النفوذ الفرنسي بأفريقيا.. من مركز تجاري إلى مستعمرات منهوبة
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
يرجع تاريخ الهيمنة الفرنسية على أفريقيا إلى بدايات القرن الـ17 وتحديدا سنة 1624، حيث زحفت فرنسا نحو مناطق من القارة السمراء لاستغلال سكانها المحليين عن طريق إنشاء أول المراكز التجارية الفرنسية في السنغال.
النشأة والبداياتبدأ الاستعمار في الكشف شيئا فشيئا عن مخططاته عام 1664، عقب تأسيسه شركة الهند الشرقية الفرنسية لتتوسّع مناطق نفوذ باريس وتتطوّر من 3.
وتمكنت الدولة العثمانية من إيقاف فرنسا وحماية العالم الإسلامي وعدد من الدول الآسيوية من التحول إلى مستعمرات فرنسية، ولكن عندما بدأت الدولة العثمانية تفقد قوتها، سارعت فرنسا سنة 1830 إلى احتلال الجزائر ثم التوسّع شمالا في أفريقيا.
سنة 1890 أبرمت فرنسا وبريطانيا معاهدة توسع بموجبها النفوذ الفرنسي في أفريقيا ليشمل منطقة حوض تشاد، وما سمي الأراضي الأفريقية-الفرنسية.
وخلال هذه التطورات، رسمت الدولة العثمانية بمذكرة مؤرخة في 30 أكتوبر/تشرين الأول 1890 مناطق سيطرتها في شمال أفريقيا، وبذلك كانت المناطق الليبية النائية والسودان ومصر وتشاد وغرب إثيوبيا وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وشمال الكاميرون وشمال وشرق نيجيريا ووسط النيجر، ضمن المناطق التابعة للسيطرة العثمانية.
وفي مواجهة المواقف العدوانية لفرنسا، احتفظت الدولة العثمانية عام 1885 بحقوقها في ما يتعلق بشمال الكونغو وشرق النيجر، لكن رغم جملة التدابير التي اتخذتها، فإنها لم تتمكن من إيقاف أنشطة فرنسا الاستعمارية في القارة الأفريقية.
المستعمرات الفرنسية في أفريقيا مستعمرات شمال أفريقيا: الجزائرفي الخامس من يوليو/تموز عام 1830، سلم الداي حسين حاكم الجزائر مدينته للقوات الفرنسية ليبدأ الاحتلال الفرنسي للبلاد، والذي استمر على مدى 132 سنة وانتهى في الخامس من يوليو/تموز 1962، بعد مقاومة امتدت من عهد الأمير عبد القادر الجزائري إلى جبهة التحرير التي شنت حرب استقلال استمرت من سنة 1954 إلى سنة 1962.
تونسدخلت تونس تحت رداء المستعمر الفرنسي سنة 1881 بعد معاهدة الحماية التي بموجبها أصبحت السلطة الفعلية بيد باريس وأزاحت محمد الصادق باي وأصبح منصبه صوريا فقط وواجهة للقرارات المجحفة التي اتخذت ضد الشعب التونسي. واستقلت تونس عام 1956 بعد استعمار دام 75 سنة.
موريتانيابدأ الاستعمار الفرنسي لموريتانيا عام 1902، وقوبل بمقاومة قوية على الصعيدين الثقافي والعسكري، قبل أن تقرر فرنسا منح موريتانيا استقلالها في 28 نوفمبر/شباط 1960 بعد 58 سنة من الاستعمار.
المغربفي 30 مارس/آذار 1912 فرضت الحماية الفرنسية على المغرب بعد توقيع معاهدة الحماية الفرنسية من طرف السلطان عبد الحفيظ، وامتدت فترة الحماية حتى حصول المغرب على استقلاله سنة 1956 بعد استعمار دام 44 سنة.
مستعمرات وسط أفريقيا: ساحل العاجسنة 1843 أصبحت ساحل العاج تحت الحماية الفرنسية ثم صارت مستعمرة فرنسية سنة 1893، وأصبحت دولة مستقلة في السابع من أغسطس/آب 1960، بعد 117 سنة من الاستعمار الفرنسي.
