شكوك في المناخات والأجواء التي تسبق عودة لودريان.. والانقسام الداخلي يترسخ
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
قبل أسبوع تقريباً من الموعد المبدئي لعودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت في 11 أيلول الحالي ازدادت الشكوك في المناخات والأجواء التي تسبق عودته مع ارتسام صورة الانقسامات الواسعة مجدّداً حول مبدآ الحوار وآليّته كممر أو شرط أو وسيلة لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية بما طرح الكثير من التساؤلات والشكوك حول الأهداف التي دفعت الرئيس نبيه بري إلى طرح حواري جديد ما دام يعرف سلفاً أنّ المعارضة التي رفضت الاستجابة لرسائل لودريان لن تكون في وارد التساهل معه هو.
وكتبت" النهار": إذا كانت أجوبة المعارضة السلبية على طرح بري أنهت عمر هذه المبادرة في مهدها، فإنّ هناك اقتناعاً لدى بعض قوى المعارضة بأنّ برّي تعمّد ذلك مع إدراكه المُسبق بأن ردود المعارضة ستكون سلبيّة على طرحه لكنّه أراد تظهير موقف المعارضة كعنصر سلبي ومتسبّب بتطويل الأزمة الرئاسيّة. وعلى رغم تفهّم موقف المعارضة لهذا الاعتقاد، فإنّ مراقبين مستقلّين يخشون أن يكون برّي بمحاولته هذه نجح نسبيّاً في ترسيخ انطباع متشائم لدى الفرنسيين والبعثات الديبلوماسيّة حيال إمكانات حلحلة التأزّم ورمي الكرة الملتهبة في ملعب المعارضة.
ولذلك، يرى هؤلاء أنّ الفترة الفاصلة عن عودة لودريان قد تشهد احتداماً واسعاً في المنازلة السياسية، إذ إنّ الخطاب الذي سيُلقيه مساء اليوم الأحد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع سيتضمّن كما بات معروفاً مواقف حاسمة ومتشدّدة في الرفض لمنطق الحوار قبل الانتخاب.
ولكن معالم الانقسام حيال دعوة برّي إلى الحوار برزت أمس مع تشديد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط على "موقف الحزب واللقاء الديموقراطي الداعي دائماً إلى الحوار المجدي، في ظل انسداد الأفق السياسي الحاصل"، مبدياً ترحيبه بالزيارة المرتقبة للبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى الجبل الجمعة المقبل "لتكريس ثمار المصالحة والبناء على إنجازها"، وآملاً في الوقت نفسه أن "يتغلّب منطق التسوية والمصالحات في كل قضايانا الوطنيّة المختلف حولها".
مصادر سياسية مُعارضة أشارت لـ"الديار" إلى أنه حتى لو تمّ الحوار ومن بعده جلسات مفتوحة لإنتخاب رئيس للجمهورية، لن يكون هناك إنتخاب لرئيس نظرًا إلى أن التيار الوطني الحرّ أعطى كلمة لحزب الله بعدم التصويت لجهاد أزعور في أي جلسة إنتخاب مُستقبلية وهو ما عبّر عنه النائب آلان عون الذي قال أن تأييد أزعور كان لتمرير الوقت. أضف إلى ذلك أن الرئيس برّي يعمل على حثّ الحزب الإشتراكي على تغيير موقفه من إنتخاب أزعور (من دون تأييد فرنجية بالضرورة) وهو ما يعني إستحالة أي من الأفرقاء إيصال مرشّحهم إلى سدّة الرئاسة. وتُشير المعلومات أن رفض المعارضة للحوار نابع من مخاوف من إلتزامات قد يكون أعطاها التيار الوطني الحرّ لحزب الله فيما يخصّ إنتخاب رئيس للجمهورية وبالتحديد عدم التصويت لجهاد أزعور. وبالتالي، فإن الحوار سيُضعف جبهة المعارضة القائمة حاليًا حيث سيتمّ شرذمة المعارضة. وكتبت" الجمهورية": إذا كانت مبادرة بري قد أراد من خلالها كسر جدار التعطيل الرئاسي، آملاً ان تُقابل بما اعتبرها رئيس المجلس «صحوة وطنية» تستولد رئيساً للجمهورية في ايلول، فإنّ ارتداداتها تبدّت سريعاً، حيث انّها احدثت فرزاً واضحاً في