من أوصل الشعوب العربية إلى هنا؟
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
من الذي أوصل الشعوب العربية إلى هنا؟
هل الأنظمة الطاغوتية والطغاة العرب الذين ثارت عليهم الشعوب كانوا حملاناً وديعة وهم مجرد ضحايا للغزاة والمحتلين؟!
من يريد تقسيم بلداننا اليوم؟ طبعاً ليست الشعوب التي تتعرض لأبشع أنواع القمع والسحق، فترفع أصواتها قليلاً مطالبة بقليل من أوكسجين الحياة.
من يدفع إلى تقسيم الأوطان وإزالتها عن الخارطة هم الذين يمارسون كل أنوع التنكيل المنظم والتهجير والتجويع وتحويل حياة الناس الى جحيم لا يُطاق!
ألم تساهم الأنظمة الحاكمة في تنفيذ المخطط الشرير وإنجاحها يوماً بعد يوم بالطرق المطلوبة كالتجويع والقهر والفقر والمخدرات والتهجير والتنكيل المنظم؟
ما دور الأنظمة في تنفيذ المخطط الشرير؟ هل هي بريئة، أم مشاركة في اللعبة؟! لماذا لا تعترفون أن المؤامرة والأنظمة وجهان لعملة واحدة وهدف واحد وهو تدمير أوطاننا؟
* * *
حتى تلاميذ المدارس الصغار صاروا يعرفون من الذين أوصلوا بلداننا وشعوبنا إلى هنا، مع ذلك مازال هناك رهط ممن يسمون أنفسهم مثقفين، مازالوا يحاولون تغطية عين الشمس بغربال، ويبعدون الأنظار عن المجرمين الحقيقيين الذين تسببوا بكل ما وصل إليه العديد من الشعوب العربية المنكوبة.
لست هنا أبداً بصدد تبرئة القوى الخارجية، فالدول ليست جمعيات خيرية أصلاً، وكل يعمل من أجل مصالحه الخاصة، وللخارج ألف مصلحة ومصلحة في الاستفادة من ضعف الآخرين وسوء تدبيرهم، فهذه شريعة السياسة منذ الأزل، على مبدأ مصائب قوم عند قوم فوائد.
وهذه من بديهيات السياسة، لا بل من أساسيات الطبيعة البشرية، فحتى الجار يحسد جاره ولا يريده أن يكون وضعه أحسن من وضعه. وأيضاً الأشقاء في البيت الواحد، وهم من أب وأم واحدة يتصارعون على المصالح، ولا يحبذ بعضهم أحياناً أن يكون شقيقه أفضل منه.
لهذا ترى بعضهم يفعل الأفاعيل كي يضع العصي في عجلات شقيقه كي لا يتفوق عليه، فما بالك بالأنظمة السياسية والقوى الاستعمارية التي تعمل بعقلية الوحوش وشريعة الغاب القائمة على الهمجية والطغيان.
لا أدري لماذا مازال البعض يتجاهل تلك البديهيات السياسية وهم يرمون بكل أخطاء الأنظمة والحكام العرب وخطاياهم على القوى الخارجية، ويبرؤون ساحة الطواغيت الذين لولاهم لما استطاع المتآمرون أصلاً الولوج إلى ساحاتنا واختراقها وتدميرها من الداخل.
قرأت قبل أيام مقالاً لأحد الديماغوجيين القومجيين الذي يعتبره «بتوع» الأنظمة القومجية أفلاطون عصره، لأنه، برأيهم، يأتي دائماً في تحليلاته الخنفشارية ما لم يأت به الأوائل. هذا المتفلسف المفضوح يحاول دائماً أن يأكل بعقول الناس حلاوة، وهو للأمانة ماهر في ذلك، لأنه شاطر جداً في الكذب والفبركة واللف والدوران وذر الرماد في العيون والضحك على الذقون.
اليوم يريد أن يقول لنا هذا المفضوح إن كل ما يحدث في البلدان العربية المنكوبة، وكل ما وصلت إليه البلاد من خراب ودمار وانهيار سببه الخارج، وأن الأنظمة بريئة من الكارثة كبراءة الذئب من دم يوسف.
ويتساءل صاحبنا قائلاً: «من الذي أحرق القمح في أراضينا؟ إنها أمريكا؟ من الذي دمر العملات؟ إنها أمريكا. من الذي يمنع الوقود عن محطات الطاقة في بلادنا؟ إنها أمريكا. ومن الذي أخذ خبزنا ونفطنا وخيراتنا العربية علناً وأمام عيون الدنيا؟ إنها أمريكا».
لا أريد هنا طبعاً أن أدافع عن أي جهة خارجية تدخلت في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والسودان وتونس، وسأتفق معه مائة بالمائة أن القاصي والداني تدخل في بلادنا لمصالحه الخاصة، وهو ليس بريئاً مطلقاً مما وصلت إليه من انهيار وكوارث.
