عربي21:
2025-03-16@03:01:35 GMT

متوالية الانقلابات العسكرية في أفريقيا ودلالاتها

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

قبل سنوات دعتني مؤسسة محمد إبراهيم الدولية في لندن لحفل توزيع جائزة الحكم الرشيد في أفريقيا. شهد الحفل حضور عدد كبير من الدبلوماسيين والسياسيين السابقين والحاليين، وأذكر منهم الأمين العام الراحل للأمم المتحدة كوفي عنان. أنشأ المهندس البريطاني من أصل سوادني محمد إبراهيم هذه الجائزة التي تُمنح لرئيس من قارة أفريقيا؛ يتم اختياره بناء على معايير ما وفّره من أمن واستقرار ورخاء لشعبه ونقله السلطة بطريقة سلمية إلى من بعده.



كان هدف محمد إبراهيم المعروف بمو إبراهيم أن تتخلص القارة السمراء الغنية بالموارد والطاقة البشرية؛ من أزمة حكامها الذين لا يغادرون مناصبهم سوى بالموت أو الانقلابات العسكرية. وتعد قيمة الجائزة غير المسبوقة حافزا يسيل له لعاب أي سياسي، إذ تبلغ خمسة ملايين دولار تُدفع على مدار عشر سنوات، يعقبها معاش تقاعدي يبلغ مائتي ألف دولار. ولكن يبدو أن كل هذا لم يمنع كثيرا من حكام القارة من البقاء في مناصبهم لأطول فترة ممكنة، ولم يمنع أيضا الانقلابات العسكرية من دول القارة.

الملاحظ في الآونة الأخيرة أن الميراث الاستعمار هذا وخاصة الفرنسي منه؛ ليس سوى تعبير عن نظرية ملء الفراغ الاستراتيجي الذي تملؤه دول مثل فرنسا أو الولايات المتحدة. أي أن التاريخ الاستعماري للدول الغربية في فرنسا ليس مبررا لنفوذها الحالي، اللهم إلا من ناحية الاهتمام والاستثمار في هذه الدول الأفريقية
ما من شك أن الميراث الاستعماري في القارة يطل برأسه ويتحكم في كثير من موارد القارة من خلف ستار التأثير السياسي والعسكري والاقتصادي، ولكن هل حقا معضلة الحكم في القارة الأفريقية مرتبطة بفساد الحاكم المالي أو رغبته في السلطة فقط؟ إن الملاحظ في الآونة الأخيرة أن الميراث الاستعمار هذا وخاصة الفرنسي منه؛ ليس سوى تعبير عن نظرية ملء الفراغ الاستراتيجي الذي تملؤه دول مثل فرنسا أو الولايات المتحدة. أي أن التاريخ الاستعماري للدول الغربية في فرنسا ليس مبررا لنفوذها الحالي، اللهم إلا من ناحية الاهتمام والاستثمار في هذه الدول الأفريقية.

إن قيام دول أخرى مثل الصين وروسيا وتركيا بالاهتمام بأفريقيا في السنوات الأخيرة باستخدام أدوات استراتيجية ودبلوماسية مختلفة، أثبت أن النفوذ غير الغربي ممكن في دول القارة إذا كان هناك اهتمام حقيقي بها. ويتجلى تضارب المصالح بين هذه الدول وبين فرنسا في موقفها من انقلاب النيجر؛ ذلك أن انحسار نفوذ فرنسا في النيجر يعد من عواقب ظلمها الذي مارسته هناك، فيما لم تؤيد كل من روسيا والصين التدخل العسكري لإعادة الرئيس المنتخب إلى منصبه مرة أخرى. ويبدو أن التباينات السياسية المعروفة بين بيجين وموسكو وأنقرة تتلاشي أمام الإجماع على معارضة الاحتكار الفرنسي أو بالأحرى الاستغلال لدول أفريقيا.

الانقلابات المتوالية في أفريقيا هي تعبير عن تراجع النفوذ الأمريكي والفرنسي في القارة الأفريقية، خاصة إذا أضفنا لذلك الصراع السوداني- السوداني. وهو تراجع أسفر عما يشبه حروبا بالوكالة بدأت في أوكرانيا وربما لن تقف عند حدود النيجر والجابون، أي أنها حرب شمال جنوب، وهي تعبير خشن عن تعدد الأقطاب الدولية
ويمكن بسهولة رصد موقف هذه الدول الثلاث من الحرب في أوكرانيا لنجد تشابها بينها إلى حد بعيد من موقفها من انقلاب النيجر مثلا والقاسم المشترك؛ هو الوقوف على الحياد الظاهري وتحميل الغرب المسئولية عن مآلات الأمور. وليس هناك شك في أن فرنسا كانت تدرك ذلك مع بداية الأزمة الأوكرانية، وتعرف أن ضرب مصالح موسكو في شرق أوروبا يمكن أن ترد عليه موسكو بسهولة في مناطق نفوذ فرنسي أخرى في العالم وخاصة في أفريقيا. ولذلك سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزاره شخصيا في العاصمة موسكو، وهي الزيارة التي لم تؤتِ ثمارها.

