ودعت ألمانيا الطاقة النووية بإغلاق آخر محطاتها في أبريل / نيسان الماضي

مع وقف تشغيل آخر ثلاث محطات للطاقة النووية داخل أراضيها في منتصف أبريل / نيسان الماضي، كتبت ألمانيا الاتحادية، أكبر اقتصاد في أوروبا، نهاية عصر اعتمادها على الطاقة النووية.

مختارات ألمانيا تودع الطاقة النووية وتغلق آخر محطاتها وسط جدل أزمة المناخ رغم أزمة الطاقة - ألمانيا تغلق ثلاثة مفاعلات نووية في آخر ساعات 2021 هل تدفع أزمة الغاز الروسي ألمانيا إلى الإبقاء على الطاقة النووية؟

ورغم هذا النجاح والحرص على إنهاء  الحقبة النووية؛  رغم أزمة الطاقة الراهنة، إلا أن محطات الطاقة النووية قد خلفت وراءها مشكلة خطيرة تتمثل في النفايات النووية حيث تواجه السلطات تحديا في طريقة التخلص من هذه النفايات.

ومع غياب تدشين منشأة طمر دائمة في ألمانيا على أقل تقدير خلال المستقبل القريب، فإنه من المرجح بقاء قضبان الوقود المستهلكة المتواجدة داخل الحاويات المستخدمة لنقل وتخزين النفايات عالية المستوى، داخل مخازن مؤقتة لفترة طويلة.

الجدير بالذكر أنه يتم حاليا تخزين حوالي 1200 حاوية في 17 موقعا مؤقتا في ألمانيا، فيما أنيط بـ"الشركة الاتحادية للتخزين المؤقت" المملوكة للدولة والتي تُعرف اختصارا بـ " BGZ"، مهمة تشغيل المواقع.

وفي مقابلة مع DW، أفادت الناطقة باسم الشركة، جانين توكارسكي، بتخصيص "حوالي 1800 حاوية من جميع أنحاء ألمانيا لتنفيذ المرحلة النهائية من عملية التخلص من النفايات".

ولا يتوقف الأمر على هذه الشركة، إذ جرى تكليف "الشركة الاتحادية للتخلص من النفايات المشعة" والتي تُعرف اختصارا بـ BGE بمهمة استكشاف مواقع في ألمانيا لكي تُطمر فيها النفايات الخطرة بشكل نهائي.

وعن ذلك، قالت توكارسكي إن الخبراء يبذلون جهودا مضنية لإيجاد أماكن لتخزين النفايات بشكل دائم، لكنها شددت على أهمية الخروج بـ "إجماع سياسي خلال أربعينيات القرن الحالي على أقرب تقدير".

وأضافت أن مرحلة التخطيط والبناء سوف تستغرق ما بين عشرين إلى ثلاثين عاما، فيما يتوقع تدشين مرحلة الطمر النهائي "في ستينيات القرن الحالي على أقرب تقدير. وسوف تستغرق مرحلة نقل جميع النفايات من المواقع المؤقتة ثلاثين عاما أخرى".

تتسم عمليات نقل وتخزين النفايات النووية بالتعقيد لضمان السلامة النووية

وفقا للتقديرات، فإن العملية بأسرها سوف تكلف البلاد مئات المليارات، فقد أنفقت "الشركة الاتحادية للتخزين المؤقت" العام الماضي 271 مليون يورو فقط لضمان  تخزين النفايات النووية الألمانية  بشكل آمن، بما في ذلك تخصيص 191 مليون يورو لتشغيل المواقع المؤقتة و80 مليون يورو في شكل استثمارات.

منشأة كأنها قلعة حصينة

الجدير بالذكر أنه في عام 1992، جرى تخزين أول حاوية مستخدمة لنقل وتخزين النفايات عالية الإشعاع في موقع للتخزين المؤقت في مدينة آهاوس الواقعة بولاية شمال الراين- ويستفاليا، في شمال غرب ألمانيا.

ويبلغ طول المبنى، الذي يشبه قلعة حصينة، حوالي مائتي متر، أما ارتفاعه فيبلغ 20 مترا، مع مساحة تفوق 5700 متر مربع ويحيط به سياج من السلك لتعزيز التدابير الأمنية، وسط المناظر الطبيعية الخلابة التي تتميز بها منطقة مونسترلاند السياحية.

ويقسم الموقع إلى منطقة استقبال وأخرى للصيانة فيما يضم أكثر من 300 برميل صُفْر تحتوي على قضبان وقود محروقة، فيما يتم تخزين ست حاويات مستخدمة لنقل وتخزين النفايات عالية الإشعاع،  يبلغ طول كل حاوية ستة أمتار وتزن 120 طنا في إحدى الصالتين من أجل المحافظة على منع تسرب النفايات لفترة زمنية تمتد لقرابة 40 عاما.

