حكم أكل اللحوم المصنعة في المختبرات والمعامل.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الشرع في تناول اللحوم المخبريَّة الحيوانيَّة التي تُعرف أيضًا باللحوم المعمليَّة، وباللحوم البديلة، أو النظيفة، أو المصنعة، أو المُستزرعة، أو المُستنبتة في المختبرات؟
وذكرت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، بأنه قد أباح الشرع الشريف تناول كلِّ طيبٍ، وحرَّم تناول كلِّ مُسْتَقْذَرٍ تجد النفس ضررًا فيه؛ قال تعالى: ﴿يَسۡأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمۡۖ قُلۡ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُ﴾ [المائدة: 4]، وقال تعالى: ﴿قُل لَّآ أَجِدُ فِي مَآ أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطۡعَمُهُۥٓ إِلَّآ أَن يَكُونَ مَيۡتَةً أَوۡ دَمًا مَّسۡفُوحًا أَوۡ لَحۡمَ خِنزِيرٍ﴾ [الأنعام: 145].
وأوضحت، أن في الآية إجمالٌ للمحرمات، وَرَدَ تفصيلها في قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيۡتُمۡ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَن تَسۡتَقۡسِمُواْ بِٱلۡأَزۡلَٰمِۚ ذَٰلِكُمۡ فِسۡقٌ﴾ [المائدة: 3].
ويلحق بهذه المحرمات العشرة سباعُ البهائمِ والطيرِ، وكذا البغال والحمر الأهليَّة، وما قُطِعَ من الحي.
وبينت دار الإفتاء، أنواع الحيوان الذي يؤكل لحمه، منوهة أن الحيوان الذي يؤكل لحمه على ثلاثة أنواع:
الأول: لحم ذوات الأربع من الأنعام؛ كالإبل، والبقر ومنه الجاموس، والغنم، ويشمل الضأن والمعز، ويلحق بها بقر الوحش وإبل الوحش والظباء؛ قال تعالى: ﴿أُحِلَّتۡ لَكُم بَهِيمَةُ ٱلۡأَنۡعَٰمِ﴾ [المائدة: 1].
والثاني: لحم ذوات الريش من الطيور، قال تعالى: ﴿وَلَحۡمِ طَيۡرٍ مِّمَّا يَشۡتَهُونَ﴾ [الواقعة: 21].
والنوع الثالث: هو لحم حيوان الماء من الأسماك وغيرها؛ قال تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلۡبَحۡرَ لِتَأۡكُلُواْ مِنۡهُ لَحۡمًا طَرِيًّا﴾ [النحل: 14].
وأوضحت دار الإفتاء، طريقة تصنيع اللحوم المخبرية من قبل المتخصصين في معايير سلامة وجودة الغذاء، منوهة أنه بسؤال المتخصصين في متطلبات ومعايير سلامة وجودة الغذاء عن اللحم الحيواني المخبري أفادوا أنَّه نوع من أنواع الأغذيَة المعدلة وراثيًّا، يتم إنتاجه في المختبر بواسطة خليَّة حيَّة، تُؤخذ من حيوان حي، وتوضع في طبق معملي صغير، وتُغذَّى بمصل (Bovine Serum) يحتوي على بروتينات وجلوكوز وأحماض أمينية وفيتامينات ومعادن مُغَذِّيَة لهذه الخليَّة حتى تنمو وتزداد، وهذا المصل يُؤخذ من دمِ جنين البقر، ثمَّ يوضع ما في هذا الطبق من خلايا بعد نموها في مفاعل حيوي يحتوي على مصل (سيروم Serum) يتكون من دماء وبروتينات مغذيَّة إلى أن يتحول إلى خلايا عضليَّة ناضجة تصير فيما بعد لحمًا يشبه "لحم البرجر"، ومذاقه يشبه اللحوم العاديَّة، ويلاحظ -وفقًا للمعلومات المتداولة عن هذا النوع حتى الآن- أنَّ هذه الدماء والبروتينات مشتقة من أبقار لم تذبح ذبحًا شرعيًّا.
وبالنظر إلى طريقة صنع هذا النوع من اللحوم نجد أنَّ الحكم بمشروعيَّة تناولها مُقَيَّدٌ بعدة شروط وضوابط لا بد من توفرها ومراعاتها، وهي كما يلي:
أولًا: أن يكون الجزء المقطوع المستخدم في الاستنبات مأخوذًا من حيوان مأكول ذُبِح على الطريقة الشرعيَّة، وألَّا يُقتطَع جزء من الحيوان وهو حيٌّ؛ لأخذ الخليَّة التي تُستزرَع منه.
فمن المقرر شرعًا أن الجزء المقتطع من الحيوان وهو حيٌّ ميتة؛ لما رواه الإمام أحمد في "المسند"، والترمذي والدارقطني في "السنن" عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة والناس يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الإبل، ويقطعون أَلْيَاتِ الغنم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا قُطِعَ مِن الْبَهِيمَةِ وَهِي حَيَّة فَهُو مَيتَةٌ».
وكذا يحكم على الخليَّة التي أُخذت منه بأنَّها ميتةٌ؛ لأنَّ انفصالها عنه بمنزلة انفصالها بعد الموت، وكذا يحكم على ما يُستنبت منها؛ لأنَّها داخلة فيه.
