لماذا كان الملياردير الفايد منبوذا من النخبة البريطانية؟.. مات مصريّا
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
شكلت وفاة الملياردير المصري محمد الفايد مادة دسمة للإعلام البريطاني، الذي استعرض مسيرة الراحل الذي بدأ حياته بائعا للمشروبات الغازية في شوارع الإسكندرية، قبل أن يصبح أحد أكبر أثرياء المملكة المتحدة.
حقّق محمد الفايد الكثير مما أراده في حياته، من الشهرة والحضور الى امتلاك الفنادق والمتاجر الفخمة، لكن الملياردير المصري رحل الجمعة بدون أن ينال اعترافا رسميا من "مؤسسة" النخبة في بريطانيا حيث أفنى غالبية سني عمره الـ94.
لا يُختصر الفايد باستثماراته وممتلكاته. اكتسب اسمه شهرته في ظرف لم يتوقعه: علاقة غرامية بين نجله عماد ("دودي") وديانا، الأميرة المبعدة من العائلة المالكة بعد افتراقها عن تشارلز، ولي العهد حينها والمتربع على العرش حاليا.
"الحادث مدبّر"
كانت هذه العلاقة، ونهايتها المأسوية في نفق ألما في باريس عام 1997، النقطة التي أفاضت كأس العلاقة المرّة بين الفايد والنخبة الحاكمة في بريطانيا.
كان المصري شديد الوضوح في اتهامه: حادث السيارة الذي أودى بالعشيقين كان مدبّرا بأمر من دوق ادنبره الراحل فيليب، زوج الملكة إليزابيت الثانية، بهدف الحؤول دون ارتباط محتمل بين مسلم والسيدة التي ستصبح يوما "والدة ملك بريطانيا".
اتهم الفايد العائلة المالكة والاستخبارات البريطانية بتدبير الحادث وأقام نصبين في هارودز تخليدا لذكرى المأساة ومن راح ضحيتها.
لم يوفر الفايد أدلة تدعم اتهاماته التي شكّلت مفترقا في علاقته بالحُكم. وعلى رغم إقامته المديدة في بريطانيا واستثماراته واتقانه الانكليزية بلكنة أهلها، لم يُمنَح جنسية المملكة أو موقعا في دوائر النخبة الحاكمة.
عُرف الفايد بالكثير من العلامات الفارقة: صراحته في التعبير الحاد عن آرائه، إطاحته بكبار من حزب المحافظين، استحواذه على متاجر هارودز، وملكيته لفندق ريتز في باريس ونادي فولهام الإنكليزي لكرة القدم.
حجرا حجرا، بنى امبراطورية تجارية تشمل مجالات الشحن والعقارات والمصارف والبيع بالتجزئة والمقاولات. ومما حصد، أنفق في فعل الخير عبر مؤسسات تساعد الأطفال في بريطانيا وتايلاند ومنغوليا.
"فرعون مزيّف"
بدأ الرجل الذي وصفته الصحافة البريطانية يوما بـ"الفرعون المزيف"، حياته في كنف عائلة متواضعة لمدرّس في الاسكندرية. تلمّس طريقه في عالم التجارة عبر بيع المشروبات، وانتقل بعدها الى ماكينات الخياطة.
بدأ الفايد المولود عام 1929، يخطّ مسار النجاح حين تعرّف الى الثري وتاجر السلاح السعودي المعروف عدنان خاشقجي وتزوّج شقيقته سميرة.
في الستينات، أصبح مستشارا لسلطان بروناي، وانتقل في العقد اللاحق للإقامة في بريطانيا.
اشترى محمد وشقيقه علي فندق ريتز في باريس عام 1979، قبل ستة أعوام من الاستحواذ على درّة تاج امبراطوريته التجارية، أي متاجر هارودز الفاخرة في لندن بعد معركة مضنية مع رجل الأعمال البريطاني رولاند راولاند.
خلص تحقيق أجرته الحكومة البريطانية ونشرت نتائجه عام 1990، الى أن الفايد وشقيقه تلاعبا بشأن ثروتهما وأصولها لضمان الحصول على هارودز.
رفض الشقيقان نتائج التحقيق. وبعد خمسة أعوام، ردّت السلطات أول طلب قدّمه للحصول على الجنسية البريطانية.
لم يستكن الفايد حيال السياسيين البريطانيين، وكشف للصحافة أنه دفع أموالا لنواب محافظين لطرح أسئلة في البرلمان، ما أطاح اثنين منهم.