وقال ديفيد كنولمان، المسؤول في "الشركة الاتحادية للتخزين المؤقت" في منطقة آهاوس، إنه يتم التأكد من عدم حدوث أي تسريب  من خلال مفتاح ضغط موجود في نظام الغلق المحكم ذي الجدارين لهذه الحاويات.

وفي مقابلة مع DW، أضاف يتم إدخال غاز الهيليوم بين الجدارين عند ضغط معين، "وهذا المفتاح يضمن عدم انخفاض الضغط عند مستوى معين"، مشيرا إلى أنه لم تحدث أي حادثة تسريب على مدى الثلاثين عاما الماضية.

تضم مدينة آهاوس الواقعة في شمال غرب ألمانيا منشأة مؤقتة لطمر النفايات النووية

وتشرف السلطات الألمانية على ضمان السلامة النووية في هذه المواقع فيما تنخرط "المنظمة الأوروبية للطاقة الذرية" وهي كيان مستقل للطاقة النووية تديره الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وأيضا الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عمليات الإشراف.

ويقوم المسؤولون في عمليات الإشراف بزيارة الموقع بشكل مفاجئ.

سباق مع الزمن

وتضم ألمانيا أيضا مواقع مؤقتة لتخزين النفايات، لكنها غير مركزية حيث تتواجد في كافة  محطات الطاقة النووية الألمانية السابقة.

كذلك يتم شحن نفايات نووية أخرى إلى فرنسا والمملكة المتحدة حتى يتم  إعادة معالجتها  لتمهيد الطريق أمام عودتها إلى ألمانيا مجددا، بيد أن كنولمان شدد على أن هذا الأمر لن يحدث إلا "عند استيفاء جميع الشروط التنظيمية اللازمة".

وأوضح أن معظم النفايات تأتي من "محطات الطاقة النووية المفككة" وتشمل المضخات والمرشحات الملوثة فيما سيتم تخزينها في نهاية المطاف في موقع "شاخت كونراد" قرب مدينة سالتسغيتر، كان في السابق عبارة عن منجم لخام الحديد، لكن جرى التخطيط لأن يكون مستودعا أو مخزنا جيولوجيا تحت الأرض لطمر النفايات المشعة المتوسطة والمنخفضة المستوى.

وقالت توكارسكي إنه من المتوقع أن تبدأ مرحلة تشغيل هذا الموقع "مطلع ثلاثينيات القرن الحالي".

عارض كثيرون في ألمانيا إغلاق محطات الطاقة النووية في الظروف الراهنة

يشار إلى أن كافة مواقع تخزين النفايات النووية المؤقتة  في ألمانيا تحصل على تصاريح تشغيل محدودة لمدة 40 عاما إذ من المقرر أن يتم تجديد التصريح الخاص بموقع آهاوس بحلول 2028.

ويرى خبراء أن البلاد سوف تواجه مشكلة تتعلق بطمر النفايات النووية في ضوء أن إقامة منشاة مركزية للطمر النهائي وتشغيلها بكامل طاقتها لن يتم إلإ بحلول عام 2090، ما يستلزم ضرورة تعزيز الإجماع السياسي حيال هذه الأزمة الخطيرة.

 

كلاوس ديوز / م. ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: الوكالة الدولية للطاقة الذرية الطاقة النووية المانيا المفاعلات النووية أزمة الطاقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية الطاقة النووية المانيا المفاعلات النووية أزمة الطاقة محطات الطاقة النوویة فی ألمانیا

إقرأ أيضاً:

عاجل .. أمريكا تدرس خيار ضرب المنشآت النووية الإيرانية

أفاد موقع أكسيوس الأمريكي عن مصادر له بأن الولايات المتحدة تدرس خيارا لضرب منشآت نووية إيرانية إذا سرعت طهران من عملية تصنيعها للسلاح النووي، وفق نبـأ عاجل نشرته قناة “القاهرة الإخبارية”.

وأفاد بأن بايدن لم يتخذ قراره بعد بشأن خيار ضرب منشآت نووية إيرانية، ولفت إلى أن خيار ضرب واشنطن منشآت نووية إيرانية عرضه مستشار الأمن القومي جيك سوليفان على بايدن وأشار إلى إمكانية تنفيذه قبل تنصيب ترامب.
 