البنيندولة أفريقية كانت تعرف قديما باسم داهومي، وهي إحدى الجمهوريات الصغرى غرب أفريقيا، واجهت حملة استعمارية في النصف الثاني من القرن الـ19 انتهى بوقوعها تحت الاحتلال الفرنسي سنة 1894 واستقلت سنة 1960 بعد احتلال دام 66 عاما.
ماليوقعت مالي تحت حكم الاستعمار الفرنسي سنة 1893، وفي 31 مارس/آذار 1960 وافقت فرنسا على منحها استقلالها الكامل، وأصبحت دولة مستقلة في 20 يونيو/حزيران 1960، أي بعد 67 سنة من السيطرة الفرنسية.
بوركينا فاسوخضعت للاستعمار الفرنسي بعد توقيع معاهدة مع "مملكة الفولتا" سنة 1896، وضمت لمستعمرة السنغال العليا، ثم أصبحت سنة 1916 مستعمرة فرنسية منفردة سميت "فولتا العليا". ونالت استقلالها سنة 1960 بعد 64 سنة من الاستعمار.
غينيابدأت فترة الاستعمار في غينيا مع الاختراق العسكري الفرنسي للمنطقة منتصف القرن الـ19 سنة 1898، ثم انهارت الجمهورية الفرنسية الرابعة سنة 1958 بسبب عدم الاستقرار السياسي وفشلها في التعامل مع مستعمراتها، وفي الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 1958، أعلنت غينيا نفسها جمهورية مستقلّة.
الطوغورزحت تحت الاستعمار الفرنسي منذ سنة 1916 ونالت استقلالها سنة 1960 بعد 44 سنة من السيطرة الفرنسية.
السنغالسنة 1895 أصبحت السنغال رسميا مستعمرة فرنسية، ونالت استقلالها سنة 1960 بعد 65 سنة من الاستعمار والتقسيم الفرنسي.
النيجركانت النيجر ملكية استعمارية فرنسية من سنة 1900 وبانهيار الجمهورية الرابعة في فرنسا استقلت النيجر بالكامل في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 1960.
المستعمرات الفرنسية في أفريقيا الاستوائية: جمهورية أفريقيا الوسطىاستعمرت من قبل فرنسا وألمانيا وامتدت هذه الحقبة الاستعمارية من أواخر 1800 حتى سنة 1960 عندما أصبحت جمهورية أفريقيا الوسطى دولة مستقلة بعد 160 سنة من الاستعمار.
الكونغوتأسست المستعمرة الفرنسية في الكونغو سنة 1880، ثم حصلت البلاد على الحكم الذاتي في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1958 ونالت الاستقلال عن فرنسا في 15 أغسطس/آب 1960.
الغابوناحتلّت فرنسا الغابون سنة 1885، ثم استقلت البلاد في 17 أغسطس/آب 1960 بعد 75 سنة من الاستعمار.
تشادكانت تشاد جزءا من الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية منذ عام 1900 ونالت استقلالها عام 1960.
الكاميرونبدأت فترة الاستعمار الفرنسي للكاميرون بعد نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1918، واستقلت في الأول من يناير/كانون الثاني 1960، أي بعد 42 سنة من السيطرة الفرنسية.
المستعمرات الفرنسية في جنوب قارة أفريقيا: جزر القمربدأ الحكم الاستعماري الفرنسي في جزر القمر سنة 1841، ثم نالت استقلالها سنة 1975 بعد 134 سنة من الاحتلال.
مدغشقراستعمرت فرنسا جزيرة مدغشقر سنة 1896 ولمدة 64 عاما حتى سنة 1960.
