفاتيح، ولن تستطيع إقناعهم بشيءٍ لا يقع على يدهم الواقعيّة، حيث تُقتل الأمهات، والأخوات، والأفكار كلها!.
لقد تغاضت الحركة السياسيّة عن منجزات الحركة الثقافية في السودان، بل إنهم دفنوها وسط صراعاتهم. إنهم ينسون –كما تنسى رشا عوض- الكم الهائل من التعليم والثقافة التي حدثت في السودان، ليس لأي شيءٍ سوى أنهم لم ينجزوا أي شيء. انتمت الكاتبة لـ"حزب الأمة" –شوف ليك اسم؟- ولم يفعل حزبها شيئاً سوى تغبيش الوعي، باستمرار.
حتى الحزب الشيوعي لم يستثمر في الوعي، بل كانت، أعلى درجات النضال بالنسبة إليه، هو "الرجالة"، لقد نسفوا كلّ مفكرٍ حيويٍّ داخل أروقتهم، بل رفدوهم، وحطّموهم اجتماعياً. جميع ضحايا الحزب الشيوعي السوداني كانوا أصدقاءً لي، وقد رأيتهم يناهرون، واحداً تلو الآخر، فقط لأن كائنات -كهنادي فضل- يتسلّقن قيادة الحزب، وينهارون لأجله، بل يقتلون أي مخالف. ما الذي حدث للحزب الشيوعي فعلاً؟ لا يدري أحد.
إنها "ثورة وعي" بمنطق واحد فقط: لقد طرحت الثورة أسئلة عظيمة لم تكن في بال السودانيين؛ التعدد والاختلاف، لم يكن السودان مُعرضاً لأسئلةٍ حقيقيّة تمسّ عصب الحياة مثل التعدد والاختلاف، إن لم تنجز الثورة من وعي غير طرح هذه الأسئلة، حتّى حرب أبنائها من جهة الدعم السريع، فهي ثورة ظافرة، وظافرة فقط لأجل الوعي.
تحياتي يا رشا.

mamoun.elfatib1982@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الذكرى السادسة لثورة ديسمبر المجيدة (1)

badayomar@yahoo.com

بقلم: د. عمر بادي
عمود : محور اللقيا
لقد تعودت عند كل ذكرى سنوية لثورة ديسمبر المجيدة أن أمعن النظر في مجمل أحداثها بالفحص و التحليل و بالنقد الهادف البنّاء ثم أقوم بالكتابة عنها. كان هذا ديدني الذي أفرز طرحي لمشروع كتابي عن ثورة ديسمبر المجيدة والذي يحتوي علي الحراك الثوري في السودان منذ أحداث الربيع العربي في عام 2011 مرورا بأحداث ثورة 19 ديسمبر 2018 المجيدة وإلي تكوين حكومة الفترة الإنتقالية الأولى. كنت أقوم، كإحتفاء بذكرى الثورة، بكتابة مقالات عدة تحت عنوان: (أحداث ثورة ديسمبر المجيدة من خلال مشاركاتي فيها) وإستمر هكذا الحال حتى أعددت كتابي هذا للطبع ولكن لم يكن في الإمكان طبعه في السودان إلي أن نشبت حرب 15 أبريل الضروس وكان إنتقالي إلي مصر وهناك طبعته بعنوان (أحداث ثورة الصمود وركوب الرأس – توثيق لثورة ديسمبر المجيدة من خلال مدوناتي)، وقد أقيم تدشين لكتابي هذا وبحمده تعالى وجد الإستحسان وأوصى بعض الأكاديميين بإعتباره مرجعا جامعيا.
في الفترة 22 – 24 يوليو 2022 أقيمت في دار المحامين بالعمارات في الخرطوم وبإشراف صحيفة الديموقراطي ورشة لتقييم الفترة الإنتقالية، وعند الإعلان عنها قمت بإرسال أربع مقالات لي كنت قد كتبتها تحت عنوان (في نقد ثورة ديسمبر المجيدة) لكي يتم الإستفادة منها في مشروع التقييم، وسوف أتطرق لما حوته تلك المقالات الأربع في الجزء الثاني من هذه المقالة.
أيضا في الفترة 03 - 06 ديسمبر 2024 الجاري تم إجتماع الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديموقراطية المدنية (تقدم) في عنتيبي بجمهورية أوغندا ومن ضمن الأجندة المطروحة ناقش الاجتماع عدداً من المذكرات الداخلية وأخضعها لحوار عميق ووضع حلولاً شاملة لما طرحته من قضايا بما يعزز التماسك الداخلي لتقدم ويطوّر من ادائها ويمتّن من ديمقراطيتها الداخلية ليحافظ على ما حققته في الفترة الماضية من مكتسبات ببناء أوسع تحالف مدني ديمقراطي مناهض للحرب. هذا يدل أن (تقدم) تخطو في المسار الصحيح، وهذا يحثني أن أعيد هنا مقالة لي كنت قد كتبتها بتاريخ 11 مارس 2020 بعنوان (إنحسار دور الكتّاب الوطنيين في التشكيل الوزاري لثورة ديسمبر) ونشرتها في عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية، وأظن أن ما تحويه من رأي يكون تم الإلتفات إليه، فإليكم بها..
إنحسار دور الكتّاب الوطنيين
في التشكيل الوزاري لثورة ديسمبر