دعنا نتفق على هذه النقطة كي لا يتهمونا بأننا ندافع عن الخارج بكل أصنافه الدولية والإقليمية والعربية. الكل مدان بإيذاء الشعوب والبلدان المنكوبة، إلا من رحم ربي. لكن، هل يريد ذلك «المتفلسف» أن يقول لنا إن الأنظمة الطاغوتية والطغاة العرب الذين ثارت عليهم الشعوب كانوا حملاناً وديعة، وهم مجرد ضحايا للغزاة والمحتلين؟
لن أختلف معه بأن هناك مخططات ومشاريع خارجية مكشوفة، ومن السخف أصلاً أن تسميها «مؤامرات» لأن المؤامرات عادة تُحاك في الغرف المظلمة بعيداً عن الأنظار والإعلام، لكن المخططات الخارجية معروفة ومفضوحة ويعلن عنها أصحابها جهاراً نهاراً بكل وقاحة وصفاقة دون أن يرمش لهم جفن كمشروع «الفوضى الخلاقة» سيئ الصيت.
مع ذلك كل ما يفعله بعض الحكام العرب ليس التصدي للمخططات الخارجية وإحباطها وإفشالها، بل يفعلون أقصى ما بوسعهم لتسهيل نجاحها وتنفيذها في بلادهم، كما لو أن مهمتهم أن يكونوا الوكيل الحصري لتمرير تلك المؤامرات.
سأتفق وأتفق جدلاً أن هناك مخططاً شيطانياً لتقسيم بلدان عربية عدة وإزالتها عن الخارطة وتهجير شعوبها بكل وسائل التنكيل والإذلال والتجويع. لن أختلف معكم.
لكن السؤال: ما هو الدور الذي لعبته الأنظمة في تنفيذ هذا المخطط الشرير؟ هل هي بريئة، أم مشاركة في هذه اللعبة؟ ألم تساهم في تنفيذها وإنجاحها يوماً بعد يوم بالطرق المطلوبة كالتجويع والقهر والفقر والمخدرات والتهجير والتنكيل المنظم؟
من يريد تقسيم بلداننا اليوم؟ طبعاً ليست الشعوب التي تتعرض لأبشع أنواع القمع والسحق، فترفع أصواتها قليلاً مطالبة بقليل من أوكسجين الحياة، بل الذين يدفعون الى تقسيم الأوطان وإزالتها عن الخارطة هم الذين يمارسون كل أنوع التنكيل المنظم والتهجير والتجويع وتحويل حياة الناس الى جحيم لا يُطاق.
لا تلوموا من يرفع صوته اليوم في وجه الظلم والطغيان، بل لوموا المتورطين في مؤامرة كبرى لتفتيت بلادنا وإفراغها من شعوبها بكل وسائل الوحشية والمخدرات والإجرام وجعل لقمة الخبز وكأس الماء وحبة الدواء حلماً بعيد المنال للسواد الاعظم من الشعوب المسحوقة وبيع الثروات للغزاة والمحتلين كي يحموا أنظمتهم الذليلة.
لماذا لا تعترفون أن المؤامرة والأنظمة وجهان لعملة واحدة وهدف واحد وهو تدمير أوطاننا؟
إذا كانت المؤامرة المزعومة التي يقودها ضباع العالم تستهدف وكما صدعتم رؤوسنا وحدة تراب البلاد وتفتيتها ونهب وسرقة وتهريب ثرواتها وإفلاسها وتدمير الصحة والتعليم والصناعة والزراعة وتهجير كفاءاتها وقتل سكانها وتشريدهم وإفقارهم وتجويعهم ومنع النهضة والتطور وإذلال شعوبها والانتقاص من كرامتها وسيادة البلاد ورفع الجهلة والحرامية واللصوص والزعران وحماية المافيات، فهذا بالضبط ما كانت تفعله الأنظمة على مدى عقود وسنوات.
أنتم أيها الطواغيت الذين تتباكون اليوم على ضياع بلداننا وانهيارها جزء لا يتجزأ من المؤامرة. ومن المستحيل أن تمر من دونكم. لا يمكن للصياد أن يصطاد من دون كلب صيد، وأنتم كنتم ومازلتم كلاب الصيد التي اصطاد بها الطامعون بلادنا ونهشوا لحوم شعوبها.
*د. فيصل القاسم كاتب واعلامي سوري
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: المؤامرة الأنظمة إنها أمریکا من الذی
إقرأ أيضاً:
كيف يُساعد الذكاء الاصطناعي في حماية الحياة البرية؟
مع تطور الذكاء الاصطناعي بشكل مستمر، أصبح من الممكن تطبيق هذه التكنولوجيا في العديد من المجالات، ومنها رعاية الحيوانات. يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة حياة الحيوانات، سواء كانت في البيوت أو في المزارع أو في البرية. هذا المجال يشهد العديد من الابتكارات التي تهدف إلى توفير رعاية صحية أفضل وحياة أكثر راحة للحيوانات.
