شكلت وفاة الملياردير المصري محمد الفايد مادة دسمة للإعلام البريطاني، الذي استعرض مسيرة الراحل الذي بدأ حياته بائعا للمشروبات الغازية في شوارع الإسكندرية، قبل أن يصبح أحد أكبر أثرياء المملكة المتحدة.

حقّق محمد الفايد الكثير مما أراده في حياته، من الشهرة والحضور الى امتلاك الفنادق والمتاجر الفخمة، لكن الملياردير المصري رحل الجمعة بدون أن ينال اعترافا رسميا من "مؤسسة" النخبة في بريطانيا حيث أفنى غالبية سني عمره الـ94.



لا يُختصر الفايد باستثماراته وممتلكاته. اكتسب اسمه شهرته في ظرف لم يتوقعه: علاقة غرامية بين نجله عماد ("دودي") وديانا، الأميرة المبعدة من العائلة المالكة بعد افتراقها عن تشارلز، ولي العهد حينها والمتربع على العرش حاليا.

"الحادث مدبّر"
كانت هذه العلاقة، ونهايتها المأسوية في نفق ألما في باريس عام 1997، النقطة التي أفاضت كأس العلاقة المرّة بين الفايد والنخبة الحاكمة في بريطانيا.

كان المصري شديد الوضوح في اتهامه: حادث السيارة الذي أودى بالعشيقين كان مدبّرا بأمر من دوق ادنبره الراحل فيليب، زوج الملكة إليزابيت الثانية، بهدف الحؤول دون ارتباط محتمل بين مسلم والسيدة التي ستصبح يوما "والدة ملك بريطانيا".

اتهم الفايد العائلة المالكة والاستخبارات البريطانية بتدبير الحادث وأقام نصبين في هارودز تخليدا لذكرى المأساة ومن راح ضحيتها.

لم يوفر الفايد أدلة تدعم اتهاماته التي شكّلت مفترقا في علاقته بالحُكم. وعلى رغم إقامته المديدة في بريطانيا واستثماراته واتقانه الانكليزية بلكنة أهلها، لم يُمنَح جنسية المملكة أو موقعا في دوائر النخبة الحاكمة.

عُرف الفايد بالكثير من العلامات الفارقة: صراحته في التعبير الحاد عن آرائه، إطاحته بكبار من حزب المحافظين، استحواذه على متاجر هارودز، وملكيته لفندق ريتز في باريس ونادي فولهام الإنكليزي لكرة القدم.

حجرا حجرا، بنى امبراطورية تجارية تشمل مجالات الشحن والعقارات والمصارف والبيع بالتجزئة والمقاولات. ومما حصد، أنفق في فعل الخير عبر مؤسسات تساعد الأطفال في بريطانيا وتايلاند ومنغوليا.


"فرعون مزيّف"
بدأ الرجل الذي وصفته الصحافة البريطانية يوما بـ"الفرعون المزيف"، حياته في كنف عائلة متواضعة لمدرّس في الاسكندرية. تلمّس طريقه في عالم التجارة عبر بيع المشروبات، وانتقل بعدها الى ماكينات الخياطة.

بدأ الفايد المولود عام 1929، يخطّ مسار النجاح حين تعرّف الى الثري وتاجر السلاح السعودي المعروف عدنان خاشقجي وتزوّج شقيقته سميرة.

في الستينات، أصبح مستشارا لسلطان بروناي، وانتقل في العقد اللاحق للإقامة في بريطانيا.

اشترى محمد وشقيقه علي فندق ريتز في باريس عام 1979، قبل ستة أعوام من الاستحواذ على درّة تاج امبراطوريته التجارية، أي متاجر هارودز الفاخرة في لندن بعد معركة مضنية مع رجل الأعمال البريطاني رولاند راولاند.

خلص تحقيق أجرته الحكومة البريطانية ونشرت نتائجه عام 1990، الى أن الفايد وشقيقه تلاعبا بشأن ثروتهما وأصولها لضمان الحصول على هارودز.

رفض الشقيقان نتائج التحقيق. وبعد خمسة أعوام، ردّت السلطات أول طلب قدّمه للحصول على الجنسية البريطانية.

لم يستكن الفايد حيال السياسيين البريطانيين، وكشف للصحافة أنه دفع أموالا لنواب محافظين لطرح أسئلة في البرلمان، ما أطاح اثنين منهم.

فضح تورّط الوزير البريطاني جوناثان آيتكن في صفقات أسلحة سعودية، وكان مصير الأخير السجن لإدانته بالتزوير وإعاقة مسار العدالة.

"دفع الثمن"

إضافة الى خسارته العائلية، دفع ثمن اتهاماته باهظا: في العام 2000، خسر هارودز امتيازا ملكيا من فيليب جراء ما عدّه قصر باكينغهام "تراجعا في العلاقة التجارية" بين الأمير والمتجر.

