جهود مضنية لجمعيات النفع العام رغم التحديات.. وإشادات بالتأثير الإيجابي وخدمة المجتمعات
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
◄ جميعات النفع العام هي جمعيات غير حكومية وغير هادفة للربح
◄ الجمعيات تقدم خدماتها في المجالات الإنسانية والاجتماعية والعلمية وغيرها
◄ الصواعية: نواجه تحديات عديدة تعيق تحقيق أهداف الجمعيات على أكمل وجه
◄ الكندية: ضعف الإمكانيات المادية وعدم توفر وسائل النقل الكافية من أبرز التحديات
الرؤية- عهد النبهانية
تقوم الجمعيات ذات النفع العام بدور تكاملي مع مختلف مؤسسات الدولة، للعناية ببعض فئات المجتمع والاهتمام بهم وتقديم الخدمات لهم، بما يضمن توفير عيش كريم لهذه الفئات في المجالات الإنسانية والتعليمية والخدمية وغيرها من المجالات.
وتوضح أسماء الصواعية رئيسة لجنة دعم الأعضاء بجمعية الاجتماعيين العمانية، أن جمعيات النفع العام عبارة عن مؤسسات غير ربحية تهدف إلى تقديم منفعة عامة للمجتمع، وتعزيز رفاه المجتمع وإحداث التغيير الإيجابي وتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها وتعزيز حقوق الإنسان وتمكين الأسرة ودعم مشاريع الشباب وحماية البيئة ودعم الفنون والثقافة وغيرها، كما أنها تتكون من مجموعة من الأفراد كأعضاء أو مجموعة من المؤسسات، وتجمع بينهم أهداف مشتركة لتحسين الظروف الاجتماعية للمجتمع أو المجتمعات المقصودة حسب اللوائح والقوانين المنظمة لها.
وتضيف الصواعية أن جمعيات النفع العام تتنوع أنشطتها حسب نطاق الجمعية وأهدافها والغرض من إنشائها، فقد تشمل هذه الأنشطة: تقديم المساعدات الإنسانية والطبية، تقديم المساعدات الغذائية، تقديم خدمات الرعاية الصحية، رعاية الأيتام، الدعم التعليمي تنظيم الفعاليات التثقيفية والثقافية، تعليم الأطفال والبالغين، تقديم الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، لافتة إلى أن طرق تمويل جمعيات النفع العام متعددة، فقد تشمل التبرعات الخاصة، الهبات الحكومية، وحملات التبرعات العامة، إضافة للمشاريع الاستثمارية التابعة لبعض الجمعيات لضمان تمويل مستدام لأنشطتها وبرامجها، وقد تكون المنح الدولية هي واحدة من مصادر التمويل لجمعيات ومنظمات النفع العام العالمية.
وتلفت إلى أن مجلس الإدارة في جمعيات النفع العام يلعب دورا رئيسيا في إدارة شؤون الجمعية واتخاذ القرارات الاستراتيجية والمالية؛ لأنه مسؤول عن وضع السياسات الخاصة بها والإشراف على أنشطة الجمعية بما يتماشى مع أهدافها، مؤكدة دور وزارة التنمية الاجتماعية في الإشراف على جمعيات النفع العام وتوفير التمويل والمنح والمساعدات الفنية والاستشارية من خلال تقديم الدعم المالي والتقني والتدريب وتوفير التوجيه والنصائح فيما يتعلق بالقوانين والسياسات المحلية.
وتقول الصواعية: "جمعيات النفع العام تُواجه تحديات مختلفة قد تُعيقها عن تحقيق أهدافها بصورة أسرع وأكثر فاعلية، ويعتبر التحدي المالي والحاجة لاستدامة الموارد المالية واحدا من أهم هذه التحديات؛ حيث تواجه هذه الجمعيات تحديا في جمع التبرعات لتمويل مشاريعها، وكذلك عدم وجود مقر مستقل وخاص لهذه الجمعيات لقلة مواردها قد يعيقها عن إيصال رسالتها وتسهيل أعمالها وتنظيم أدوار الأعضاء فيها، وكذلك بعض القيود التشريعية والقوانين التي قد لا تتناسب مع التغير الاجتماعي المتسارع، والتحدي الثقافي المتمثل في الاعتراف المجتمعي بجمعيات النفع العام وصعوبة الوصول إليهم وإقناعهم بأهمية مثل هذه الجمعيات وأهدافها للحصول على التأييد المجتمعي والثقة من قبل المانحين، ونقص الموارد البشرية وقلة انتساب الكوادر البشرية كأعضاء متطوعين يعملون بفاعلية وكفاءة، دون وجود محفزات أو تسهيلات ذات قيمة مضافة لهم.
