بمعزلٍ عن مواقف المؤيدين والمعارضين لمبادرته التي أطلقها يوم الخميس الماضي بشأن عقد جلسات للحوار حول الإستحقاق الرئاسي، تمكّن رئيسُ مجلس النوّاب نبيه بري، وخلال ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، من وضع مختلف الجهات السياسيّة عند مسؤوليتها رغم أنَّ البعض "إنقضّ" على الحوار قبل بدئه. حتماً، أرادَ برّي أن يستعيد زمام المبادرة بالدعوة إلى الحوار مُتنازلاً عن أي شروطٍ مُسبقة، والدليل على ذلك أنهُ لم يُسمِّ مرشحه للرئاسة سليمان فرنجية كورقةٍ يجب التفاوض عليها بعكسِ ما يريدُ "حزب الله" الذي يضعُ فرنجية في طليعة الأولويات التي يسعى لمناقشتها مع الآخرين.

 
حقاً، تمايزَ بري عن حليفه، لكن ما جعلهُ يتقدّم أكثر ويجعلُه "مُنتصراً" على غيره سياسياً تمثّل في الرسالة الأميركية الإيجابيّة التي تمّ إسداؤها باتجاهه على أكثر من صعيد. بشكلٍ أساسي، كانت جولة كبيرُ مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين في لبنان وزيارته إلى برّي والخلوة التي عقدها مع الأخير، خيرُ دليل على أنّ واشنطن لم تقطع خطوط إتصالاتها مع رئيس البرلمان، كما أنها لم تمضِ قُدماً بفرض عقوباتٍ عليه بعكس ما سعى البعض إليه في الدّاخل. بكلِّ بساطة، كانت "شهادة" هوكشتاين عن لقائه مع بري تأكيدٌ جازمٌ على أنَّ الأخير كان وسيبقى مرجعية لا يُمكن للأميركيين تجاوزها في لبنان مهما كانت المواقف. 
وسط كل ذلك، كان ظهور هوكشتاين عبر شاشة الـ"NBN" في مقابلة مع الإعلامية ليندا مشلب قبل أيام، بمثابة إشارةٍ إلى أنَّ الأميركيين "لم يخذلوا" المنبر الذي يُعتبرُ محسوباً على برّي.. بكل بساطة، طلبت القناة مقابلة من هوكشتاين قبل أيامٍ قليلة من وصوله إلى بيروت، فالتزمت السفارة الأميركية بـ"البرتوكولات" الخاصة بها والمرتبطة بالتعاطي مع الوسائل الإعلامية، وكان هناك قبولٌ بإجراء المُقابلة. هنا، تقولُ معلومات "لبنان24" إنَّ الحديث الذي أجرتهُ الـ"NBN" مع هوكشتاين حصلَ في منزل السّفيرة الأميركية دوروثي شيا، وقد اعتبرت المصادر هذا الأمر دلالة على التعاطي الإيجابيّ للأميركيين سواء مع القناة بشكلٍ مباشر أو مع بري بشكلٍ غير مباشر. مع هذا، فقد بدا واضحاً "إرتياح" هوكشتاين، حتى أنهُ وخلال كواليس المقابلة سُئلَ عن جولته في لبنان وعن زيارته لأحد المطاعم عند صخرة الروشة، فكان متجاوباً وأجاب بحفاوةٍ كبيرة، وكل ذلك بحضور شيا. 
النقطة الأبرز في المقابلة، وبمعزلٍ عن الشكليات، كانت في مضمون ما قالهُ هوكشتاين عن برّي حينما تم الحديثُ معه عن الملف الرئاسي. بشكلٍ واضح ومباشر، أقرَّ الوسيط الأميركيّ بأنه لا يتدخل بالشأن السياسي في لبنان وأن لدى رئيس مجلس النواب خبرة كبيرة، وهنا بيتُ القصيد.. من دون أي مُنازع، يمكن اعتبارُ كلام هوكشتاين بمثابة ردّ على مُختلف السياسيين في لبنان الذين يضعون بري في خانة المُعرقلين للإستحقاق الرئاسي، كما أن ما قاله الوسيط الأميركي يُعدّ ضربة قاضية لـ"الوشاة" الذين تحدث عنهم بري خلال ذكرى الإمام الصدر. حتماً، بكل بساطة هذا ما حصل، فالبعضُ حاول الإنتقاصَ من بري "برلمانياً" وسعى إلى الإنقضاض عليه من بوابة العقوبات، لكنّ هوكشتاين جاءَ بالرّد المباشر، وكان ما كان، وقيلَ ما قيلْ.
أمام كل هذه المشهديّة، يصحُّ القول إنَّ بري إستطاع "دوزنة" مواقفه وفق مقتضيات المرحلة، فلم يكسر إرادة الفرنسيين بإجراء حوارٍ داخلي، ولم يُقفل أبوابه أمام الأميركيين الذي جاؤوا إليه رغم التهويل بالعقوبات.. كذلك، استطاع بري وبكل ثبات، أن يأخذ "الحق" من الوشاة من "سادة واشنطن" أنفسهم من دون أن يعبُر باتجاه أحد. أما الأمر الأهم "سياسياً" فهو أنَّ بري استعادَ الآن موقعهُ كـ"مُبادر قوي" في الملف الرئاسي، ويمكن لدخوله إلى الحوار أن يُمهد لبحثٍ في أي إسم رئاسي بغضّ النظر عن الطرح الذي يتبناه.. عند هذه النقطة، يمكن أن يكون بري قد فتح مجالاً لتسوية جديدة قد يلاقيه عندها "حزب الله"، لكنّ كل ذلك لا يعني تنازلاً عن فرنجية أو قبولاً بطرفٍ آخر على حساب الأخير.
في خلاصة القول، "إنتصر" بري مُجدداً في آخر معاركه، واستطاع إدارتها من بوابة قوّته البرلمانية أولاً وجبهته السياسية ثانياً.. لهذا السبب، يرى الأميركيون في رئيس البرلمان الشخصية التي لا يمكن الإبتعاد عنها في لبنان.. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان

إقرأ أيضاً:

خبير: إذا كانت أمريكا تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل فعليها وقف الحرب في لبنان

قال العميد ناجي ملاعب، الخبير العسكري والاستراتيجي، إنّ حزب الله وافق على تطبيق قرار 1701 كاملا، ما يعني عدم وجود أسلحة في منطقة انتشار قوات الطوارئ الدولية جنوب نهر الليطاني على مسافة 20 إلى 30 كيلومترا من الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وهذه الموافقة تعني عدم وجود الحق لإسرائيل في الاعتداء على لبنان

أمريكا عليها مسؤولية لجم اعتداء إسرائيل على لبنان

وأضاف «ملاعب»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلاميتين دينا زهرة وداليا نجاتي، عبر قناة القاهرة الإخبارية، أنّ التطبيق الكامل لقرار 1701 لا يستدعي أن تكون هناك أي هيمنة من قبل إسرائيل، مشيرا إلى أنّه إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى الحفاظ على أمن إسرائيل، فعليها أن تلجم الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، بالتالي تقوم اليونيفيل بمهامها كما قامت خلال 17 عاما الماضية.

وتابع: «إذا كان رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقول إنه لن يتفاوض إلا تحت السلاح، وبالتالي جرى الرد عليه بالسلاح، إذ إنه عندما ألقى خطابه في الكنيست الإسرائيلي لم يتأخر حزب الله عن إرسال الصواريخ إلى تل أبيب».

مقالات مشابهة

  • بعد لبنان... هل يزور هوكشتاين إسرائيل؟
  • بري استقبل هوكشتاين.. وتلقى برقية من بايدن: أقدر شراكتكم في العمل الذي ينتظرنا
  • ما الذي يريده الأميركيون من ترامب وما التحديات المنتظرة؟
  • خبير: أمريكا عليها وقف حرب لبنان إذا كانت تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل
  • خبير: إذا كانت أمريكا تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل فعليها وقف الحرب في لبنان
  • الموفد الرئاسي الأمريكي يصل إلى بيروت لاستكمال مفاوضات وقف إطلاق النار
  • هوكشتاين يصل إلى لبنان بحثاً عن وقف إطلاق النار
  • وسط تفاؤل حذر.. الموفد الرئاسي الأمريكي يصل بيروت
  • آخر خبر عن إتّفاق وقف إطلاق النار... هل سيزور هوكشتاين لبنان؟
  • هوكشتاين في لبنان قريبًا؟