مجازر الاستعمار الفرنسي في أفريقيا "مجزرة الثامن من مايو/أيار 1945″، وفيها دمر الجيش الفرنسي 44 قرية جزائرية في 15 يوما، وكانت حصيلتها 45 ألف شهيد جزائري، في حين تذكر بعض الإحصاءات أن العدد وصل إلى 70 ألف شهيد، إضافة إلى اعتقال أكثر من 5 آلاف جزائري، واستمرت الاعتقالات بعد المجزرة بشهور، وأصدرت المحاكم الاستعمارية الفرنسية الآلاف من أحكام الإعدام في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه. التجارب النووية الفرنسية في مدينة رقان الجزائرية الآهلة بالسكان، وكان أول تفجير نووي فرنسي في المنطقة في 13 فبراير/شباط 1960م، عندما أطلقت فرنسا أولى قنابلها هناك، والتي حملت اسم "اليربوع الأزرق"، وهي قنبلة ملوّثة للغاية ضاهت قوتها 4 أضعاف قنبلة هيروشيما، ولا تزال الآثار السلبية لهذه التجارب مستمرة بين الأجيال المتعاقبة لسكان منطقة رقان الجزائرية. بين 19 أبريل/نيسان و18 يوليو/تموز 1994 كانت فرنسا أكبر الداعمين لحكومة الهوتو الرواندية الحاكمة ضد أقلية التوتسي، من خلال دعمها عسكريا بشحنات من الأسلحة بلغت قيمتها 6 ملايين دولار، كما قدمت البنوك الفرنسية تسهيلات واعتمادات لصفقات أسلحة أبرمتها رواندا مع كل من الصين ومصر وجنوب أفريقيا، رغم علمها بتداعيات قيام المذبحة. وأدت المساعدات العسكرية الفرنسية لزيادة القوات المسلحة الرواندية من نحو 5 آلاف عنصر إلى قرابة 50 ألفا، تكفلت باريس بتدريبهم وتسليحهم."مجزرة كبكب" بتشاد، إذ دعا القادة العسكريون الفرنسيون في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 ما يقارب 400 عالم وزعيم محلي مسلم من كافة ربوع تشاد لمناقشة حلول وسطية تتعلق بإدارة البلاد. ودون سابق إنذار تعرض المجتمعون لهجوم مجموعة من المسلحين، بالأسلحة النارية والسواطير، فقتلوا كل المدعوين، ثم وضعت الجثث في حفرة كبيرة بمنطقة أم كامل وعلى إثر تلك المجزرة، استولى الفرنسيون على تشاد بعد أن أزاحت القوات الفرنسية كل مقاومة عسكرية أو ثقافية. في الخامس من أغسطس/آب 1907 قامت القوات العسكرية الفرنسية بعملية ضد مدينة الدار البيضاء، فقصفت البوارج الحربية الفرنسية شوارع المدينة، مما أدى إلى استشهاد نحو 6 آلاف مغربي من أصل 30 ألف نسمة آنذاك، ودمّرت جميع أحياء المدينة، ما عدا الحي الأوروبي الذي بقي آمنا وسليما نظرا لأنه كان يضم السفارات والقنصليات الأوروبية بالمغرب. في ليلة 29 إلى 30 يناير/كانون الثاني 1952، وإثر اندلاع المقاومة الوطنية التونسية المسلّحة سنة 1952، ارتكب جيش الاحتلال الفرنسي مجزرة تازركة بولاية نابل التونسية بقيادة جون دوهوت كلوك، وذلك بإخراج رجال القرية من بيوتهم وتجميعهم في بطحاء تحت الحراسة المشددة ثم اقتحم الجنود الفرنسيون البيوت واغتصبوا النساء التونسيات ثم دهسوا الرضع بالسيارات العسكرية والمصفحات الفرنسية. ورغم استقلال تونس سنة 1956، فإن المجازر الفرنسية لم تتوقف، ففي فبراير/شباط 1958م ارتكبت فرنسا مجزرة "ساقية سيدي يوسف"، حيث كانت الحدود التونسية الجزائرية متنفسا للثورة الجزائرية التي أرهقت الفرنسيين، ومن أجل خنقها وضرب مصادر تمويلها، عمدت فرنسا في الثامن من فبراير/شباط 1958 إلى قصف منطقة سيدي يوسف التونسية، وأسفر الهجوم عن استشهاد نحو 68 بينهم 12 طفلا و9 نساء، إلى جانب 87 جريحا من التونسيين والجزائريين. مع حلول منتصف ليلة 29 مارس/آذار 1947، اندلعت انتفاضة شعبية في جزيرة مدغشقر، نتيجة الاضطهاد الفرنسي المستمر منذ نهاية القرن الـ19 هناك، وكان التعامل الفرنسي مع تلك الانتفاضة دمويا بشكل خيالي، إذ أعدم الفرنسيون مئات السكان، وعذبوا عشرات الآلاف وأضرمت النار في القرى واستهدف المتظاهرون بالذخيرة الحية، كما اغتالت القوات الفرنسية قيادات الانتفاضة، وألقي عدد منهم من الطائرات لإرهاب المطالبين بالاستقلال وتحطيمهم معنويا. الثروات الأفريقية المستغلّة
تعد أفريقيا المزوِّد الرئيسي لفرنسا بالطاقة واليورانيوم والمعادن، إذ تضخّ دول أفريقيّة مثل النيجر ومالي وتشاد 25% من احتياجات المفاعلات النووية التي تعتمدها فرنسا للتزود بالكهرباء.