وتتابع: "الشباب لهم دور جوهري في المشاركة بجمعيات النفع العام من خلال انضمامهم لمثل هذه الجمعيات كأعضاء فاعلين أو بمجلس إدارة الجمعية، والمشاركة في أنشطتها وفعالياتها المختلفة سواء كان بالحضور أو دعم تلك الأنشطة ماديا أو بالجهد التطوعي والترويج لها في وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة".
وتشدد الصواعية على ضرورة وجود العديد من المعايير والقواعد التي يجب على الجمعية أن تلتزم بها لضمان الثقة والمصداقية، وذلك مثل الشفافية المالية ووجود سياسات واضحة للمحاسبة، والإفصاح عن التقارير السنوية بشكل منتظم ووجود رقابة صارمة من قبل جهة خارجية كوزارة التنمية الاجتماعية، وتقديم تقارير دورية لأداء الجمعية وتأثيرها على المجتمع وعرضه على الجمعية العمومية الخاصة بها.
وتتحدث أسماء البلوشية- باحثة عمل وخريجة في تخصص العمل الاجتماعي- عن تجربتها مع الجمعية قائلة: "انضممت إلى الجمعية في عام 2022، واستفدت منها كثيرا وتعلمت من خلال مشاركتي في إحدى اللجان الكثير من المهارات، وتوجد بالجمعية العديد من اللجان مثل لجنة دعم الأعضاء ولجنة البحوث والدراسات ولجنة الخدمات والتوعية، والجمعية بشكل عام عبارة عن ملتقى للتعرف على الكوادر والأشخاص المهنيين وذوي الخبرة من نفس الاختصاص".
وتبيّن "تهدف الجمعية إلى بناء شراكات مع مؤسسات القطاع الحكومي والخاص والأهلي وإجراء البحوث والدراسات الدولية وتوفير فرص وظيفية للباحثين عن عمل بذات الاختصاص، وإقامة دورات تدريبية بشهادة معتمدة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وتبادل الخبرات الدولية بين الباحثين عن عمل والطلاب الذين لا يزالون على مقاعد الدراسة، وأطمح أن يكون للجمعية دور فاعل في علاج وإيجاد حلول لكثير من القضايا المجتمعية، وأن يكون لها دور في تمكين العاملين بالحقل الاجتماعي وصقل مهاراتهم، وتحقيق شراكات فاعلة مع مؤسسات وطنية ودولية فيما يخدم المهنة والعاملين فيها والمستفيدين منها، كما أطمح أن تسعى الجمعية إلى تعزيز استدامتها المالية لضمان استمرارية دورها الفاعل في المجتمع".
من جهتها، تقول لبنى الكندية نائبة رئيس جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، إن جمعيات النفع العام عبارة عن هيئات أو منظمات غير حكومية وغير ربحية، تعمل على تحقيق أهداف إنسانية أو اجتماعية أو علمية أو ثقافية بما يعود بالنفع على المجتمع بمختلف فئاته، ويطلق عليها في السلطنة "المسؤولية الاجتماعية: أو "خدمة المجتمع المدني"، مضيفة: "من بين هذه الجمعيات جمعية التدخل المبكرِ للأطفال ذوي الإعاقة، الجمعية العمانية للمعوقين، جمعية الأطفال أولاً، الجمعية العمانية لمتلازمة داون، الجمعية العمانية لذوي الإعاقة السمعية، جمعية بهجة العمانية للأيتام، جمعية النور للمكفوفين، وغيرهم".
