الاقتصاد نيوز _ بغداد

شهد الأسبوع الماضي سلسلة من اللقاءات الوزارية العراقية – التركية في بغداد وأنقرة لحل قضايا خلافية. وفيما يطلب العراق من تركيا تسهيلات للحصول على كميات إضافية من المياه في وقت يعيش فيه البلد تحت وقع الجفاف، تناور أنقرة للوصول إلى اتفاق عنوانه الماء مقابل النفط بما تحمله هذه المعادلة من إحالة سيئة في أذهان العراقيين إلى اتفاق النفط مقابل الغذاء في التسعينات.

  

ويبدو أن العراق يكرر التجربة نفسها مع اختلاف في الظروف والأطراف التي يتعامل معها، وهو يسعى إلى توظيف ورقة النفط لاختراق حصار مائي مفروض عليه من جارتيه إيران وتركيا. وتستغل تركيا حاجة العراق إلى المياه لزيادة شروطها بشأن استئناف تصدير النفط العراقي عبر أراضيها.  

وكانت الزيارات التي قام بها وزير الخارجية التركي إلى بغداد هاكان فيدان، ووزير الطاقة ألب أرسلان بيرقدار، والمبعوث الخاص للرئيس رجب طيب أردوغان لشؤون المياه فيصل إيراوغلو ووزير النفط العراقي حيان عبدالغني إلى أنقرة، جزءا من مساعي حل هذه المعادلة، لكن لا شيء تحقق. وفي حين لفتت الحفاوة العراقية المبالغ فيها بالضيوف الانتباه، بدا الأتراك أكثر تشددا في مواقفهم.  

وتعد قضية المياه أزمة كبيرة في العراق، حيث تشهد البلاد سنة جافة أخرى تسبّبت في اختفاء البحيرات والأهوار وتضاؤل ​​حجم المياه المتدفقة عبر نهري دجلة والفرات من المنابع في تركيا وإيران.  

وأجبر هذا العراق على اتخاذ تدابير يائسة، مثل تركيب مضخات جديدة لاستخراج المياه من المساحة الميتة في الخزانات على طول النهرين. ويزداد الوضع سوءا مع توقف الروافد التي تنبع من إيران، مثل الزاب الصغير الذي أوقفت إيران تدفّق مياهه لأسابيع، ومع جفاف نهر الفرات، الذي يقول مسؤولون عراقيون إنه يجف حاليا قبل أن يتمكن من الالتقاء بنهر دجلة بالقرب من البصرة.  

وذكرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في العراق خلال يوليو أن منسوب المياه في نهر الفرات بلغ 56 سنتيمترا فقط في الناصرية، مما تسبب في جفاف 90 في المئة من الأهوار القريبة.  

ولم تقدّم أنقرة أيّ تعهدات بإطلاق المزيد من المياه لإنقاذ المجتمعات التي تعتمد على نهر الفرات، بينما تقول المنظمة الدولية للهجرة إن ثلث النازحين العراقيين البالغ عددهم 85 ألف نازح انتقلوا بسبب ندرة المياه من محافظة ذي قار.  

ويبقى تشكيل لجنة في هذا الإطار إعادة لصياغة الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان سنة 2021 في عهد إدارة رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي.  

وتشير الإحصاءات الرسمية العراقية إلى أن الاحتياطات المتوفرة من المياه في الخزانات تتراوح بين 7 و7.5 مليار متر مكعب، من أصل 150 مليار متر مكعب من الطاقة الاستيعابية. وهذه الاحتياطات تقترب من النضوب، ما يمكن أن يؤدي إلى كارثة غير مسبوقة تجعل حتى  من مياه الشرب شيئا نادرا.  

ويخدم هذا الوضع تركيا أكثر حيث تتطلع شركة “بينار” التركية لصادرات المياه المعدنية والمشروبات إلى أن تجعل من العراق سوقها الرئيسي.  

ويعمل العراق على إثناء تركيا عن تشدّدها في موضوع المياه من خلال إغراءات في مجال تصدير النفط.  