وإضافة ليورانيوم النيجر، تسيطر فرنسا على مناجم الذهب في مالي وحقول النفط في السنغال عن طريق الشركات الفرنسية العملاقة، التي امتد نفوذها إلى دول غرب وجنوب أفريقيا، من أوغندا إلى كينيا، ومن أنغولا إلى موزمبيق ثم جنوب أفريقيا.
وفي الكونغو تضع فرنسا يدها على معدن الكولتان، الذي يعتبر أساسيا في تطوير الرقاقات الإلكترونية التي تعتمدها جميع التكنولوجيات.
وتجدر الإشارة إلى أن 80% من كل ما يتم استخراجه من الموارد والثروات المعدنية في أفريقيا يصدّر بإشراف فرنسي نحو القارات الأخرى.
كما أن أكثر من 80% من عمليات تعدين الذهب في العالم، تتم في القارة الأفريقية ويتم استخراج 70% من ألماس العالم في القارة الأفريقية، وأكثر من نصف المنغنيز والكروميت وخام الكوبالت من مناجم أفريقيا.
إضافة إلى استخراج ثلث الفوسفاط واليورانيوم المتداول في الأسواق العالمية من القارة السمراء.
عملة "الفرنك الأفريقي"في ستينيات القرن الماضي وأمام تصاعد حركات التحرر والمقاومة الشعبية في جل المستعمرات الفرنسية، قرر الزعيم الفرنسي شارل ديغول منح المستعمرات الفرنسية في أفريقيا الاستقلال، ولكنه رفض بالمقابل منحها الاستقلال التام عن طريق صياغة استعمار جديد يتمثل في ربط هذه المستعمرات اقتصاديا بفرنسا، عبر فرض مواصلة تعامل بلدان القارة السوداء بعملة "الفرنك" الأفريقي، الذي تتحكم باريس في طباعته وتحديد قيمة تداوله وقوته الشرائية.
ويتداول الفرنك الأفريقي في 12 دولة أفريقية كانت سابقا مستعمرات فرنسية، بالإضافة إلى غينيا بيساو (مستعمرة برتغالية سابقة) وغينيا الاستوائية (مستعمرة إسبانية سابقة)، وينقسم الفرنك المتداول إلى صنفين، فرنك وسط أفريقيا، وفرنك غرب أفريقيا.
ورغم أن قيمة الفرنك المتداول في وسط أفريقيا تعادل قيمة الفرنك المتداول في غرب أفريقيا، فإن فرنسا تمنع استعمال عملة دول الوسط في دول الغرب وكذلك العكس.
وتلتزم جميع البنوك المركزية لهذه الدول الأفريقية بالاحتفاظ بنسبة 85% على الأقل من احتياطياتها من العملة الصعبة في البنك المركزي الفرنسي، الخاضع لمؤسسات الرقابة المالية الفرنسية، وذلك وفقا لشروط الاتفاقية المؤسسة للجمعية المالية الأفريقية.
ولا تملك الدول الأفريقية المستعمرة سابقا حق الوصول إلى هذه الأموال، إذ لا تسمح لهم السلطات الفرنسية بالوصول إلى أكثر من 15% من الأموال المودعة سنويا، وفي حال احتياج المزيد تجبرهم على اقتراض أموال إضافية من الخزانة الفرنسية بنسب فوائض تصل إلى 20%، كما تحتفظ باريس بحق رفض إقراض هذه الدول.
