اختار ناشطون مغاربة مناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، التي إحياؤها في نهاية أغسطس، لتجديد المطالب للسلطات المغربية من أجل إغلاق قضية المختفين منذ فترة ما يُعرف في المملكة بـ "سنوات الرصاص".

و"سنوات الرصاص" هي فترة من تاريخ المغرب في عهد الملك الراحل، الحسن الثاني (1970-1999)، شدد خلالها قبضته على السلطة وقمع رموز المعارضة اليسارية والمطالبين بالتغيير.

وجددت لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب، الناشطة ضمن "المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف"، مطالبها بالكشف عن الحقيقة الكاملة لجميع حالات الاختفاء القسري بالمغرب، بما فيها حالات الوفيات تحت التعذيب في مراكز الاستنطاق وأماكن الاحتجاز والاعتقال، وكل الحيثيات السياسية والأمنية التي أدت إلى هذه الجرائم وتوضيح جميع ملابساتها.

ودعت اللجنة، في بيان نقلته وسائل إعلام محلية، بينها "هسبريس"، إلى "رد الاعتبار للضحايا وعائلاتهم بالكشف عن نتائج التحاليل الجينية والأنثروبولوجية لتسوية قضية الرفات"، مع "الحفاظ الإيجابي على ذاكرة الاختفاء القسري من خلال الحفاظ على مراكز الاعتقال والمدافن الفردية والجماعية، وتحويلها إلى متاحف بدل تركها للإهمال أو تبديد معالم الجريمة".

وشهدت "سنوات الرصاص" عمليات قمع واعتقالات سرية وتعذيبا للمعارضين والانقلابيين في عهد الحسن الثاني، انتهت باعتلاء الملك المغربي الحالي، محمد السادس، للمنصب خلفا لوالده.

زار العاهل الحالي أيضا منطقة الريف (شمال) التي سبق أن شهدت صدامات مع السلطة خلال عهد والده، وأطلق مسارا لتعويض المعتقلين السياسيين وجبر الأضرار.

وفي عام 2016، افتتح المغرب في مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للبلاد، مقبرة دُفِن فيها المئات من ضحايا أحداث 20 يونيو عام 1981، التي نُظِّمت للاحتجاج على الزيادات الكبيرة التي أقرتها الحكومة في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.

واعتبرت خطوات الملك الجديد رغبة في إنهاء فترة والده.

لكن رغم ذلك، ترى عائلات المختطفين، إبان "سنوات الرصاص"، أن "المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية لا تكلّف نفسها عناء مواصلة التحريات والبحث عن الحقيقة، وإغلاق الملف دون معرفة الحقيقة".

وتقول العائلات إن المغرب صادَق على اتفاقيات دولية تخص الاختفاء القسري، لكن السلطات لا تزال تماطل على أرض الواقع، بحسب ما تراه.

خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر جميعة بالبلاد، تتهم السلطات بـ "الإهمال" و"التماطل" في هذه القضية.

الرياضي المطلعة جيدا على تفاصيل الملف، قالت في حديث لموقع "الحرة" إن هناك "إهمالا وتماطلا من قبل السلطات المغربية تجاه هذه الملف".

وتشير الرياضي إلى أن المغرب رغم توقيعه على اتفاقيات دولية لا يزال يماطل في الكشف عن تفاصيل حوادث الاختفاء والاختطاف.

تماطل وإهمال

وتقول الرياضي إن أجهزة الدولة الأمنية هي المسؤولة عن هذه الحوادث من اعتقال واختطاف، لكن رغم ذلك فهي "اليوم عاجزة عن الكشف عن مصير هؤلاء".

ونادت لجنة العائلات الحكومة بـ"إرفاق قرار التصديق على الاتفاقية الدولية بشأن التصريح باعتراف الدولة المغربية باختصاص اللجنة الأممية المعنية بالاختفاء القسري بـ'تلقي وبحث بلاغات الأفراد، أو بالنيابة عن أفراد يخضعون لولايتها'، وفق المادة 31 من الاتفاقية المذكورة، ضمانا لحق الانتصاف أمام اللجنة الأممية ومن أجل منح هذه المصادقة جميع الضمانات لتفعيلها داخليا".