المراقبة الصحية باستخدام الذكاء الاصطناعي
تُعد صحة الحيوانات من الأولويات في رعايتها، والذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في هذا المجال. من خلال الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الأطواق الذكية التي يتم تركيبها على الحيوانات، يمكن جمع البيانات الصحية المتعلقة بحالة الحيوان. تتضمن هذه البيانات معلومات عن درجة حرارته، معدل ضربات قلبه، وحتى مستوى نشاطه اليومي. من خلال تحليل هذه البيانات، يستطيع الذكاء الاصطناعي اكتشاف أي تغييرات غير طبيعية قد تشير إلى مشكلات صحية مبكرة. هذا التحليل يتيح للأطباء البيطريين التدخل سريعًا وعلاج المشاكل الصحية قبل تفاقمها.
تشخيص الأمراض باستخدام الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي يقدم أيضًا أدوات متطورة لتشخيص الأمراض في الحيوانات. على سبيل المثال، يمكن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الطبية مثل الأشعة السينية أو الأشعة المقطعية. تقوم هذه الأنظمة بالبحث عن علامات الأمراض أو الإصابات في الصور، ويمكنها التعرف على أنماط معينة قد تكون غير مرئية للبشر. هذا يساعد في تسريع التشخيص وتقديم العلاج في وقت مبكر، مما يحسن من صحة الحيوان.
مراقبة التغذية والسلوك
الذكاء الاصطناعي أيضًا يُستخدم في مراقبة سلوك الحيوانات الغذائي وتحليل نمط حياتها. من خلال أنظمة ذكية تراقب طعام الحيوان، يمكن تحديد أي تغييرات غير طبيعية في شهيته أو نمط تناوله. التغيرات المفاجئة في التغذية قد تكون مؤشرًا على وجود مشكلة صحية مثل التسمم أو فقدان الشهية بسبب الأمراض. هذه الأنظمة الذكية تتيح لأصحاب الحيوانات الأليفة أو الأطباء البيطريين اتخاذ الإجراءات اللازمة في وقت مبكر، مما يساعد في الحفاظ على صحة الحيوان.
اقرأ أيضاً.. «جوجل» تطلق تحديث Gemini 2.0 Pro بميزات متطورة وأداء أسرع
تحسين التدريب السلوكي للحيوانات
تقنيات الذكاء الاصطناعي تساعد أيضًا في تحسين برامج تدريب الحيوانات. على سبيل المثال، يتم استخدام تقنيات التعلم الآلي لتحليل سلوك الحيوانات أثناء التدريب وتحديد الأوقات المثلى لمكافأة الحيوان. تساعد الأنظمة الذكية في تدريب الحيوانات بشكل أكثر كفاءة من خلال تكييف الأساليب بما يتناسب مع احتياجات كل حيوان على حدة. هذا النوع من التكنولوجيا يساهم في تحسين استجابة الحيوانات ويزيد من فاعلية التدريب.
الذكاء الاصطناعي في الحياة البرية
الذكاء الاصطناعي لا يقتصر فقط على الحيوانات الأليفة أو الزراعية، بل يمتد أيضًا إلى الحياة البرية. تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراقبة الأنواع المهددة بالانقراض وحمايتها. على سبيل المثال، يتم تركيب كاميرات مزودة بتقنيات التعرف على الصور لرصد الحيوانات في بيئاتها الطبيعية. هذه الأنظمة تتيح جمع بيانات دقيقة حول حركة الحيوانات وتفاعلاتها، مما يساعد الباحثين على اتخاذ قرارات علمية لحمايتها.
اقرأ أيضاً.. مقارنة شاملة بين «ChatGPT» و«DeepSeek»
الذكاء الاصطناعي في المزارع
في مزارع الحيوانات، تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة الرعاية بشكل كبير. من خلال مراقبة الظروف البيئية مثل درجة الحرارة والرطوبة ومستويات الطعام والماء، يمكن ضمان توفير بيئة صحية ومناسبة للحيوانات. كما يمكن للذكاء الاصطناعي تتبع صحة الحيوانات وتحديد متى يجب أن يتم تزويدها بالمواد الغذائية أو الرعاية الطبية. هذه الأنظمة الذكية تُحسن الإنتاجية في المزارع وتقلل من التكاليف، مما يجعل إدارة الحيوانات أكثر كفاءة.
الابتكار في الأجهزة المساعدة للحيوانات
أيضًا في مجال الأطراف الاصطناعية، يقدم الذكاء الاصطناعي حلولًا مبتكرة للحيوانات التي فقدت أطرافها. باستخدام التقنيات الحديثة، يتم تصميم أطراف صناعية ذكية تمكّن الحيوانات من التكيف بشكل أسرع مع حياتها اليومية. تتضمن هذه الأطراف تقنيات تساعد الحيوان على المشي بشكل طبيعي، كما يمكن تعديلها وفقًا لاحتياجات الحيوان. هذا النوع من الابتكارات يعزز جودة حياة الحيوانات التي تواجه تحديات جسدية.
المصدر: الاتحاد - أبوظبي