يتوقع أكثر من مراقب سياسي أن تكون كلمة رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع في قداس "شهداء المقاومة اللبنانية" "نارية"، من حيث المواقف التي سيطلقها والثوابت التي سيؤكد عليها، جريًا على عادته ككل سنة في مثل هذه المناسبة.فالمواقف التي سيعلنها جعجع في هذه المناسبة كثيرة، وهي تأتي بعد تطورات شهدتها الساحة اللبنانية، والمتقاطعة مع زحمة الموفدين الدوليين، وعشية عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، مع تشديده على وحدة قوى المعارضة بالوقوف صفًا واحدًا في وجه محاولات تمييع الاستحقاق الرئاسي، والاستمرار في التلطي وراء الدعوة إلى حوار، تعتبره هذه القوى عقيمًا وغير مجٍد ما لم  يسبقه انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

 

مصدر "قواتي" لخصّ مضمون مجمل كلمة الدكتور جعجع، "التي ستكون مفصلية، وستضع الكثير من النقاط على الكثير من الحروف"، بعنوان رئيسي، وهو تحميل "قوى الممانعة" مسؤولية ما وصل إليه لبنان من مآسٍ وويلات وإلى الكارثة التي حلّت بالبلد. وشدّد على أن الكلمة ستتضمن مسائل عدّة وأساسية، ولكن عنوانها الرئيسي والعريض، والذي سيحكم مقاطعها، سيكون بتسليط الضوء على مسؤولية "الممانعة"، التي تخطف قرار الدولة وتمنع الشروع في أي عمل إصلاحي، "لأنها تخطف هذا القرار بقوة السلاح، وتشرّع الأبواب للفساد، الذي أدّى إلى كل هذه الانهيارات". 

ويشير المصدر نفسه إلى أن كلمة الدكتور جعجع ستتضمن مقارنة بين مشروعين: مشروع "الممانعة" الكارثي، "الذي أوصل لبنان إلى ما وصل إليه من اهتراء وانهيار، وبين مشروع آخر هو مشروع لبنان الدولة، مشروع لبنان الحضارة والثقافة والتألق، ولكن من دون أن يعني أن التوصيف الدقيق للواقع المأسوي الذي يعيشه لبنان هو مدعاة لليأس والقنوط والاستسلام والإحباط. فمع هذا التوصيف الدقيق لواقع البلد بالأمثلة الحسية فإن في كلمة الدكتور جعجع ستحمل في طياتها رسالة أمل إلى اللبنانيين، وفحواها أن الصمود على كل الأصعدة سيستمر بكل صلابة وشجاعة، وأن الاستسلام غير موجود في قاموس، الذين يتذكرّون تضيحات شهدائهم كل يوم، وليس فقط مرّة في السنة، ويقدّرون ما قدموه ليبقى لبنان مرفوع الجبين. فالأمل موجود وسيصل اللبنانيون إلى تحقيق تطلعاتهم أيًّا الصعوبات والمعوقات والعراقيل، وإلى بناء الدولة التي تجسد أحلامهم وما يصبون إليه في المرحلة الآتية". 

ويؤكد المصدر "القواتي" أن ما بين هذين العنوانين العريضين في كلمة الدكتور جعجع عناوين كثيرة، وفي طليعتها الاستحقاق الرئاسي وتصميم "القوات اللبنانية" وقوى "المعارضة" على منع "قوى الممانعة" من أن تضع يدها على رئاسة الجمهورية، مع التذكير بما حققه نواب تكتل "الجمهورية القوية" من خطوات تشريعية، وما قدموه من اقتراحات قوانين، وما يقومون به من أدوار تحظى باحترام القريب والبعيد معًا. 

فكلمة جعجع تأتي بعد زيارتين لآموس هوكشتاين ولوزير خارجية إيران حسين عبد الأمير اللهيان، وبعد كلمة الرئيس نبيه بري في الذكرى الخامسة والأربعين لتغييب الامام موسى الصدر، والذي حدّد فيها سبعة أيام للحوار، الذي سيسبق الجلسات المتلاحقة لانتخاب رئيس جديد للبلاد، وقبل عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، على أن تتضمن رفضًا لأي حوار يسبق عملية الاستحقاق الدستوري بالطرق الديمقراطية، التي تفرض عقد جلسات متتالية ومفتوحة في مجلس النواب، والتي ستفضي حتمًا إلى انتاج رئيس جديد للجمهورية اللبنانية القوية بمواصفات لبنانية صرفة.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

سنعود أحياء وأمواتا.. ميس الجبل اللبنانية تستعيد جثامين شهدائها

جنوب لبنان- على وقع الزغاريد والهتافات، أعادت بلدة ميس الجبل قضاء مرجعيون في الجنوب اللبناني نعوش 48 شهيدا من أبنائها، ارتقوا خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، بعد أن دُفنوا في وقت سابق في ودائع خارجها لتعذّر دفنهم فيها.

