عربي21:
2025-03-15@05:44:41 GMT

موسم الانقلابات في إفريقيا

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

على طريقة الكثير من الأنظمة التي سلكت المسار الديمقراطي في البداية ثم "خلّلت" في الحكم، استولت مجموعة من الضباط العسكريين، الأربعاء الماضي، على السلطة في الغابون، بعد دقائق عدة على إعلان فوز الرئيس المخلوع علي بونغو بفترة رئاسية ثالثة.

هذا الانقلاب سبقه آخر قبل شهرين في دولة النيجر التي أطاح عسكريوها بالرئيس محمد بازوم، وخرجوا إلى شاشات التلفزيون لشرعنة انقلابهم بالقول: إنه جاء نتيجة فساد ورشاوى وتدهور الوضع الأمني وسوء الأداء الحكومي.



خارطة الانقلابات في القارة الإفريقية كثيرة وتتجاوز المائة منذ خمسينيات القرن الماضي، والسبب يتعلق بعوامل كثيرة، أبرزها التركيبة السياسية والعسكرية للبلاد، وضعف وغياب الديمقراطية، وتداخل السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتعدي على المال العام.

العامل الأهم يتصل بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وغياب الأمن والأمان، وتحول الكثير من الدول الإفريقية إلى حواضن لتنامي الحركات المتمردة، يتبع ذلك عدم قدرة الحكومات على تأمين الحد المعقول من الاحتياجات المطلوبة لمواطنيها.

ومع كثرة هذه الانقلابات، بدا أنها مختومة باسم القارة الإفريقية، وبدا أن شعوب هذه القارة
متصالحة مع مسألة الانقلابات والتمردات العسكرية، خصوصاً أنها تلمس الضعف في الحكومات القائمة، ومرحبة لفكرة التغيير من أي باب يأتي.

وعلى الرغم من توقيع الدول الإفريقية على بروتوكول العام 2002، يُمكّن الاتحاد الإفريقي من التدخل للجم الحركات الانقلابية، إلا أنه لم يكن فعّالاً بالشكل الكبير، وحتى هذه اللحظة لم يتمكن الاتحاد الإفريقي من فعل أي شيء في النيجر سوى تعليق عضويته ورفض أي تدخل دولي خارجي.

في هذا الإطار ثمة مقاييس قد تبدو غير منطقية بالنسبة للغرب، لكنها كافية ومقنعة بالنسبة للكثير من الشعوب الإفريقية. الدول الأوروبية مثلاً ترى أن السبيل الوحيد لتعزيز الديمقراطية عبر التداول السلمي والفصل بين السلطات. وتجد في التطاول على الديمقراطية غياباً لكل مظاهر الأمن والذهاب نحو الدولة الفاشلة ولا تسامح مع العابثين والمتمردين مهما حصل. في الجهة الأخرى تتفق الشعوب الإفريقية مع الغرب على أن الديمقراطية هي الخيار الأمثل لتحقيق الأمن والرخاء السياسي والاقتصادي.

لكن برأي الشعوب الإفريقية أن التمسك بالسلطة إلى أجل غير معلوم، وتزوير إرادة الشعب بنتائج انتخابات مزيفة، والأهم ذهاب الكثير من المواطنين إلى قاع الفقر السحيق، كل ذلك يجعل التمرد على السلطة الحاكمة أمراً مقبولاً لدى تلك الشعوب وحتى من جانب الكثير من النخب السياسية الإفريقية.
هذا لا يعني أن الغابون وقبلها النيجر وبوركينا فاسو وغينيا التي حصلت فيها انقلابات عسكرية خلال العامين الماضيين ستحقق الأمن والأمان، وستعيد البلاد فوراً إلى المسار الديمقراطي، إلا أنها حققت الشرط الرئيس لدى الشعوب الإفريقية بمسألة تغيير الأنظمة السياسية المُجرّبة.

بالتأكيد إصبع الاتهام دائماً موجه إلى الدول الاستعمارية، وتحديداً فرنسا التي استنزفت وتستنزف إلى هذا اليوم كل خيرات الدول الإفريقية التي استعمرتها من قبل، وقادة الانقلاب في النيجر وبوركينافاسو تحدثوا من قبل عن الدور الفرنسي حتى هذه اللحظة في سرقة ثروات دولهم.