بقلم :
د. عمر بادي
عمود : محور اللقيا
الكاتب المسرحي و المثقف التشيكوسلوفاكي فاكلاف هافل كان معارضا شرسا للحكم الشىيوعي الشمولي في بلاده في ثمانينات القرن الماضي و كان يدبج المقالات النارية في مهاجمته و نقده و بذلك فقد تم إعتقاله و سجنه مرات عدة و لم تثنيه الإعتقالات عن الثبات علي مبادئه في الحرية و السلام و الديموقراطية , و كان له دور مقدر في نشر الوعي خاصة بين الشباب الذين تفتقت أفكارهم و رؤاهم علي ما تلقنوه في ظل النظام الشيوعي الحاكم .
في نوفمبر 1989 إندلعت الثورة المخملية في تشيكوسلوفاكيا و قد سميت بالمخملية نسبة لسلميتها و نعوميتها , و كانت البداية تظاهرة سلمية قام بها طلاب الجامعات في براغ إحياءً ليوم الطلاب العالمي و لكنها قوبلت بوحشية ضارية من القوى الأمنية و لم يفت ذلك من عضد المتظاهرين بل زادهم عزما و إصرارا علي التغيير و تنادوا في ما بينهم و كونوا ما عرف ب ( تجمع المنتدى المدني ) من المعارضين السياسيين و المثقفين و ممثلي الكنائس و تم إختيار باكلاف هافل لقيادته و نجحت الثورة في إقتلاع النظام الشمولي و تم تشكيل حزب جديد من تجمع المنتدي المدني بإسم الحزب الديموقراطي المدني و تم إنتخاب باكلاف هافل رئيسا لجمهورية تشيكوسلوفاكيا منذ ديسمبر 1989 و حتى يوليو 1992 عند تقسيم تشيكوسلوفاكيا إلي جمهوريتي تشيكا و سلوفاكيا و إستمر فاكلاف هافل رئيسا لجمهورية تشيكا في عام 1993 و حتى عام 2003 .
هل لاحظتم وجه الشبه بين قيام ثورة ديسمبر السلمية في السودان و تلك الثورة المخملية في تشيكوسلوفاكيا خاصة دور تجمع المهنيين و من ثم قوى الحرية و التغيير ؟ إنني أتمنى أن نحذو حذو تشيكوسلوفاكيا و نكوّن كيانا سياسيا من تجمع قوى الحرية و التغيير ندخل به الإنتخابات القادمة قبيل إنتهاء الفترة الإنتقالية , فالإنتخابات القادمة سوف تلعب فيها التحالفات و الإندماجات السياسية دورا كبيرا و من المؤكد أن يتجمع المتأسلمون في ما دعا إليه عرابهم الترابي قبل وفاته و أسماه النظام الخالف .
لقد كان للكتاب المعارضين لنظام الإنقاذ دور كبير في نشر الوعي بين الجماهير و جذب إنتباههم لما يحدث من تمكين و نهب و فساد في الدولة فكان سلاح الوعي هو أمضى سلاح للثورة لكي تصمد رغما عن القمع الذي ووجه به الثوار . لقد كانت نوافذ تلقّي الوعي مشرعة و متنوعة و لعبت فيها الصحف الناقدة و المعارضة أدوارا مرموقة كما لعبت أساليب المخاطبات السياسية و النقاشات التي يحبها السودانيون في الأماكن العامة أدوارا زادت من تعزيز الوعي .