وبمأتم مهيب أقيم في ساحة البلدة المدمّرة، حُملت نعوش الشهداء على شاحنات خُصصت لتشييع جثامينهم، تم تزيينها بالورود وأعلام لبنان وحزب الله، وبعد أداء تحيّة الوداع نُقلت إلى مقبرة البلدة، حيث رُفعت على أكتاف الأهالي ثم واروها الثرى.

نعوش الشهداء محمولة قبل دفنها (الجزيرة)

 

وأصر أهالي الشهداء إصرارا شديدا على إعادة جثامين أبنائهم إلى مقبرة البلدة، إذ يُعتبرون هذا التشييع الذي أُقيم فوق ركام ما خلفته الحرب رسالة لضرورة عودة الأهالي إلى بلدتهم.

وهو ما يؤكّده لافي المصري (والد الشهيد قاسم) الذي يقول -في حديثه للجزيرة نت- إن "ميس الجبل معروفة بحوزاتها العلمية وببطولاتها وبإيمانها وبمجاهديها الذين قدّموا حياتهم في سبيل الوطن"، وأشار إلى أنه حتى لو دُمّر كل شيء، فإن أهالي البلدة لن يغادروا أرضهم التي وُلدوا ونشؤوا فيها، وسيعودون إليها ليعيشوا فيها من جديد".

ويؤكد المصري -الذي كان أسيرا سابقا في سجون الاحتلال الإسرائيلي- أنه لا خيار إلا المقاومة مع المحتل، ويبارك تضحيات المجاهدين الذين استبسلوا في الدفاع عن لبنان قائلا: "هذا العدو الصهيوني القذر يجب استئصاله من الوجود، وبفضل دماء الشهداء والجرحى والأسرى سننتصر".

أهالي البلدة أرادوا إيصال رسالة أنهم لا يتركون أرضهم أحياء أو أمواتا (الجزيرة) دموع فخر وألم

يقف علاء قاروط مع إخوانه منتظرا نعش شقيقه الشهيد يوسف، ليواروه الثرى إلى جانب رفاقه الشهداء، ويتحدث للجزيرة نت عن فخره بأخيه وبكل الشهداء الذين ارتقوا دفاعا عن بلدتهم ميس الجبل وكل الجنوب اللبناني، مؤكّدا أن العودة إلى البلدة ما كانت لتكون لولا دماء الشهداء التي روت ترابها، ويقول إن "كل شهيد هو مصدر قوّة وصمود للأهالي".

إعلان

ويوجّه قاروط رسالة للاحتلال قائلا إن "الإسرائيليين وفدوا إلى فلسطين وهي ليست أرضهم، وكلّهم يحملون جنسيّات أجنبيّة، ويمكنهم الذهاب إلى أماكن أخرى، أما نحن فهذه أرضنا ولا نحمل إلا الجنسية اللبنانية، وسنعود إلى بيوتنا المدمّرة وسننصب الخيام فوقها ونسكنها، لأنه لا يوجد لدينا وطن آخر، وسنعود إلى ميس الجبل ونعيد الإعمار ولو بعد حين، فهذه أرض المقاومة والشهداء، ولن نغادرها".

وبدموع الفخر الممزوجة بغصّة الفقد والشوق، يودّع محمد بدران ابنه الشهيد عبّاس، ويتحدّث للجزيرة نت عن أهميّة إعادة جثامين الشهداء إلى مسقط رأسهم ويقول: "عاد الشهداء إلى الأرض التي دافعوا عنها والأرض التي ارتوت بدمائهم، لقد زيّنوا ساحاتها ودافعوا عنها، واليوم عادوا إليها".