كذلك لا تعفى روسيا من دورها الخفي في دعم الحركات الانقلابية وسط وغرب إفريقيا، ويلحظ أنها تحاول تعظيم دورها في القارة السمراء على حساب النفوذ الفرنسي، وهذا مرتبط بالصراع الجاري بين روسيا وأوكرانيا والتدخل الأوروبي في المسألة الأوكرانية.

الغابون ليست الدولة الأخيرة التي يستولي فيها العسكر على مقاليد الحكم، إذ من غير المستبعد أن تشهد القارة الإفريقية تمردات جديدة على السلطة، في إطار موجة استفادة الحركات الانقلابية من السخط الشعبي على الأنظمة الحاكمة.

أساساً أحد أهم مظاهر نجاح الحركات الانقلابية يتصل بممارسة الأدوات الإكراهية أو ركوب موجة الغضب الشعبي من الأنظمة السلطوية الحاكمة، وما تشهده دول القارة السمراء هو ترحيب المواطنين بأي نتائج تزيح قادة الحكم عن بيوتهم العاجية.

وبصرف النظر عن ممارسة هذه الأدوات، واعتبارها غير شرعية ودستورية، ينبغي التأكيد على أن أي نظام حكم مولود من رحم الديمقراطية لا يعترف بأحقية المواطن الإفريقي في التنعم بثروات بلاده وتحقيق الشفافية والعدالة الاقتصادية، ولا يحترم الآخر ويقبل بالتداول السلمي للسلطة، هو نظام فاشل، ومصيره مرتبط بما يجري الآن على الساحة الإفريقية.

موسم الانقلابات في إفريقيا لن ينتهي في ظل غياب القانون والفوارق الطبقية، ومصادرة ثروات الشعوب على حساب فئات ضيقة، وهو لن ينتهي مع عدم الاهتمام الدولي بالتنمية الشاملة في القارة السمراء ومساعدتها على تجاوز العثرات الاقتصادية تحديداً.

كذلك لن ينتهي مع روسيا الدولة الطامحة لتوسيع نفوذها في القارة الإفريقية، والتي تستفيد من السمعة السيئة للحقبة الاستعمارية الأوروبية على القارة السمراء، وستفعل موسكو المستحيل لشيطنة الدول الغربية وإضافة أصدقاء أفارقة إلى خارطة نفوذها الدولي.
(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الغابون النيجر النيجر أفريقيا الغابون مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القارة الإفریقیة الشعوب الإفریقیة القارة السمراء الکثیر من فی القارة

إقرأ أيضاً:

وزير الرياضة: كرة القدم الإفريقية أصبحت صناعة اقتصادية متكاملة

شهد الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، اجتماع الجمعية العمومية غير العادية الـ 14 للاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف"، بحضور جياني انفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، والدكتور باتريس موتسيبي رئيس الاتحاد الافريقي لكرة القدم، المهندس هاني أبو ريدة رئيس الإتحاد المصري لكرة القدم، وأعضاء مجلس الفيفا، وأعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الافريقي، رؤساء الاتحادات أعضاء الجمعية العامة.

وخلال كلمته، قال وزير الشباب والرياضة: "اجتماعنا اليوم يأتي في ظل مرحلة حاسمة تشهدها كرة القدم الإفريقية، حيث تتزايد الطموحات وتتسع الآفاق نحو تحقيق المزيد من الإنجازات والنجاحات على المستويين القاري والدولي.. كرة القدم لم تعد مجرد رياضة، بل أصبحت صناعة متكاملة تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعد أداة فعالة لتعزيز التقارب بين الشعوب، وهو ما تسعى مصر دائماً إلى ترسيخه من خلال دعمها الدائم لمسيرة الرياضة في القارة السمراء".