وتسعى بغداد إلى استئناف صادرات النفط من كركوك وإقليم كردستان عبر خط الأنابيب العراقي – التركي. وتوقفت هذه الصادرات منذ مارس حين ربح العراق قضية في غرفة التجارة الدولية ضد تركيا بخصوص الصادرات أحادية الجانب من إقليم كردستان دون موافقة بغداد.  

وكلّف فقدان 450 ألف برميل يوميا من الصادرات لمدة خمسة أشهر بغداد وأربيل نحو 5 مليارات دولار من إجمالي الإيرادات غير المحققة. ويصبح تسييل هذا النفط لذلك ضروريا لتنفيذ ميزانية العراق لسنة 2023 البالغة 150 مليار دولار وكبح العجز الهائل البالغ 48 مليار دولار.  

لكن خسائر تركيا المباشرة أقل، وتتراوح بين 2 و3 ملايين دولار يوميا من رسوم عبور النفط، مما يمكنها من تجاوز الفرصة الضائعة المتمثلة في تنشيط تجارة النفط والغاز مع العراق.  

ولم تسفر المحادثات الأخيرة عن اتفاق فيما يتعلق بالنفط الذي تسيطر أنقرة على تدفقه. وقال مسؤولون أتراك إنهم في حاجة إلى المزيد من الوقت لفحص خط الأنابيب وصهاريج التخزين في ميناء جيهان على البحر المتوسط ​​بحثا عن الأضرار الناجمة عن زلزال 6 فبراير، وهو ما ينظر إليه محللون على أنه مماطلة تركية.  

ويقول عمر النداوي المحلل لشؤون الشرق الأوسط إنه يصعب تصديق المبررات التركية لأن تدفق النفط استمر لمدة 46 يوما بعد الزلزال، وتوقف في 25 مارس بعد ساعات من إصدار المحكمة الجنائية الدولية حكمها لصالح العراق. ومن المؤكد أن ذلك لم يكن مصادفة. وتعتمد تركيا خط أنابيب العراق باعتباره ورقة مساومة تنتزع بها تنازلات بشأن التعاون النفطي والأمني ​​من أربيل وبغداد.  

وقال مسؤول نفط عراقي مطلع على المحادثات لرويترز إن التوصل إلى اتفاق قريبا ليس سهلا، وأكد تعدد القضايا الشائكة وأن لتركيا مطالب وشروطا تحتاج مزيدا من المحادثات.  

وتقول التقارير في العراق إن تركيا قدمت مطالب صعبة أخرى مع مطلب تخفيض مبلغ التعويضات التي يجب أن تدفعها (حددت المحكمة الجنائية الدولية مبلغ 1.5 مليار دولار).  

وتشمل تخفيضات كبيرة على النفط، وإسقاط جميع القضايا ضدها، وزيادة رسوم نقل النفط إلى 7 دولارات لكل برميل (مقارنة بحد أقصى قدره 1.18 دولار حسب معاهدة خطوط الأنابيب الحالية، التي تجددت في 2010)، وتعويض تكاليف صيانة خطوط الأنابيب.  

ويشير النداوي في تحليل لمعهد الشرق الأوسط إن من المفارقات أن قرار تركيا بإطالة أمد وقف صادرات النفط العراقية (سواء من الحكومة الفيدرالية أو حكومة إقليم كردستان) هو ما أعاد ترتيب مصالح بغداد وأربيل. وتريد بغداد، لأول مرة منذ فترة طويلة، أن يصل نفط أربيل إلى الأسواق الدولية بنفس القدر الذي تريده أربيل نفسها.  

ومع تعرّض مصالح الحكومتين المشتركة للخطر، ومع التقارب الأخير في مواقفهما بشأن إدارة الموارد النفطية، والذي انعكس في موافقة أربيل خلال شهر أبريل على السماح لشركة تسويق النفط الحكومية العراقية (سومو) بالعمل على صادراتها النفطية، يمكن للطرفين أن يحوّلا الوضع لصالحهما.  

