متوالية الانقلابات العسكرية في أفريقيا ودلالاتها
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
قبل سنوات دعتني مؤسسة محمد إبراهيم الدولية في لندن لحفل توزيع جائزة الحكم الرشيد في أفريقيا. شهد الحفل حضور عدد كبير من الدبلوماسيين والسياسيين السابقين والحاليين، وأذكر منهم الأمين العام الراحل للأمم المتحدة كوفي عنان. أنشأ المهندس البريطاني من أصل سوادني محمد إبراهيم هذه الجائزة التي تُمنح لرئيس من قارة أفريقيا؛ يتم اختياره بناء على معايير ما وفّره من أمن واستقرار ورخاء لشعبه ونقله السلطة بطريقة سلمية إلى من بعده.
كان هدف محمد إبراهيم المعروف بمو إبراهيم أن تتخلص القارة السمراء الغنية بالموارد والطاقة البشرية؛ من أزمة حكامها الذين لا يغادرون مناصبهم سوى بالموت أو الانقلابات العسكرية. وتعد قيمة الجائزة غير المسبوقة حافزا يسيل له لعاب أي سياسي، إذ تبلغ خمسة ملايين دولار تُدفع على مدار عشر سنوات، يعقبها معاش تقاعدي يبلغ مائتي ألف دولار. ولكن يبدو أن كل هذا لم يمنع كثيرا من حكام القارة من البقاء في مناصبهم لأطول فترة ممكنة، ولم يمنع أيضا الانقلابات العسكرية من دول القارة.
الملاحظ في الآونة الأخيرة أن الميراث الاستعمار هذا وخاصة الفرنسي منه؛ ليس سوى تعبير عن نظرية ملء الفراغ الاستراتيجي الذي تملؤه دول مثل فرنسا أو الولايات المتحدة. أي أن التاريخ الاستعماري للدول الغربية في فرنسا ليس مبررا لنفوذها الحالي، اللهم إلا من ناحية الاهتمام والاستثمار في هذه الدول الأفريقية
ما من شك أن الميراث الاستعماري في القارة يطل برأسه ويتحكم في كثير من موارد القارة من خلف ستار التأثير السياسي والعسكري والاقتصادي، ولكن هل حقا معضلة الحكم في القارة الأفريقية مرتبطة بفساد الحاكم المالي أو رغبته في السلطة فقط؟ إن الملاحظ في الآونة الأخيرة أن الميراث الاستعمار هذا وخاصة الفرنسي منه؛ ليس سوى تعبير عن نظرية ملء الفراغ الاستراتيجي الذي تملؤه دول مثل فرنسا أو الولايات المتحدة. أي أن التاريخ الاستعماري للدول الغربية في فرنسا ليس مبررا لنفوذها الحالي، اللهم إلا من ناحية الاهتمام والاستثمار في هذه الدول الأفريقية.
إن قيام دول أخرى مثل الصين وروسيا وتركيا بالاهتمام بأفريقيا في السنوات الأخيرة باستخدام أدوات استراتيجية ودبلوماسية مختلفة، أثبت أن النفوذ غير الغربي ممكن في دول القارة إذا كان هناك اهتمام حقيقي بها. ويتجلى تضارب المصالح بين هذه الدول وبين فرنسا في موقفها من انقلاب النيجر؛ ذلك أن انحسار نفوذ فرنسا في النيجر يعد من عواقب ظلمها الذي مارسته هناك، فيما لم تؤيد كل من روسيا والصين التدخل العسكري لإعادة الرئيس المنتخب إلى منصبه مرة أخرى. ويبدو أن التباينات السياسية المعروفة بين بيجين وموسكو وأنقرة تتلاشي أمام الإجماع على معارضة الاحتكار الفرنسي أو بالأحرى الاستغلال لدول أفريقيا.
الانقلابات المتوالية في أفريقيا هي تعبير عن تراجع النفوذ الأمريكي والفرنسي في القارة الأفريقية، خاصة إذا أضفنا لذلك الصراع السوداني- السوداني. وهو تراجع أسفر عما يشبه حروبا بالوكالة بدأت في أوكرانيا وربما لن تقف عند حدود النيجر والجابون، أي أنها حرب شمال جنوب، وهي تعبير خشن عن تعدد الأقطاب الدولية
ويمكن بسهولة رصد موقف هذه الدول الثلاث من الحرب في أوكرانيا لنجد تشابها بينها إلى حد بعيد من موقفها من انقلاب النيجر مثلا والقاسم المشترك؛ هو الوقوف على الحياد الظاهري وتحميل الغرب المسئولية عن مآلات الأمور. وليس هناك شك في أن فرنسا كانت تدرك ذلك مع بداية الأزمة الأوكرانية، وتعرف أن ضرب مصالح موسكو في شرق أوروبا يمكن أن ترد عليه موسكو بسهولة في مناطق نفوذ فرنسي أخرى في العالم وخاصة في أفريقيا. ولذلك سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزاره شخصيا في العاصمة موسكو، وهي الزيارة التي لم تؤتِ ثمارها.
