أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، أن استعادة الآثار المصرية من متاحف العالم لن يتحقق بالمانشيتات الصحفية أو المداخلات المبنية على آراء متسرعة غير مدروسة تؤدى بدورها إلى نتائج عكسية، مضيفا أنه منذ سنوات ونحن نتحدث عن عودة حجر رشيد ولن يتحقق شيئا، لعدم تأسيس قاعدة معرفية ننطلق من خلالها بمنهجية علمية تكسبنا احترام العالم والتعاطف مع قضيتنا باعتبارنا أصحاب الحق.

 

زخم شعبي


وبناءً عليه يضع الدكتور ريحان بحكم خبرته فى الآثار وبمعاونة الدكتور محمد عطية مدرس ترميم وصيانة الآثار بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراه فى القانون الدولى قاعدة علمية قانونية للانطلاق من خلالها تعتمد على آليات وإجراءات تقسّم على المدى القريب والمتوسط والبعيد مؤسسة على عدة محاور تشمل قانون الآثار المحلى واتفاقية اليونسكو 1970 الخاصة بمنع الإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية و اتفاقية حقوق الملكية الفكرية "الويبو" والزخم الشعبى والإعلام.

 

وأوضح الدكتور ريحان أن قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 يحتاج إلى تعديل العديد من المواد منها المادة  8 لضمان حقوق ملكية فكرية مادية ومعنوية للآثار، ونص المادة "تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة - عدا الأملاك الخاصة والأوقاف - حتى لو وجدت خارج جمهورية مصر العربية وكان خروجها بطرق غير مشروعة"، والتعديل المطلوب  بدلًا من " وكان خروجها بطرق غير مشروعة "تعدل كالآتى" بصرف النظر عن طريقة خروجها " لأن بعض الآثار خرجت باتفاقيات دولية سليمة مما يعطى لها شرعية دولية مثل حجر رشيد أهم آثار المتحف، والحقيقة أنه خرج بمبدأ الأقوى يمتلك، وبهذا تكون كل الآثار المصرية خارج مصر من الأموال العامة المصرية وينطبق عليها ما ينطبق على الآثار المصرية، ولحين استرجاعها وجب دفع مبالغ نظير عرضها بالمتاحف المختلفة أو استغلالها بأى شكل وبذلك نضمن لها حقوق ملكية فكرية بالقانون المحلى، وكذلك حقوق معنوية بعدم استنساخها أو استغلالها تجاريًا بدون موافقة بلد المنشأ مصر، وكذلك عدم العبث بالمومياوات المصرية بالخارج ولا يتم دراستها إلا فى وجود علماء مصريين لضمان نزاهة الأبحاث وقد سبق لمتحف وارسو إعلان أول مومياء حامل فى تاريخ مصر وثبت عدم صحة ذلك بعد قيام العلماء المصريين بدراستها.

وأضاف ريحان أنه يمكن إضافة بند بقانون حماية الآثار يسمح بمقاضاة المتاحف التى تمتلك آثارًا مصرية أمام القضاء المصرى أسوة بالتجربة الإيطالية التى استعادت مائة قطعة أثرية من متحف بول جيتى الأمريكى والمتاحف الأمريكية بالقانون المحلى بوضع مادة فى القانون الإيطالى تتيح لهم مقاضاة مديرى المتاحف المتواجد بها آثارًا إيطالية، وقد حدث أن حكم القضاء الإيطالى بالسجن ثلاثة أشهر على مديرة متحف بول جيتى لوجود قطعة أثرية ترجع إلى العصر الرومانى بالمتحف، وعلى الفور اجتمع مجلس إدارة متحف بول جيتى وقرر إعادة التمثال فورًا لإيطاليا إنقاذًا لسمعة مديرة المتحف، وقد تمكنت إيطاليا من استعادة مائة قطعة أثرية من خمسة متاحف فى الولايات المتحدة الأمريكية ومنها متحف بوسطن للفنون الجميلة بالتقاضى أمام المحاكم الأمريكية.

 

منع الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية


ونوه ريحان باتفاقية اليونسكو 1970 الخاصة بمنع الإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية والتى تحتاج لتعديل بنود مجحفة تعرقل عودة الآثار المصرية ومنها المادة الخاصة بإثبات الملكية بحيث يقع عبء اثبات ملكية الممتلك الثقافي علي الدولة صاحبة طلب الاسترداد فى حالة الآثار المسجلة وفي غير تلك الحالات يقع عبء إثبات الملكية علي الدولة التي تحوز الممتلك المراد استرادده لوجود آثار عديدة هربت ناتج الحفر خلسة فهى غير مسجلة بالطبع ويضيع حق مصر فى استرداها بالمواد الحالية بالاتفاقية وتم استرداد بعضها عن طريق الاتفاقيات الثنائية، ويمكن لمصر ومعها عدد من الدول المتضررة طلب التعديل.