يمكن بسهولة استنتاج أن الانقلابات المتوالية في أفريقيا هي تعبير عن تراجع النفوذ الأمريكي والفرنسي في القارة الأفريقية، خاصة إذا أضفنا لذلك الصراع السوداني- السوداني. وهو تراجع أسفر عما يشبه حروبا بالوكالة بدأت في أوكرانيا وربما لن تقف عند حدود النيجر والجابون، أي أنها حرب شمال جنوب، وهي تعبير خشن عن تعدد الأقطاب الدولية غير مصحوب بحروب أيديولوجيا وإنما اقتصادية نفعية صرفة.

twitter.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أفريقيا الانقلابات فرنسا النيجر روسيا انقلاب فرنسا النيجر روسيا أفريقيا مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أفریقیا هذه الدول فی القارة تعبیر عن

إقرأ أيضاً:

نهضة بركان…من الحمري إلى تتويج تاريخي بالبطولة الإحترافية بعد بلوغ قمة الكرة الأفريقية

زنقة 20. بركان – مراسلة خاصة

سيظل يوم 15 مارس 2025 محفورًا في ذاكرة كرة القدم المغربية، حيث دوّنت نهضة بركان اسمها بأحرف من ذهب بتتويجها لأول مرة بلقب البطولة الإحترافية.

جاء هذا الإنجاز خلال الجولة الـ25 من المسابقة، حين استضاف الفريق نظيره الاتحاد الرياضي التوركي على أرضية الملعب البلدي ببركان وإنتهت المواجهة بالتعادل هدف في كل شبكة.

وبفارق 17 نقطة عن أقرب منافسيها، الجيش الملكي والوداد الرياضي، حسمت نهضة بركان اللقب عن جدارة، مؤكدة هيمنتها على الساحة الكروية الوطنية على بعد خمس دورات من نهاية الموسم الكروي.

* من الظل إلى القمة: مسيرة مليئة بالتحديات*

تأسست نهضة بركان عام 1938 تحت اسم “الجمعية الرياضية البركانية”، وخاضت عقودًا من التحديات في الدرجات الدنيا لكرة القدم المغربية. في 1976، تغير اسمها إلى “الاتحاد الإسلامي البركاني”، قبل أن تندمج عام 1981 مع “الشباب الرياضي المحلي” لتصبح “نهضة بركان” التي نعرفها اليوم. ورغم بعض المحطات البارزة، مثل وصافة البطولة عام 1983 وبلوغ نهائي كأس العرش عام 1987، ظل الفريق بعيدًا عن دائرة الألقاب، يكافح لإثبات نفسه بين الكبار.

* عهد فوزي لقجع: ثورة كروية في بركان*

شكل عام 2009 نقطة تحول مفصلية في تاريخ النادي، مع تولي فوزي لقجع رئاسته.

أطلق لقجع مشروعًا طموحًا لإعادة هيكلة الفريق إداريًا وماليًا، مستثمرًا في البنية التحتية عبر إنشاء مركز تكوين حديث، وجذب داعمين كبار لضمان الاستقرار المالي.

وأثمرت هذه الاستراتيجية سريعًا، فصعد الفريق إلى الدرجة الثانية عام 2011، قبل أن يحجز مقعده في البطولة الاحترافية في الموسم التالي.

وتحت قيادة لقجع، تحولت نهضة بركان من نادٍ متواضع إلى قوة ضاربة في الكرة المغربية والإفريقية ليتبوأ مكانة متميزة قارياً توجها بثلاثة ألقاب (نسختين من كأس الكاف و لقب السوبر الأفريقي).

*سطوع إفريقي وتألق دولي*

لم تكتفِ نهضة بركان بالنجاح المحلي، بل خطت بثبات نحو المجد القاري. فبعد خسارة نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية عام 2019، عاد الفريق بقوة ليتوج باللقب مرتين متتاليتين في 2020 و2022، متفوقًا على عمالقة القارة.

وأصبح الملعب البلدي ببركان حصنًا منيعًا، سقطت فيه فرق كبرى مثل تي بي مازيمبي، والنادي الصفاقسي، والزمالك. كما أحرز الفريق كأس العرش عامي 2018 و2022، مما عزز سمعته كنادٍ منظم وطموح.

*عهد الرئيس الشاب حكيم بنعبد الله: الاستمرارية والطموح*

في غشت 2019، سلّم فوزي لقجع مشعل الرئاسة لحكيم بنعبد الله، الذي واصل البناء على أسس النجاح السابقة، واضعًا نصب عينيه هدف تحويل نهضة بركان إلى نموذج يُحتذى به في المغرب وإفريقيا. تحت إدارته، واصل الفريق تطوره، مستفيدًا من رؤية استراتيجية واضحة وإدارة احترافية. وكان التتويج بالبطولة الاحترافية هذا الموسم تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل الجاد والطموح المتجدد.

مقالات مشابهة

  • نهضة بركان…من الحمري إلى تتويج تاريخي بالبطولة الإحترافية بعد بلوغ قمة الكرة الأفريقية
  • لتحسين صورة فرنسا.. رئيسة حزب التجمع الوطني مارين لوبان تزور تشاد
  • الشمس والظلام وبينهما أفريقيا
  • جيهان عبد السلام: الرئيس السيسي وضع ملف القارة الإفريقية في مقدمة اهتماماته
  • أسطورة غزو الهجرة الأفريقية إلى أوروبا
  • وزير الشباب يشهد اجتماع الجمعية العامة لـ الأنوكا بالجزائر
  • حرب خفية في أفريقيا.. كيف تنافس روسيا فرنسا على السيطرة؟
  • معهد ستوكهولم: المغرب ينوع من ترسانته العسكرية بين أمريكا وفرنسا وإسبانيا وإسرائيل
  • برلماني: نتمنى أن تصبح مصر نواة لتصنيع الدواء في أفريقيا
  • نهضة بركان على أعتاب التاريخ.. وصراع المراكز الأفريقية