الواقع السياسي، بين اكثرية تؤيّدها باعتبارها السبيل الوحيد المتبقّي لفتح الطريق الرئاسي والخروج من هذا الواقع المشوّه، وبين اقلية تعاكسها، كما بدا في مواقف بعض المكونات التي تسمّي نفسها سيادية. ووصفتها مصادر قريبة من المبادرة بقولها لـ"الجمهورية" بأنّها "فئة مخاصمة للحوار تحكمها الشعبوية، شعارها الأول والأخير»عنزة ولو طارت»، آلت على نفسها الّا ان تنتهج مسار إجهاض كل فرص الإنقاذ وإبقاء البلد في مستنقع التعطيل ووحل الصراعات والتناقضات السياسية. لا لشيء الّا للتعطيل وإبقاء الأزمة قائمة، اما ماذا يستفيدون من ذلك، فلا احد يعرف، وأكثر من نشك بانّهم يعرفون".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
عين على الأقصى تسبق الجسد .. الناظرون لبيت المقدس مبادرة لمُصورين بالأردن
عمان- "لوحة ورقية التقطتها عيني أثناء وجودي في مسجد الحي كانت السبب لتولّد شرارة الفكرة" بهذه الكلمات يصف الأردني خالد السّلِع انبثاق فكرة مبادرته "الناظرون لبيت المقدس" إذ يوضّح أن ما لفته حينها بتلك اللوحة كان حديثاً نبوياً شريفاً هو ما رواه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في فضل المسجد الأقصى جاء فيه "… ولنِعْمَ المصلَّى، هوَ أرضُ المَحشرِ والمنشَرِ، وليأتيَنَّ على النَّاسِ زمانٌ ولقَيْدُ قوسِ الرَّجلِ حَيثُ يرى مِنهُ بيتَ المقدسِ؛ خيرٌ لهُ أو أحبَّ إليه مِنَ الدُّنيا جميعًا".
ويروي السلع للجزيرة نت ما قفز إلى ذهنه حينها من أسئلة "كيف لي أن أحظى بهذا الفضل وهذه الوصية النبوية في ظل واقع صعب تفرضه قيود الاحتلال والحدود؟ كيف يتسنى لنا الرباط في بقعة نرى فيها الأقصى ونكسر فيها ظروف الواقع ولو بالنظر اليوم بينما يغرس فينا همّا التحرير واستعادة الأرض المقدسة يوماً ما آخر".
ومن هنا انطلقت فكرة "الناظرون لبيت المقدس" لتبدأ محاولات البحث -التي استمرت 3 سنوات و3 آلاف كيلومتر من الترحال في السيارة- عن مكان يمكن منه رؤية المسجد الأقصى المبارك من الأردن ليقوده البحث مع رفاقه لمنطقة "مكاور" وقلعتها في جيل بني حميدة بمحافظة مأدبا جنوب غرب العاصمة عمان حيث يمكن رؤية المسجد بجلاء باستخدام الكاميرا.
ومن اللافت أن الحديث النبوي الذي كان شرارة فكرة "الناظرون لبيت المقدس" هو من رواية الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري الذي يوجد له مقام في منطقة على مقربة من تلك التي استقر لها السلع ورفاقه في المبادرة، وبالتحديد بلدة شقيق غرب ذيبان في محافظة مأدبا حيث أتاها مقيماً قادماً من المدينة المنورة.
ويقول السلع واصفاً تجربته مع أهالي المنطقة "هم يعرفون هذه الإطلالات جيدًا، وكأنها جزء من إرثهم، تشعر أن المسجد الأقصى حاضر في وجدانهم، ليس فقط كصورة بعيدة، بل كجزء من هويتهم وتاريخهم النضالي، تشعر ببركة المسجد الأقصى في محياهم وشهامتهم ووقفتهم المعروفة ضد الظلم، ومع المسجد الأقصى وأهله على مر العصور ومن ذلك معركة الشيخ جراح في القدس عام 1967 التي قادها حمود أبو قاعود بني حميدة".
ويتابع: ما إن التُقطت أول صورة واضحة للمسجد الأقصى من الموقع حتى انتشرت بسرعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما أثار اهتمام الكثيرين، فلم تعد مجرد تجربة شخصية، بل تحولت إلى حافز للكثيرين، حيث بدأت مجموعات شبابية ومؤسسات بزيارة الموقع لمشاهدة المسجد الأقصى عن قرب، رغم المسافات الفاصلة. كما يسعى الفريق حاليًا لاتخاذ إجراءات قانونية لتسهيل تفويج الزوار إلى المنطقة.
