النفايات المشعّة.. ألمانيا في مواجهة معضلة نفاياتها النووية
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
ودعت ألمانيا الطاقة النووية بإغلاق آخر محطاتها في أبريل / نيسان الماضي
مع وقف تشغيل آخر ثلاث محطات للطاقة النووية داخل أراضيها في منتصف أبريل / نيسان الماضي، كتبت ألمانيا الاتحادية، أكبر اقتصاد في أوروبا، نهاية عصر اعتمادها على الطاقة النووية.
مختارات ألمانيا تودع الطاقة النووية وتغلق آخر محطاتها وسط جدل أزمة المناخ رغم أزمة الطاقة - ألمانيا تغلق ثلاثة مفاعلات نووية في آخر ساعات 2021 هل تدفع أزمة الغاز الروسي ألمانيا إلى الإبقاء على الطاقة النووية؟ورغم هذا النجاح والحرص على إنهاء الحقبة النووية؛ رغم أزمة الطاقة الراهنة، إلا أن محطات الطاقة النووية قد خلفت وراءها مشكلة خطيرة تتمثل في النفايات النووية حيث تواجه السلطات تحديا في طريقة التخلص من هذه النفايات.
ومع غياب تدشين منشأة طمر دائمة في ألمانيا على أقل تقدير خلال المستقبل القريب، فإنه من المرجح بقاء قضبان الوقود المستهلكة المتواجدة داخل الحاويات المستخدمة لنقل وتخزين النفايات عالية المستوى، داخل مخازن مؤقتة لفترة طويلة.
الجدير بالذكر أنه يتم حاليا تخزين حوالي 1200 حاوية في 17 موقعا مؤقتا في ألمانيا، فيما أنيط بـ"الشركة الاتحادية للتخزين المؤقت" المملوكة للدولة والتي تُعرف اختصارا بـ " BGZ"، مهمة تشغيل المواقع.
وفي مقابلة مع DW، أفادت الناطقة باسم الشركة، جانين توكارسكي، بتخصيص "حوالي 1800 حاوية من جميع أنحاء ألمانيا لتنفيذ المرحلة النهائية من عملية التخلص من النفايات".
ولا يتوقف الأمر على هذه الشركة، إذ جرى تكليف "الشركة الاتحادية للتخلص من النفايات المشعة" والتي تُعرف اختصارا بـ BGE بمهمة استكشاف مواقع في ألمانيا لكي تُطمر فيها النفايات الخطرة بشكل نهائي.
وعن ذلك، قالت توكارسكي إن الخبراء يبذلون جهودا مضنية لإيجاد أماكن لتخزين النفايات بشكل دائم، لكنها شددت على أهمية الخروج بـ "إجماع سياسي خلال أربعينيات القرن الحالي على أقرب تقدير".
وأضافت أن مرحلة التخطيط والبناء سوف تستغرق ما بين عشرين إلى ثلاثين عاما، فيما يتوقع تدشين مرحلة الطمر النهائي "في ستينيات القرن الحالي على أقرب تقدير. وسوف تستغرق مرحلة نقل جميع النفايات من المواقع المؤقتة ثلاثين عاما أخرى".
تتسم عمليات نقل وتخزين النفايات النووية بالتعقيد لضمان السلامة النووية
وفقا للتقديرات، فإن العملية بأسرها سوف تكلف البلاد مئات المليارات، فقد أنفقت "الشركة الاتحادية للتخزين المؤقت" العام الماضي 271 مليون يورو فقط لضمان تخزين النفايات النووية الألمانية بشكل آمن، بما في ذلك تخصيص 191 مليون يورو لتشغيل المواقع المؤقتة و80 مليون يورو في شكل استثمارات.
منشأة كأنها قلعة حصينة
الجدير بالذكر أنه في عام 1992، جرى تخزين أول حاوية مستخدمة لنقل وتخزين النفايات عالية الإشعاع في موقع للتخزين المؤقت في مدينة آهاوس الواقعة بولاية شمال الراين- ويستفاليا، في شمال غرب ألمانيا.
ويبلغ طول المبنى، الذي يشبه قلعة حصينة، حوالي مائتي متر، أما ارتفاعه فيبلغ 20 مترا، مع مساحة تفوق 5700 متر مربع ويحيط به سياج من السلك لتعزيز التدابير الأمنية، وسط المناظر الطبيعية الخلابة التي تتميز بها منطقة مونسترلاند السياحية.
ويقسم الموقع إلى منطقة استقبال وأخرى للصيانة فيما يضم أكثر من 300 برميل صُفْر تحتوي على قضبان وقود محروقة، فيما يتم تخزين ست حاويات مستخدمة لنقل وتخزين النفايات عالية الإشعاع، يبلغ طول كل حاوية ستة أمتار وتزن 120 طنا في إحدى الصالتين من أجل المحافظة على منع تسرب النفايات لفترة زمنية تمتد لقرابة 40 عاما.
وقال ديفيد كنولمان، المسؤول في "الشركة الاتحادية للتخزين المؤقت" في منطقة آهاوس، إنه يتم التأكد من عدم حدوث أي تسريب من خلال مفتاح ضغط موجود في نظام الغلق المحكم ذي الجدارين لهذه الحاويات.
وفي مقابلة مع DW، أضاف يتم إدخال غاز الهيليوم بين الجدارين عند ضغط معين، "وهذا المفتاح يضمن عدم انخفاض الضغط عند مستوى معين"، مشيرا إلى أنه لم تحدث أي حادثة تسريب على مدى الثلاثين عاما الماضية.