وفي وقت لاحق من العام ذاته، ردّ الفايد بإلغاء كل الامتيازات المتبقية للملكة والملكة الأم وتشارلز.

شدد الفايد في 2003 خلال إعلان انتقاله للإقامة في سويسرا، أن المؤسسة الحاكمة في بريطانيا "تكره صراحتي وتصميمي على معرفة الحقيقة"، منتقدا تعرّضه لمعاملة "غير عادلة" من قبل سلطات الضرائب في المملكة المتحدة.

"عاش ومات مصريّا"

في 2010، باع الفايد هارودز لشركة قطر القابضة في صفقة قدّرت قيمتها بـ1,5 مليار جنيه استرليني (2,2 مليار دولار). وأتى ذلك بعد ثمانية أعوام من تعبيره في حديث لصحيفة "فايننشال تايمز" عن رغبته في أن يسجّى جثمانه داخل قفص زجاجي على سطح المبنى ليتمكن الناس من "زيارتي".

على رغم مخاوفه والتكتم المحيط بنشاطه وعاداته غير المألوفة، قاد الفايد هارودز الى تحقيق نجاحات لا يمكن إنكارها. فبعد مرور عشرة أعوام على استحواذه على المتاجر، ارتفعت المبيعات بنسبة 50 في المئة، والأرباح من 16 مليون جنيه الى 62 مليونا.

بعيدا من التجارة، استحوذ أواخر التسعينات على نادي فولهام اللندني، وحوّله من فريق مغمور الى حاضر دائم في الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم، قبل بيعه في 2013.

في صراعه الدائم مع السلطات البريطانية، بقي الفايد وفيا لجذوره، ورأى فيها سببا للتعامل الذي يلقاه.

وقال لصحيفة "نيويورك تايمز" عام 1995، إن طريقة التعامل هذه تنبع من "الخيال الاستعماري والامبراطوري".

وأضاف "يعتقدون أن كل من يأتي من مستعمرة، كما كانت مصر سابقا، هو نكرة... لذا تثبت أنك أفضل منهم، تقوم بأمور تجعل منك حديث البلد. عندها يسألون أنفسهم +كيف يمكنه القيام بذلك؟ هو مجرد مصري".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية المصري محمد الفايد مصر دودي الفايد محمد الفايد سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی بریطانیا

إقرأ أيضاً:

من هي السيدة الأولى الجديدة في بريطانيا؟

بعد انتخاب الشعب البريطاني حكومة جديدة، ستنتقل عائلة جديدة إلى داونينغ ستريت، وهذا يعني أن كير ستارمر، زعيم حزب العمال، سيستقر في منزله على الطريق المؤدي إلى مجلسي البرلمان مع زوجته فيكتوريا وطفليهما المراهقين.

وعندما يتولى رئيس وزراء بريطاني جديد السلطة، عادة ما تُسلط الصحف البريطانية الضوء على زوجته باعتبارها السيدة الأولى للبلاد.

ووفقا لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فإن فيكتوريا ظلت بعيدة عن الأضواء نسبيًا خلال الحملة الانتخابية لزوجها.

فيكتوريا ظلت بعيدة عن الأضواء نسبيًا خلال الحملة الانتخابية لزوجها.

ووصفتها صحيفة "إندبندنت" البريطانية بأنها تستطيع أن تمزج بين الأم العاملة والأناقة، حيث تجيد الطبخ لطفليها المراهقين، 13 و15 عامًا، وكذلك تستطيع التأنق من أجل الذهاب إلى الحفلات والوقوف بجانب زوجها.

ومثل زوجها، بدأت فيكتوريا حياتها العملية كمحامية تحت التدريب، وتزوجا، في 2007 قبل عام من تولي ستارمر منصب مدير النيابة العامة، وفقا لـ"بي بي سي".

ونشأت علاقتهما من أول لقاء غير متوقع في العمل، كما قال زعيم حزب العمال لبيرس مورغان في عام 2021.

وحكى أنه كمحامٍ، كان يستعد لقضية أمام المحكمة وطالب بالتحدث إلى المحامي الذي أعد المستندات المتعلقة بالقضية، وكانت هي فيكتوريا. وقال ستارمر إنه لاحقها لعدة أشهر بعد ذلك، حتى أصبحا معًا منذ ذلك الحين.

وحكى أنه طلب منها الزواج بعد بضعة أشهر فقط من قضاء عطلة معًا في اليونان، لكن كان رد فعلها واقعيا وسألته "ألن نحتاج إلى خاتم يا كير؟" أي "يجب أن نتزوج قبل ذلك".

وأضاف ستارمر أن "فيكتوريا جميلة، وقوية، ونحن نتشارك القيم ونضحك معًا".

فيكتوريا ظلت بعيدة عن الأضواء نسبيًا خلال الحملة الانتخابية لزوجها.