لا يقتصر هدف "الناظرون لبيت المقدس" على التقاط الصور فحسب، بل يتعداه إلى إيجاد تجربة وجدانية تعمّق ارتباط المسلمين بالمسجد الأقصى، رغم العوائق السياسية والجغرافية حيث يقول "السلع" إن هدف المبادرة هو "تعميق الحالة الشعورية تجاه المسجد الأقصى المبارك عبر خوض هذه التجربة التي تلبي الدعوة النبوية وتتجاوز صعوبات الواقع وتكسر حاجز المكان وهو ما يغرس في الوجدان أهمية كسر القيد الفعلي للمدينة المقدسة وتحريرها لتعود لكنف أهلها".
إعلانويختم قوله بالإشارة إلى أن "كل شخص يحمل هاتفا أو كاميرا أو منظارا بسيطا هو جزء من هذه المبادرة والفكرة، ويمكنه بالفعل أن يعيش هذه التجربة" مشيرا إلى أن رحلتهم في أماكن مختلفة في المملكة مستمرة بحثا عن نقاط رؤية أخرى.
أما المصوّر علاء الطباخي فيروي للجزيرة نت كيف قاده الأمر ليكون جزءًا من المبادرة فيقول "لمدة طويلة كنت أتردد بحكم عملي لمكان أشاهد منه أراضي فلسطين وتحديداً القدس، من هنا بدأت البحث على أمل أن أحظى بمشاهدة المسجد الأقصى ولمعان القبة الذهبية، لكن تبيّن لي بعد حساب ارتفاع المسجد وزاوية الرؤية أن جبل الزيتون يغطي المسجد الأقصى المبارك ويمنع رؤيته من المكان الذي كنت أعمل به".
ويردف "لكن باستخدام الخرائط الإلكترونية تبين لي وجود منحدر فقمت بمد خط من المسجد عبر هذا المنحدر ليتبين لي أن المكان الذي يمكن رؤية المسجد منه يقع في مأدبا" مضيفاً أن ذلك دفعه لاقتناء كاميرا جديدة حديثة، وعند سماعه صدفة عن تجربة السلع تواصل معه وأسسا معاً المبادرة والتقطا بالفعل صوراً واضحة انتشرت كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل.
عين تسبق الجسدويعتبر الطباخي صاحب فكرة تصوير الأشخاص من الأردن مع المسجد الأقصى، حيث يقول أن ذلك "جاء صدفة عند محاولته تصوير قلعة مكاور مع المدينة المقدسة بطلب من أحد المسؤولين بالمنطقة، وفي الزيارة التالية قررت أن أصور شخصا يقف على القلعة مع المسجد وكانت النتيجة مذهلة، ومن هنا بدأ الكثير يتلهفون للحصول على صور مماثلة حتى إن عائلات بأكملها تأتي طالبة توثيق صوراً لها مع المسجد المبارك".
ويؤكد الطباخي أن الهدف من المبادرة جاء من خصوصية المسجد لدى المسلمين "للتأكيد على بركة هذه المنطقة ككل وإرثها التاريخي وارتباطها بالقدس والمسجد الأقصى ارتباطاً عقدياً تاريخياً ثقافياً ونضالياً، فعندما تتعمق في تاريخ المنطقة تجد أنه كان هناك ميناء يصل بين القدس ومأدبا عبر "هيرود" أقدم ميناء في العالم بالبحر الميت، وتجد أن هذا الميناء موجود باللوحة الفسيفسائية في كنيسة الروم الكاثوليكية بالمدينة".
وبدوره يقول أحمد، أحد الذين خاضوا التجربة عن زيارته للمكان والتقاط صوره له مع المسجد الأقصى "هي لحظة من العمر حيث تشعر وكأن قلبك يقفز فرحاً ولهفة لزيارة المسجد، كنت أردد آية سورة الإسراء وأنا أقف على قلعة مكاور وأقول في نفسي: لن يكون هذا فقط هو نصيبي من بيت المقدس إنما هي لحظة لشحن القلب للحظة الحرية والنصر وهي عين على الأقصى تسبق الجسد".
وينصح "من المهم اختيار الوقت المناسب بالاستعانة بالمتخصصين بالرصد الجوي حتى لا يعيق الطقس إمكانية رؤية بيت المقدس بوضوح، فكلما كانت الأجواء صافية كانت التجربة أفضل".
إعلان