كما طالبت بـ"نشر اللوائح الكاملة لضحايا الاختفاء القسري وتضمينها كل المعلومات الأساسية"، مثل هوية المختفي، وتاريخ ومكان اختطافه، وأماكن احتجازه، وتاريخ ومكان الوفاة عند حدوثها، وتحديد المؤسسات والأجهزة المسؤولة عن الاختطاف والاحتجاز.

المعتقل السابق خلال سنوات الرصاص، عبد الله مسداد، يقول إن ملف الاختفاء القسري هو من القضايا التي لاتزال عالقة في المغرب، "لأن هناك مجموعة من الحالات لا تزال عالقة وهناك مجموعة من العائلات لا تزال تنتظر معرفة مصير أبنائها".

ويضيف مسداد، رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، في حديث لموقع "الحرة"، أن بعض العائلات التي أُخبِرت بوفاة أبنائها تنتظر إجراء الفحص الجيني لكي تتأكد من مصير أفرادها ومن مكان الوفاة والقبر، و"تُمنَح لها فرصة إقامة طقوس وجنازة".

ويشير مسداد إلى أن هناك اتفاقيات دولية خاصة فيما يتعلق بالاختفاء القسري وصادق عليها المغرب، "لكن نحن لا نزال نطالب السلطات بتطبيقها ورفع التحفظ على 'المادة 30'، والتي تنص على حق العائلات في تقديم شكاوى أمام الهيئات الدولية".

وذكر مسداد أن المنتدى يطالب أيضا السلطات المغربية بتجريم الاختفاء القسري في القانون الجنائي المغربي وذلك تزامنا مع بدء مشاورات لتعديل القانون.

ويقر مسداد أن هناك مشكلة كبيرة في التزام المغرب بالاتفاقيات الدولية التي وافق عليها.

وتتكلف أبرز الجمعيات الحقوقية المغربية، وعلى رأسها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بقضية المختفين، ورصدت الجمعية "عدم استكمال البحث عن الحقيقة بشأن العديد من ملفات الاختفاء القسري".

وحاول موقع "الحرة" الحصول على تعليق من مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، دون أن يتأتى ذلك إلى حد كتابة هذا التقرير.

وتقول الجمعية إن "من ضمن الحالات العالقة، تلك التي تضمنّها تقرير هيئة الإنصاف والمُصالَحة، حيث أبقت هذه الأخيرة البحث مفتوحا بشأنها، وعلى رأسها ملفات المهدي بنبركة والحسين المانوزي وعبد الحق الرويسي ووزان بلقاسم وعمر الوسولي ومحمد إسلامي وغيرهم".

وأبرزت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أيضا الحاجة إلى "العمل على تشكيل آلية وطنية للحقيقة، لمواصلة الكشف عن الحقيقة حول جميع الملفات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، خاصة حالات الاختفاء القسري".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الاختفاء القسری لحقوق الإنسان عن الحقیقة

إقرأ أيضاً:

اتهام أمازون بـ "تشويه الحقيقة" في أحدث مطالباتها المتعلقة بالطاقة النظيفة

زعمت أمازون يوم الأربعاء أنها حققت هدفها المتمثل في الحصول على كل طاقتها من مصادر الطاقة النظيفة في العام الماضي. إذا تم أخذ هذا الإعلان على محمل الجد، فإنه يعني أنه وصل إلى هذا الإنجاز قبل سبع سنوات من الموعد المحدد، وهو ما سيكون إنجازًا هائلاً، لكن خبراء البيئة الذين تحدثوا إلى صحيفة نيويورك تايمز، بما في ذلك مجموعة من موظفي أمازون المعنيين، يحذرون من أن الشركة "تضلل الجمهور من خلال تشويه الحقيقة.

ويعتمد ادعاء الشركة بتحقيق كهرباء نظيفة بنسبة 100% جزئيًا على استثمارات بقيمة مليار دولار في أكثر من 500 مبادرة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح. منطق الشركة هو أن الطاقة التي تولدها هذه المشاريع تساوي الكهرباء التي تستهلكها مراكز البيانات الخاصة بها، حتى ستيفن.

لكن مصادر الطاقة المتجددة التي تستخدمها في تلك الحسابات يتم تغذيتها في شبكة كهرباء عامة، وليس حصريًا في عمليات أمازون. ويحذر خبراء البيئة من أن الشركة تستخدم "المحاسبة والتسويق لجعل نفسها تبدو جيدة"، على حد تعبير صحيفة نيويورك تايمز.