يمكن بسهولة استنتاج أن الانقلابات المتوالية في أفريقيا هي تعبير عن تراجع النفوذ الأمريكي والفرنسي في القارة الأفريقية، خاصة إذا أضفنا لذلك الصراع السوداني- السوداني. وهو تراجع أسفر عما يشبه حروبا بالوكالة بدأت في أوكرانيا وربما لن تقف عند حدود النيجر والجابون، أي أنها حرب شمال جنوب، وهي تعبير خشن عن تعدد الأقطاب الدولية غير مصحوب بحروب أيديولوجيا وإنما اقتصادية نفعية صرفة.
twitter.com/HanyBeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أفريقيا الانقلابات فرنسا النيجر روسيا انقلاب فرنسا النيجر روسيا أفريقيا مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أفریقیا هذه الدول فی القارة تعبیر عن
إقرأ أيضاً:
منتخب السودان يعسكر بالمغرب استعداداً لمواجهة النيجر في أمم إفريقيا
وصلت بعثة المنتخب السوداني الأول لكرة القدم (صقور الجديان)، من دار السلام التنزانية عبر مطار دوالا بالكاميروني إلى المغرب بطائرة خاصة لإقامة معسكر تحضيري بمدينة الرباط.
التغيير : الرباط
ويستعد صقور الجديان لمواجهة النيجر في الجولة قبل الأخيرة للمجموعة السادسة لتصفيات أمم أفريقيا المؤهلة لنهائيات كان المغرب 2025م.
وغادرت البعثة بكامل نجوم المنتخب والجهازين الإداري والفني، وسينضم إليهم لاحقاً نجوم الدوريات الخارجية حسب برامج أنديتهم.
وكان منتخب النيجر قد حدّد توغو لمواجهة صقور الجديان مبدئياً في الرابع عشر من نوفمبر الحالي.
الجدير ذكره، أن طائرة الرئيس البرهان كانت قد نقلت بعثة صقور الجديان من موريتانيا لدار السلام ومنحت المنتخب قدراً كبيراً من الراحة، وأسهمت في الانتصار الذي تَحَقّقَ اليوم على نجوم الطايفة وبلوغ الدور الثاني من تصفيات الشان.
وحظي لقاء السودان مع تنزانيا في تصفيات المحللين بمشاهدات مختلفة كان أبرزها مساندة طاقم طائرة بدر للطيران لصقور الجديان بملعب بنجامين مكابا.
وحرص طاقم الطائرة الخاصة التي أقلت بعثة المنتخب السوداني من موريتانيا إلى تنزانيا على التواجد في ملعب المباراة لمُؤازرة ومُساندة اللاعبين أمام نجوم الطايفة، حيث شكّلوا حضوراً لافتاً وهم يحملون علم السودان، ويُشجِّعون أبطال صقور الجديان. وعقب نهاية المباراة احتفلوا مع اللاعبين الذين أبدوا سعادتهم بتواجدهم معهم داخل الملعب ومُؤازرتهم لهم، وأشادوا بتعاملهم الراقي مع البعثة ووقوفهم على راحتها، وتقديم أفضل الخدمات لها.
هبوط تاريخياستغرقت رحلة طيران بدر وهي تنقل بعثة المنتخب الوطني لكرة القدم من مدينة دار السلام إلى كارلانكا بالمغرب 10 ساعات من الطيران.
و توقّفت خلالها الطائرة للتزود بالوقود في مطار ديالا الكاميرون.
وتُعد هذه الرحلة هي الأولى لشركة طيران سودانية تحط رحالها بمطار الملك محمد الخامس بالدار البيضاء بالمغرب.
أبياه: نبني منتخبيناشاد الغاني كواسي إبياه المدير الفني للمنتخب الوطني باللاعبين وما قدموه امام المتتخب التنزاني بملعب بنجامين مكابا في إياب الدور الأول من التصفيات الأفريقية المؤهلة لنهائيات الشان والانتصار المستحق الذي انتزعه صقور الجديان واقتلوعه من مضيفهم التنزاتي وسط جمهوره وعلي ارضه.
واضاف ابياه بأنه ورغم تداعيات السفر والرحلة الطويلة من نواكشوط إلى العاصمة التنزانية دارالسلام عبر بعض المطارات إلا أن اللاعبين كانوا عند العهد بهم وتحملوا وقدروا المسؤولية وحققوا الأهم وهو انتزاع ورقة الترشح للدور الثاني من سباق التصفيات.
وأبدى الغاني رضاءه التام عن الآداء والنتيجة رغم بعض النواقص في جوانب المنتخب سيكون التركيز عليها ولمعالجتها خلال الفترة المقبلة.
وأعرب كواسي ابياه عن سعادته بالعمل على منتخبين احداهما للكان والآخر للشان وسيكون الأخير هو رافدا للمنتخب الأول حيث سيتم الاستعانة بعدد من عناصره سعيا لتفادي عوامل الإصابات والايقافات وتذبذب المستوي الفني والغيابات الأخرى. وأضاف أنه سيجتهد في خلق منتخبين بمستوي واحد في الفترة المقبلة.
وعن المباراة قال كواسي: السودان تخطى عقبة التنزاني بالركلات الترجيحية 6_5 بعد أن كسب كل منتخب جولة ملعبه بهدف وسيصطدم بعقبة نظيره الاثيوبي في المرحلة الثانية والاخيرة من التصفيات المؤهلة للنهائيات التي ستقام بتنزانيا ويوغندا وكينيا.
ويسبق نزال الاثيوبي معركة مصيرية ضد النيجر في جولة الحسم والتأهل التي تقرر لها الرابع عشر من نوفمبر الجاري والتي يدخلها صقور الجديان بفرص عديدة ويحتاج منها لنقطة فقط لاعلان تأهله رسمياً لنهائيات الكان بالمغرب 2025.
الوسومالشان الغاني كواسي أبياه الكان المنتخب السوداني