هوكشتاين وعبد اللهيان: وجهان لأزمة واحدة؟!
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
كتب جورج شاهين في" الجمهورية": التوقف عند زيارتي كل من الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين ووزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان، يكتسب أهمية تفيض عن الوفود الأخرى. وإن كان التزامن جمع موفدين، أميركي وإيراني في بيروت، فقد اعتُبرت زيارتيهما وجهين لأزمة واحدة. وعليه، ما هي المؤشرات لهذه المعادلة؟ أبرزت زيارتا كل من هوكشتاين وعبد اللهيان خلافاً كبيراً في النظرة إلى الوضع في الجنوب اللبناني وعلى الحدود مع فلسطين المحتلة.
يبقى واضحاً انّ لبنان لم يكسب من الزيارتين سوى ثابتة وحيدة، تقول انّ استمرار الحديث على مستوى أطراف "لقاء باريس الخماسي" على المواصفات الرئاسية الغامضة، من دون الغوص في الاسماء الرئاسية، سيطيل فترة الفراغ الرئاسي. وإن صحّت الاتهامات الفرنسية لطهران بإعاقة اي تفاهم، يعني انّ هناك منزلقات صعبة ستدخلها البلاد، وأولى ضحاياها مهمّة لودريان الذي تعرّض لمكمن آخر، عندما وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس الاول الدعوة الى طاولة حوار تضمّ 15 شخصية من رؤساء الكتل النيابية وأعضائها، لا يريد ان يتبنّاها لودريان. وبناءً على كل ما تقدّم، يتبين انّ مفتاح الأزمة، في ظلّ انكفاء واشنطن عن التدخّل المباشر في الاستحقاق، هو في يد طهران، إن تدخّلت لحلحلة موقف "الثنائي الشيعي" للبحث في مرشح توافقي، قالت لم ولن تقبل أن يشكّل تحدّياً للرياض، وهو أمر لم تظهر معالمه بعد من زيارة عبد اللهيان، إن كان قام بهذه المهمّة المستبعدة. وإلى حين تبيان الخيط الأبيض من الأسود، يمكن ان تكون الصورة أوضح.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
للغيرة وجهان
إرتبط مفهوم، أو ظاهرة الغيرة في أذهاننا، بالحب العاطفي، ولكن واقع الحياة، يشير الى أن الغيرة ظاهرة إجتماعية، متغلّغلة في نفوس البشر، وحتّى الحيوانات. بل هي مشاعر إنسانية، ونفسية، وإجتماعية، تتبدّي في مختلف مجالات الحياة، سواء في العلاقات العاطفية، أو في بيئات الدراسة والعمل، ولكل منها خصائص وأسباب ونتائج.
تتسم غيرة الحب بالعواطف الجيَّاشة تجاه المحبوب، تصل إلى حدّ النرجسية والأنانية، وشعور دائم ممزوج بالحب الجارف، والخوف من الفقدان، والرغبة في الإحتفاظ بالمحبوب، وعلى علاقة أبدية به.
ويمكن أن نشير الى أن غيرة الحب الصحية، تساهم في تقوية العلاقة، غير أن الغيرة المبالغ فيها، قد تسبِّب إضطراباً، وإستنزافاً للمشاعر، وتسمَّى الغيرة القاتلة، وتؤدي الى فشل الحب، وفقدان المحبوب.
أمّا النوع الآخر الذي سنتحدث عنه اليوم، هو الغيرة الإدارية، وهي تأخذ طابعا مهنياً وتنافسياً، بأن هناك تهديداً على مكانة الموظف، وتقدمه الوظيفي من قبل أقرانه الذين يظهرون تميّزا في الأداء، وهي غالبا ما تكون أقرب إلى العقلانية، بمقارنتها بالغيرة العاطفية، إذ تنشأ بدوافع مهنية للحفاظ على المكانة الوظيفية، وتحقيق المكاسب التقديرية، والترقي الوظيفي.
الغيرة الإدارية غير الصحية، قد تؤثر سلبا على الأداء الوظيفي، والإنتاجية، والأداء العام للمنظمة. وتتغذَّى على الأنا، وحب السُلطة، والبحث الحثيث عن التقدير. ولهذا السلوك الوظيفي أسباب عدة، منها الشعور بالتهديد عند تلقي أقرانهم الإشادة والتقدير والترقيات. وبالعكس، عندما يشعر الموظف بنقص التقدير، فيصبح أكثر حساسية تجاه نجاحات الآخرين، ومقارنة المدراء للموظفين المستمرة، وخصوصا إذا كانت المقارنات غير عادلة، كما تفرز الثقافة التنظيمية، التي تركز على المكاسب الفردية، دونما إعتبارات للعمل الجماعي.
ويمكن أن نشير باستغراب شديد إلى نوع آخر من الغيرة الإدارية، وهي التي تحدث بين المدير وأحد موظفيه، حيث تكمن جذور الغيرة في الشعور بالخوف من فقدان المكانة، والسُلطة، والسيطرة، أو التألق الإداري، والاجتماعي، الذي يتفوق على شخصية المدير، وقدراته المهنية، واحترام الآخرين له.
ممَّا سبق، يمكن أن نخلص، إلى أن الغيرة الإدارية، أمر محتوم في المنظمات، والشركات، بل هو مطلوب غرسه في نفوس، ومشاعر الموظفين، ولكن بالقدر الذي يخلق حيوية للتطور، والتقدم الوظيفي والمهني، لكل أطراف، وسكان المنظمة، وبذلك يمكن أن تجني المنظمات مكاسب، وإيجابيات عديدة، منها العمل الجماعي، والتواصل الفعال، والثقة المتبادلة بين الموظفين، وإيجاد بيئة عمل إيجابية بين الرؤساء والموظفين، وخلق أجواء مشتركة من الثقة، والشفافية، تدفع الى تحقيق الأهداف المشتركة، لنجاح المنظمة التي يعملون بها، بدلاً من أن تكون الغيرة عامل شقاق وهدم، في كل الأحوال العاطفية والإدارية.
وأخيراً، يلعب الرؤساء دوراً محورياً في التحكُّم في الغيرة الإدارية، من خلال القيادة العادلة والحكيمة، وأن يكونوا قدوة على الإحترام المتبادل، فيما تلعب برامج التدريب المتخصصة، دوراً مهماً في تعزيز مهارات التواصل، وبناء الفريق، والتعاون الجماعي.