والنقطة الثانية هى المادة 11 من الاتفاقية ونصها " يعتبر عملًا غير مشروع تصدير الممتلكات الثقافية ونقل ملكيتها عنوه كنتيجة مباشرة أو غير مباشرة لاحتلال دولة أجنبية لبلد ما " والتى تؤكد أن خروج الآثار أثناء احتلال دولة عمل غير شرعى فكيف تقننه المعاهدة عمل غير شرعى من تاريخ 1970 وعمل شرعى قبل ذلك مما يعنى ازدواجية المعايير لذا وجب تطبيقها بأثر رجعى وبالتالى كل الآثار المصرية بالمتحف البريطانى غير شرعية.

كما ذكر بديباجة اتفاقية اليونسكو 1970 "أن المؤسسات الثقافية يجب أن تتأكد أن المجموعات الثقافية بها تكونت وفقًا للمبادئ الأخلاقية المعترف بها في كل مكان، ولذا يجب أن نحتكم إلى خروج هذه القطع من مصر بشكل غير أخلاقى خاصة مقتنيات المتحف البريطانى التى خرجت عن طريق دبلوماسيين وهواة جمع آثار دفعوا رشاوى للأهالى لجمعها كما حدث فى بردية آنى "كتاب الموتى" التيى حصل عليها (والاس بدج) مساعد أمين جناح الآثار المصرية بالمتحف البريطانى وأحد أبرز ناهبي آثار مصر خلال القرن التاسع عشر الميلادى، كما هرّب 800 جمجمة و24 صندوق آثار إلى المتحف البريطانى، والدبلوماسي "هنري سالت" الذي عينته المملكة المتحدة قنصلًا لها بمصر في العقد الثاني من القرن التاسع عشر، والذى قام بالاستيلاء على الآثار المصرية وشحنها إلى بريطانيا وغيرهم.

 

حقوق الملكية الفكرية


وبخصوص اتفاقية حقوق الملكية الفكرية يوضح الدكتور ريحان أنها أحد ملحقات اتفاقية التجارة العالمية التربس وملزمة للأعضاء الموقعين عليها وكان التوقيع النهائى على الاتفاقية فى المغرب فى أبريل 1994 وبدأ سريانها فى منتصف 1995 وتعمل اتفاقية حقوق الملكية الفكرية على تحقيق الحماية الفكرية بوسيلتين: الأولى هى الحصول على تصريح من مالك الحق الفكرى والثانية هى دفع ثمن لهذا الانتفاع وركزت الاتفاقية على حماية حقوق المؤلفين والمخترعين والمكتشفين والمبتكرين، وتجاهلت التراث المادى بحجة عدم وجود تكييف قانونى، ولكن الغرض الحقيقى هو استمرار استنزاف الشعوب صاحبة الحضارة واستغلال تراثها لديهم دون أى حقوق مادية أو معنوية، والمطلوب هو تقدم وزارة السياحة والآثار ووزارة الخارجية رسميًا عن طريق إدارة الملكية الفكرية والتنافسية بقطاع الشئون الاقتصادية بجامعة الدول العربية وللمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) بوضع التراث المادى  كبند رئيسى ضمن الاتفاقية الدولية لحماية الملكية الفكرية وأن تكون مسئولية الويبو إيجاد تكييف قانونى دولى فهى التى وضعت هذا العائق لإخراج التراث المادى الإنسانى من قائمة الملكية الفكرية.

 

ويتابع ريحان أنه يجب استثمار الزخم الشعبى والرأى العام للمصريين داخل مصر وخارجها، ففى فبراير 2023 قامت المستشارة القانونية المصرية ببريطانيا جيهان الحسيني بمحاولة جمع 100 ألف توقيع ليكون مسموحا بأن يناقش البرلمان البريطاني طلبا لتعديل قانون المتحف البريطانى، وهذا القانون هو الذي يعيق استعادة الآثار المهربة، بشرط أن يحمل الموقعون الجنسية البريطانية أو بحوزتهم إقامة في المملكة المتحدة، ومن الجدير بالذكر أن عدد المصريين المقيمين في بريطانيا يتراوح بين 250 و300 ألف مصري، كما أن هناك جاليات عربية يمكن أن تشارك في التوقيع على العريضة.