فضح تورّط الوزير البريطاني جوناثان آيتكن في صفقات أسلحة سعودية، وكان مصير الأخير السجن لإدانته بالتزوير وإعاقة مسار العدالة.
"دفع الثمن"
إضافة الى خسارته العائلية، دفع ثمن اتهاماته باهظا: في العام 2000، خسر هارودز امتيازا ملكيا من فيليب جراء ما عدّه قصر باكينغهام "تراجعا في العلاقة التجارية" بين الأمير والمتجر.
وفي وقت لاحق من العام ذاته، ردّ الفايد بإلغاء كل الامتيازات المتبقية للملكة والملكة الأم وتشارلز.
شدد الفايد في 2003 خلال إعلان انتقاله للإقامة في سويسرا، أن المؤسسة الحاكمة في بريطانيا "تكره صراحتي وتصميمي على معرفة الحقيقة"، منتقدا تعرّضه لمعاملة "غير عادلة" من قبل سلطات الضرائب في المملكة المتحدة.
"عاش ومات مصريّا"
في 2010، باع الفايد هارودز لشركة قطر القابضة في صفقة قدّرت قيمتها بـ1,5 مليار جنيه استرليني (2,2 مليار دولار). وأتى ذلك بعد ثمانية أعوام من تعبيره في حديث لصحيفة "فايننشال تايمز" عن رغبته في أن يسجّى جثمانه داخل قفص زجاجي على سطح المبنى ليتمكن الناس من "زيارتي".
على رغم مخاوفه والتكتم المحيط بنشاطه وعاداته غير المألوفة، قاد الفايد هارودز الى تحقيق نجاحات لا يمكن إنكارها. فبعد مرور عشرة أعوام على استحواذه على المتاجر، ارتفعت المبيعات بنسبة 50 في المئة، والأرباح من 16 مليون جنيه الى 62 مليونا.
بعيدا من التجارة، استحوذ أواخر التسعينات على نادي فولهام اللندني، وحوّله من فريق مغمور الى حاضر دائم في الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم، قبل بيعه في 2013.
في صراعه الدائم مع السلطات البريطانية، بقي الفايد وفيا لجذوره، ورأى فيها سببا للتعامل الذي يلقاه.
وقال لصحيفة "نيويورك تايمز" عام 1995، إن طريقة التعامل هذه تنبع من "الخيال الاستعماري والامبراطوري".
وأضاف "يعتقدون أن كل من يأتي من مستعمرة، كما كانت مصر سابقا، هو نكرة... لذا تثبت أنك أفضل منهم، تقوم بأمور تجعل منك حديث البلد. عندها يسألون أنفسهم +كيف يمكنه القيام بذلك؟ هو مجرد مصري".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية المصري محمد الفايد مصر دودي الفايد محمد الفايد سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی بریطانیا
إقرأ أيضاً:
ماليزيا توافق على استئناف البحث عن طائرة مفقودة من 10 أعوام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن وزير النقل الماليزي "أنثوني لوك"، اليوم الجمعة، موافقة بلاده على استئناف البحث عن حطام طائرة الخطوط الجوية الماليزية المفقودة (إم إتش 370) منذ أكثر من عشرة أعوام.
وأعرب لوك، حسبما ذكرت شبكة "تشانيل نيوز آشيا" في نشرتها الناطقة بالإنجليزية، عن أمله في أن يتمكنوا هذه المرة من العثور على حطام الطائرة المفقودة، مشيرا إلى أن اقتراح استئناف البحث في جنوب المحيط الهندي جاء من شركة التنقيب "أوشن إنفينيتي" التي أجرت آخر عملية بحث عن الطائرة في عام 2018.
وقال إنه سيتم توقيع عقد مدته 18 شهرا وستحصل الشركة على 70 مليون دولار في حال العثور على حطام كبير، مشيرا إلى أن عمليات البحث ستكون في قاع البحر بمنطقة جديدة تغطي 15 ألف كيلومتر مربع". وأشارت الشبكة إلى أن ماليزيا استعانت بشركة "أوشن إنفينيتي" في عام 2018 من أجل البحث عن الطائرة المفقودة في جنوب المحيط الهندي، إلا أنها فشلت في محاولتين.
يذكر أن الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية (إم إتش 370) وهي من طراز بوينج 777، قد اختفت في شهر مارس عام 2014 وهي في طريقها من كوالالمبور إلى العاصمة الصينية (بكين) وكان على متنها 227 راكبا و12 من أفراد طاقمها.