عربي21:
2025-01-30@23:26:09 GMT

متوالية الانقلابات العسكرية في أفريقيا ودلالاتها

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

قبل سنوات دعتني مؤسسة محمد إبراهيم الدولية في لندن لحفل توزيع جائزة الحكم الرشيد في أفريقيا. شهد الحفل حضور عدد كبير من الدبلوماسيين والسياسيين السابقين والحاليين، وأذكر منهم الأمين العام الراحل للأمم المتحدة كوفي عنان. أنشأ المهندس البريطاني من أصل سوادني محمد إبراهيم هذه الجائزة التي تُمنح لرئيس من قارة أفريقيا؛ يتم اختياره بناء على معايير ما وفّره من أمن واستقرار ورخاء لشعبه ونقله السلطة بطريقة سلمية إلى من بعده.



كان هدف محمد إبراهيم المعروف بمو إبراهيم أن تتخلص القارة السمراء الغنية بالموارد والطاقة البشرية؛ من أزمة حكامها الذين لا يغادرون مناصبهم سوى بالموت أو الانقلابات العسكرية. وتعد قيمة الجائزة غير المسبوقة حافزا يسيل له لعاب أي سياسي، إذ تبلغ خمسة ملايين دولار تُدفع على مدار عشر سنوات، يعقبها معاش تقاعدي يبلغ مائتي ألف دولار. ولكن يبدو أن كل هذا لم يمنع كثيرا من حكام القارة من البقاء في مناصبهم لأطول فترة ممكنة، ولم يمنع أيضا الانقلابات العسكرية من دول القارة.

الملاحظ في الآونة الأخيرة أن الميراث الاستعمار هذا وخاصة الفرنسي منه؛ ليس سوى تعبير عن نظرية ملء الفراغ الاستراتيجي الذي تملؤه دول مثل فرنسا أو الولايات المتحدة. أي أن التاريخ الاستعماري للدول الغربية في فرنسا ليس مبررا لنفوذها الحالي، اللهم إلا من ناحية الاهتمام والاستثمار في هذه الدول الأفريقية
ما من شك أن الميراث الاستعماري في القارة يطل برأسه ويتحكم في كثير من موارد القارة من خلف ستار التأثير السياسي والعسكري والاقتصادي، ولكن هل حقا معضلة الحكم في القارة الأفريقية مرتبطة بفساد الحاكم المالي أو رغبته في السلطة فقط؟ إن الملاحظ في الآونة الأخيرة أن الميراث الاستعمار هذا وخاصة الفرنسي منه؛ ليس سوى تعبير عن نظرية ملء الفراغ الاستراتيجي الذي تملؤه دول مثل فرنسا أو الولايات المتحدة. أي أن التاريخ الاستعماري للدول الغربية في فرنسا ليس مبررا لنفوذها الحالي، اللهم إلا من ناحية الاهتمام والاستثمار في هذه الدول الأفريقية.

إن قيام دول أخرى مثل الصين وروسيا وتركيا بالاهتمام بأفريقيا في السنوات الأخيرة باستخدام أدوات استراتيجية ودبلوماسية مختلفة، أثبت أن النفوذ غير الغربي ممكن في دول القارة إذا كان هناك اهتمام حقيقي بها. ويتجلى تضارب المصالح بين هذه الدول وبين فرنسا في موقفها من انقلاب النيجر؛ ذلك أن انحسار نفوذ فرنسا في النيجر يعد من عواقب ظلمها الذي مارسته هناك، فيما لم تؤيد كل من روسيا والصين التدخل العسكري لإعادة الرئيس المنتخب إلى منصبه مرة أخرى. ويبدو أن التباينات السياسية المعروفة بين بيجين وموسكو وأنقرة تتلاشي أمام الإجماع على معارضة الاحتكار الفرنسي أو بالأحرى الاستغلال لدول أفريقيا.

الانقلابات المتوالية في أفريقيا هي تعبير عن تراجع النفوذ الأمريكي والفرنسي في القارة الأفريقية، خاصة إذا أضفنا لذلك الصراع السوداني- السوداني. وهو تراجع أسفر عما يشبه حروبا بالوكالة بدأت في أوكرانيا وربما لن تقف عند حدود النيجر والجابون، أي أنها حرب شمال جنوب، وهي تعبير خشن عن تعدد الأقطاب الدولية
ويمكن بسهولة رصد موقف هذه الدول الثلاث من الحرب في أوكرانيا لنجد تشابها بينها إلى حد بعيد من موقفها من انقلاب النيجر مثلا والقاسم المشترك؛ هو الوقوف على الحياد الظاهري وتحميل الغرب المسئولية عن مآلات الأمور. وليس هناك شك في أن فرنسا كانت تدرك ذلك مع بداية الأزمة الأوكرانية، وتعرف أن ضرب مصالح موسكو في شرق أوروبا يمكن أن ترد عليه موسكو بسهولة في مناطق نفوذ فرنسي أخرى في العالم وخاصة في أفريقيا. ولذلك سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزاره شخصيا في العاصمة موسكو، وهي الزيارة التي لم تؤتِ ثمارها.