ومن المقرر شرعًا تحريم أكل الميتة؛ لقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ﴾ [المائدة: 3].
ثانيًا: عدم استخدام المواد النجسة -كالدماء وغيرها- في عملية الاستنبات.
فقد اتفق العلماء على أن الدم حرام نجس، لا يؤكل، ولا ينتفع به؛ قال تعالى: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ﴾ [المائدة: 3]، وقال تعالى: ﴿أَوۡ دَمًا مَّسۡفُوحًا﴾ [الأنعام: 145].
ثالثًا: ألَّا يؤدي استهلاك وتناول هذه المنتجات إلى ضرر يلحق بصحة الإنسان ونفسه عاجلًا ولَا آجِلًا؛ فمن المقرر شرعًا أنَّ "الضرر لا يزال بالضرر".
ويُراعى في ذلك كله استيفاء هذه الأطعمة لمتطلبات واشتراطات السلامة الغذائيَّة في ضوء المعايير والإجراءات التي تقررها الجهات المختصة في هذا الشأن.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء اللحوم دار الإفتاء قال تعالى
إقرأ أيضاً:
علي جمعة يوضح الفرق بين الاستغفار والتوبة
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل يقول فى كتابه الكريم: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}. أُمرنا حتى نفتح الباب أن نبدأ بالاستغفار، ولكن الغريب أن يقول: {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} فما الفرق بين الاستغفار وبين التوبة؟.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الاستغفار هو نوعٌ من أنواع الدعاء، لكن التوبة فهي نوعٌ من أنواع الانقلاع عن الذنب؛ فالاستغفار استعانة بالله، وهو أيضًا عبادة من العبادات. وقد قال تعالى : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فالاستغفار كأنه استئذانٌ: يا رب اغفر لي، فإنني لا أهتدي ولا أقدر على نفسي إلا إذا غفرتَ لي.
واللهُ سبحانه وتعالى يستجيب لدعاء الناس فيغفر لهم، ومع ذلك قد يبقى الإنسان مستمرًا على ذنبه؛ لذلك كانت من شروط التوبة: "الإقلاع عن الذنب". فلو ارتكبتُ الذنب بالأمس وما زلتُ مستمرًا عليه اليوم، فالاستغفار حينئذٍ يكون فتحًا للأبواب، لكنني الآن وقد فُتِحَ لي الباب رفضتُ أن أدخل، فاللهُ سبحانه وتعالى غفر لي ما قد مضى، ولكنَّ شرطَ ذلك: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} ، إلا أنني أصررتُ على ما فعلت.
فالاستغفار حينئذٍ تراه الملائكة وكأنه نوعٌ من أنواع الاستهزاء بالله -والعياذ بالله تعالى- ، كيف تطلب منه فتح الباب، ثم ترفض الدخول عندما يفتحه لك ؟!
إذن فالاستغفار يكون لفتح الباب، والتوبة لا بد أن تتلوه بترك المعاصي والإقلاع عنها.
ومن شروط التوبة: الندم على ما فات، والعزم على أَلَّا يعود الإنسان إلى ما كان عليه من الذنوب.
وقيل أيضًا أن الفرق بين الاستغفار والتوبة هو أنه الاستغفار يتعلَّق بالذنوب العقدية، والتوبة تتعلَّق بالذنوب العملية السلوكية. وقيل غير ذلك.
لكن الحال الذي أرشدنا إليه اللهُ سبحانه وتعالى هو أنه يجب علينا أن نكثر الاستغفار باللسان والقلب معًا، وأن نبتعد عن المعاصي بالجوارح مع الندم القلبي على الذنوب.
التقوى هي هدف وغاية أحكام الإسلام
كما قال علي جمعة : إذا ما تدبرنا الآيات المحكمات في كتاب الله تعالى, نجد أن التقوى هي هدف وغاية أحكام الإسلام, ففي العبادة عموما يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21]، وبشيء من التفصيل يقول سبحانه عن فريضة الصيام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183]، وفي شعيرة الحج يقول جل وعلا: (الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ) [البقرة:197]، وفي المعاملات بين الله تعالى حكمته في الأمر بالقصاص فقال: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:179]، ولماذا أمر عباده باتباع الصراط المستقيم والبعد عن الطرق الأخرى قال عز وجل: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153]، وجاء الأمر النبوي بعموم التقوى في الزمان والمكان والحال فقال: (اتق الله حيثما كنت, وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن) [أخرجه الترمذي] فإذا تحقق المرء بالتقوى في شئونه كلها نال ثمرتها العظيمة التي تضمن له السعادة في الدنيا والنجاة والفوز في الآخرة, ومن هذه الثمرات المباركة:
1- حصول محبة الله تعالى, قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ) [التوبة:4].
2- نزول رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة, قال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) [الأعراف:156]، وقال: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأنعام:155].
3- الدخول في معية الله ونصره, قال سبحانه: (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [النحل:128]، وقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ) [التوبة:36].
4- حصول الأمن من الخوف والحزن, قال تعالى: (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأعراف:35]، وقال: (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزُّمر:61].