وتشير إلى أن جمعية رعاية الأطفال المعوقين تأسست عام 1991 ويبلغ عدد أعضائها 230 عضوا، وتعمل تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية، وتعتمد إيراداتها على جمع التبرعات ومن خلال الدعم الحكومي، بالإضافة إلى الدعم المقدم من القطاع الخاص، موضحة أن الجمعية تهدف إلى رعاية الأطفال المعوقين وتنسيق الجهود لاستحداث الخدمات المتطورة لهذه الفئة ودمجهم في المجتمع، ودعم وتشجيع إجراء البحث والدراسات العلمية المتخصصة في رعايتهم بهدف تيسير مشاركتهم في الحياة اليومية بشكل يسهل عليهم استعمال المرافق العامة والحدائق والمواصلات، وتنمية الوعي الصحي لدى الجمهور فيما يتعلق بحقوق المعوق وكيفية رعايته وأساليب الوقاية من الإعاقة، وتنظيم العديد من المشاريع والأنشطة في مختلف مناطق السلطنة لرعايتهم.
وتوضح الكندية أن الجمعية تنظم العديد من الأنشطة مع كل مناسبة مثل بداية العام الدراسي ويوم الأم ويوم المرأة وحفل القرنقشوة، بالإضافة إلى مشاركة الأطفال في المناسبات الدينية، وإقامة المعارض السنوية مثل معرض تضامن الخير، وكذلك إقامة فعاليات كرنفال المرح الترفيهي كل عام، والمشاركة في معرض الكتاب وإقامة فعاليات رياضية، مُضيفة: "تشرفت الجمعية بالزيارة الكريمة للسّيدةُ الجليلةُ حرمُ جلالةِ السُّلطان المُعظم- حفظها الله ورعاها- للاطلاع على الخدمات والأنشطة والبرامج التأهيلية والتعليمية والعلاجية المقدمة للأطفال ذوي الإعاقة، كما يزورنا عدد من زوجات السفراء المعتمدين في سلطنة عُمان للاطلاع على مرافق الجمعية وأقسامها المختلفة والخدمات والأنشطة التي تقدمها".
وتلفت نائبة رئيس جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، إلى أن من أبرز التحديات التي تواجه الجمعية ضعف الإمكانيات المالية بحكم توسع المراكز، إذ إن الجمعية تمتلك 9 مراكز، بالإضافة إلى عدم توفر وسائل النقل الكافية لنقل الأطفال من وإلى منازلهم مما يُعيق حضور الأطفال للتدريب والتأهيل، وضعف المكافآت المالية المقدمة للكادر مما يضطر البعض لترك العمل بالجمعية والتوجه إلى وظيفة أخرى، آملة أن يقدم الشباب على التعاون مع هذه الجمعيات وخدمة المجتمع المدني وإبداء الآراء والأفكار لتطوير العمل داخلي الجمعيات التي تعمل على رعاية بعض فئات المجتمع، بالإضافة إلى أهمية دور الأسرة في تثقيف الأبناء وتعريفهم بدور الجمعيات الأهلية وأهمية مشاركتهم في ودعمهم.
وتحكي حاتمة- أم طفلة مصابة بمتلازمة داون- تجربتها مع جمعية الأطفال ذوي الإعاقة قائلة: "كان عمر ابنتي 4 سنوات، وتم قبولها في الجمعية وتعرفت على أعضاء ومعلمات الجمعية وأحسنوا استقبالنا، ومن العام الأول لاحظت تحسناً في مستوى ابنتي وتطورت قدراتها التعليمية والسلوكية، وفي السنة الماضية استطاعت أن تتعلم بعض المهارات التي تنمي مهاراتها العقلية، ومع مرور الوقت تعلمت سلوكيات في النظافة الشخصية والاعتماد على النفس، وذلك بفضل الجهود المبذولة في الجمعية وتواصلهم معنا باستمرار لإرشادنا حول الطريقة الصحيحة للتعامل مع ابنتنا في البيت".
وتذكر: "تقام في الجمعية العديد من الفعاليات باستمرار وفي مختلف المناسبات، لتنمية الجانب المعرفي لدى الأطفال وتنمية شعور حب الوطن لديهم، كما أن المعلمات يقُمن بدور كبير لتعليم الأطفال وتهيئتهم للالتحاق بالمدارس الحكومية بعد التأكد من قدرة الطفل على الاندماج مع رفقائه".