وتابع وزير الرياضة، أن مصر، تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تولي اهتماماً بالغاً بالرياضة وكرة القدم، وتدرك دورها الكبير في تعزيز الروابط بين شعوب إفريقيا، ومن هذا المنطلق، نؤكد التزامنا المستمر بدعم كافة الجهود الرامية إلى تطوير كرة القدم الإفريقية، من خلال التعاون المشترك، وتبادل الخبرات، وتوفير أفضل الإمكانيات التي تضمن لأنديتنا ومنتخباتنا الإفريقية التطور والوصول إلى أعلى المستويات العالمية، وفي هذا السياق، نفتخر بكون مصر دولة المقر للاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف"، حيث نحرص على تقديم كل سبل الدعم والتسهيلات لضمان نجاح أعمال الاتحاد، وتوفير بيئة مثالية تساهم في تحقيق أهدافه وتطلعاته المستقبلية".

وأكد أشرف صبحي أن البنية التحتية الرياضية الحديثة والمتطورة التي تمتلكها مصر، من ملاعب ومنشآت رياضية عالمية، تمثل فرصة عظيمة يجب تسخيرها لخدمة الكرة الإفريقية، لافتاً إلى ترحيب مصر بجميع المنتخبات والأندية الإفريقية للاستفادة من هذه الإمكانيات المتاحة، سواء من خلال استضافة المباريات، أو المعسكرات التدريبية، أو الاستفادة من البرامج التأهيلية والتطويرية، بما يسهم في تعزيز مستوى كرة القدم في القارة.

وأشار "صبحي" إلى أن مصر نجحت في استضافة العديد من البطولات الإفريقية الكبرى، والتي شهدت نجاحاً تنظيمياً باهراً، يعكس قدرتنا على تقديم نموذج رياضي متميز يحتذى به، مؤكداً أن أبواب مصر ستظل مفتوحة دائماً لاستقبال الفرق والمنتخبات الإفريقية، وتقديم كافة أوجه الدعم الفني والإداري واللوجستي بما يخدم تطلعات كرتنا الإفريقية نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

وشدد وزير الشباب والرياضة على أن تطوير كرة القدم الإفريقية والمصرية هو مسؤولية جماعية تتطلب العمل المشترك بين جميع الأطراف المعنية، سواء الحكومات، أو الاتحادات، أو الأندية، أو الشركات الراعية، من أجل تحقيق طفرة رياضية حقيقية تعزز من تنافسية منتخباتنا وأنديتنا على الساحة العالمية، مؤكداً أن الدولة المصرية ستظل داعماً رئيسياً لمسيرة كرة القدم الإفريقية، عبر توفير كافة الموارد والتسهيلات الممكنة، وتوسيع نطاق التعاون مع مختلف الدول الإفريقية لتحقيق الأهداف المشتركة في المجال الرياضي.

وتشهد الجمعية العمومية غير العادية الـ 14 للاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف"، انتخاب رئيساً جديداً لـ "الكاف"، حيث يتم انتخاب رئيس "الكاف"، الدكتور باتريس موتسيبي، المُرشح الوحيد لفترة ثانية بالتزكية، إلى جانب انتخاب بعض أعضاء اللجنة التنفيذية لـ"الكاف"، وانتخاب 6 ممثلين لإفريقيا في مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا".

مقالات مشابهة

  • من مقر الأمم المتحدة بنيويورك: الرابطة تُسمع العالم صوت الشعوب المسلمة في يوم مكافحة “الإسلاموفوبيا”
  • السعودية تتفوّق على مصر وإسرائيل.. الدول التي تمتلك أقوى «مقاتلات عسكرية»!
  • وزير الشباب يشهد اجتماع الجمعية العامة لـ الأنوكا بالجزائر
  • القارة القطبية الجنوبية تفقد 16 مليون كيلومتر مربع من الجليد
  • نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
  • قدرة ناشطي/ناشطات الحركات على مجاراة الآخرين ضعيفة
  • هيئة الدواء: تنفيذ الاستراتيجية الوطنية بتوطين التصنيع الدوائي في إفريقيا.. ونواب: مصر دولة ذات تاريخ كبير في هذه الصناعة لمدة 100 عام
  • وزير الرياضة: كرة القدم الإفريقية أصبحت صناعة اقتصادية متكاملة
  • صناعة الشعوب المشوهة
  • هيئة الدواء: تنفيذ الاستراتيجية الوطنية بتوطين التصنيع الدوائي في إفريقيا