وإجمالا، منذ سنة 1961 تحتفظ فرنسا بالاحتياطات الوطنية لـ14 دولة أفريقية وهي: البنين وبوركينا فاسو وغينيا بيساو وساحل العاج ومالي والنيجر والسنغال والطوغو والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد والكونغو وغينيا الاستوائية والغابون، وبذلك تحقق الخزانة الفرنسية ما يعادل 500 مليار دولار من الأرباح والعوائد السنوية من أفريقيا.
وتجدر الإشارة إلى أن الزعماء الأفارقة الذين عارضوا هذا النظام، إما تعرضوا للقتل أو تعرضوا لانقلابات عسكرية أطاحت بحكمهم، أو لإثارة احتجاجات شعبية مسلحة تدخل بلدانهم في دوامات من العنف والفوضى يتطلب التعافي من مخلفاتها عقودا طويلة.
تراجع النفوذ الفرنسي في القارة السمراءبدأ الدور الفرنسي في قارة أفريقيا في التراجع، خاصة مع تراجع اعتماد الفرنك الفرنسي في عديد من الدول الأفريقية، ويرجع ذلك لظهور منافسين أقوياء لفرنسا في دول الساحل وجنوب الصحراء مثل الصين وأميركا وروسيا، إضافة إلى ارتفاع كلفة التدخلات العسكرية والمحافظة على الوجود العسكري في القارة، في وقت تعاني فيه فرنسا أزمات ومشاكل اقتصادية أدت إلى تفاقم الاحتجاجات الشعبية التي غالبا ما تحولت إلى مواجهات عنيفة بين الأجهزة الأمنية والمتظاهرين.
وبدأت استفاقة الشعوب الأفريقية بالتوازي مع اتساع رقعة الأطماع تجاه ما تكتنزه أفريقيا من ثروات طبيعية مهمة بالنسبة إلى البلدان القوية التي أصبحت ترى القارة رئة العالم.
لكن استقلالية القرار في هذه الدول ما زالت ضعيفة، نظرا إلى ضعف اقتصاداتها وارتفاع مديونيتها، كما أنها تعاني من التدخلات الخارجية من خلال تمويل بعض الفئات أو الحساسيات السياسية التي تُدعَم لتنفيذ الأجندات الاستعمارية فيها.
من جهة أخرى فإن العديد من البلدان الأفريقية بدأت في التخلص من الهيمنة الفرنسية إما عن طريق الإطاحة بالرؤساء المحسوبين على فرنسا وإعلان العداء لها، وإما من خلال توقيع شراكات اقتصادية، صناعية وفلاحية مع دول مثل الصين وروسيا وأميركا وتركيا، الأمر الذي أدى إلى تراجع قدرة فرنسا على الفعل والتغيير السياسي في القارة السمراء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاستعمار الفرنسی الدولة العثمانیة القارة السمراء أفریقیا الوسطى الفرنسی فی فی أفریقیا فی القارة فرنسیة من أغسطس آب عن طریق
إقرأ أيضاً:
صحيفة عبرية: إسرائيل تستغل الصراع بين إيران وتركيا حول النفوذ في سوريا
شددت صحيفة "معاريف" العبرية على أن دولة الاحتلال تستغل الخلاف المتصاعد بين إيران وتركيا لتعزيز عزلتها الإقليمية، مستفيدة من الصراع بين القوتين الإقليميتين حول النفوذ في سوريا بعد انهيار نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن التوتر بين طهران وأنقرة تصاعد بعد تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، التي انتقد فيها سياسة إيران الإقليمية، ما دفع طهران إلى توجيه اتهامات لتركيا بتجاهل النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة.
ولفتت الصحيفة إلى أن التصعيد اللفظي الأخير بين البلدين بدأ عندما صرح فيدان في مقابلة مع قناة "الجزيرة" بأن "إيران دفعت ثمنا باهظا للحفاظ على نفوذها في العراق وسوريا، لكن إنجازاتها كانت محدودة مقارنة بالتكلفة"، مضيفا أن "التغيرات الجيوسياسية تتطلب من طهران إعادة تقييم دورها في المنطقة".