وتؤكد أن ابنتها وبعد عامين من وجودها في الجمعية، أصبحت قادرة على تكوين الجمل وسوف تلتحق بالمدرسة الحكومية ضمن برنامج الدمج مع الأطفال الأصحاء لتطوير مهاراتها الشخصية والمعرفية، مطالبة بتغيير اسم الجمعية إلى جمعية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لأن كلمة إعاقة تسبب أذى نفسيا للأطفال وأولياء أمورهم- حسب وصفها- بالإضافة إلى زيادة حملات التوعية المجتمعية بالطريقة الأمثل للتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ومراعاة شعورهم وشعور أهلهم.
من جهتها- تتحدث منى- شقيقة طفلة من ذوي الإعاقة- أن أختها تعلمت الكثير من المهارات في جمعية الأطفال ذوي الإعاقة وأصبحت تردد الأسماء والأرقام وأسماء الفواكه وتفرق بين الكبير والصغير وتردد السلام السلطاني في طابور الصباح، موجهة الشكر لإدارة الجمعية وجميع العاملين فيها على ما يبذلونه من جهود مضنية.
وعن تجربة صفاء- أم طفلة بالجمعية- فتقول: "دخلت ابنتي الجمعية وهي في 5 سنوات، وكانت تجربتي ممتازة لأن ابنتي أصبحت تحب الجميع والطاقم في الجمعية متعاون جدا، وتفاعلت ابنتي مع زملائها الطلبة وتعلمت أشياء جديدة، مثل صنع الأساور الأمر الذي عزز ثقتها في نفسها، كما أن الجمعية بها طاقم مميز يتعامل بمهنية وحرفية عالية جدا مع الأطفال".
أما رحمة- أم طفلة بالجمعية- فتثمن الدور الذي تقوم به إدارة الجمعية من أجل الأطفال، وتعاونهم مع الأسر لتعليم الأطفال الاعتماد على النفس والنطق وتعزيز الثقة بالنفس وتوفير وسائل النقل والوجبات اليومية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: التنمیة الاجتماعیة هذه الجمعیات بالإضافة إلى فی الجمعیة العدید من من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
طفولة تحت النار.. أرقام قياسية لانتهاكات شاملة
داود المصري*
شهد عام 2024 أعلى مستوى من النزاعات المسلحة منذ الحرب العالمية الثانية. ووفقا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فقد كان هذا العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للمدنيين، حيث تم توثيق أكثر من 36 ألف وفاة من المدنيين في 14 نزاعا مسلحا، مما يجعله العام الأسوأ من حيث الأذى الذي لحق المدنيين منذ بدء تسجيل هذه الأرقام.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وجع في صمت الخيام.. مريضة سرطان تروي معاناة النزوح في غزةlist 2 of 2مجلس حقوق الإنسان يرفض محاولة إريتريا إنهاء التحقيق بأوضاعهاend of listومع تصاعد وتيرة الصراعات وانهيار منظومات الحماية، لا يقتصر تأثير النزاع على الأطفال، بل يتحول كثير منهم في مناطق النزاع إلى أهداف مباشرة للهجمات والانتهاكات.
يكشف تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الأطفال والنزاع المسلح لعام 2024 عن صورة مأساوية، حيث تم التحقق من 41 ألفا و370 انتهاكا جسيما خلال عام واحد في البلدان المدرجة على جدول أعمال الأطفال والنزاع المسلح، في أعلى حصيلة منذ بدء مراقبة هذه الانتهاكات قبل نحو ثلاثين عامًا. هذا الرقم يعكس زيادة بنسبة 25% مقارنة بعام 2023، ويؤكد أن الطفولة تحت النار في أكثر مناطق العالم هشاشة.
وهذه الأرقام لا تمثل إلا جزءا يسيرا من الحقيقة، إذ إن العديد من الانتهاكات لا يتم الإبلاغ عنها بسبب انعدام الأمن، وصعوبة الوصول، ونقص القدرات، والوصمة، والخوف.
الضحايا الرئيسيون
تضمنت هذه الانتهاكات القتل والتشويه، والتجنيد القسري، والعنف الجنسي، واختطاف الأطفال، والهجمات على المدارس والمستشفيات، وحرمان الأطفال من المساعدات الإنسانية. وأظهر التقرير أن أكثر من 22 ألف طفل، ثلثهم من الفتيات، تعرضوا لانتهاك واحد على الأقل، بينما واجه الآلاف أكثر من نوع من هذه الانتهاكات في نفس الوقت، في تجسيد مروع للعنف المركّب الذي يحاصر الطفولة.