تضم مدينة آهاوس الواقعة في شمال غرب ألمانيا منشأة مؤقتة لطمر النفايات النووية
وتشرف السلطات الألمانية على ضمان السلامة النووية في هذه المواقع فيما تنخرط "المنظمة الأوروبية للطاقة الذرية" وهي كيان مستقل للطاقة النووية تديره الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وأيضا الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عمليات الإشراف.
ويقوم المسؤولون في عمليات الإشراف بزيارة الموقع بشكل مفاجئ.
سباق مع الزمن
وتضم ألمانيا أيضا مواقع مؤقتة لتخزين النفايات، لكنها غير مركزية حيث تتواجد في كافة محطات الطاقة النووية الألمانية السابقة.
كذلك يتم شحن نفايات نووية أخرى إلى فرنسا والمملكة المتحدة حتى يتم إعادة معالجتها لتمهيد الطريق أمام عودتها إلى ألمانيا مجددا، بيد أن كنولمان شدد على أن هذا الأمر لن يحدث إلا "عند استيفاء جميع الشروط التنظيمية اللازمة".
وأوضح أن معظم النفايات تأتي من "محطات الطاقة النووية المفككة" وتشمل المضخات والمرشحات الملوثة فيما سيتم تخزينها في نهاية المطاف في موقع "شاخت كونراد" قرب مدينة سالتسغيتر، كان في السابق عبارة عن منجم لخام الحديد، لكن جرى التخطيط لأن يكون مستودعا أو مخزنا جيولوجيا تحت الأرض لطمر النفايات المشعة المتوسطة والمنخفضة المستوى.
وقالت توكارسكي إنه من المتوقع أن تبدأ مرحلة تشغيل هذا الموقع "مطلع ثلاثينيات القرن الحالي".
عارض كثيرون في ألمانيا إغلاق محطات الطاقة النووية في الظروف الراهنة
يشار إلى أن كافة مواقع تخزين النفايات النووية المؤقتة في ألمانيا تحصل على تصاريح تشغيل محدودة لمدة 40 عاما إذ من المقرر أن يتم تجديد التصريح الخاص بموقع آهاوس بحلول 2028.
ويرى خبراء أن البلاد سوف تواجه مشكلة تتعلق بطمر النفايات النووية في ضوء أن إقامة منشاة مركزية للطمر النهائي وتشغيلها بكامل طاقتها لن يتم إلإ بحلول عام 2090، ما يستلزم ضرورة تعزيز الإجماع السياسي حيال هذه الأزمة الخطيرة.
كلاوس ديوز / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: الوكالة الدولية للطاقة الذرية الطاقة النووية المانيا المفاعلات النووية أزمة الطاقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية الطاقة النووية المانيا المفاعلات النووية أزمة الطاقة محطات الطاقة النوویة فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
ناسا تخصص 3 مليون دولار لمن يحل معضلة “القمامة على القمر”
المناطق_متابعات
تُقدم وكالة ناسا الأمريكية جوائز نقدية بقيمة 3 ملايين دولار لمن يُساعد في حل مُشكلة قد تبدو بسيطة، لكنها تُمثل تحديا كبيرا لرواد الفضاء في المُستقبل، وهي إعادة تدوير القمامة على سطح القمر.
وذكرت صحيفة “ديلي ميل” أن ناسا أطلقت “تحدي LunaRecycle” بهدف إيجاد حلول مبتكرة تُساعد رواد الفضاء على إعادة استخدام المواد التي يحضرونها إلى القمر بكفاءة أكبر.
أخبار قد تهمك «ناسا» تفقد السيطرة على مركبة 25 أكتوبر 2024 - 10:06 صباحًا لتمديد مهمتها في الفضاء السحيق.. ناسا تطفئ أداة البلازما في “فوياجر 2” 6 أكتوبر 2024 - 6:53 صباحًاوأشارت الصحيفة إلى أن التحدي سيركز على النفايات الصلبة “غير الغازية وغير البيولوجية وغير الأيضية”، مثل مواد التغليف و الأقمشة و العناصر الهيكلية.
ونقلت “ديلي ميل” عن ناسا قولها إن الهدف النهائي هو التوصل إلى طرق جديدة مُبتكرة و فعّالة لتحويل هذه القمامة إلى “منتجات قابلة للاستخدام” تدعم “العلوم و الاستكشاف خارج الكوكب”.
وسيتنافس المُشاركون في التحدي على مسارين:
مسار “التوأم الرقمي”: يُقدم المُشاركون مُحاكاة افتراضية لتقنيات إعادة التدوير.مسار “بناء النموذج الأولي”: يُقدم المُشاركون تصميمات مُفصلة لاختراعاتهم في مجال إعادة التدوير.وستُقدم ناسا جائزة قدرها مليون دولار للمرحلة الأولى من التحدي، و 2 مليون دولار للمرحلة الثانية.وأشارت الصحيفة إلى أن ناسا تأمل في أن تُساهم هذه التقنيات في تسهيل رحلات الفضاء إلى المريخ وجعلها أقل تكلفة وأكثر كفاءة.
وأكدت “ديلي ميل” أن ناسا لن تُطالب بأي حقوق ملكية فكرية من مُشاركات الفرق في التحدي.