إسرائيل : دمرنا منشأة للصواريخ أقامتها إيران في سوريا شهر سبتمبر مصطفى الفقي: لابد من تواجد حوار عربي مع إيران وتركيا وإسرائيل (فيديو)

واكد جيش الاحتلال الإسرائيلي الخميس أن قواته دمّرت في سبتمبر ، منشأة لتصنيع الصواريخ أقامتها إيران تحت الأرض في سوريا، عبر عملية تخللها إنزال جنود باستخدام طائرات مروحية.
وأوضح الجيش الذي نادراً ما يعلّق على تحركاته في سوريا، أن العملية جرت في الثامن من سبتمبر، وشارك فيها أكثر من 100 جندي من وحدات الكوماندوز، قاموا بتفكيك المنشأة الواقعة في منطقة مصياف على مقربة من شاطئ البحر المتوسط في محافظة حماة.

ولم يذكر الجيش حصيلة للعملية، بينما كان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تحدث في حينه عن مقتل 27 شخصاً.

وفي إطار آخر، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن حالات الانتحار في صفوفه ارتفعت خلال الحرب على قطاع غزة، وأنه سجل انتحار 28 جنديا بينهم 16 من الاحتياط في أعلى حصيلة منذ عقود.

 

وبحسب بيانات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، انتحر 38 جنديا بين عامي 2023 و2024. وفي عام 2022 تم تسجيل 14 حالة انتحار، وفي عام 2021 سجلت 11 حالة.

 

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن 558 جنديا قتلوا في عام 2023، بما في ذلك 512 خلال "النشاط العملياتي".

 

وفي عام 2023، توفي 16 جنديا في حوادث مختلفة، اثنان أثناء التدريب، و4 في حوادث سيارات مدنية، و5 في حوادث سيارات عسكرية، وواحد نتيجة لإطلاق سلاح عرضي، و4 في حوادث أخرى، وتوفي 10 بسبب المرض.

 

وتقول قوات الدفاع الاحتلال إن 17 جنديا يُعتقد أنهم انتحروا خلال نفس العام، من بينهم 7 مجندين، و4 جنود محترفين، و7 جنود احتياطيين. وكانت 7 حالات انتحار مشتبه بها في عام 2023 بعد هجوم السابع من أكتوبر.

 

وخلال عام 2024، انخفض إجمالي عدد القتلى في جيش الاحتلال الإسرائيلي مقارنة بعام 2023، لكن عدد حالات الانتحار ارتفع، حيث تم تسجيل إجمالي 363 حالة وفاة في صفوف الاحتلال ، بما في ذلك 295 في الأنشطة العملياتية وسط الحرب و11 في هجمات أخرى.

 

وبحسب بيان جيش الاحتلال الإسرائيلي ، توفي 23 جنديا في حوادث خلال عام 2024، 20 في حوادث سيارات و3 في حوادث أخرى، وتوفي 13 بسبب المرض.

 

ولقي 21 جنديا على الأقل حتفهم بسبب ما يشتبه بأنه انتحار، بما في ذلك 7 مجندين، وجنديين محترفين، و12 جندي احتياطي.

 

ويمكن تفسير العدد المرتفع لحالات الانتحار في صفوف جنود الاحتياط باستدعاء جيش الاحتلال الإسرائيلي لنحو 300 ألف جندي احتياطي خلال الحرب على غزة.

 

وبذلك يبلغ إجمالي حالات الانتحار المشتبه بها 38 حالة بين عامي 2023 و2024، 28 حالة كانت بعد بدء الحرب على غزة، كلها من الذكور.

 

وتقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إنها تعمل على منع حالات الانتحار في الجيش، بما في ذلك فتح خط ساخن يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، والذي تلقى أكثر من 3900 مكالمة منذ إنشائه في أكتوبر 2023. كما استدعى جيش الدفاع الإسرائيلي أكثر من 800 ضابط احتياطي للصحة العقلية وسط الحرب

 

مقالات مشابهة

  • ابتكار هيدروجيل من النفايات ينقي المياه من المعادن الضارة
  • بـ1200 يورو.. ألمانيا تساعد السوريين الراغبين بالعودة لبلادهم
  • دول خاسرة وأخرى مستعدة.. أوروبا في مواجهة انقطاع الغاز الروسي
  • بايدن يحدد خيارات استهداف منشآت إيران النووية
  • عاجل .. أمريكا تدرس خيار ضرب المنشآت النووية الإيرانية
  • 5 قتلى وعشرات المصابين بسبب ألعاب نارية في ألمانيا
  • احتفالات رأس السنة في أربيل تخلف 20 طناً من النفايات (صور)
  • التخلص من النفايات في واد سوس يورط جماعة آيت ملول
  • نظام كييف: المسيرات الروسية "إف بي في" تشكل معضلة للقوات الأوكرانية
  • كييف: المسيرات الروسية “إف بي في” تشكل معضلة للقوات الأوكرانية