في المقابل، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن تركيا "تتجاهل الأيدي الأمريكية والإسرائيلية الخفية وراء التطورات في المنطقة"، مشيرة إلى أن "إسرائيل استغلت سقوط الأسد لتعزيز سيطرتها على الموارد المائية السورية وضرب البنية التحتية العسكرية في البلاد".
وهاجم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، تصريحات فيدان بشدة، ووصفها بأنها "خطأ كبير"، مضيفا: "إذا كان فيدان يدعو إلى إنهاء السيطرة الإقليمية لأي طرف، فماذا عن إسرائيل؟".
واتهم بقائي تركيا بـ"التواطؤ مع إسرائيل عبر تزويد طائراتها الحربية بالوقود الأذري المستخدم في الهجمات على غزة ولبنان واليمن وسوريا"، معتبرا أن "أنقرة تدين إسرائيل في العلن، لكنها تتعامل معها في الخفاء".
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أكد أن "الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، مثل حماس وحزب الله، لا تزال قوية رغم الضغوط الخارجية".
واتهم خامنئي الولايات المتحدة ودولة الاحتلال بـ"تقدير خاطئ لقوة المقاومة"، مشيرا إلى أن "التطورات في غزة ولبنان وسوريا أثبتت أن نفوذ إيران لم يتراجع كما يظن البعض".
وأوضحت الصحيفة العبرية أن صحيفة "طهران تايمز"، المقربة من النظام الإيراني، نشرت مقالا شديد اللهجة وصف تصريحات فيدان بأنها "مليئة بالسخرية"، واتهمت تركيا بـ"الفشل في سلسلة من التحركات السياسية الإقليمية".
واستشهدت الصحيفة الإيرانية بالعلاقات المتوترة بين تركيا ومصر بعد الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي عام 2013، حيث وصفت أنقرة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بـ"الديكتاتور"، ما أدى إلى طرد السفير التركي من القاهرة، قبل أن تعود تركيا مؤخرا إلى تطبيع العلاقات بثمن سياسي واقتصادي مرتفع.
كما أشارت الصحيفة الإيرانية إلى حادثة إسقاط تركيا لقاذفة روسية عام 2015، والتي دفعت موسكو إلى فرض عقوبات اقتصادية قاسية على أنقرة، ما أجبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تقديم اعتذار رسمي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتعهد بعدم تكرار مثل هذه الحوادث.
كما انتقدت الصحيفة الإيرانية دعم أنقرة للمعارضة المسلحة في سوريا، معتبرة أن "سياسات تركيا أدت إلى أزمة اللاجئين التي خلقت ضغطا اقتصاديا واجتماعيا هائلا داخل البلاد، وساهمت في ارتفاع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة".
أكدت الصحيفة العبرية أن "الصراع اللفظي بين إيران وتركيا يعكس التحولات الجيوسياسية العميقة التي يشهدها الشرق الأوسط بعد سقوط نظام الأسد"، مشيرة إلى أن "كلا البلدين يسعى إلى تعزيز مكانته الإقليمية على حساب الآخر".
ورأت الصحيفة العبرية أن "إسرائيل تستفيد من هذا الانقسام لتعزيز نفوذها في سوريا، خاصة مع الاتهامات الإيرانية بتمدد إسرائيل في الأراضي السورية والسيطرة على الموارد المائية الاستراتيجية"، مؤكدة أن دولة الاحتلال "تواصل العمل على ضمان مصالحها في المنطقة مستغلة التوترات بين أنقرة وطهران".
كما أشارت "معاريف" إلى أن "الاتهامات الإيرانية ضد تركيا تكشف عن الفجوة بين الخطاب المعادي لإسرائيل الذي تروج له إيران، وبين المصالح الاقتصادية والاستراتيجية التي تدفع تركيا إلى مواصلة التعامل مع تل أبيب رغم التصريحات العدائية العلنية".
وختمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن "الصراع الحالي بين طهران وأنقرة قد يمنح إسرائيل فرصة إضافية لتعزيز تحركاتها في سوريا، مع استمرارها في تعميق العزلة الدبلوماسية لإيران على المستوى الإقليمي والدولي".