المباني في ميس الجبل تعرضت للقصف عدة مرات (الجزيرة)

 

وعن مشهد الدمار المهول، يشير بدران إلى أن "الاحتلال لم يترك لا شجرا ولا حجرا ولا بشرا، فالشجرة المعمّرة اقتلعها، ولم يفعل أحد في التاريخ ما فعله، لكن رغم كل الذي حصل، فإن أهالي ميس الجبل عائدون لإعمار بلدتهم، وسيبقون فيها من أجل الشهداء الذين سقطوا".

أما طلال مروّة، فقد حضر إلى بلدة ميس الجبل ليودّع صهره زوج ابنته الشهيد علي غبشة، ويؤكّد في حديثه للجزيرة نت أن "تضحيات الشهداء منعت الاحتلال من الاستمرار في احتلاله للأرض اللبنانية"، لافتا إلى أن إصرار الأهالي على إعادة جثامين شهدائهم إلى البلدة يهدف إلى إعادة الحياة إلى ميس الجبل، كما بقيّة البلدات في الجنوب اللبناني.

مراسم التشييع كانت محاطة بمشاهد الدمار الذي خلفه الاعتداء الإسرائيلي على لبنان (الجزيرة) الدمار مهول

تعد ميس الجبل واحدة من البلدات الجنوبية التي نالت نصيبا كبيرا من الدمار، إذ عمد الاحتلال إلى نسف منازلها عدة مرات، فمسح حاراتها مسحا كاملا، وكذلك قصف بنيتها التحتية بالطيران الحربي وبالمدفعية، مما أدّى إلى تدمير 4800 وحدة سكنية بين دمار كلّي وجزئي.

إعلان

ويشير رئيس بلديّتها عبد المنعم شقير -في حديث للجزيرة نت- إلى أن ما حدث في البلدة أشبه بالزلزال، فالعدو لم يميّز بين مدني وعسكري، ودمّر كل شيء في البلدة من منازل ومبان حكومية، ودور عبادة ومدارس، ومحطات المياه والاتصالات، والطرقات والمرافق الحيوية، حتى أصبحت غير قابلة للحياة.

ويذكر أن الاعتداءات التي استهدفت ميس الجبل ليست بالأمر المستجد، فالبلدة الحدودية مع فلسطين المحتلة اعتادت هذه الاعتداءات منذ عام 1948، وحسب رئيس بلديتها، فإن الأهالي ليس لديهم خيار آخر غير بلدتهم، وهم عادوا إليها ليدفنوا أبناءهم في ثراها. وقدمت البلدة 110 شهداء بين مجاهد ومسعف ومدني.

ويقول "لدينا ثقافة تربينا عليها، وهي أننا نعود إلى أرضنا أحياء أو أمواتا، وهؤلاء الشهداء دافعوا عن بلدهم وأهلهم، وضحّوا بأغلى ما يملكون"، وأضاف أن "اليوم ومن خلال هذا التشييع المهيب، الرسالة كانت واضحة وهي أن عودة الأهالي حتمية، وأهالي الشهداء أرادوا من تشييعهم لأبنائهم بث رسالة بأنها بداية العودة إلى الأرض".

ويدعو شقير الدولة والمعنيين إلى حماية المواطنين في الجنوب اللبناني من التهديدات الإسرائيلية، وكذلك تقديم الدعم المادي لهم لتمكينهم من إعادة بناء ما دمّره الاحتلال الإسرائيلي "المتفلّت من كل القوانين الدولية، والمتجرد من القيم الإنسانية".

مقالات مشابهة

  • الصحة اللبنانية: استشهاد مواطن إثر غارة إسرائيلية على بلدة الطيبة
  • نص كلمة السيسي.. تفاصيل المباحثات المصرية الفرنسية اليوم
  • جعجع في قداس شهداء زحلة: لاستعادة الدولة سلطتها والا لا نتيجة لأي إصلاح
  • جعجع: الإصلاحات لا يمكن أن تنجح قبل استعادة الدولة سلطتها
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • سنعود أحياء وأمواتا.. ميس الجبل اللبنانية تستعيد جثامين شهدائها
  • أمريكا تطالب الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله
  • حريق أعشاب في باحة مبنى الجامعة اللبنانية في الكورة
  • الليرة اللبنانية من الأسوأ عالمياً.. العين على الاصلاحات وقرارات المركزي
  • الرئاسة اللبنانية: اجتماع عون والمبعوثة الأمريكية بحث 3 ملفات مهمة