كما أن هناك جهود جبارة من العالم المصرى العالمى الدكتور زاهى حواس المحبوب فى العالم كله وله كلمة مسموعة يمكن استثمارها وتوجيهها وفق القاعدة المعرفية لتحقيق نتائج ملموسة على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وكذلك الدور الكبير للإعلام لوضع هذه القضية نصب أعينه والاستعانة بالعلماء المتخصصين للاستفادة من كل الرؤى، لكن الاستعجال فى الضغط على الدولة للتقدم رسميًا خاصة للحصول على حجر رشيد فمصيره الرفض، ولو تم الرفض لخسرنا حق المطالبة للأبد لأنه خرج باتفاقية دولية رسمية أى أن إطاره القانونى شرعى لكن إطاره الأخلاقى غير شرعى.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حقوق الملکیة الفکریة الآثار المصریة حجر رشید آثار ا

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الأزهر يشرح المعنى البلاغي في قوله تعالى: «يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً»

أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن القرآن الكريم استخدم التشبيه بطريقة بليغة للتعبير عن حالة الكافرين وأعمالهم في الحياة الدنيا، وذلك في سورة النور وسورة إبراهيم، وصف الله أعمال الكافرين بأنها كسراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء، وهذا التشبيه يعكس معاني عميقة ومهم.

وأوضح رئيس جامعة الأزهر، في تصريح، أن كلمة "الظمآن" في الآية تحمل دلالة كبيرة، إذ قال: "لماذا قال القرآن 'الظمآن' وليس 'الرائي'؟ لو قال 'الرائي' كان المعنى سيختلف، لأن 'الرائي' مجرد مشاهد من بعيد، أما 'الظمآن' فهو الشخص الذي يشعر بالعطش والجوع، ويسعى بكل قوته للبحث عن الماء، فاختيار 'الظمآن' في الآية يعكس الفزع الحقيقي والضياع الذي يعيشه الشخص في تلك اللحظة.

حكم التوسل بالنبي في الدعاء وهل بدعة محرمة؟ دار الإفتاء تجيبحكم الصيام تطوعًا في رجب وشعبان دون غيرهما.. دار الإفتاء ترد

وأضاف أن استخدام القرآن لكلمة "الظمآن" في المفرد، مع أن الصورة التي يتحدث عنها تتعلق بالجمع (الكافرين)، له دلالة على الوحدة والوحشة التي يشعر بها الشخص في محنته، حيث لا أحد يسانده ولا يرافقه في رحلته، وإذا كان المراد في الآية هو الجمع، فكان من المتوقع أن يستخدم القرآن كلمة 'الظمآن' في الجمع، ولكن المفرد في هذا السياق يعكس حالة الفرد المتوحد، وهو تائه في هذه الدنيا، تمامًا كما سيكون في الآخرة.

وأكد أن هذه السورة القرآنية تذكرنا بأن الإنسان في الآخرة سيقف بمفرده أمام حساب الله، وإن كل فرد سيقف أمام الله في يوم القيامة، ولا يمكن أن يتوكل على الجماعة أو المجتمع، لا يمكن لأحد أن يساندك في تلك اللحظة سوى عملك الشخصي.

مقالات مشابهة

  • ورشة لتعليم الطلاب مبادئ الملكية الفكرية بمكتبة مصر العامة في أسوان
  • خبير: الدولة المصرية لازالت تثبت أنها الداعم الأول للقضية الفلسطينية
  • خبير قانوني: تعديل قانون الإيجار القديم يهدف لتحقيق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر
  • أول من عرف حقوق الملكية الفكرية.. كيف حافظ المصري القديم على إرثه الحضاري؟
  • رئيس جامعة الأزهر يشرح المعنى البلاغي في قوله تعالى: «يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً»
  • تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا تانتان يحتجان على إتاحتها للعموم في أميركا
  • «المصرية لحقوق الإنسان» تعقد فعالية حول حرية التعبير والحريات الدينية في مصر
  • شاهد.. مصطفى شعبان تاجر آثار في أولى تجاربه الصعيدية
  • خبير أثرى: الطبيعي أن تكون الأقصر المدينة الأولى للتراث العالمي
  • التعدي على الملكية الفكرية.. ضبط شركة إنتاج فني "دون ترخيص" بالقاهرة