وقد كانت أبرز الانتهاكات: القتل والتشويه (11 ألفا و967 طفلًا)، الحرمان من المساعدات الإنسانية (7906 حادثة)، التجنيد والاستخدام (7402 طفل)، الاختطاف (4573 شخصا)، والعنف الجنسي (ارتفاع بنسبة 35%، بما في ذلك حالات اغتصاب جماعي مروعة).
إعلانالعنف يتصاعد بلا محاسبة
ما يثير القلق خاصة، هو أن غالبية هذه الانتهاكات ارتكبت مع إفلات شبه تام من العقاب، سواء من قوات حكومية أو جماعات مسلحة غير حكومية. ومع الانكماش الحاد في التمويل الدولي المخصص لبرامج حماية الطفل، وغياب آليات فعالة للمساءلة المحلية والدولية، تتكرر دائرة العنف والصمت التي تعصف بحياة الأطفال، وتصبح النزاعات أكثر تدميرًا، والأسلحة المستخدمة أكثر فتكًا، والضحايا أصغر سنا وأكثر ضعفًا.
تأثير مروّع
ومن البلدان التي شهدت أعلى الانتهاكات التي تم التحقق منها في عام 2024: إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة (وخاصة قطاع غزة)، جمهورية الكونغو الديمقراطية، الصومال، نيجيريا، وهايتي. كما شهدت دول عربية مثل لبنان والسودان واليمن وسوريا مستويات مقلقة من الانتهاكات، في وقت يعيش فيه ملايين الأطفال في قلب أزمات إنسانية متعددة الأبعاد.
الأرقام تحتم التحرك لا الحزن فقط
إن الواقع الذي يرسمه تقرير الأمين العام ليس فقط محزنا، بل هو دعوة عاجلة للمجتمع الدولي ولصناع القرار في العالم لاتخاذ مواقف حاسمة ضد استخدام الأطفال وقودا للحروب، ولدعم الجهود الرامية لحمايتهم وتمكينهم من استعادة طفولتهم التي سُرقت منهم.
إنّ واجبنا أن نتذكّر العالم يوميا بأن حقوق الأطفال في أوقات النزاعات ليست ترفًا أو خيارًا، بل هي التزام قانوني وأخلاقي وإنساني، لا بد من القيام به.
نحن بحاجة إلى رفع أصوات الأطفال، والتحدث نيابة عنهم عندما يُمنعون من الكلام، والدفاع عن حقوقهم في كل مكان وبكل الوسائل الممكنة.
وفي نفس السياق يجب على جميع أطراف النزاع الامتناع عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المدنية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وضمان حماية المدارس والمستشفيات، وإنهاء الإفلات من العقاب عبر اعتماد تشريعات صارمة لمحاسبة من يرتكب جرائم بحق الأطفال.
كذلك، من الضروري دعم برامج إعادة الإدماج الشاملة للأطفال الذين كانوا مرتبطين سابقا بالجماعات المسلحة، والاستثمار في التعليم الآمن، ونزع الألغام، وتعزيز قدرات الحماية الوطنية والإقليمية والدولية.
إلا أن هذه الجهود لن تُؤتي ثمارها ما لم تقترن بإرادة سياسية حقيقية والتزام جماعي لا يلين. فحماية الأطفال من ويلات الحروب ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي واجب مشترك يقع على عاتق أطراف النزاع، وكذلك على الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام وكل فرد منا يرفض أن يشاهد استهداف الطفولة وتدميرها في صمت.
إن استعادة الطفولة المسلوبة تبدأ بقرارات شجاعة، وتمويل كافٍ، وإجراءات حازمة تُعيد الاعتبار لحقوق الأطفال، وتضمن لهم الحماية والعدالة والفرصة في مستقبل آمن.
————————-
* مدير مركز التحليل والتواصل، مكتب الممثل الخاص للأمين العام المعني بالأطفال والنزاع المسلح في الدوحة