المصدر: العرب اللندنية  

  

  

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار المیاه فی

إقرأ أيضاً:

روسيا.. تطوير أجهزة لتنقية المياه بواسطة البلازما

روسيا – قام علماء في جامعة “تومسك” الحكومية بتطوير محطات تعمل على تنشيط وتنقية المياه باستخدام بلازما نبضات التفريغ.

ويتيح هذا الابتكار إمكانية زيادة الإنتاجية الزراعية وتنقية المياه من الشوائب السامة، وذلك عن طريق ابتكار سبل جديدة صديقة للبيئة في الزراعة والصناعة. أفاد بذلك الموقع الإلكتروني في جامعة “تومسك” الحكومية.

وقال إدوارد سوسنين الباحث في مختبر الإشعاع البصري: “على عكس الماء المقطر فإن الماء الطبيعي يحتوي على أملاح مختلفة، وعند تعرضها للبلازما فإنها تعمل بمثابة مادة ممتازة محفزة لتشكيل جزيئات نشطة محتوية على النيتروجين والأكسجين يمكن أن تمنح الماء خصائص مفيدة. ولا يبدأ الماء المنشط بالبلازما في التأكسد، لكنه يصبح بسرعة ماء قلويا، لذلك من المهم البدء بالري في هذه المرحلة التي تؤثر إيجابا على نمو النبات”.

واختبر العلماء من جامعة “تومسك” الحكومية المحطة على القمح، وقارنوا الماء المنشط بالماء العادي. ونتيجة للري بالماء المنشط، تحسن إنبات البذور، وازداد المحصول ومحتوى البروتين في الحبوب. ومن ميزات هذه الطريقة استخدام المياه الطبيعية من الينابيع أو الأنهار والتي تعالج بالبلازما وتشبع بجزيئات نشطة تحفز نمو النبات.

وهناك ثلاث طرق للتنشيط والتنقية باستخدام المحطة: وهي التعرض للبلازما مباشرة في الماء، ورش الماء في منطقة التفريغ، وتكوين البلازما فوق سطح الماء. وأظهرت الطريقة الثالثة أكبر قدر من الفعالية، حيث تؤثر البلازما على الماء من الأعلى، مما يساعد على التخلص من الملوثات العضوية بسرعة وفعالية.

ومن أجل معالجة مياه الصرف الصحي، تستخدم المحطات البلازما الباردة التي تحلل الفينول وميثيل إيثيل كيتون وهي الملوثات الشائعة، إلى مكونات بسيطة. وأكدت الأبحاث أن هذه التكنولوجيا تتيح تحقيق التنقية بنسبة 95%، مما يجعل الطريقة واعدة للاستخدام الصناعي.

يذكر أن المحطات من هذا النوع صغيرة الحجم، ويمكن استخدامها في ظروف الميدان أو في الصناعة. أما بساطة استثمارها فتتيح استخدامها حتى من قبل الأفراد غير المؤهلين، مما يجعل التكنولوجيا ملائمة للتنفيذ على نطاق واسع.

المصدر: تاس

مقالات مشابهة

  • تركيا تلوم العراق: تهدرون المياه ولا تمتلكون الإدارة الجيدة في ترشيدها
  • تسبب بخسارة مليار دولار شهرياً.. تحديد موعد استئناف تصدير نفط كردستان
  • اليوم ..أسعار صرف الدولار=151250 ديناراً
  • انخفاض جديد يطرأ على أسعار الدولار في بغداد
  • خبير اقتصادي:أكثر من (5) مليارات دولار سنوياً خسارة العراق جراء تصدير النفط من الإقليم
  • روسيا.. تطوير أجهزة لتنقية المياه بواسطة البلازما
  • انخفاض أسعار الدولار في بغداد واربيل
  • أغلى طيور العالم.. رحلة البحث عن الحُر تبدأ في ديالى
  • اقتصادي: إعادة تصدير نفط كردستان سيؤدي لخسارة العراق 5 مليارات دولار وعجز بالموازنة
  • اليوم ..أسعار صرف الدولار=151750 ديناراً