يوجد لدينا كتّاب معارضون كثر عارضوا نظام الإنقاذ و لم يهادنوه طوال الثلاثين عاما من عمره و حوربوا في تواجدهم داخل البلاد و في معايشهم و فيهم من هاجر , و يوجد كتّاب عارضوا ثم هادنوا ثم إنزووا , و كتاب آخرون كانت معارضتهم متقطعة تشتد حيناَ و تصمت أحيانا . أقول لكم بلا تفكير عميق الآن تتراى لي أسماء لكتاب منهم الكاتب و المؤلف فتحي الضو و الكاتب مولانا سيف الدولة حمدنا الله و الكاتب الدكتور حيدر إبراهيم علي و الكاتب الإستقصائي عبد الرحمن الأمين و الكاتب معاوية يس و الكاتب الدكتور النور حمد و الكاتب المسرحي و الشاعر هاشم صديق و الكاتب شوقي بدري و الكاتبة رشا عوض و من الممكن إضافة آخرين إليهم و لكنني لن أضع نفسي تواضعا في قائمة الشرف هذه .
لماذا لم ترشح قوى الحرية و التغيير أمثال هؤلاء الكتاب الوطنيين الذين عانوا من النظام السابق بسبب كتاباتهم فتقوم بوضعهم في المراتب العليا لحكومة الثورة , حتى تضمن بذلك حماس حسهم الثوري في تسيير دواوين الدولة ؟ و ليكن وضعهم حسب قواهم الجسدية إما في الجانب التشريفي أم التنفيذي أم الرقابي , أليس في ذلك خير كثير من سؤ إختيارهم للبعيدين عن الفعل الثوري و المتراخين و السلحفائيين ؟ الذين صار الواحد منهم بدلا من أن ( يهدي الغير صبح محتار يكوس هدّاي ) كما قال إسماعيل حسن و غنى وردي ! البعد الجغرافي عن السودان ليس منقصة إذا كان الإرتباط الوطني التفاعلي حاضرا و تم إختيار شاغلي وظائف الحكومة بناءَ علي شروط قحت في الكفاءة و الخبرة و الوطنية . لذلك فإن الدور الوطني مطلوب و مهم في تواجده . أتمنى أن تقوم قحت بالمراجعة و التصحيح حتى يتم تقدير من هم علي شاكلة فاكلاف هافل .
المواقع الإلكترونية : الراكوبة ، سودانيزأون لاين ، الفيسبوك
11/03/2020  

مقالات مشابهة

  • جيل جديد من جيميني يحدث ثورة في الذكاء الاصطناعي
  • المتأسلمون في السودان بين الأمس واليوم لم يتغير شيئا…!!
  • في ثاني اجتماعات «الوعي»| 24 منسقا لتولي ملفات برنامج الحزب.. وفتح العضوية قريبا
  • دماء الشهداء.. وقدوم الصادق 3
  • ثورة سوريا وفنانوها
  • الذكرى السادسة لثورة ديسمبر المجيدة (1)
  • جذوة ثورة ديسمبر لن يطفئها رماد الحرب
  • شاهد بالفيديو.. الإبن الأصغر للشيخ عبد الحي يوسف يقود المجاهدين في الصفوف الأمامية وزميله بأرض المعركة يصفه بالشهيد الحي
  • “بيس أوف يو” تُحدث ثورة في عالم المجوهرات المصممة حسب الطلب
  • توقيع مذكرة تفاهم الحزب الاتحادي الموحد وحركة تحرير السودان الديمقراطية