ما الحاجة للانقلابات العسكرية؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
ليست هناك حاجة للانقلاب العسكري فالفساد لن يضعُف ولن ينتهي والإرهاب سيزداد
خلال سنتين ونيف جرت أربعة انقلاباتٍ عسكرية في دول الساحل بغرب أفريقيا، آخرها انقلاب الغابون بأيدي قادة الحرس الرئاسي قبل ثلاثة أيام، وفي تشاد تولى الابن الرئاسة بعد مقتل والده على أيدي المعارضة المسلحة! في كل انقلابٍ أو عقب حصوله يُقال على الفور إنه انهيارٌ للنفوذ الفرنسي في تلك الدولة.إنما الجديد في انقلاب الغابون أنّ الصينيين وليس الفرنسيين فقط أظهروا حرصاً على حياة الرئيس علي بونغو الذي حكم البلاد بعد أبيه عمر بونغو (1967-2009)! البلاد ضخمة الساحة وشعبها صغير فقير رغم الثروة البترولية الكبيرة والثروات المعدنية الأخرى.
وبخلاف الدول الانقلابية الأُخرى، فإنّ الغابون ما كانت تشكو من التمردات الإرهابية. إنما شأنها شأن الدول الأُخرى حيث يجري إضعاف الجيش، وتصبح النخبة الحامية للنظام هي الحرس الجمهوري باعتباره القوة المأمونة، لأن الرئيس يبنيه بنفسه! وفي المثل العربي: من مأمنه يُؤتى الحِذر.
في دول الانقلابات يُنتخب الرئيس من الحزب الحاكم لمرةٍ أو مرتين، لكنه لا يلبث أن يهتم بالتجديد لنفسه عن طريق صناديق الاقتراع، ولا يسلّم المعارضون له بسلامة الانتخابات أو نزاهتها، لكنّ القوى السياسية المعترضة لا تستطيع التغيير وإنما يغيّر الجيش أو الحرس الجمهوري. أما الأسباب المعلنة للانقلاب فتكون الفساد أو مكافحة الإرهاب أو الأمرين معاً. لكنّ النظام إذا كان فاسداً فليس معنى ذلك أنّ حرس النخبة هذا أقلّ فساداً!
ودائماً يُظهر الانقلابيون سخطاً على بقايا الاستعمار الفرنسي، ويستطيعون إقناع جمهورٍ بالنزول إلى الشارع دعماً للانقلاب، وتشهيراً بالفرنسيين. والفيلم المتكرر مطالبة الفرنسيين بالانسحاب، ومصير دول غرب أفريقيا الباقية إلى السخط والمقاطعة والتهديد بالتدخل العسكري لإعادة الرئيس «المنتخب» إلى سُدّة الرئاسة. بيد أنّ جيوش الدول الأُخرى (غير المستقرة أيضاً) ذات إمكانيات ضعيفة باستثناء نيجيريا التي لا تستطيع وحدها التدخل. ويهدد الفرنسيون بالتدخل لحماية مصالحهم، لكن لا أحد يحبذ التدخل الأجنبي كما في زمن الاستعمار. وحتى الأميركيون المرتبكون أمام زيادة النفوذين الروسي والصيني ينصحون الفرنسيين بالهدوء، واختيار التفاوض وسيلةً لكي لا يسوءَ الوضع أكثر.
ما الحاجةُ إلى الانقلاب العسكري؟ ليست هناك حاجةٌ لذلك من أي وجه، فالفساد لن يضعُف ولن ينتهي، والإرهاب سيزداد، كما يتفاقم الفقر ويحلّ الجوع. فبعد عامٍ ونيف على الانقلاب بمالي تضاعفت المساحة التي يسيطر عليها الإرهابيون، وهم ليسوا عقائديين بالطبع وإن ادّعوا ذلك، لقد صاروا عصابات للجريمة المنظمة. اتسعت بؤَر الاضطراب في مالي من قبل، وجاء جنود الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، لكنهم (وعددهم 13 ألفاً) ينسحبون خلال ستة أشهر، فلا هُم أحلُّوا الاستقرار، ولاهم قضوا على الإرهاب الذي جاؤوا لمكافحته.