ووفقا لـ"إندبندنت"، كانت فيكتوريا هي من دفعت ستارمر إلى مواصلة مسيرته المهنية ليصبح مديراً للنيابة العامة. وفي مقابلة أجرتها معه شبكة "سكاي نيوز" مؤخراً، قال زعيم حزب العمال: "كانت زوجتي تنشر إعلانات في الصحف عن وظائف المحامين ذات الأجور الجيدة، فقلت: لا، أنا أريد أن أخدم بلدي، ولهذا السبب، في مرحلة متأخرة، دخلت السياسة… ".

والتحقت فيكتوريا بمدرسة تشانينغ قبل دراسة القانون وعلم الاجتماع في جامعة كارديف.

وأثناء وجودها هناك، انخرطت في السياسة الطلابية، وأصبحت رئيسة اتحاد الطلاب في عام 1994.

وفي مقابلة مع صحيفة الطلاب "غير ريد"، قالت إن أولويتها الرئيسية هي شن حملة ضد التخفيضات في المنح الطلابية.

وتعمل فيكتوريا الآن بدوام كامل في مجال الصحة المهنية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وفقا لـ"بي بي سي".

وفي حديثه لصحيفة "التايمز"، في مايو، قال ستارمر إن زوجته تنوي الاحتفاظ بوظيفتها إذا فاز في الانتخابات. وأضاف أنها "بالتأكيد ستواصل العمل، فهي تريد ذلك وتحبه".

فيكتوريا ظلت بعيدة عن الأضواء نسبيًا خلال الحملة الانتخابية لزوجها.

وفيكتوريا، نشأت في شمال لندن لأب وأم يهوديين،، وهي ابنة برنارد، وهو يهودي أشكنازي، وباربرا التي اعتنقت اليهودية بعد الزواج، بحسب صحيفة "غارديان" البريطانية.

وقال ستارمر للصحيفة، في يونيو الماضي: "نصف عائلة فيكتوريا يهود، وهم إما هنا أو في إسرائيل"، مضيفاً أنه وزوجته "حريصان جداً" على أن يفهم أطفالهما تراثهم.

وأوضح ستارمر أن أسرته تحضر أحيانًا كنيسًا يهوديا ليبراليًا، كما أنه "تقريبًا كل أسبوع" يوجد خبز التشالا اليهودي في منزلهم. وقال إن طفليه ويقولون الكيدوش مع جدهما، أو أحيانًا مع أخت فيكتوريا على "زووم". والكيدوش هي بركة تُتلى على النبيت أو عصير العنب لتقديس يوم السبت والأعياد اليهودية، وكذلك تشُير إلى وجبة صغيرة تقام يوم السبت أو صباح العيد بعد أداء الصلاة وقبل الوجبة.

وتحدث ستارمر، بحسب موقع شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، عن الحفاظ على تقليد العشاء العائلي ليلة الجمعة، حيث ينضم إليهم في كثير من الأحيان والدها للصلاة.

وقال لصحيفة "جويش كرونيكل" في عام 2020: "الأمر يتعلق فقط بالتواجد مع العائلة. يتعلق الأمر بأن نكون أكثر انضباطًا، وأن نكون في المنزل مع أطفالنا وعائلتنا - فهم يكبرون بسرعة".

وأضاف أن "التراث اليهودي لطفليه مهم". "ونحن حريصون جدًا على أن يعرف الأطفال هذا الأمر وأن يفهموه".

وفي إبريل الماضي، نظم المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين احتجاجاً خارج منزل عائلة ستارمر، وعلقوا لافتة خارج المنزل ووضعوا أحذية أطفال أمام الباب الأمامي، بحسب "بي بي سي".

وكانت فيكتوريا قد عادت من رحلة تسوق مع ابنها عندما رأت المتظاهرين. وعندما سئلت عن شعورها بالاحتجاج، قالت فيكتوريا : "شعرت ببعض الإعياء، لأكون صادقة تمامًا".

مقالات مشابهة

  • بعد فوز العمال.. لماذا توجهت بريطانيا نحو اليسار على العكس من أوروبا؟
  • من هي السيدة الأولى الجديدة في بريطانيا؟
  • صعود مرشحين يناصرون غزة رغم فوز حزب العمال في الانتخابات البريطانية
  • رئيس وزراء بريطانيا.. «كير ستارمر» ملحد يربي أبنائه على اليهودية
  • عكس أوروبا.. لماذا توجهت بريطانيا يسارًا نحو العمّال؟
  • الحزب المحافظ في بريطانيا يفقد أكثر من 200 مقعد في استطلاع نتائج الانتخابات البريطانية
  • لوموند: لماذا كثرت الاعتداءات على المسلمين في السويد؟
  • بسبب الأزمة الاقتصادية.. الهجرة ملف ساخن بأجندة المحافظين والعمال قبل الانتخابات البريطانية
  • «القاهرة الإخبارية»: ملف الهجرة على أجندة المحافظين والعمال في الانتخابات البريطانية
  • يصغرها ب 15 عاما.. من يكون الملياردير الخليجي الذي تزوجته نجوى كرم حديثا؟