وكتبت مجموعة "موظفو أمازون من أجل العدالة المناخية" في بيان لصحيفة نيويورك تايمز: "تريد أمازون منا أن نفكر في مراكز البيانات الخاصة بها على أنها محاطة بمزارع الرياح والطاقة الشمسية، لكن الواقع هو أن الشركة تستثمر بشكل كبير في توسعات مراكز البيانات التي تغذيها الفحم في ولاية فرجينيا الغربية، والنفط السعودي، والغاز المستخرج من كندا".

يقول خبراء الطاقة النظيفة إن إدراج أمازون لشهادات الطاقة المتجددة (RECs) في حساباتها يمكن أن يكون مضللاً للغاية. وذلك لأنه إذا قامت أي محطات طاقة على الشبكة بحرق الوقود الأحفوري، فلن تتمكن الشركات من معرفة أن الشبكة تستخدم الطاقة النظيفة فقط. وقالت مجموعة موظفي أمازون لصحيفة نيويورك تايمز إنه بعد طرح استخدام الشركة للمجموعات الاقتصادية الإقليمية في حساباتها، فإن استثمارها في الطاقة النظيفة كان "مجرد جزء صغير مما تم نشره".

وقالت ليا ستوكس، الأستاذة المشاركة في السياسة البيئية بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، لصحيفة نيويورك تايمز: "إن شراء مجموعة من المجموعات الاقتصادية الإقليمية لا يساعد في أي شيء". "عليك فقط أن تستثمر في مشاريع حقيقية."

ولكي نكون منصفين، ينبغي لنا أن نشيد بأي تحرك نحو الطاقة النظيفة. ولا تزال أمازون تحصل على الدرجة "B" من منظمة CDP غير الربحية (المعروفة سابقًا باسم مشروع الكشف عن الكربون)، والتي كانت أقل من الدرجة "A" التابعة لشركة جوجل ومايكروسوفت ولكنها لا تزال درجة النجاح. تكمن المشكلة عندما تستخدم الشركات الدخان والمرايا المرتبطة في كثير من الأحيان بالتسويق والعلاقات العامة لتضليل الجمهور للاعتقاد بأنها تفعل أكثر مما تفعله من أجل البيئة.

"تحتاج الشركة إلى تحديد ما هي المصادر التي تأخذها في الاعتبار في هذا الحساب؟" وقال سايمون فيشويشر، مدير حزب CDP، لصحيفة نيويورك تايمز:

ومع الصعود السريع للذكاء الاصطناعي والضغوط المالية التي فرضتها المنافسة في هذا الاندفاع الجديد نحو الذهب، تعمل الشركات الآن على تعديل أعمالها وإيجاد طرق جديدة لتحقيق أهدافها المناخية. ومع ذلك، إذا كان هذا التغيير يقدم حركة ملموسة أقل والمزيد من الكلمات المراوغة والمنطق غير الواضح، فإن ذلك يخلق مشكلة جديدة على رأس حلولهم المزعومة لأزمة حقيقية.

مقالات مشابهة

  • اتهام أمازون بـ "تشويه الحقيقة" في أحدث مطالباتها المتعلقة بالطاقة النظيفة
  • مراكش... انتخاب المغرب أمينا عاما ومقرا دائما لجمعية النواب العموم الأفارقة
  • صفقة سرية.. المغرب يواصل التعاون العسكري مع الاحتلال
  • أولمبياد باريس.. 60 رياضيا يمثلون المغرب
  • أخنوش: المغرب يتوفر على نقابات مسؤولة وحكومة قوية لتحقيق حوار اجتماعي ناجح
  • إلغاء مؤتمر تطبيعي في المغرب خشية احتجاجات شعبية ضد استمرار حرب غزة
  • إلغاء مؤتمر تطبيعي في المغرب خشية من احتجاجات شعبية ضد استمرار حرب غزة
  • وكالة الأنباء الإسبانية تبرز جهود المغرب لتحويل الصحراء المغربية إلى مركز للتجارة البحرية مع دول الساحل
  • إب.. وقفتان في السياني وذي السفال تبارك الإنجاز الأمني بالكشف عن خلايا التجسس
  • عائلات تعيش الجحيم في مخيمات تندوف تطالب بالنزوح نحو المغرب