يمكن بسهولة استنتاج أن الانقلابات المتوالية في أفريقيا هي تعبير عن تراجع النفوذ الأمريكي والفرنسي في القارة الأفريقية، خاصة إذا أضفنا لذلك الصراع السوداني- السوداني. وهو تراجع أسفر عما يشبه حروبا بالوكالة بدأت في أوكرانيا وربما لن تقف عند حدود النيجر والجابون، أي أنها حرب شمال جنوب، وهي تعبير خشن عن تعدد الأقطاب الدولية غير مصحوب بحروب أيديولوجيا وإنما اقتصادية نفعية صرفة.

twitter.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أفريقيا الانقلابات فرنسا النيجر روسيا انقلاب فرنسا النيجر روسيا أفريقيا مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أفریقیا هذه الدول فی القارة تعبیر عن

إقرأ أيضاً:

حزب المصريين: الرئيس السيسي يدرك دور المؤسسات الدستورية الأفريقية في الحفاظ على سيادة دولها

ثمن المستشار حسين أبو العطا، رئيس حزب "المصريين"، عضو المكتب التنفيذي لتحالف الأحزاب المصرية، لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رؤساء المحاكم الدستورية والعليا الأفارقة المشاركين في المؤتمر الثامن الذي تنظمه المحكمة الدستورية العليا المصرية لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا والمجالس الدستورية الأفريقية، بحضور المستشار بولس فهمي رئيس المحكمة الدستورية العليا وعدد من قضاة المحكمة.

وقال "أبو العطا"، في بيان اليوم الثلاثاء، إن الرئيس السيسي حريص كل الحرص منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد على دعم وتعزيز دور السلطة القضائية في المجتمعات الأفريقية، مؤكدًا أن تنظيم هذا المؤتمر وانتظام عقد اجتماعاته يعكس وحدة الأهداف والمصير المشترك بين شعوب القارة، التي تمتاز بالالتزام بقيم الحق والعدل، والتطلع لتعزيز مبادئ سيادة القانون، واستقلال القضاء، واحترام الحقوق والحريات.

وأضاف رئيس حزب "المصريين"، أن الرئيس السيسي يعلم جيدًا أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات القضائية في ضمان أمن واستقرار دول القارة، علاوة على الدور الحيوي والمحوري في مواجهة التحديات المتعددة التي تواجه الدول الأفريقية، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة التي يشهدها العالم أجمع، مشددًا على ضرورة تعزيز دور القانون والمؤسسات القضائية في التصدي للتحديات التي تهدد كيان الدول، مع أهمية العمل الجماعي لوضع قواعد دستورية إفريقية مشتركة لمواجهة تلك التحديات.

وأكد أن الرئيس السيسي يُقدر الدور الجوهري الذي تقوم به المحكمة الدستورية المصرية، والقيادة السياسية حريصة على استقلال القضاء، وتعزيز دوره ومكانته، إيماناً منها بأن العدل هو عماد المجتمع وضمانة للأمن والسلم فيه، وأن دستور مصر قد أكد على هذه الاستقلالية، وعلى حماية السلطة القضائية وحظر التدخل في شؤونها، وعلى إعلاء سيادة القانون وترسيخ قيم الحق والمساواة والإنصاف.

ولفت إلى أن المؤتمر الثامن الذي تنظمه المحكمة الدستورية العليا المصرية لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا والمجالس الدستورية الأفريقية يُعزز بدوره التعاون بين الدول الإفريقية في مجال القضاء الدستوري، موضحًا أن لمصر تاريخ عريق في هذا المجال، وتحرص الدولة المصرية على تبادل الخبرات النوعية مع الدول الأفريقية، والتأكيد على دور المحاكم الدستورية والعليا في الحفاظ على سيادة الدول وحماية مقدرات شعوبها خلال الظروف الاستثنائية.

مقالات مشابهة

  • 20 مليار دولار صادرات تركيا إلى أفريقيا العام الماضي
  • المسلماني: ترجمة الليث بن سعد وأم كلثوم وليالي الحلمية إلى السواحيلية والهاوسا أكبر اللغات الأفريقية
  • أستاذ بكلية الدراسات الأفريقية: دول القارة السمراء تسعى للتعاون مع مصر لخبرتها في جميع المجالات
  • المسلماني : ترجمة الليث بن سعد وأم كلثوم وليالي الحلمية إلى أكبر اللغات الأفريقية
  • الرئيس الكيني: أفريقيا أصبحت مسرحا للإرهاب ويجب العمل لإحلال السلام
  • انسحاب 3 دول من مجموعة "إيكواس" في غرب أفريقيا
  • ملوك أفريقيا وملكاتها: أشكال الحكم ورموزه ينطلق في أبوظبي
  • حزب المصريين: الرئيس السيسي يدرك دور المؤسسات الدستورية الأفريقية في الحفاظ على سيادة دولها
  • المجلس الرئاسي: المنفي يلتقي في تنزانيا عددا من قادة الدول الأفريقية
  • السيسي يؤكد أهمية دور المؤسسات القضائية في ضمان أمن واستقرار أفريقيا