ولا يستطيع الجيش إحلال الاستقرار في غيابهم ومع ذلك طالبهم جازماً بالانسحاب! كانت حكومات ما بعد الاستقلال قادرةً -بمساعدة الفرنسيين- على حماية الاستقرار وليس أكثر. إنما لو تأملنا ما يحصل في ليبيا والسودان لوجدنا أنّ الاستقرار نعمة، لأنّ البديل هو الفوضى أو الحروب الأهلية أو تعدد السلطات، وانقسام البلاد، مع بقاء الجيش وقيادته الثورية في جزء من العاصمة أو خارجها. ولو تأملنا الوضع في ليبيا والسودان لوجدنا العجب العجاب.
ففي طرابلس حكومة تدعمها تركيا والتنظيمات المسلَّحة، وفي بنغازي جيشٌ آخر وبرلمان وحكومة أُخرى! أما في السودان فيتصارع الجيش وقوات الدعم السريع للسيطرة على العاصمة والمدن الثلاث، في حين ينتشر مسلَّحون في أنحاء البلاد، ويحاولون فرض سيطرة فئوية وسط القتل والجوع والتهجير. هذا هو المصير الذي قد ينتظر دول الانقلابات العسكرية: أفلم يكن بوسع الرؤساء المخلَّدين أو العسكريين المنقلبين توقُّع ذلك؟!
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني النيجر
إقرأ أيضاً:
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا وأمن مصر أمانة في رقبتكم
مصر – اجتمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بقادة القوات المسلحة، امس الخميس، بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وأكد أنه “مطمئن” لما يراه من أنشطة للقوات المسلحة.
وقال السيسي في فيديو نشرته رئاسة الجمهورية، إن “القوات المسلحة كانت دائما ركيزة الاستقرار في مصر”، وأنها “بتوازنها في إدارتها لأمورها وفهمها للواقع السياسي والأمني سواء داخل الدولة أو خارجها، كانت عامل الاستقرار المهم”.
وتابع مخاطبا قيادة الجيش: “كما ترون المنطقة مضطربة وتمر بأحداث صعبة، ومصر هي عنصر الاستقرار المهم على مدى السنوات الماضية، من خلال سياسة متوازنة تتسم بالاعتدال والصبر في مواجهة الأحداث الجارية”.
وأشار إلى الأوضاع المضطربة على حدود مصر “الاتجاهات الاستراتيجية الثلاثة: الغربية والجنوبية والشمال شرقية”، مستطردا: “لكن إدارتنا المتزنة ساهمت مساهمة كبيرة جدا في الحفاظ على الاستقرار، وهذا ليس حديثي ولكن حديث العالم بأكمله، فالدنيا كلها تعلم أن مصر بتوازنها واستقرارها عامل ثقل كبير رغم ظروف المنطقة”.
ووجه رسالة لقادة القوات المسلحة، قائلا إن “أمن مصر وسلامتها أمانة في رقبتنا كلنا، وفي رقبتكم كخط المواجهة الأول”.
وتحدث إلى أحد قادة القوات البحرية الذي حضر اللقاء قائلا: “إياك تغرك حاجتك (ما لديك) وتأخذ قرار تضيع به ما بنيته وما حصلنا عليه، ما لدينا حصلنا عليه في 10 سنوات، ونبحث عما هو غير موجود”.
فيما تحدث السيسي، مع قائد لواء بالقوات الجوية، قائلا: “لا تستخف أو تسخر من غيرك، حتى لو كانت المعرفة والمقدرة تسمح بذلك”.
وذكر المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن اللقاء بين السيسي وقادة القوات المسلحة، تناول تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، مضيفا أن السيسي، أشاد بالجهود التي تبذلها القوات المسلحة لحماية الحدود المصرية من أي تهديدات محتملة.
وشدد السيسي، بحسب المتحدث، على أن الأحداث المتلاحقة والأوضاع المضطربة التي تشهدها المنطقة “تؤكد أن خيارنا للسلام العادل والمستدام يفرض علينا الاستمرار في بناء قدرات القوى الشاملة لصون وحماية الوطن، مع الاستمرار في جهود التنمية الشاملة للدولة لتحقيق تطلعات أبناء الشعب المصري العظيم نحو مستقبل أفضل”.
المصدر: RT